- تعتبر الغابات بيئة وموطنا طبيعيا للماشية والنبات حيث تضم ثلثى كائنات الكرة الارضية لذلك فهى تساعد على حماية التنوع البيولوجى من الإنقراض ،كما لعبت الغابات على مر العصور دورا حضاريا وتاريخيا هائلا حيث كانت موطنا للعنصر البشرى منذ القدم . لهذه الاهمية التى تمثلها الغابات نظم المركز العالمي للدراسات الافريقية بمقرة امس سمنار البيئة ومكافحة الجفاف والتصحر فى افريقيا بحضور عدد من الخبراء والباحثين . تم إستعراض ورقتى عمل بالسمنار الاولى قدمها الخبير البيئى د.عادل محمد على سيد أحمد رئيس برنامج التطوير المؤسسى أوضح فيها أن التصحر يؤثر على 135 - 250 مليون شخص على مستوى العالم وأن ثلثى المساحة بالقارة الافريقية صحراء أو شبه جافة و74% من أراضيها الزراعية فى المناطق شبه الجافة تعانى من تدهور الأراضى. وأضاف فى استعراضه للورقة ب التى جاءت بعنوان (البيئة ومكافحة التصحر بافريقيا)، إن67 مليون شخص فى منطقة الساحل وهى أكثر منطقة متأثرة بالتصحر فى أفريقيا إلى جانب منطقة صحراء كلهارى فى الجنوب الأفريقى، مشيرا الى توقعات الخبراء البيئيين الى أن أكثر من 60 مليون شخص قد يهاجرون من المناطق المتصحرة ألى شمال أفريقيا وأوروبا بحلول عام 2020 م ، لافتا الى أن تدهور الأراضى يؤثر على 485 مليون شخص فى أفريقيا ، مبينا أن السودان كان سباقا للتوعية فى المجالات البيئية حيث عقدت 4 ورش عمل إقليمية للتوعية و للتشاور حول ظاهرة التصحر وكيفية التصدى . وبينت الورقة فى ملامح من التصحر بالسودان تقرير لجنة صيانة التربة العام 1944م أن تدهور التربة والتصحر يعود أساساً لسوء إستخدام موارد الأرض أكثر من كونه نتيجة لتغير المناخ كما بين كتاب أ. ب. استبنق (1952) حول زحف الصحراء في السودان أثناء دراسته لتدهور الغطاء النباتي الذى علق عليه عبد الله خليل (وزير الزراعة آنذاك) مؤكدًا في ذلك الحين أن (خير البلاد يعتمد علي صيانة الموارد) وتبعا لذلك كونت اللجنة القومية لمكافحة الجفاف و التصحر (72-1976) وكلفت بإعداد الدراسات والحلول لمشكلتى التصحر والجفاف حيث أصدرت اللجنة تقريراً عن حالة التصحر فى السودان ومقترحات مشاريع لمعالجة الظاهرة (DECARP, 1976). وتم عرض هذا التقرير فى مؤتمر الأممالمتحدة للتصحر فى نيروبى فى عام 1977 م. كلفت وزارة الزراعة منسقاً غير متفرغ لمتابعة مشاريع مكافحة التصحر فى عام 1979 و فى عام 1980 تم تعيين منسقً متفرغ وأنشئ المكتب القومى لمكافحة الجفاف والتصحر برئاسة وزارة الزراعة تحت الإشراف الإدارى لوكيل الموارد الطبيعية والإشراف الإدارى لوزير الدولة بالزراعة . أشار قرار التكوين لإنشاء مجلس دائم للتصحر تشارك فيه كل الوزارات والإدارات ذات الصلة إلى جانب الجهات الأكاديمية والبحثية وأفر مكتب الأونسو (Sudano Sahelian Office UNDP) دعماً فنياً ومالياً فى مطلع الثمانينات لمكتب مكافحة التصحر والذى تمت تسميته مكتب تنسيق برامج التصحر. فإلى جانب المعدات والعربات تم التعاقد مع خبير التصحر العالمى د. فؤاد إبراهيم والذى كان يزور السودان كل عام لفترة شهرين لإجراء الدراسات و البحوث وبناء القدرات الوطنية فى مجال مكافحة التصحر وقد مكن الدعم الفنى المكتب من إصدار 4 أعداد من مجلة التصحر و لتى غطت ورش الأقاليم إلى جانب بعض المواضيع ذات البعد القومى . وعقب مؤتمر نيروبى إتفقت الدول المانحة على عقد مؤتمرات للمتابعة كل عامين وأستطاع السودان عبرها الحصول على تمويل لمشروعى إعادة تعمير حزام الصمغ العربى و مشروع تنمية المراعى ،و استطاع المكتب أيضاً الحصول على خمس منح من الحكومة الاسترالية فى مجال الموارد الطبيعية (1 دكتوراة ، 2 ماجستير ، 2 دبلومات فوق الجامعية) (NAP) . وتم تأسيس مفوضية الإغاثة و إعادة التعمير فى عام 1986 وفى غياب منسق التصحر فى منحة خارج السودان تم نقل الوحدة بكل كوادرها ومعداتها و لياتها للمفوضية وتمت إعادة الوحدة لوزارة الزراعة بعد لأى وبعد أن توقف الدعم من مكتب الأونسو نتيجة