واليوم يا أحبة ننيخ رواحلنا في مضارب اعلام المؤتمر الوطني.. وتحديداً أمام خيمة «الناس الكبار» لأنه لو كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجساد.. نجلس تماماً قبالة البروف غندور و«نتربع» أمام الدكتور مصطفى إسماعيل.. ونجلس كتفاً بكتف مع الصديق ياسر يوسف لأقدم أمامهم شكوتي وشكري.. ولست مثل «وردي» الذي ابتدر النجوى بالشكوى.. أنا سأبدأ بالمقلوب.. لأنثر بدائع وروائع.. ومباهج شكري.. الذي هو ليس لأي أحد من هؤلاء النجوم الآنفة ذكرهم من أقمار المؤتمر الوطني.. أنثر شكري لإخوة أعزاء من نفس قبيلة المؤتمر الوطني والذين ترجلوا أخيراً من صهوة جيادهم وكانت جياداً ما لهن قوائم.. فقد كانت دعواتهم لي لحضور أي احتفال على ضفاف الانجاز.. تأتي وكأنها مكتوبة على قشر البرتقال.. وكأن مدادها من عصير صفق الورود.. تأتي مشتملة بل مشتعلة بالإلحاح والطرق الدؤوب لتلبية دعواتهم.. رغم إنهم يعرفون تماماً إني لست من «إخوانهم» في المؤتمر الوطني.. ويعلمون أكثر إني في الضفة الأخرى من النهر.. بل يعلمون في يقين إني والمؤتمر الوطني.. خطان متوازيان لا يلتقيان إلا على كراسة بليد.. ولكنهم يفرقون مثلي تماماً بين الوطن والوطني.. إذا دعوني أحني هامتي وقامتي للدكتور عوض الجاز ذاك الذي لا يكتفي مطلقاً بإرسال دعوة باردة لمرافقته إلى أي حقل من حقول الانتاج بل كانت الدعوة تأتي مصحوبة بمهاتفة رائعة وراقية من الاستاذة شادية عربي تذكيراً والحاحاً على تلبية الدعوة.. وأذهب مباشرة إلى الأستاذ كمال عبد اللطيف.. الذي يجعلني أقسم بالشعب والأيام الصعبة إن دعوة واحدة لم تتخطاني وهو وزير مجلس الوزراء.. ولم يتخل عن دعواته الملحاحة وهو وزيراً لتنمية الموارد البشرية وكذا كان الحال عندما أصبح وزيراً للمعادن.. وهل يغفل قلمي ذكرى ذاك الاحترام الشاسع والشاهق الذي كنت أجده من الاستاذ أسامة عبد الله.. ذاك الذي لازمته كظله لأصبح شاهداً لسد مروي منذ أن كان خطوطاً على صخور ورمال مروي حتى أصبح جسداً هائلاً ومهولاً يتمدد كما الوحش على مجرى النيل العظيم.. بالمناسبة لم أكن مطبلاً ولا حارقاً للبخور أو متمسحاً ببلاط أي من هؤلاء.. فقد كنت أكتب بروائع وسعادة الحروف عند الإجادة.. وأكتب بأطراف أسنة وخناجر عندما أرى تقصيراً أو قبحاً أو ظلالاً من التشويه على وجه اللوحة.. أذكر جيداً الاستاذ أسامة قد اجتاحته مرة غضبة مضرية من حروف كتبتها يوماً عن انجازاته وقلت يومها إن الانسان أغلى وأعلى من الحجر وأن أي نفس أغلى ألف مرة من حتى السد نفسه.. نعم غضب الرجل حينها ولكن «لو تصدقوا» فقد كنت مرافقاً له ولهم في أول رحلة إلى مروي بعد المغاضبة تلك.. هؤلاء كانوا رجالاً شملوني ببالغ عنايتهم وأعادوا لي ثقة كدت أفتقدها بل أشعروني بأني مواطن سوداني كامل المواطنة لي ما لهم في هذا الوطن الجميل.. المهم فقد كنت أبداً «معزوماً» وملبياً لتلك الدعوات الهاطلة كالمطر حتى خشيت على نفسي وعلى قدمي أن تنزلق في بحيرة «الإخوان» التي تعج بالمفترس من الحيتان.. إنتهى الشكر والآن يا أحبتي نجوم المؤتمر الوطني إليكم عتابي الذي آمل أن يكون أشد إيلاماً من عتاب الاعرابي الجلف الذي قال إذا الملك الجبار صعّر خده مشينا إليه بالسيوف نعاتبه ولكن قبل الابحار بكرة في نهركم الذي ضمرت له هجراناً فقد قيل لي التمساح في النيل.. قبل ذلك دعوني اسألكم ما هي المعايير التي تدعون فيها بعض الكتاب لحضور فعالياتكم أو مؤتمراتكم الصحفية..؟؟ بكره نتلاقى