مصارعة الحياة والواقع المجافي إلى جانب تدهور الأوضاع الاقتصادية جعل الكثيرين من المغلوبين على أمرهم أن يختاروا ركناً قصياً بسوق الأحد والاربعاء بالدروشاب بمحلية بحري، بعد أن عجزت الدولة عن توفير وظائف لتأمين الحياة الكريمة لتعينهم على سد فجوتهم الاقتصادية وتربية أبنائهم، بعيداً عن التسول ومد أيديهم إلى الغير، إلا أن العاملين بالسوق تفاجأوا بعد مرور (14) عاماً من اقامة السوق بقرار إزالة، بحجة أن الأراضي الموجود عليها عبارة عن مخطط سكني، وبعد الإزالة تجاهلت المحلية الكم الهائل من المتضررين الذين لديهم التزامات أخرى، دون أن توفر البديل طبقاً لافاداتهم، واستنكروا مماطلة المعتمد بارجاع السوق بعد موافقة ملاك الأراضي باستئجارها لهم ليعاود ال(1200) عامل نشاطهم، والجدير بالذكر أن السوق يؤمه طالبو الإحتياجات من مختلف المناطق بالعاصمة والاقاليم.. (آخر لحظة) جلست مع المتضررين ووصلت جميع الأطراف الى حل، ولكن لمحلية بحري رأي مغاير فالى ما جاء بالتحقيق. رئيس لجنة السوق: المعتمد يماطل في إرجاع السوق بعد موافقة الملاك أصل الحكاية: يقول عضو لجنة السوق محمد عبد الشافع إن الاراضي المشيد عليها السوق تتبع لأسرة العربي ومستأجره من قبل محلية بحري، والتي وقعنا معها العقد في العام 2001م، وتفاجأنا بعد التوقيع باقاويل عن إزالة السوق بقرار من معتمد بحري الحالي وعقب علمنا توجهنا للمحلية باحثين عن البدائل، وتم اخطارنا بان الأرض بيعت لمستثمرين، وبعدها توجهنا للوحدة الإدارية بالدروشاب، وأخطرتنا بدورها بقرار الإزالة دون توفير البديل وقالوا لنا (اتصرفوا بمعرفتكم في البديل) وقال محمد إن الكثيرين لديهم تعاملات مع موردين، مما يجعلهم أمام أمر محرج لعدم التزامهم بسداد ماعليهم من ديون. أمر مفاجئ: أشار عضو اللجنة إلى حضورآليات جهاز حماية الأراضي في الأول من يناير في العام الجاري، وسألني أفراد الشرطة بإنذارنا بالإزالة، وبعد ذلك سلمونا إنذارات في الثانية عشرة من ذات اليوم مهلتها 24 ساعة فقط، وبالفعل تمت الإزالة لمن لم يزيل اغراضه بنفسه، وانتقد محمد قرار الإزالة قبل توفير البديل، وقال إن السوق به أشخاص خدموا الوطن ووصف القرار بالمتسرع والمجحف. ملاذنا الوحيد: قدمنا لوظائف عديدة لكن المحسوبية لعبت دورها وابعدتني من أي تقديم، مما دفعني للجوء إلى السوق، بهذه العبارة بدأ البائع أحمد فضيل، حيث أوضح أنه يعمل بالسوق منذ العام 2001م.. مشيراً الى أنه يوفر له ولأسرته التي تتكون من 10 أفراد بمراحل دراسية مختلفة حياة كريمة، إلا أن قرار الإزالة سبب لنا معاناة كبيرة في الحصول على لقمة العيش وأصبحنا نعاني في الحصول على الأكل والشرب والتعليم، بجانب منصرفات المنزل من إيجار وخدمات، وردد: (نحن لا حرامية ولا نصابين، طالبين رزق بالحلال)، مضيفاً الدولة عجزت عن توفير فرص عمل لنا وتلاحقنا فيما اخترناه، وطالب بمعالجة سريعة حتى يتسنى لهم العيش بكرامة بعيداً عن التسول والسرقة متسائلاً أنا كرجل استطيع العمل، ولكن ماذا يفعلن النساء اللاتي وضعتهن الظروف تحمل المسؤولية تجاه أسرهن؟ وذكر أن السوق استطاع أن يلبي كافة الاحتياجات للمواطنين وبأقل الأسعار حتى عربات البيع المخفض. وكشف رئيس لجنة السوق عبد المنعم مصطفى عن عدد الباعة بالسوق، والذي يبلغ 1200 فريش، بينهم أرامل وطلاب وكبار سن، يداومون على دفع ما عليهم من رسوم اسبوعياً لمحلية بحري تصل ل(4) آلاف جنيه، وأكد على عدم وصوله أي شكاوى تتعلق بازعاج أو عدم رضا الجيران، ونوه إلى تكريمهم بشهادات شكر من الجهات العليا بعد دعمهم للبلاد في النفرات وفي أي طارئ. مماطلة: أشار رئيس اللجنة إلى إحضارهم لأحد الملاك للمحلية وكتابته لإقرار يوضح ملكيته لسبعة فدان، وعدم ممانعته من استئجارها للباعة بالسوق، في عقب الإزالة مباشرةً وأبان أن هناك رفضاً ومماطلة من معتمد محلية بحري، دون ابداء أية أسباب بالرغم من دخولنا في الشهر الثالث، وطالب الجهات المعنية بتوفير البدائل والنظر إلى رعاياها المتضررين من جميع الفئات أرامل وأيتام، ومعاقين، ومحتاجين حتى لا يُسألوا عنهم يوم الحساب. لا يوجد اي مانع (آخر لحظة) اتصلت هاتفياً بعدد من ملاك الأراضي بالموقع وأبدوا موافقتهم واستعدادهم لإستئجارها وعدم حاجتهم لها في الوقت الحالي، وأفادوا بأن المسؤولية على عاتق السلطات بمحلية الخرطوم بحري. مخطط سكني: أشار المهندس سليمان حسن بوحدة الدروشاب الإدارية إلى إزالة السوق بعد مطالبة ملاك بعض الأراضي بذلك لأن موقع السوق بأراضيهم وقال: إن هناك مخططاً سكنياً بموقعه، ونوه إلى علم لجنة السوق بالإزالة باعتبار أن السوق مؤقت، وأوضح مهندس الوحدة ذهابه بصحبة ضابط الوحدة الإدارية إلى احدى الأراضي بموقع السوق القديم بعد مخاطبة لجنته لمعتمد محلية بحري، بعد اتفاقهم مع أحد الملاك باستئجارأرضه، والذي بدوره حوله للوحدة للدراسة والإفادة، واستدرك بأنها لا تصلح نسبة لصغر مساحتها التي لا تتعدى ال(900) متراً ولا تستوعب الكم الهائل من الباعة، ولفت لوجود 120 سوقاً بالمنطقة، وقال إن إزالة السوق يضر الوحدة بفقدان أحد مواردها ولكن هناك قوانين تنظم وجود الاسواق. موانع: ومن جانبها أكدت الضابطة الإدارية بالوحدة على استحالة التصديق بسوق في هذه المساحة لأسباب عديدة، أولها عدم إنشاء حمامات أو ادخال خدمات في أراضي آخرين، ولفتت إلى شكاوى الجيران من استخدام الأراضي من قبل العمال بالسوق لقضاء حاجتهم، وهذا مخالف لمواصفات الأسواق التي تتطلب المساحة الكافية وقربها من شارع الأسفلت، وعند سؤال (آخر لحظة) عن امكانية التصديق بعد موافقة جميع الملاك أو توفير البديل أجابت، لا يمكن لأن الأرض مصدقة سكنية ولا يمكن تحويل غرضها إلى تجاري بسبب وجودها بوسط مدينة، وتحويل الغرض يكون بالشوارع الرئيسية، وأضافت نحن نسعى مع لجنة السوق لإيجاد البديل وفق المواصفات والإشتراطات. المحرر احتكام الباعة بالأسواق لسلع يفترشونها هو نتاج طبيعي للأزمات التي يعاني منها الكثيرون، وبالطبع ذلك وليد للظروف الإقتصادية الصعبة في ظل التفاوت الطبقي، والجدير بالذكر أن العاملين بالأسواق من الشرائح الضعيفة اجتماعياً واقتصادياً ودخلهم يكون (رزق اليوم باليوم) ويعتمد بعد الله على القوى الشرائية للمواطنين، مما يجعل دخلهم متذبذباً وغير ثابت.. وبالتالي هذا يؤثر على واقعهم المعيشي، والعاملون بسوق الدروشاب تضرروا من ترك العمل، فهم يرعون اطفالاً ويعولون أسراً، وما تزال معاناتهم مستمرة، فهل سيكون هناك تحرك من الجهات المعنية لحسم هذه المعضلة لحل مشاكلهم ووضع حد لمعاناتهم عبر إيجاد البديل؟!!.