خلاصة تجربة تجاوزت ربع القرن داخل أضابير الحركة الإسلامية سردها د. عبدالرحمن محمد علي الأمين العام لجمعية القرآن الكريم بشفافية ووضوح وبلا تحيز لجهة ما على حساب أخرى ما جعل كلمة الرجل تستحق أن تكون مرجعاً لكل من يبحث عن نقد الآخر في واقعنا المعاصر الذي كان بدوره عنواناً للمنتدى الدوري الذي نظمته إدارة ترشيد العمل الإسلامي بمنتدى النهضة والتواصل الحضاري بالتعاون مع منتدى اقرأ مؤخرا، بمركز الشهيد الزبير للمؤتمرات. يؤكد د. عبدالرحمن محمد علي في إفاداته أن النقد يعتبر ضرورة للمراجعة والتصحيح وللتغيير حيث أن طبيعتنا البشرية لا تعفينا من الخطأ الذي هو جزء من تلك الطبيعة غير أن ذلك النقد لابد أن يتم وفق ضوابط موضوعة وأسس سليمة، إذا ما بحثنا في القرآن الكريم نجد أن الله سبحانه وتعالى انتقد من خلاله أقواماً في سلوكهم ومعتقداتهم داعياً إياهم للتفكير فيما هو حق وكذلك انتقد عقيدة أهل الكتاب:" قل يا أهل الكتاب لما تصدون عن سبيل الله من آمن... "الآية، وكذلك انتقد من كفر بالبعث: " يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث .." ومن هنا يمكن أن نستنتج مشروعية النقد ويقول د.عبدالرحمن أن الناظر إلى ساحتنا الدعوية يجد أن هذا النقد يزيد بين الجماعات المختلفة ويقل داخل الجماعة الواحدة وتكون ممارسته لذات النقد وليس للإصلاح والقصد منه إفشاء السلبيات وإظهار النقائص وهناك معوقات وعقبات تعترض النقد كي يصبح بناءا وفق ضوابط موضوعة وأسس سليمة وتتمثل في عدم قبول النقد من الآخر رغم نقدنا له والإحجام عن النقد بسبب العيوب والتعصب الذي يكون دون مبررات أو حجج عقلية واضحة. وأوضح أن هناك شروطاً مهمة في النقد البناء تتمثل في الانصاف والتجرد والعدل والبعد عن الأهواء والتزام تقوى الله والصراحة والوضوح وبيان الأخطاء ونجد أن هناك سلبيات تبرز عند ممارسة النقد مثل العناد والمراء والتعجل بالحكم على الآخرين وعدم التحري والمجازفة وهذا يحدث بين الجماعة الواحدة وكذلك التجريح وسوء الظن وغياب اتباع النصح للشخص المجروح ووصف الآخرين بما لا يعلمه إلا الله كوصفهم بالنفاق أو نفي دخولهم الجنة والغضب الذي يحول دون النقد الصحيح؛ وكذلك تعرّض د. عبدالرحمن للحديث عن ساحات العلم التي تتمثل في الجامعات مطالباً بضرورة تدارك الأمر عند أولئك الشباب الذين يتعرضون لبعضهم بقسوة ويتجاوزن في النقد كل ماهو متعارف عليه، مبيناً أن علينا البدء بالجامعات وذلك في إطار الخطة الإصلاحية لنقد الآخر، مضيفا أن من أهم الاساليب التي يمكن ان تجمع بين القلوب الحديث بالحسنى، ويقول سبحانه وتعالى: " وقولوا للناس حسناً " والبدء بنقاط الاتفاق والاحترام المتبادل والعلم بما ننتقد حيث أن العمل على جهل مرفوض عقلاً ومردود شرعاً والله سبحانه وتعالى قدم الأمر بالعلم على العمل. علق د.عبدالرحمن على ضرورة وجود الحركة الإسلامية على رأس الدولة مؤكداً أن هذا الأمر كان له أثر كبير في ترسيخ مبادئ الدعوة الإسلامية وأنه لابد من الحفاظ على هذه التجربة وهذا لا يعني أن الدولة وصلت حد الكمال إنما يجب علينا التأكيد على الايجابيات والتصويب دون تجريح فنقد الدولة ليس كنقد الأفراد. وقد شهد المنتدى عدداً من مداخلات الحضور حيث أوضح د. نزار محمد عثمان مدير إدارة ترشيد العمل الإسلامي بمنتدى النهضة ضرورة أن تكون دوافع النقد ظواهر صحيحة وأن تكون الغاية هي المصلحة العامة مشيراً إلى أن هناك أنواع من النقد يمكن أن تؤدي إلى كوارث بينما يبين الاستاذ ياسر القاضي مدير إذاعة الفرقان أن النقد أمر فطري لكن بالمقابل نجد أن هناك كم هائل منه ينحرف لإرضاء الذات والغرائز منبها إلى ضرورة مراعاة القالب الذي يتم من خلاله النقد والذي كل ما كان جيداً كان المردود منه جيداً.