كنت أظن أن الكتابة «مخاض عسير» حتى ولو مارسها الكاتب كل يوم.. وهي من أصعب المهن لأنها تعتمد على المخزون الفكري.. والثقافي.. وكيفية توظيفه.. وتكمن صعوبتها في أنها تخاطب الطبقة المستنيرة المثقفة «فالجاهل لا يهتم بقراءة الصحف».. التي تحدد للكاتب شكل وهوية «إستايل» محدد.. وفقاً لما يكتب.. ولكنني وجدت العمل في الاعلام المريء.. أو التلفزيون غاية في الصعوبة ويحتاج ليس فقط لفكر وثقافة.. بل لاعمال كل الحواس.. فالكاميرا.. راصد دقيق لكل هنة.. هفوة.. غلطة.. تعبير.. كلمة.. اكتشفت في العمل التلفزيوني في هذه الفترة البسيطة.. من خلال برنامجي «من العمق» على قناة الخرطوم الفضائية بأنه عمل جماعي يقف خلفه.. «تيم» مقدر يفوق العشرة أشخاص.. يبذل جهداً بالأيام والساعات لتظهر الحلقة التي يراها المشاهد في مدة ساعة أو أقل.. ويظهر فيها مقدم البرنامج.. بصورة باهية.. لا تعكس مرارة وصعوبة العمل خلف الكواليس.. وقناة الخرطوم الفضائية.. التي تعمل ادارتها ليل نهار بقيادة الأستاذ «عابد سيد أحمد».. الذي لا يترك صغيرة ولا كبيرة بحثاً عن التجويد والتجديد والابداع.. قد رسمت ملامحها بقوة في خارطة الفضائيات.. وحقيقة كنت أظن بحكم أنها قناة وليدة.. بأن البرنامج الذي اقدمه قد لا يشاهده عدد كبير من الناس ولكنني والحق يقال قد فوجئت بسيل المكالمات والهواتف.. والايميلات.. وحتى التعليقات المرسلة على القناة من السودان وخارج السودان.. خصوصاً السعودية والإمارات.. وبقدر ما اسعدني ذلك.. بقدر ما جعلني اتوجس خيفة أن نعكس شكلا غير مشرف أو مشرق على مستوى التقنيات والديكورات التي تحتاجها القناة.. وأنا هنا اليوم اكتب بواجبي الصحفي المهني وليس من جانب أنني أعمل ضمن طاقمها.. فالقناة محتاجة لدعم كبير من ولاية الخرطوم طالما أنها القناة التي تمثلها.. وموظفوها ايضاً محتاجون للرضا الوظيفي.. حتى يستطيعوا أداء عملهم على الوجه الأكمل. ü زاوية أخيرة قناة الخرطوم صنعت من الفسيخ «جاتوه».. بامكانات ضعيفة.. وطاقة بشرية هائلة.. قناة ولاية الخرطوم خضراء بطاقمها.. نظيفة من الموارد..!!