[email protected] لأن الزمن يغير كل شيء كما يقولون، يكتشف المرء فجأة أن مظهر أو سلوك من كانوا مقربين إليه ويماثلونه فهماً ويسايرونه في شتى مسالك حياته، التي ليست مخالفة للأخلاق والإيمان والاعتقاد، قد تغير إلى نمط جديد0 ولأننا نعترف بحرية الآخرين الشخصية ونحترمها فمن حق أن أي فرد أن ينتهج المسلك الذي يراه صائباً حسب تقديراته، خاصة لو استند ذلك إلى مرجعية0 لكننا نتطلع إلى المعاملة بذات الفهم0 ومن الملاحظ أن مثل هذا التغيير نراه ينعكس على الكثيرين فجأة مما يجعل البعض يتساءلون عن سبب التحول مائة وثمانون درجة دون مقدمات، لكن في غياب الإجابة لا يملكون إلا التسليم بالواقع والتعامل مع معارفهم وفق الخطوة التي انتهجوها0 فقد تجد شخصاً كان يشكل عصب اللقاءات الشللية ويشارك في كل الملمات والمحافل، ثم تغيب عنه فترة لتجده طبع على محياه هالة صارمة وأرسل لحية حرة يداعبها بين كل حين ثم انزوى لا يبرح داره إلا لدور العبادة وسرادق العزاء0 وتسأل عن صديق كان يأكل القديد ويشرب كدراً فيقولون لك بأنه يمتلك الآن ثلاث بنايات شاهقة وعدداً من الفارهات وفي عصمته ثلاث زوجات يعشن معه في تبات ونبات0 وبطبيعة الحال تتساءل عن سر النقلة النوعية التي لن تتأتى وفق التدرج الطبيعي ولكن لا تجد إجابة وهنا ليس أمامك سوى أن تقول: اللهم لا حسد0 ولعل المتأمل في شوارعنا يشهد تغيراً ملحوظاً في ملامح المظهر النسائي إذ تخلت بعضهن عن الثوب السوداني وأبدلته أولاً لظروف اقتصادية بما خف ثمنه من أزياء اقتصرت على العباءة، ثم حين غمرت بعضهن مياه التدين أضفن عليه نقاباً يتسق مع إيمانهن وإتباعهن لأدبيات طريقتهن0 وفي هذا السياق، كثرت حالات عدم مصافحة النساء لغير المحرم وامتدت حتى وسط اليافعات وبذات القدر تجد كهولاً وشباباً لا يصافحون النساء فلا تملك إلا احترام رأيهم القائم على إتباع السنة، غير أن بعض الذين لا يعرفون نقلات الآخرين السلوكية يميلون دون قصد وبثقافتنا الموروثة إلى مصافحة الأقارب والأصدقاء وغيرهم متناسين أن هناك من يحجم عن ذلك فيصابون بحرج شديد حين لا يجدون تجاوباً من الطرف الآخر0 ففي حفل تخريج جامعي كانت تقف ضمن طاقم الدكاترة أستاذة لتسليم الشهادات، فتوجهت مع ابنتي مثل الآخرين فرحاً لتحيتهم قبل الاستلام إلا أنني فوجئت بأنها لا تصافح بل تتراجع عن مكانها بينما ظلت يدي ممدودة لها تقديراً لجهود الجامعة، وقد مر بمثل هذا الموقف عدد من الآباء وبعض الأبناء الخريجين0 فلو أن الجهة التي أقامت الاحتفال أحاطتنا بأن الأستاذة لا تصافح إلا النساء لما وقعنا في هذا الحرج أمام الآلاف الذين شهدوا الحفل، أو لو أنها اعتذرت عن المشاركة حتى لا تتسبب في إحراج الآباء والأبناء لكان ذلك أفضل خاصة وأن مشاركة الأساتذة للطلاب كانت مظهرية لأن حفلات التخريج يقيمها الطلاب على حسابهم وليس الجامعات، وهذه قضية أخرى0 نشر بتاريخ 23-10-2011