يعتبر التغيير من الثوابت في حياة الناس منذ بدء الخليقة والى ان يرث الله الأرض ومن عليها، ذلك لأرتباطه بكثير من العوامل والدوافع والمؤثرات التي تقود الى الاصلاح الذي لا يتحقق إلاّ بعد التغيير ولعل القرآن الكريم يحمل بعض الاشارات في هذا المعنى منها قوله تعالى: «لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، وأيضاً قوله تعالى «ذلك بأن الله لم يك مُغيراً نعمة انعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وان الله سميع عليم». ان تجاهل أهمية الدعوة الى التغيير قد يكون مكلفاً بشكل كبير، ذلك أنه باحداث التغيير ومن خلاله واستخدام مهارة ادارته يتعلم الناس كسب السبق وزمام المبادرة والمسارعة الى كل المنافع والمصالح خاصة في ظل ما يجابه الانسان من مهددات خلال مسيرة حياته، وهذا الواقع ينطبق علينا تماماً هذه الأيام، حيث تمر بلادنا بمرحلة مفصلية تستصحبها تحديات كبيرة ومتباينة في شكلها وحجمها ودرجة تأثيرها على الناس. ان أكبر التحديات الماثلة أمامنا تتمثل في محورين نوجزهما على النحو الآتي: المحور الأول يتعلق بالانفصال المقبل فها هو السودان قد قبل القسمة على اثنين في وقت يتحد فيه كل العالم الذي أصبح في شكل تكتلات وذلك من منطلق ان القوة في الاتحاد والوهن في الانقسام، ولكن هذا هو قدر الله والمطلوب الآن الاستعداد لمواجهة ما بعد الانفصال وأي كلام غير ذلك يعتبر مضيعة للوقت وفي النهاية يجب ان نتذكر ان الله وارث الأرض ومن عليها، ولا يمكننا مواجهة مخاطر ما بعد الانفصال ما لم تحدث تغيرات جذرية في اصعدة محدودة وهي: 1/ السعي نحو تحقيق الوحدة حتى بعد الانفصال فلا بد من ان يعمل الجميع حكاماً ومحكومين لتحقيق مصالح البلاد العليا ولعل اقصر الطرق ذلك هو طريق الوحدة على كلمة واحدة وهو السودان اولاً واخيراً. 2/ تأكيد التماسك الوطني وتقوية الجبهة الداخلية ولا يتحقق ذلك إلاّ بالحوار الداخلي والابتعاد عن النعرات الحزبية والقبلية والجهوية على ان يكون ذلك فرض عين على كل القوى السياسية وجميع شرائح المجتمع. 3/ علي الصعيد الاعلامي لا بد من احداث تغيرات في السياسات الاعلامية بغرض توحيد الخطاب الاعلامي مع السعي المستمر لتقوية الآلة الاعلامية في مواجهة الحملات الاعلامية الجائرة ضد البلاد مع تأكيد دور الاعلام في شحذ المهم نحو البناء والتعمير. 4/ في المجال الدبلوماسي تقتضي المرحلة تغيرات محددة في السياسات الخارجية لمزيد من الانفتاح على العالم الخارجي ضماناً لتحقيق المصالح المشتركة مع ضرورة نتيجة العلاقات الخارجية باستمرار. أما التحدي الثاني فهو الازمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد والتي انعكست آثارها من خلال الاجراءات الاقتصادية الاخيرة التي يراها أهل الشأن انها تمثل بداية العلاج لبعض الامراض المُزمنة التي لحقت باقتصادنا، وبالطبع فان العلاج يحتاج الي خبير خاصة اذا توطن المرض، ونأمل ان تكون تلك الاجراءات بداية لاصلاح اقتصادي يعود على المواطن بمردود ايجابي في معيشته بل يتحقق له الرفاهية ولايأتي ذلك إلاّ باحداث تغيرات معنية نرى ان أهمها تتمثل في المحاور الآتية: 1/ توظيف كل موارد البلاد لزيادة الانتاج لأن كثرة الانتاج من عوامل الرخاء خصوصاً الانتاج الزراعي وهنا يقتضي الأمر تحريك برامج النهضة الزراعية وتقديم كل التسهيلات الممكنة للمزارعين. 2/ توطين الصناعة وذلك بالاستفادة من الموارد الخام المتوافرة بالبلاد، ولا بد للقطاع الخاص ان يضطلع بدوره في هذا الاتجاه وعلى الدولة تقديم كل التسهيلات والمحفزات للنهضة الصناعية. 3/ ترشيد الاستيراد على ان يقتصر على الضروريات مثل الادوية ومدخلات الانتاج والاستفادة من العملات الصعبة المتوافرة في انشاء المزيد من البنيات الاساسية خصوصاً المرتبطة بزيادة الانتاج. 4/ ترشيد الانفاق الحكومي ويقتضي ذلك اجراءات صارمة بشأن تقليص الوظائف العليا وترشيد الصرف علي ميزانية الفصل الأول واستخدام وفوراتها في ميزانية التنمية. 5/ مزيد من الاهتمام بالاصلاح المؤسسي ومعالجة الترهل في الخدمة المدنية مع التركيز على بناء القدرات وتشجيع الاتجاه نحو البحث العلمي كوسيلة لمعالجة المشكلات وتحقيق رفاهية المجتمع. ان احداث أي تغيرات الغرض منها هو الاصلاح، وحتى تأتي التغيرات بنتائج ايجابية وتحقق الاصلاح لا بد من مراعاة بعض الاعتبارات أهمها: 1/ التزود بالمهارات اللازمة التي تعين في احداث أي تغير وانزاله على أرض الواقع في مواجهة التحديات والتاقلم معه مع اكتساب المعلومات التي تساعد على تطبيقه. 2/ ادراك أهمية العامل الانساني عند الشروع في اي تغيير انطلاقاً من أهمية البعد الانساني في احداث التغييرات. 3/ إدراك أهمية الوقت وقيمته والقيود الزمنية التي يتم العمل فيها من أجل احداث التغير في وقته. وبالطبع فان التغير غالباً ما يجد مقاومة من البعض وللحد من تأثيرات هذه المقاومة في عمل التغيير فلا بد من مراعاة: 1/ ضرورة العمل بمبدأ المشاركة ويقتضي ذلك اشراك أكبر قدر ممكن من الناس في وضع الاهداف عملاً بمبدأ الإدارة بالاهداف. 2/ الاهتمام بتوفير المعلومات بحيث يكون كل فرد على المام بالحد الادنى من المعلومات التي تخص حياته وأمنه ومعيشته على الأقل. 3/ تشجيع الناس نحو التغيير مع التوعية بأهميته في الاصلاح خاصة في ظل الظروف الراهنة. الرأي العام السودانية