لم تعد قضية تنمية الموارد البشرية مدفوعة بدوافع تحكمها ظروف منظمة بذاتها أو مجتمع بعينه، وإنما هي ضرورة يمليها دافع التطورات والتغييرات المتسارعة في هذا العالم في مجال التقنية والعمل والإنتاج مما يستوجب على جميع المجتمعات بدون استثناء ضرورة إعادة النظر في سياساتها المتعلقة بالقوى العاملة والنظر إلى هذه القوى باعتبارها ثروة قومية تلعب دوراً رئيسياً في تنمية وتقدم هذه المجتمعات ويجب تنميتها وتطويرها واستثمارها كعامل رئيسي في الإنتاج. الدكتور د. عادل أحمد محمد كرداوي تناول في ورقته إعداد وتأهيل الموارد البشرية - العلاقة بين التأهيل والتطوير من خلال المؤتمر القومي الأول لتنمية الموارد البشرية الذي عقد مؤخرا بالخرطوم تحت شعار (التنمية البشرية ركيزة أساسية للنهضة الشاملة ) مبينا ضرورة وجود تنمية بشرية قادرة على سد احتياجات السودان ولها القدرة على التنافس وضرورة بناء قدرات الخريجين وسد الفجوة في حاجة البلاد للحد من العمالة الوافدة . وتطرق كرداوي إلى مفهوم التأهيل بشقية التأهيل بعد التخرج والتأهيل بعد دخول الخدمة وقبل مباشرة أعباء الوظيفة، مؤكدا أهمية التدريب كنشاط يهدف لتنمية القدرات والمهارات من خلال أهدافه ومكوناته وعملية التخطيط له والعناصر التي يجب أن تتوفر للتدريب، في مجال التطوير . وأوصت الورقة إلى ضرورة التخطيط المسبق لعملية الإعداد والتأهيل قبل الخدمة والعناية بالمهارات حسب مجالات التخصص والكفاءة المطلوبة لأداء العمل والسعي لتحقيق الجودة عن طريق التدريب والتطوير كما يقتضى أن يتم الدخول للخدمة وفقاً لقياس الاستعدادات والقدرات ولا يقتصر على التحصيل الأكاديمي والتخصص المعرفي فقط . ووفقا لما تضمنته ورقة كرداوي أن هنالك فرقاً بين التدريب والتطوير، فتدريب الموظف يهدف عادة إلى تحسين أداء الموظف لوظيفته الحالية، بينما يتوجه التطوير إلى إعداده لوظائف بمواقع أخرى ويزيد من قدرته على التحرك نحو وظائف قد لا تكون هيأت من بعد كما يساعد التطوير الموظف على الاستعداد لتغييرات متوقعة مستقبلاً بوظيفته الحالية. وتتضمن جهود التدريب والتطوير نشاطي التعليم والتدريب، ويهتم كل منهما بالتغيير الإنساني والتعليم لتطوير معارف ومهارات الفرد وكذا قيمه وسلوكه، لكنهما يختلفان في الإطار والعمق. فالتعليم يهدف لإمداد الأفراد بالأساس العريض الذي ينطلقون منه - كل في مجال تخصصه - إلى مجالات العمل المختلفة. بينما يكون التدريب أكثر تخصصاً وتحديداً من نطاق التعليم وأشارت البيانات خلال المؤتمر إلى أن التطوير يأتي نتيجة للتدريب بأهداف إبداعية ترقى إلى تحقيق مستويات عالية من الأداء عن طريق استخدام أساليب علمية متطورة لبناء عناصر قادرة على التجويد والابتكار وتطوير الفرد العامل في المجالات المعرفية والمهارية والسلوكية. وتشمل عملية تطوير المعرفة، مواكبة المواقف المتغيرة واكتساب المهارات المتزايدة من أجل تلبية احتياجات تنمية قدرات الأفراد استناداً على المستوى الحالي واستهداف نمو مستقبلي، وتتطلب هذه العملية تنفيذ برامج وفقاً لحاجات ومواقف الأفراد المختلفين وحاجات العمل ، والتي تواكب المتغيرات والمستجدات في أساليب العمل ووسائله التكنولوجية واستخدام مخرجات التقدم التكنولوجي بثبات وتناسق مع التركيز على سلوكيات وقيم العمل مع توسيع فرص تحقيق التنمية الذاتية . وتضمنت الورقة عددا من التوصيات تمثلت في التخطيط الجيد للاستثمار البشرى ، ضرورة وضع استراتيجيه واضحة ودقيقة للسياسات والبرامج التدريبية ،إعادة بناء منظومة التعليم من خلال تحديد إستراتيجية قومية لتحسين القدرات التنافسية للموارد البشرية، صياغة أهداف واضحة للتدريب مرتبطة بتحسن أداء العاملين وتنمية قدراتهم والاستفادة من هذه القدرات والمهارات وضرورة وجود تدريب لجميع المستويات . س ص