مهندس تعدين وناشط بيئي قال ان النشاط التعدينى بشقيه التقيلدي والمنظم اذا استمر بصورته الحالية فى البلاد ، فان قيمة العائد الضخم من الذهب لن تغطى تكلفة معالجة الاثار البيئية والصحية السالبة ، مطالبا بإتباع الاساليب العلمية في مجال استغلال المعدن النفيس بدءا من اعمال المسح والتعدين ثم التسويق . ويطالب المهندس مامون ميرغنى بابكر بمراعاة جملة من الشروط عند استخراج واستخلاص الذهب اهمها عدم تأثرالنظام البيئي في منطقة استخراج الذهب او المناطق المحيطة، وأن لا تحدث أي تهديدات لنبات أو حيوان عند قيام أي منجم للذهب ومن الشروط أيضا عدم حدوث اي تغيير في بيئة المنطقة سواء من قريب او بعيد . وأن يتضمن التقييم البيئى تفصيلا دقيقا للمشاكل المحتملة الحدوث نتيجة للتلوث من اعمال الحفر ومعالجة الخام بسبب المواد المستخدمة في تنقية معدن الذهب ، وقال لابد من الإلتزام بعدم إقامة اي منجم في منطقة بها مباني اثرية او تاريخية او اجتماعية او ثقافية تخص الحاضر والمستقبل ولابد من إعادة الارض الى طبيعتها بعد انتهاء عمر المنجم . وللاستفادة من مواقع مناجم الذهب خاصة المكشوفة دعا بابكر الى احالة السلبيات الى ايجابيات كالاستفادة من مخلفات التعدين وتحويلها الى اغراض اقتصادية واستثمارية بعد اجراء دراسات وتحاليل معملية، الى جانب الاستفادة من مخلفات الرمل والصخور في بناء الطرق والجسور والسدود وتحويل مواقع التعدين الى خزانات مياه او منتجعات سياحية او متاحف بعد اجراء التعديل اللازم كما يمكن الإستفادة من المناجم في الأغراض الزراعية بعد ردمها بالتربة الصالحة للزراعة . وأبان أن عمليات الحفر والإستكشاف عن معدن الذهب فى اجزاء مختلفة فى البلاد وأن لائحة تنظيم التعدين التقليدي عن الذهب تعطي الولايات فرص لمنح رخص التنقيب التقليدي عن الذهب للأفراد والشخصيات لآخرى الإعتبارية برسوم وأن تكون تحت إشراف مكاتب التعدين مع ضرورة مراعاة سلامة البيئة. وتناول الناشط البيئي عددا من الآثار البيئية المباشرة للتعدين العشوائي للذهب أهمها اهدار للموارد البشرية، نسبة للظروف القاسية التى يعيشها المنقبون وتعرضهم للبرد الشديد احيانا ولدرجات الحرارة عالية إضافة الى قلة مياه الشرب والطعام ، وهناك اضرار مباشرة على البيئة منها هجرة اعداد كبيرة من الناس مما يؤدي الى تكوين تجمعات تفتقد الى المياه الصحية والخدمات الضرورية وتجمع المخلفات الامر الذي ادى الى ظهوربعض الامراض والاوبئة في تلك التجمعات التي تصل إضرارها الى المناطق المجاورة، مما يؤدي الى إرتفاع معدل الهجرات الى مناطق اخرى وقد تصل الاضرار الى صدامات قد تنشأ بين المنقبين واهالي المنطقة الاصليين واحيانا يمتد الصدام الى الجهات الحكومية الرسمية. ويساهم التعدين العشوائي بدرجة كبيرة في الاخلال بالبيئة المحلية من خلال تدمير وتعرية التربة وإتلاف الغطاء النباتي والصرف الطبيعي مما يؤثرسلبا على الحيوانات الاليفة والبرية على حد سواء. كما يسهم التنقيب العشوائي في توقف الانشطة البشرية الاخرى نتيجة هجر المواطنين لتلك الانشطة مثل الزراعة والرعي بل وحتى التعليم بالاضافة الي عدم اتباع المعايير البيئية