(اقرعوا الروماني ده؟؟)    توجيهات مهمة لوالي الخرطوم    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    شاهد بالفيديو.. الناشط محمد تروس يؤد على سخرية الجمهور بعد واقعة خلع ملابسه بالمسرح: (الميديا كلها شغالة بي لباسي ودي ما أول مرة قبل كدة ملصت لباسي في دبي)    شاهد بالفيديو.. عامل فيها مفتح وأنا خاتة القروش في "الخُرج".. سودانية تحكي قصتها مع أحد أفراد عصابة "9 طويلة".. أعطيته "شنطة" فارغة وأخذت منه هاتفه الفخم    شاهد بالصورة والفيديو.. الناشط واليوتيوبر الشهير محمد تروس يخلع ملابسه أعلى المسرح خلال إحتفالية أقامها "القحاتة" بكمبالا ويؤكد: (أنا أمثل الشعب السوداني)    شاهد بالفيديو.. الناشط محمد تروس يؤد على سخرية الجمهور بعد واقعة خلع ملابسه بالمسرح: (الميديا كلها شغالة بي لباسي ودي ما أول مرة قبل كدة ملصت لباسي في دبي)    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    قرار مرتقب بإلغاء تخصيص 20% للنيابة العامة من الأموال العامة المستردة    خطاب مرتقب لرئيس الوزراء السوداني    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    تشيلسي ينجو من الخسارة    مبابي يعادل رقم كريستيانو    شاهد بالفيديو.. عامل فيها مفتح وأنا خاتة القروش في "الخُرج".. سودانية تحكي قصتها مع أحد أفراد عصابة "9 طويلة".. أعطيته "شنطة" فارغة وأخذت منه هاتفه الفخم    تعرف على القيمة السوقية للاعبي المنتخب السوداني المشاركين في أمم أفريقيا.. نجم الدوري التايلندي الأغلى.. صلاح عادل يتفوق على الغربال وروفا في مركز متأخر ب 100 ألف فقط    المظاهرات وحرب المناطق الرمادية و الأمن القومي    لإجراء عمليات نادرة.. فريقٌ طبي مصرى يصل بورتسودان    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    وفاة مسؤول بارز بناد بالدوري السوداني الممتاز    السودان.. اشتباكات مسلّحة في منطقة نفطية    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    شاهد بالصورة.. عروس سودانية تحكي قصة عن طيبة السودانيين: (كنت مضطرة أسافر يوم زواجي وكنت مكتئبة وبطني طامة..قابلت سيدة في الطائرة أخرجت "كيس" الحنة ورسمت لي حنة العرس ونحنا في الجو)    لتحسين الهضم والتحكم في الشهية.. ما أفضل وقت لتناول التمر؟    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    مدير عام الصناعة ولاية الخرطوم يزور جمعية معاشيي القوات المسلحة    استشهاد فردين من الدفاع المدني في قصف مسيّرات مليشيا الدعم السريع على محطة كهرباء المقرن بعطبرة    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    مكتول هواك يترجّل    "ونسة وشمار".. زوجة مسؤول بالدولة تتفوه بعبارات غاضبة وتعبر عن كراهيتها للإعلامية داليا الياس بعد إرسال الأخيرة رسالة "واتساب" لزوجها    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جدلية حكم «نميري» ..
نشر في آخر لحظة يوم 20 - 05 - 2011

تختلف الآراء والمفاهيم حول الفلسفة التي أدار بها نظام مايو الحكم في السودان بقيادة الرئيس الراحل جعفر محمد نميري، ولكن الحقيقة التي أصبحت واقعاً أن نظام مايو بسلبياته وإيجابياته أصبح جزءً من مكونات ونظام الحكم بصفة عامة، فبنفس الصيغة التي انتهت بها حرب الجنوب عام 1972 أدت أخطاء النظام إلى إشتعال الحرب مرة أخرى عام 1983 بسبب قرار تقسيم الإقليم الجنوبي إلى ثلاثة أقاليم وإبعاد المتمردين السابقين عن السلطة.. كما شرَّع النظام قوانين في مجالات التعليم والصحة والخدمات لازال بعضاً منها ساري المفعول، بينما نظام الحزب الواحد الذي انتهجه نظام مايو شكّل أكبر عقبة واجهت الحكومة المنتخبة بعد الانتفاضة. . التقرير التالي يتناول فترة حكم مايو بمناسبة مرور اثنين وأربعين عاماً على وصولها للسلطة.
حكم نميري:
فترة حكم الرئيس الراحل جعفر محمد نميري التي استمرت ستة عشر عاماً، وأطيح به عبر انتفاضة شعبية في السادس من أبريل عام 1986، كانت مثيرة للجدل والتساؤلات بسبب التقلبات المزاجية لشخصية جعفر نميري، التي جعلته ينتقل بين نظام اشتراكي الملكية المطلقة فيه للدولة ونظام رأسمالي غربي يعتمد على حرية التملك ونظام السوق الحر، رغم التناقض الكبير بين النظامين في إدارة الحكم.. و طوى نميري صفحتها بإعلان تطبيق الشرعية الإسلامية التي اختلف المجتمع السوداني حول الكيفية التي نُفِّذت بها الأحكام الحدودية في ذلك الوقت.