للتضارب فى الاختصاصات . فى عام 1988 م قرر مجلس الوزراء إنشاء وزارة مركزية لشؤون اللاجئين والإغاثة وأدرج ضمن هيكلها إدارة لمكافحة التصحر . وبعد محاولات مضنية تم فك الارتباط بين الوزارتين فيما يختص بالتصحر الذى أعيد ثانية لوزارة الزراعة، وصدر قرار وزارى فى 17 مارس 1991 بتأكيد تبعية وحدة تنسيق برامج مكافحة الجفاف والتصحر(NDDU) لوزارة الزراعة و لثروة الحيوانية وقتها وتحت الإشراف المباشر لوزير الزراعة . وحدد القرار اختصاصات الوحدة واختصاصات مجلس التنسيق الذى تم تكوينه برئاسة المنسق القومى وعضوية 15 جهة أخرى. و قد استطاعت الوحدة الحصول على دعم فنى من الاتحاد الأوروبى فى السودان (600000 يورو) فى عام 1993 تم استخدامه فى إنشاء أول وحدة لنظم المعلومات الجغرافية فى السودان (GIS) كما تمت الاستعانة بخبير من شركة Hunting البريطانية لتحديد المدى الجغرافى للتصحر فى السودان ودرجاته فى 13 ولاية من ولايات السودان بين خطى عرض 10 و 18 درجة وما أن دخلت الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر حيز التنفيذ حتى بدأ السودان في تطبيقها بإعداد برنامج العمل القومي بمساعدة من برنامج الأممالمتحدة الانمائي . بدأت العملية بتكليف لجنة من 6 مستشارين وطنيين لإعداد وجمع المعلومات الأساسية اللازمة لبرنامج العمل القومي . كما قام خبراء وطنيون بزيارات ميدانية للولايات المتأثرة . وتابعت الورقة فى استعراض الخطط لتحديد المدى الجغرافى للتصحر وقامت وزارة الزراعة والغابات ممثلة في الوحدة القومية لمكافحة التصحر جهة الاختصاص الوطنية لاتفاقية التصحر منذ عام 1994، وذلك كامتداد طبيعي لدور الوزارة وجهودها في مكافحة التصحر منذ العام 1969 حينما أنشئت عدة برامج لمكافحة التصحر . في العام 2009 م صدر قانون التصحر الذي نص على إنشاء مجلس قومي برعاية رئيس الجمهورية وبصدور المرسوم الجمهوري رقم (32) لسنة 2015 أصبحت مهمة مكافحة التصحر من اختصاص وزارة البيئة والموارد الطبيعية والتنمية العمرانية ، وحينما صدر المرسوم الجمهوري رقم (21) لسنة 2017 أٌدرج المجلس القومي لمكافحة التصحر ضمن المؤسسات التابعة لوزارة البيئة والموارد الطبيعية والتنمية العمرانية بموجب المرسوم الجمهوري رقم (32) لسنة 2015 مقروءاً مع قانون التصحر لسنة 2009 ، أصدر رئيس الجمهورية قراراً بالرقم 404 بتاريخ 29 نوفمبر 2016 م بتعيين أمين عام للمجلس. يجري العمل حالياً على تأسيس المجلس من خلال السعي لإيجاد مقر دائم له بالعاصمة القومية على أن يتبع ذلك إنشاء فروع للمجلس بالولايات ؛ إجازة هيكل تنظيمي ووظيفي للأمانة العامة للمجلس ؛ وضع لوائح العمل الخاصة بالمجلس ، ... وما زال التصحر يتفاقم يوماً بعد يوم ويهدد التقدم الاقتصادي والاجتماعي للبلاد وحياة سكانها . من جانبه قدم الخبير محمد الطيب ورقة اوضحت أن قضايا البيئة أصبحت من أهم المشكلات والتحديات التي تواجه عملية التنمية المستدامة . وذكرت الورقة أن 5 ملايين نازح في السودان، نصفهم في دارفور وبحسب برنامج الأممالمتحدة للبيئة '' UNEP' تتدهور الأراضي نتيجة إزالة الغابات والأساليب الزراعية المدمِّرة والازدياد في أعداد الماشية من 27 مليوناً الى 135 مليوناً. واشار الى أن تغير المناخ يوثر على مناطق كثيرة، خصوصاً دارفور حيث انخفض معدل سقوط الأمطار بمقدار الثلث خلال ال 80 عاماً الماضية ما أدى الى إنخفاض إنتاج الغذاء بنسبة 70%. من جانبهم أكد المشاركون ضرورة حل مشكلة البيئة فى جميع الاطر كواحدة من المشكلات التى تواجه المجتمعات، داعين الى التنسيق بين الجهات ذات الصلة للمحافظة على الغابات وزيادة اهتمام الدولة بالغابات وسن القوانين لمنع التعدى عليها ، الى ذلك أكد الوزير السابق لمجلس البيئة بولاية الخرطوم اللواء عمر نمر على ضرورة رفع الوعى للمواطن العادى والقوات النظامية التى تلاحظ قطعها الجائر للغابات فى الكثير من المناطق بحجة الدواعى الامنية وذلك لأهمية الغابات كمورد بيئى وأقتصادى هام. ع و