والسلامة وانعدام مراكز الطوارئ والاسعافات. وحسب قول الناشط البيئي ان معدل الاضرار البيئية الناتجة من التعدين تتفاوت من بيئة الى اخرى فهي ذات معدلات اقل في البيئات الصحراوية الجافة الغير مأهولة بالسكان مثل شمال السودان وبعض مناطق الشرق ويرتفع معدل خطورته في البيئات الرطبة ذات الانشطة البشرية المتعددة مثل المناطق المنتشرة على طول نهر النيل وغرب السودان ومناطق النيل الازرق والتي بدأ وسيبدأ فيها نشاط تعديني كبير للذهب. ونبه الي خطورة الطرق المتبعه لمعالجة خامات الذهب واستخلاصه علي صحة الانسان فالطريقة الاولى التى تتبع لمعالجة خام الذهب بسيانيد الصوديوم، والتي بتكسير الخام الى احجام صغيرة ثم تطحن وبعدها يصب الخام المطحون في خلاط ويضاف اليه الاسمنت ومحلول السيانيد ليتشكل الخام على هيئة كرات صغيرة وتسمى هذه مرحلة التكوير، ثم يكوم الخام على مشمعات بلاستيكية سميكة غيرنافذة للماء وترش تلك الاكوام بمحلول السيانيد الذي يتغلغل بين حبيبات الخام حيث يذوب الذهب في المحلول، ويتم جمع هذا المحلول عبر انابيب تصمم اسفل الاكوام. يمرر بعدها المحلول الحاوي على الذهب المذاب عبر اعمدة كهربائية فيشكل انابيب تحتوي على الكربون المنشط الذي يترسب عليه الذهب وعن طريق وبواسطة خليط من محلول الصودا والسيانيد يمكن اذابتها مرة ثانية، وأخيرا يتم استخلاص الذهب عن طريق التحليل الكهربي. هذه الطريقة من اكثر الطرق شيوعا نظرا لتكلفتها المنخفضة وارتفاع فعاليتها حيث يتم استخلاص اكثر من %95 من الذهب الموجود في الخام. وكانت شركة ارياب في شرق السودان هي الوحيدة التي تستخدم هذه الطريقة ثم بدأت شركات اخرى بالعمل بهذه التقنية في الشمال. وتكمن خطوره هذه العملية في استخدام مركب سيانيد الصوديوم، وهو مادة سامة والمركب في شكله الصلب يكون على هيئة حبيبات صغيرة بيضاء حيث يؤدي ابتلاع حبة صغيرة اصغر من حبة الارز الى الموت الفوري لاي كائن، والحد الاقصى المسموح به في مياه الشرب هو 0.05 ملجرام/لتر.وهو سام جدا للكائنات المائية. وعليه يجب ان تتم هذه الطريقة بإحكام واحتراز مع الاخذ بكل اجراءات السلامة واشخاص ذوي خبرة وكفاءة عاليتين. وقال ان هذه الطريقة تؤثرعلى البيئة عندما تتسرب كميات من المحلول عبر الثقوب التي قد تنشأ اسفل الخامات المعالجة والتى تتسرب بدورها إلى المياه الجوفية، وللحد من هذا التسرب لابد أن تنشأ أرضية الاكوام المعالجة بواسطة مهندسي المساحة ويتم تسوية الارض جيداً. وكذلك تؤثر هذه الطريقة على البيئة عندما تترك ملايين الاطنان من التراب الملوث بهذا المحلول في اماكن الاستخراج وقد تظل لمئات السنين وتقوم الرياح بنقل حبيبات الحصى الملوثة الى مئات الكيلومترات وتتسبب في تلوث المياه السطحية والجوفية والتربة. لذا لابد من مراعاة التخلص السليم من هذا التراب الملوث أثناء وبعد قفل المنجم ومازال الحديث للناشط البيئي حيث دعا الى الاهتمام بالمركبات الكيميائية الاخرى المصاحبة لهذه العملية والمعدات المهجورة والاوساخ مشيرا الى تأثيرها يظهر على الصحة العامة عند التعرض لفترة طويلة لهذا المحلول حتى لو بتركيز منخفض إذ يؤدي الى الام