كما أن نظام مايو أجرى تعديلاً جوهرياً في نظام إدارة الحكم من خلال قوانين الحكم المحلي الذي كان يهدف إلى تقصير الظل الإداري.. فكل الحكومات التي أعقبت نظام مايو عدّلت في قوانين الحكم المحلي، لكنها لم تستطع إلغاء الحكم المحلي، فيما أدخل نظام نميري مصطلح الصالح العام لتصفية الخدمة المدنية والذي لا زال سارياً حيث استخدمته كل الحكومات لتصفية المعارضين.. فنظام نميري رغم الجدل الدائر حوله إلا أنه يبقى أحد مكونات الحكم الأساسية في السودان.
في الخامس والعشرين من شهر مايو 1969 استيقظ الشعب السوداني على أنغام موسيقى عسكرية تبث عبر إذاعة أم درمان معلنة قيام نظام حكم عسكري جديد أطاح بالحكومة الديموقراطية الثانية المنتخبة التي لم تمض عليها سوى ثلاثة أعوام، وبعد فترة وجيزة ظهر على التلفزيون القومي، الذي كان بثه محدوداً، اللواء جعفر محمد نميري قائد الانقلاب يرتدي بزة عسكرية رمادية مخصصة لأفراد القوات البرية يشرح لمشاهدي التلفزيون أهداف الانقلاب العسكري الذي لم يُواجه بمقاومة حتى ذلك الوقت من قبل القوى السياسية التي أطاح بها، فاللواء نميري الذي ظهر في حيوية وثقة أمام كاميرات التلفزيون يبشر بالقيم الاشتراكية للانقلاب من خلال شرح كلمتي الاشتراكية والرجعية اللتين كان لهما بريق ولمعان خاص لدى المثقفين في ذلك الوقت، حيث ارتبط مفهوم الاشتراكية لدى الكثيرين باستقلال الشعوب التي كانت تقاتل الدول الاستعمارية من أجل الحرية فيما الدول الاستعمارية كانت تقود النظام الرأسمالي في ذلك الوقت.
انقلاب هاشم العطا:
قائد انقلاب مايو اللواء جعفر نميري الذي ولد بمدينة أم درمان عام 1930 وتلقى تعليمه الأولي بها ثم مدرسة حنتوب الثانوية بمدينة ود مدني، ثم التحق بالكلية الحربية وتخرج فيها عام 1952، تحدث عن حكم الشعب ولكنه لم يفصح عن أسلوب حكم الشعب لنفسه خارج صناديق الاقتراع.. ثم شهدت فترة حكم النميري تأميم كثير من المؤسسات الخاصة، الأمر الذي أدى إلى تدهور اقتصادي مريع لم يشهده السودان منذ الاستقلال، ولكن الانقلاب التصحيحي الذي نفذه الحزب الشيوعي ضد نميري بقيادة عضو مجلس قيادة ثورة مايو الرائد هاشم العطا في عام 1971، ونجح في إبعاد النميري عن السلطة لعدة أيام قبل أن يتمكن من العودة للسلطة مرة أخرى بمساعدة القوات المسلحة،أحدث تحوّلاً وتغييراً كبيرين في مفاهيم نميري للاشتراكية والحزب الشيوعي السوداني في ذلك الوقت.. حيث قرر الابتعاد عن منظومة الحزب الشيوعي والقضاء عليه والتوجه نحو النظام الرأسمالي الغربي بقيادة الولايات المتحدة التي قدمت الدعم لنظام نميري الذي انفصل عن المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي الذي تفكك في عام 1989 عبر نظام «البروسترويكا» الذي كان عرابه ميخائيل غورباتشوف آخر رئيس للاتحاد السوفيتي.
تمرد جون قرنق:
بعد الانقلاب الشيوعي الفاشل نظم نظام مايو محاكمات قاسية لقادة الحزب الشيوعي الذين جاءوا بنظام حكم مايو عام 1969، حيث تم إعدام اعداد كبيرة من هيئة القيادة من بينهم زعيم الحزب الشيوعي عبد الخالق محجوب والزعيم النقابي العمالي الشفيع أحمد الشيخ، وتم إقصاء عضوية الحزب الشيوعي من السلطة.
