واليوم.. نكتب عن الشعر والإبداع والأدب.. ونقول أولاً وقبل «كل حساب» إنه ما من أمة مشت على ظهر هذه الأرض.. برعت وتفننت.. وأزهرت وأينعت.. في دروب الخطابة ودهاليز وحياض الشعر.. وضروب وفنون النثر مثل الأمة العربية.. لقد تركت الأمة العربية قاطبة.. لا أستثني أحداً.. ولا أخرج من هذه «الهيصة» أمة ، تركت هذه الأمة كل شيء من نهضة وحضارة.. وصحة وتعليم.. وإقامة صروح صناعة.. ومروج زراعة تركت كل هذا واتجهت مباشرة إلى الخطب الرنانة والخطابة الفتانة.. والأشعار الملتهبة وتسجيل البطولات الوهمية.. وخوض المبارك الدينكشوتية.. وأنظر حولك تجد أن كل انتصاراتنا فقط في الشعر والنثر والورق.. ومثال حي ماثل أمام الجمع والجميع.. والأمة العربية من أقصاها إلى أقطارها.. تنشر وتتغزل.. وتمدح وتمتدح.. وتقسم برافع السماء بلا عمد.. أن دمشق هي عاصمة الصمود والتصدي.. ولا أعرف لها صموداً واحداً.. ولا تصدياً فريداً.. والجولان لا تعربد فيها أحذية الإسرائيليين فحسب.. بل تشق تراكتورات المزارعين الصهاينة تربة الجولان «وتطعمها بالبذور» ثم تحصد الثمار وتبيعها الى سوريا عبر وسيط وهو دولة ثالثة.. وأرجع ببصرك كرة أخرى.. وأجمع ما قيل عن «صدام» عبر أطنان الورق.. وبحار المداد والأميال «المرصوصة» من الكلمات والفراسخ الممتدة من أشعار التمجيد بل التأليه وكيف أنه الوحيد القادر على تحرير القدس.. حتى فاجأنا الرجل أن الطريق الى تل أبيب يمر بالكويت... ياله من وجع.. وياله من حزن.. ويالها من فضيحة ان تستمع إلى «طنين» هذه الأمة شعراً أو نثراً.. لاحظوا أني لم أكتب كلمة واحدة عن السودان.. وهي «بلادنا جميلة فاتنانا عليها يجب تفانينا».. وأسألوا عننا التاريخ يروي الحق ويرضينا.. ولا أود أن «أعذبكم» وأحيل ابتساماتكم إلى بكاء ونحيب.. أو استهزاء وسخرية وأنا «أجر» عقارب الساعة إلى الوراء.. لأدير لكم أسطوانات أولئك الأحبة الذين كانوا يطلون علينا عبر شاشات التلفزيون ومكرفونات الإذاعة وهم يهدرون ويرعدون.. ويفترون على الشعب كذباً.. وهم يتغنون أمريكا روسيا قد دنا عذابها... وهاهي أمريكا.. أقرب إلى هؤلاء الأحبة من حبل الوريد.. وهاهم يخطبون ودها.. ويبذلون الغالي والنفيس.. وفي «قومة نفس» أن ترضي وتحن وتقيم معهم علاقات طيبة وودية.. بل يستجدون عبر دبلوماسية ماكوكية نشطة آملين أن ترفع اسم السودان من قائمة الإرهاب.. «شفت كيف» وأين كل ذلك من دنو عذابها... أما روسيا.. تلك التي دنا عذابها فقد صارت هي الحليف.. والأمل.. وخط الدفاع الأمامي الصدامي.. مساندة ومؤازرة و«درقة» في مجلس الأمن لحماية البلاد من أي قرار يضر بالوطن.. وهل نحدثكم عن نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع لأنكأ جراحكم التي لم تندمل.. منذ أمد وآماد بل منذ سنين وسنوات.. فقد أكلنا من الهند حتى البيض ومن الصين حتى التوم ومن الحبشة حتى الطماطم ومن هولندا حتى اللبن ومن كندا حتى القمح ومازلنا نلبس أحبتي من الصين وكوريا وتركيا ويا للمهانة حتي من باكستان.. وأزيدكم بيتاً من الشعر بأن «الدمورية» التي كانت تتدفق ملايين يارداتها من مصانع بحري.. والحصاحيصا وشندي هاهي تتدلل وتأتي مكللة من دمشق التي يقال عليها عاصمة الصمود والتصدي.. أما الذي يثير الوجع ويسترعي الفزع.. هو صوت مغني الثورة.. في تلك الأيام العاصفة «حكمنا شريعة وتاني مافي طريقة لي حكم علماني»... يا راجل... كيف ذلك.. وهل هناك علمانية أكثر من أن نائب الرئيس شخصياً في فترة من الزمان كان علمانياً صوت وصورة.. طلعة ومنظر... وكيف كان يتجول الرفيق «سلفا» في ردهات القصر المكسوة بالموكيت أعرف أن هناك من «ينط لي في حلقي» ليقول إن ذلك وفاء والتزاماً ببنود اتفاقية نيفاشا التي أشاعت السلام وأوقفت الحرب وحقنت الدماء.. «طيب» ماذا تقولون في ذاك القرض الربوي.. بل القروض الربوية التي بدأت الحكومة تدخلها في بطوننا ونحن ندري فقد ارتفع صوت المدافعين والمعارضين تحت قبة البرلمان.. لا يقل لي أحد إنه امتثال لفقه الضرورة والضرورات تبيح المحظورات... فقد قالت الدكتورة الشجاعة.. وفي تلك الجلسة العاصفة.. الدكتورة عائشة الغبشاوي.. إنه «لا في ضرورة ولا حاجة» وختاماً أحبتي إني قد ضمرت للنيل هجراناً منذ قيل لي التمساح في النيل... أي أنه ومن اليوم و«لي قدام» لن أقرأ بالعربية شعراً ولا نثراً.. ولن استمع إلى أي خطاب أو خطابة.. وبكرة مع بيت شعر من الأدب الأوربي... لتعرفوا الفرق...