بعكس كل خميس سابق في نهاية الأسبوع، كان يوم الأمس حافلاً بعمل كثير ومتابعات متلاحقة، وكان أبرز ما فيه إنطلاقة أعمال المؤتمر التنشيطي العام الثالث، للمؤتمر الوطني، وخطاب رئيس المؤتمر السيد المشير عمر حسن أحمد البشير، وقد انتشر محررو ومحررات الصحيفة يوم أمس داخل القاعة الكبرى وانتشروا في فناء المركز العام للمؤتمر العام للمؤتمر الوطني، يتابعون ويرصدون وينقلون الأحداث، مدعمين ذلك بالصور. ثم ظللنا نتابع تداعيات نشر خبر الترقيات والإحالات داخل قيادة الشرطة، وقد جاءت كل صحيفة بمجموعة من الأسماء والرتب والوظائف، بعضها صحيح وكثير منها خطأ، وقد تحدثت لأخي سعادة اللواء السر أحمد عمر، مدير الإعلام الذي نعتبره صديقاً وزميلاً عزيزاً، وقد ورد اسمه ضمن مجموعة الضباط المحالين، وهو ليس كذلك، وقد كان ساخراً - كعادته - وقال لي إنه أوشك أن يغلق هاتفه من كثرة الاتصالات التي وردت إليه، وتساءل عن أهمية نشر أسماء الضباط الذين تضمنتهم كشوفات الترقي أو الإحالة للتقاعد، فقلت له إن جهاز الشرطة من الأجهزة المتصلة بحياة الناس وأمنهم وسلامتهم لذلك يهتم الناس بأي تغييرات تطرأ على قيادة الشرطة، ويهتمون بأمر الترقيات، يسعدون ويحبطون، لكنهم لا يملكون إلا الامتثال لقرارات لا تأتي بما يتمنون. وقد ورد إحالة اثنين من أكفأ ضباط الشرطة إلى التقاعد، وهما مازالا في الخدمة حقاً، الأول هو سعادة الأخ الفريق محمد الحافظ والثاني هو اللواء حمدي الخليفة، ولكن ماذا تفعل الصحف مع مصادرها داخل بعض المؤسسات، وهي - أي المصادر - تقدم معلومات إما خاطئة أو منقوصة، لذلك نرى أنه من الواجب علينا أن نعتذر عن أخطاء لا يد لنا فيها ولاصدقائنا الذين أحالتهم المعلومات الخاطئة إلى التقاعد، لهم العتبى. وغير ذلك كان يوم الأمس مزدحماً بتفاصيل عمل دقيقة وكثيرة قد لا تهم قاريء هذه المادة كثيراً، لكنها تُشغل كاتبها ولا تترك له مساحة من الزمن أو الصفحات ليكتب من خلالها ما نوى أن يكتب عنه، لذلك رأينا تأجيل الكتابة عن الفكرة التي إختمرت لدينا إلى يوم الغد.. ورأينا أن نفسح جانباً من هذه الزاوية، لمادة بعث بها إلينا سعادة السفير البريطاني بالخرطوم عن طريق البريد الألكتروني، ونحسب أن نشرها سيكون مهماً، ويعكس وجهة نظر سفير يهتم بأمر السودان ويرى نفسه صديقاً له.. .. و.. جمعة مباركة احدث مدونة للسفير البريطاني بالخرطوم الشعب هو الأهم سمك مقلي، فول، طعمية، كسرة، عصيدة ورغيف حارتشكل إفطاراً جيداً ليوم الجمعة. الجلوس على ضفاف النيل الأزرق والإستمتاع بالكرم السوداني الأصيل في يوم معتدل الحرارة، يجعلك تظن أن الخرطوم أكثر مدينة بلا هموم في العالم. بالتأكيد فإن بعض الضغوط التي كتبت عنها في مطلع أكتوبر قد إنحسرت قليلاً حيث إنخفضت نسبة التضخم من 20.7% إلى 19.8% ويرجع ذلك جزئياً الى إنخفاض أسعار المواد الغذائية الموسمية. وبالتأكيد فقد إنخفضت درجة الحرارة في الخارج. لكن تحت هذا الهدوء السطحي، فإن العديد من السودانيين قلقين ولا ينحصر هذا القلق في السودان فقط . بل إن تغييراً كبيراً يحدث حولنا من جميع الجهات. ففي أوربا تغيرت حكومتان في منظومة دول الإتحاد الأوربي بسبب الأزمة الاقتصادية و تسنم التكنوقراط صهوة السلطة بدلاً من السياسيين المحترفين .