بعد عام من إزاحة نميري للحزب الشيوعي عن السلطة حقق نجاحاً مهماً تمثل في توقيع اتفاقية أديس أبابا عام 1972 التي أنهت الحرب الأهلية في جنوب السودان، التي استمرت لما يقارب عشرين عاماً، ولذلك فترة حكم مايو شهدت أطول هدنة بين الحكومة المركزية ومتمردي جنوب السودان استمرت أحد عشر عاماً، اندلعت بعدها الحرب مرة أخرى في عام 1983 بسبب تقديرات خاطئة لنظام مايو الذي حاول اعتقال ومحاكمة الرائد كاربينو كوانج دينق قائد الكتيبة «105» بتهمة اختلاس الأموال، حيث قرر الرائد كاربينو التمرد على السلطة، فيما أرسلت حكومة مايو الرائد جون قرنق الذي كانت تثق فيه بصورة كبيرة إلى جنوب السودان لمفاوضة الرائد كاربينو وإقناعه بالعدول عن التمرد الذي بدأه.. لكن الرائد جون قرنق قرر هو نفسه قيادة التمرد الجديد، حيث أسس الحركة الشعبية لتحرير السودان وجناحها العسكري الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي قاد الحرب لأكثر من عشرين عاماً، ونجح في فصل جنوب السودان عن الشمال من خلال استفتاء الشعب الجنوبي الذي جرى في يناير 2011 بناء على اتفاقية السلام الشامل الموقعة بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية في نيفاشا بكينيا عام 2005، والتي تضمنت حق تقرير المصير لجنوب السودان.
فشل الاشتراكية:
الدكتور حسن حامد مشيكة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم يرى أن نظام مايو كان حكماً عسكرياً انقلب على الديمقراطية الثانية وحاول بناء نظام حكم اشتراكي على نمط الاتحاد السوفيتي، ولكن النظام في بدايته واجهته صعوبات في تطبيق الاشتراكية على مجتمع يملك قيم راسخة من العادات والتقاليد الاجتماعية، الأمر الذي جعل الضباط الموالين للحزب الشيوعي أن يقوموا بانقلاب عسكري مضاد لنظام الحكم الذي اتبعه جعفر محمد نميري، لكن الانقلاب فشل وشكّل نقطة مفاصلة نهائية بين نظام نميري والحزب الشيوعي الذي حاكم قادته بالإعدام وزج بأعداد كبيرة منهم في السجون وطرد العاملين الموالين للحزب الشيوعي عن مؤسسات الدولة.. واتجه نظام نميري نحو إقامة دولة رأسمالية علمانية بدلاً عن النظام الاشتراكي الذي بشّر به عند بداية الانقلاب.
ويضيف د. مشيكة أن شخصية نميري المزاجية التكوين جعلته ينتقل بين عدة نظم للحكم كالاشتراكية والعلمانية، ثم النظام الإسلامي الذي أعلن بموجبه تطبيق الشريعة الإسلامية وتنصيب نفسه أماماً للمسلمين في السودان.. ففلسفة الحكم في نظام مايو تقوم على شخصية الرئيس نميري الذي أنشأ الاتحاد الاشتراكي من أجله، فالتكوين النفسي لجعفر نميري سلطوي يسعى لوضع نفسه في الريادة، ولذلك ينقلب حسب الظروف المواتية.. كما اعتمد نميري بصورة كبيرة على منظري الثورة الثلاثة جعفر محمد علي بخيت مهندس قوانين الحكم الشعبي المحلي ود. عمر الحاج موسى ود. منصور خالد الذين كانوا يلهمون نميري بالأفكار والآراء التي تجعله يستمر في الحكم. فنظام مايو لم تكن له أهداف تصب في المصلحة العامة، ولكن كانت هناك مصالح تجعمع الذين يشكلون حاشية الرئيس، الأمر الذي جعل النظام لا يستقر على فلسفة محدودة لإدارة شؤون البلاد، ولذلك حتى النظام الإسلامي الذي تبناه نميري حاول الانقلاب عليه قبل اندلاع الثورة الشعبية التي أطاحت به وجعلته يعيش في المنفى لعدة سنوات قبل أن يقرر العودة مجدداً للسودان لأسباب صحية.
ويواصل د. مشيكة: فترة حكم مايو التي امتدت لستة عشر عاماً كانت مليئة بالتناقضات السياسية التي أثرت على استقرار البلاد فقيام الاتحاد الاشتراكي الذي هيمن على مفاصل الدولة قضى على الخدمة المدنية بصورة كبيرة، وحدث خلط بين إدارة الاتحاد الاشتراكي الذي صرفت عليه أموال هائلة وإدارة الدولة التي تتطلب بناء مؤسسة مدنية قومية فانهار النظام الإداري والمالي للدولة بصورة شبه كاملة.
بينما يرى د. مشيكة أن تطبيق الشريعة الإسلامية في عام 1983 من أهم انجازات نميري، رغم الأخطاء التي صاحبت عمليات التطبيق، فالشريعة أعادت للدولة هيبتها بإغلاق البارات وتدمير مستودعات الخمور.. ولكن د. مشيكة يعتقد أن من الأخطاء التي وقع فيها نميري تدمير الخدمة المدنية في بداية عهده بحجة تطهير الخدمة المدنية من «الرجعية» الذين يرفضون النظام الاشتراكي بصفة عامة، ولذلك فقدت الدولة كفاءات الخدمة المدنية دفعة واحدة.. ويستدرك د. مشيكة أن نظام نميري اهتم بالتعليم، حيث تبنى المزيد من المدارس ووفر الكتب المدرسية مجاناً ورفع رواتب المعلمين، ولذلك كانت فترة حكمه أكثر فترة شهدت استقراراً في التعليم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.