اتحفنا الاستاذ المربي الكبير استاذنا عبد العزيز جبورة بما كتبه عن مدينة بربر واهلها الكرام ومجتمعها المتماسك الغيور صاحب الاخلاق والعفاف والسلوك الحسن. واليوم ارجو ان يسمح لي الاستاذ ان اشاركه كأحد ابناء الرباطاب الذين تلقوا تعليمهم المتوسط في بربر الاميرية في داخليتها ذات اللالوب الاخضر. تميزت بربر بخاصية التعليم وايواء ابناء الريف حولها ولها ثلاث مدارس متوسطة وهي الاميرية والاهلية والمعهد العلمي وكانت المنافسة الصعبة في ذلك الزمان. الا ان كرم اهل بربر لم يتوقف عند الطعام والكساء والايواء، حتى التعليم كانوا يتركون لنا الاميرية ذات الداخلية لابناء الأرياف الرباطاب، والباوقة، وجنوب بربر ويتجه ابناءالمدينة الى الاهلية، اما من لم يجد فرصته في الداخلية فإن اهل بربر يتقدمون لايوائه دون سابق معرفة فضلاً وكرماً واحساناً، مما جعل الارتباط كبيراً بين ابناء الرباطاب واهل بربر، دعوني اذكر بعض المواقف لاهل بربر ومجتمعها الفاضل اذكر اننا خرجنا مجموعة من ابناء الرباطاب يوم جمعة قررنا زيارة الشيخ عبد العزيز فرج رحمه الله كان تاجراً مرموقاً ذائع الصيت، ترد صناديق الشاي من الهند ومكتوباً عليه اسمه باعتباره مورداً رئيسياً لهذه السلعة. عند زيارتنا له وجدناه شيخاً كبيراً يجلس على «عنقريب» وله موظفون واداريون يقومون بالعمل. حيانا تحية طيبة وسألنا عن اهلها وقلنا له اننا نسكن الداخلية وجئنا لزيارتك ولم يكن لنا قصد غير اننا نريد ان نرى هذا الرجل الذي كتب اسمه على صناديق الشاي، فاذا به يرحب بنا كل هذا الترحيب ويصدر تعليماته الى مدير اعماله عبد القادر ابو قصيصة بأن يعطي كل واحد منا مبلغاً من المال تم توزيعه بالتساوي بيننا واصر على ذلك رغم عدم حاجتنا، واذا بنا نعود كما عاد شاعرنا محمد المهدي المجذوب من ليلة المولد. دعوني اذكر الحاجة الشيخة زهراء بت ود ابشر وهي من سلالة الخضّاب لهم نسب من الاشراف تزوج احدى بناتها ابن العمدة مصطفى سليمان ابو حجل من الرباطاب، كانت الحاجة زهراء لها دار كبيرة وام لعدد من البنات والاولاد الا انها اوت عدداً لا يستهان به من ابناء وبنات الرباطاب كانت الذرة تأتيها من نصيبها من الجزيرة وكانت لا تبيعها بل للطحين وانفاقها على من جاء زائراً ولمن يسكن معها وكنا يوم الجمعة نذهب لدارها لتناول طعام الغداء وعندها كما كان لها مبلغ تعطيه لطالب العلم وامثالها كثيرون «رحم الله الحاجة زهراء». الحديث عن بربر لا يسع المجال للكتابة عنه ولا يمكن ان نوفي لبربر حقها فهي مدينة العلم والسلوك الحسن ورجال ما بدلوا تبديلا وحتى نساءه وشبابها لم يجد المغني غير ان يقول «الحياة والعفاف يا بنات بربر» فهذه حقيقة واذكر ابناء جيلي كيف أننا دمرنا واحرقنا البار المقترح في عام 1964 اكتوبر، وحولنا رجالات بربر وشيوخها يرفعون التكبير ويدفعون الشباب فلم تستطع تلك الخمارة ان تواصل نشاطها فدمرتها مآذن بربر ومن حولها الغبش وكدباس وود الفكي علي، ويطل علينا في هذا الزمان فجر الشيخ عبد الله البدري اضافة كبرى للعمل الصالح، ان بربر تعرضت لظلم ولا يمكن ان يسكت عليه فواعجبي لمدينة مثل بربر يعرفها التاريخ من اعرق مدن السودان ولا يوجد بها سجن لانها بلا مجرمين، بربر المدينة بلا فنادق لان دواوينها المتسعة المفتوحة للجميع لا تترك ضيفاً بلا مأوى، بربر منازلها بلا اسلاك شائكة لانه لا لصوص يتسوروها ليلاً، انه ليؤسفني ان تكون كل البنيات التحتية في بربر من عهد الانجليز وارى ان اي اضافة حدثت في بربر لم تكن بالمستوى المطلوب. دعوني اسأل كم عدد المعلمين الذين حملوا راية التعليم وخرجوا من بربر للارياف والبوادي والجزر! كم عدد الممرضين والمساعدين الطبيين الذين خرجوا منها دعك من موظفي السكة حديد وموظفي الحكومات المحلية والمرافق الاخرى.. بعد هذا للحديث المتواضع اصرخ في اذن كل من له اذن صاغية وله عهد مع بربر ان يشد من اذر بربر وكل ابنائها ومن حولها من القرى من كنوز حتى المناصير ان تقوم جمعية بربر للتعمير، فهي مدينة علم لا غير ويكفي جهد رجل واحد مثل الشيخ عبد الله البدري ان يؤسس جامعة مقصودة من الطلاب فكيف اذاً تكاتف الجميع وقرروا رفع الظلم عن بربر. نحن قوم لا نرفع السلاح في وجه الاخرين ولا نعرف التمرد ولا نعرف الخروج على حكامنا ان اغلق الحاكم بابه في وجهنا رجعنا واقتسمنا فيما بيننا بالسوية. بربر مدينة علم نرفع الصيحة هكذا وننادي جميع ابنائها في دول المهجر وننادى على المستوى القومي والعالمي وننادي المنظمات العالمية والاقليمية وعلينا جميعاً ان يكون هناك جهد ملموس نواصل به سعي الاجداد الذين استطاعوا رغم قوة المستعمر ان يوسسوا لنا فيها التعليم والعلاج والعدالة والادارة وكل ما يحتاجه الانسان السليم. وفي حديث اخر احدثكم عن استاذي وشيخي وقرة عيني الاستاذ الدكتور العلامة محمد الامين الغبشاوي رحمه الله. ü معلم سابق