قريباً من السودان، قامت جامعة الدول العربية بإتخاذ موقف قوي ومرحب به حول سوريا .لقد قرأنا أن السودان نفسه قد لعب دوراً محورياً في إقناع دولتين إفريقيتين شقيقتين للوقوف مع هذا الإجماع. وفي أنحاء أخرى من المنطقة، فان الصومال قد أصبحت محط إهتمام دولي أكبر كما أعلنت المملكة المتحدة عن تنظيم مؤتمر دولي حول الصومال في لندن في فبراير القادم هنا في الخرطوم إستضافت الحكومة في الأسبوع الماضي الرئيس الصومالي. السودان مثل المملكة المتحدة من الداعمين القويين للحكومة الفدرالية الإنتقالية بالصومال. وكما هو الأمر في حالة ليبيا و الآن سوريا، نجد أن السودان والمملكة المتحدة في كثير من الأحيان يتفقان في وجهات النظر حول القضايا الإقليمية بما في ذلك أهمية أن تستمع الحكومات للمطالب المشروعي لشعوبها. هكذا تعمل الديمقراطية و كذلك الحال بالنسبة للنمو للسكاني. ولعل أكبر تغيير حدث هذا الأسبوع هو تجاوز عدد سكان العالم حاجز ال 7 بليون نسمة. وحسب الأممالمتحدة ، فان أكثر مناطق العالم «إرتفاعاً في الخصوبة » هي دول أفريقيا جنوب الصحراء. ولعل النمو السكاني يدفعنا للتفكير في المستقبل . فإذا إستمرينا في إضافة بليون نسمة للكوكب في كل جيل، فكم سيكون العدد خلال الخمس أو العشر أو حتى الخمس عشرة سنوات القادمات ؟ معدل النمو السكاني للسودان ليس من بين الأرقام المذهلة او المزعجة حتى الآن . ولكن هناك رقم واحد أذهلني وهو الرقم الذي يشير إلى أن 50% من سكان السودان تحت سن التاسعة عشر كما يقال . لقد ظللت أفكر في هذا الأمر كلما جاء الحديث عن أفضل الطرق لتعاون المملكة المتحدة والسودان في السنوات القادمة، وبمقولة أخرى الخيارات التي ستواجهنا في كيفية إقامة علاقتنا السياسية والتنموية والدفاعية من الآن وحتى 2015. هذه النقاشات ليست سهلة لأن المنظور المستقبلي غالباً ما يصطدم بالمشاكل الآنية ذات الطبيعة العاجلة والطارئة سواء أن كانت تلك هي النزاعات الدائرة على الحدود مع دولة جنوب السودان والتحديات الإنسانية الناتجة عنها، أو انعكاسات فقدان عائدات النفط أو إعادة تشكيل الحكومة بالخرطوم أو رياح التغيير الواسعة التي تهب على المنطقة . وبينما أن كل هذه القضايا هامة فإن بعضها خارج عن سيطرتنا . لأننا ببساطة لا نستطيع أن نجزم بشكل الحكومة في الخرطوم في عام 2015 أو حتى شكل علاقتها مع جوبا. لكننا نستطيع أن نقول بقدر معقول من التأكد كيف سيكون شكل النمو السكاني في 2015. ومن خلال بعض الدراسات الحديثة والإحصاءات المتوفرة فان التركيبة السكانية لسودان 2015 سيغلب عليها عنصرالشباب الذين يعيشون في المدن ويكافحون من أجل تلبية إحتياجاتهم. ذلك هوالواقع التي يتوجب على سياساتنا أن تخاطبه الآن و ليس بعد أربع سنوات.