حادة ودائمة في الرأس ونمو غير عادي في الغدة الدرقية وتهيج في الاعين والجهاز التنفسي والدوخة وفقدان الشهية. ويقول المهندس ان الطريقة الثانية والتي تشكل الآن تحدي كبير ومهدد حقيقي لصحة الانسان والبيئة انتشار استخدامها بصورة اوسع بواسطة الاهالي في مناطق التنقيب العشوائى حيث بدأت اثارها واضحة للعيان. ويستضطرد قائلا" ان هذه الطريقة تبدأ كسابقتها بتكسير الخام ثم طحنه ويحمل هذا المسحوق بمحلول ويمرر على ألواح مغطاة بالزئبق وأثناء مرور السائل يتحد الزئبق مع فلز الذهب مكوناً ما يسمى بالملغم ويسخن هذا الاخير حيث تتسبب حرارة التسخين في تفكك الزئبق وانفصاله عن الملغم في صورة غازية ثم يجمع ويكثف لاعادة استخدامه مرات عديدة، وبعد انفصال الزئبق يتخلف فلز الذهب في شكل اسفنجي". وتتسرب كمية من ابخرة الزئبق في الهواء عندما يسخن الخليط في اوعية مفتوحة، مما يشكل خطورة وقد ثبت أنه عند إنتاج 1 جرام من الذهب بهذه الكيفية فإن 1.5 جرام من الزئبق يتبخر في الهواء. وهذا الطريقة قليلة الاستخدام لعدم كفاءتها حيث تمر كمية كبيرة من الخام دون استخلاص الذهب منها. وثبت انه فى السنوات الثلاث الاخيرة انتشر استخدام الزئبق في مناطق التعدين العشوائي مما تسبب في مخاطر عديدة على البيئة وصحة الانسان سواء داخل منطقة التنقيب او خارجها. ومن المعروف ان الزئبق من المواد عالية السمية للثدييات، ونظرا لانه يتبخر في الهواء عند درجة الحرارة العادية كما يتبخر الماء فان اقصى نسبة تسمح بها الهيئات الصحية لتركيز الزئبق في الهواء 0.05 ملجرام/متر مكعب من الهواء وفي الماء لايتعدى 0.03 ملجرام/لتر. والاكثر عرضة للمخاطر المباشرة للزئبق هم الذين يعملون في استخلاص الذهب والمناطق القريبة، فالتعرض لابخرة الزئبق لفترات وجيزة وبتركيز بسيط يؤدي الى حدوث التهابات الفم واللثة وفقدان الاسنان اما التعرض لفترات طويلة فيؤدي إلى حدوث اضطرابات عقلية وحالة اشبه بالارتجاج في المخ وذلك لان الزئبق يتراكم في الدماغ ويتسبب في تدمير الجهاز العصبي. وقال ان الزئبق يمثل اكبر ملوث لمياه الانهار والمحيطات لان الزئبق المتبخر يمكن ان يحمله الهواء الى مسافات بعيدة جدا وفي النهاية يترسب في البحار والبحيرات حيث تمتص اجسام الاسماك هذا المعدن ويتخزن في جسمها. وعادة ما يصل الزئبق للانسان البعيد من مواقع استخلاص الذهب عن طريق الابخرة والطعام الملوث سواء كان اسماكاً او خضروات او فاكهة. وعليه فإن الحد من استخدام الزئبق يتطلب بعض التدابير العاجلة من قبل الجهات السياسية والصناعية والافراد، ويمكن الإستفادة من بعض الخيارات الطوعية التي تبناها برنامج الأممالمتحدة للبيئة في هذا الشأن، وتتمثل في إيجاد حلول تكنولوجية كأن يتم إستخلاص بخار الزئبق في دكاكين الذهب، أن تستخدم الأنابيب في التعدين وأن تستخدم أحواض الغسيل الخالية من الزئبق وتشمل الحلول أيضاً آليات السوق كارتفاع أسعار الزئبق وانخفاض اسعار الذهب، إضافة إلى بعض الحلول الاخرى كتقديم إئتمانات صغيرة للتكنولوجيا النظيفة والتعليم أو التوعية بمخاطر الزئبق والمساعدة في التحول إلى سبل عيش أخرى بدلا عن التعدين العشوائي. ن ف