تشهد قاعات الدراسة في المدارس الثانوية والجامعات في مختلف أنحاء الولاياتالمتحدة ثورة هادئة مع تكيف الطلاب مع سوق عمل صعبة عن طريق اختيار تخصصات كمية قابلة للقياس بدرجة أكبر. والوظائف الأعلى راتبا في الولاياتالمتحدة تتطلب كلها تقريبا دراسة تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. وأظهرت بيانات رواتب جمعها المكتب الأمريكي لاحصاءات العمل في إطار دراسته السنوية للتوظيف المهني والأجور أنه من بين الوظائف الخمسين الأعلى راتبا في الولاياتالمتحدة تحتاج أكثر من 30 وظيفة خريجين حصلوا على درجة جامعية أو دراسات عليا في تلك التخصصات ومنها علوم الطب. وتقول وزارة التعليم الأمريكية إن العدد السنوي للطلاب المسجلين في البرامج الجامعية في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ارتفع بنحو 700 ألف (23 في المئة) بين عامي 2003 و2011 وهو أحدث عام تتوفر عنه مثل هذه البيانات. وأفادت نسخة عام 2013 من "مختصر الاحصاءات التعليمية" الصادر عن الوزارة بأن أكثر من 3.7 مليون طالب سجلوا في مقررات جامعية يمكن تصنيفها بشكل عام على أنها برامج للعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في 2011 ارتفاعا من ثلاثة ملايين عام 2003 . وزاد عدد المسجلين في فروع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بسرعة أكبر كثيرا مقارنة بالبرامج الجامعية بشكل عام والذي زاد بنسبة خمسة في المئة فقط خلال نفس الفترة. وفي الواقع تمثل الزيادة في عدد المسجلين في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات أكثر من نصف الزيادة الاجمالية في المسجلين بالجامعة على مدى السنوات الثماني بين 2003 و2011. وبسبب حوافز الرواتب إلى جانب المكانة المهنية المرموقة المرتبطة بها يتجه الطلاب نحو الدراسة التي تتطلب موهبة حسابية عالية وهو ما يلزم للنجاح ماليا في اقتصاد يهيمن عليه الكمبيوتر وتحليل البيانات والهندسة والتكنولوجيا المعقدة. * كلمة السر الرياضيات إن ازدهار النفط والغاز في أمريكا الشمالية أحد الأمثلة التي توضح كيف ترسم الحوافز المالية ملامح الخيارات التعليمية لجيل جديد. فقد قفز متوسط دخل مهندسي البترول الأكفاء من 87 ألف دولار في 2003 إلى 149 ألف دولار في 2011 وهي زيادة بنسبة 70 في المئة في حين كانت الدخول في الاقتصاد برمته تكافح لتتماشى مع معدل الزيادة في التضخم. وزاد عدد المسجلين في برامج الدراسات العليا لهندسة البترول من 561 في 1997 و849 في 2003 إلى 1301 في 2011. لكن التحول لا يقتصر على النفط والغاز. فعدد المسجلين في علوم الهندسة اجمالا بلغ 146 ألفا في 2011 ارتفاعا من 120 ألفا في 2003 ومئة ألف في 1997. وزادت الدخول في عدد كبير من المهن المرتبطة بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات خلال العقد الماضي. وارتفع متوسط دخل المتخصصين في الرياضيات 34 في المئة بين عامي 2003 و2013. وزاد دخل محللي بحوث العمليات 32 في المئة. كما ارتفع متوسط دخول خبراء الاحصاء 34 في المئة. وكانت الزيادات أعلى من المتوسط بالنسبة لمهندسي المواد (39 في المئة) ومهندسي الطيران (39 في المئة) والمهندسين البحريين (31 في المئة). وعلى النقيض ارتفع متوسط دخول جميع الوظائف 25 في المئة فقط. ومن اجل مواكبة التضخم احتاج العاملون لكسب نحو 27 في المئة أكثر في 2013 مقارنة بعام 2003. لذلك فمن الناحية الفعلية انخفض متوسط الرواتب. وأي مهنة ارتفع فيها متوسط الراتب بأقل من 27 في المئة تكون القوة الحقيقية لدخلها تراجعت فعليا.