على المُحبطين من أرباب الإبداعات و المدافعين عن القيّم النبيلة و المقدسة للفنون و الأداب و الجمال ، ألا يحزنوا فإن غداً لناظرهَ قريب ، فطبيعة الكون و فطرته تأبى إلا أن تسود ، فالحق لابد أن ينجلي يوماً مضيئاً أركان الظلام ، و لهم أن لا يستغربوا رغم ما آل إليه أمر تطور العلوم و الإتجاهات الفكرية للبشر و إتساع دائرة النشر و يسر الحصول على المعلومه أن يوجد حتى الآن نفرٌ من الناس يعتقد أن الفن مضيعة للوقت و الآدب ترهات من عمل الشيطان ، و الإبداع خروج عن العادة و المنطق ، وكل من يهتم بمثل تلك المجالات إنما هو زنديق و (صعلوك) ، علينا نحن أهل الإفتخار بالفن و الإبداع و الجمال أن نزكي ذاتنا من روح الإيمان بالخالق لأنه جلّ وعلا ( جميل يحب الجمال ) ، علينا أن نستقي حكمة الله في خلقه للكون وفقاً لآيات من التناسق في الحس و الروح ، دفعت إلى تكامل الكائنات و الجمادات و الفضاء على عقد جماعي كنههُ الجمال و الإبداع فهو البديع الخالق و هو العزيز الحكيم ، فالحكمة في خلقه مدعاة للتوافق و التناسق تحت طائلة الجمال و الحسن البديع في الأشياء و قد كان أولها الإنسان ( وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) ، إنه لمن المحزن أن يظل عالمنا الفكري المحلي حتى الآن يبذل جهداً في النقاش البيزنطي حول مجموعة المسلمات التي تجاوزها الفكر الإنساني منذ أمد بعيد أما بالإيمان و العقيدة و أما بالعلم و التجربة ، فكيف لهؤلاء أن يغضوا الطرف عن حكمة خلق الله للأشياء بألوانها المختلفة و أشكالها المستقلة ، و كيف لآذانهم ان يصيبها الصمم عن موسيقى تناغم الكون و آلاتها المتواترة من رياح و هدير موج و خرير مياه و أصوات كائنات حية وغيرها ، كيف لهم أن يغفلوا سيمفونية الكون التي هي من صنع الخالق البديع ، وهل للإنسان مناص من أن يتأثر و يغوص بدنياً و روحياً في ثنايا بيئته و كونه الذي يحوي آماله و أحلامه و إبداعاته التي هي أساس وظيفته الحيويه المتعلقة ببقائه على قيد الحياة ، لقد خلق الله سبحانه و تعالى العقل في الإنسان ليفكر و يختلف و يبدع ، وتعمير الأرض لا يتاتى بلا الفن و الإبداع و الادب والعلم ، و من إعتقد أن إنقطاع الإنسان للعبادة دون تعمير للارض هو جل ما كَلفه ربه به فقد وقع في فخ نبذه الدين الإسلامي متمثلاً في الرهبانية والبوهيمية العقدية ، و اللتان والعياذ بالله لم تكون من صفات الأنبياء و الرسل فقد كانوا يمارسون حياتهم كسائر البشر و ، و يحبون النظافة و الجمال و الترتيب و النظام و التخطيط ، ففي كل ذلك جمال و فن و إبداع و أدب ، هيهات للإنسان أن يغالط إتجاهات جنوحه الروحي نحو ما جبله عليه خالق الكون بالفطره ، لأن الفن و الجمال و الأدب حاجة إنسانية ملحة شأنها و الطعام و الكساء و السكن ، لا يستقيم تكوينه البدني و الروحي دونها و...الله أعلم.