جرت العادة أن نحتفي باليوم العالمي للسياحة كل عام في نفس اليوم المخصص له وهو السابع والعشرون من شهر سبتمبر.. ولكن شعار هذا العام 2015م وهو «بليون سائح.. بليون فرصة» يختلف تماماً عن الشعارات السابقة. هذا الشعار المهم جداً يعتبر خبراً ساراً وبشرى عظيمة لكل أجهزة ومؤسسات السياحة حول العالم في القطاعين العام والخاص.. لذا رأيت أن أسلط الضوء على مضمون وأهداف هذا الشعار قبل فترة من تاريخ اليوم العالمي حتى تلم قبيلة السياحة في المركز والولايات بمضمونه وأهدافه.. وبالتالي تستعد الاستعداد التام للترويج بالصورة المطلوبة خلال المعارض والندوات والمهرجانات ووسائط الإعلام المختلفة. إن السياحة صارت في عصرنا الحاضر صناعة كبرى تحتل المركز الثالث بعد الطاقة والاتصالات.. وأصبحت تجارة تصديرية تشكل أكبر بند منفرد في حركة التجارة الدولية.. وصار الاستثمار في قطاع السياحة يحتل المركز الأول في قائمة الاستثمارات المفضلة لدى المستثمرين ومؤسسات التمويل.. كل ذلك بجانب السياحة في التواصل الإنساني وتحقيق السلام وتعزيز الوحدة الوطنية.. كما تقوم بتخفيف حدة الفقر وتحقيق التوافق الاجتماعي في أي مكان. لا شك أن السياحة تساهم أيضاً في توفير فرص العمل للمواطنين وتسويق المنتجات الريفية من منتجات ألبان ولحوم وخضر وفاكهة وصناعات يدوية وغيرها.. ويساهم عائد النشاط السياحي من عملات حرة ومحلية في استيراد الدواء والأسمدة والتقاوي ووسائل النقل والمواصلات واستيراد مستلزمات البناء وغيرها.. ويساهم أيضاً في تجميل المدن وإصحاح البيئة ويمكن الحكومات من رصف الطرق وتوفير كافة الخدمات الأساسية التي يحتاج إليها الإنسان المعاصر من مياه نقية وطاقة وصحة وتعليم وأمن وغيره.. وتنمي السياحة في النفوس مشاعر الولاء للوطن إلى جانب احترام الأوطان الأخرى.. كما تربي الأجيال على حب الطبيعة والاعتزاز بالموارد والإمكانات السياحية في بلادهم وحمايتها من التلوث والتدمير. شعار هذا العام «بليون سائح.. بليون فرصة» يختلف تماماً عن أهداف ومضامين الشعارات السابقة التي أصدرتها منظمة السياحة العالمية UN/WTO منذ قيامها في الستينيات من القرن الماضي.. فالشعارات السابقة كانت تسلط الأضواء على أدوار مهمة تقوم بها السياحة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والإعلامية والصحية والسياسية.. وبعض الشعارات كانت تطرح حلولاً ومعالجات للمشاكل التي تعترض مسيرة السياحة أو تقدم مقترحات وتوصيات تساهم في ازدهار حركة السياحة بصورة عامة. الشعار المذكور يشير إلى أن عدد السياح حول العالم تجاوز المليار سائح في عام 2014م وأدى ذلك إلى خلق أكثر من مليار فرصة تختلف في تسميتها ونوعها وطبيعتها ووزنها الاقتصادي والاجتماعي.. فالسائح عندما يقرر إنفاذ جولة سياحية في بلده أو خارجها يدخل في سلسلة إنفاق تبدأ بقيمة تذكرة السفر جواً أو براً أو بحراً ثم يدخل في سلسلة اتفاقات أخرى كأجرة التاكسي أو الأتوبيس أو المترو من ميناء الوصول إلى منشأة الإقامة.. تأتي بعد ذلك نفقات الإقامة والإعاشة والترحيل الداخلي ورسوم دخول المتاحف والمسارح والمكتبات والمعارض ودور الرياضة وزيارة المواقع الأثرية والتاريخية والمناطق السياحية ونفقات شراء الصحف وخدمات الصيدليات ورسوم خدمات الاتصالات والمعلومات خلال فترة الإقامة في البلد المستضيف.. وكذلك نفقات شراء الهدايا التذكارية والمشروبات والأطعمة الخفيفة خارج منشأة الإقامة في المحلات العلمية مثل الكافتيريات والمطاعم والحدائق والمنتزهات العامة.. كل هذه المنشآت ترتبط ارتباطاً كبيراً بالصناعات الغذائية وبالمنتجات الريفية من منتجات ألبان ولحوم وخضر وفاكهة وغيرها.. كما ترتبط بكثير من الصناعات والأنشطة الأخرى. لا تقتصر الفرص في النشاط السياحي على الزيادة في تشييد مزيد من منشآت الإيواء.. ومراكز التسوق، والمحلات العامة.. وارتفاع عدد وسائل النقل السياحي.. ووكالات السفر والسياحة.. ومكاتب الاستعلامات والصرافة والصناعات الغذائية والصناعات الرئيسية والفرعية المتصلة بصناعة السياحة.. وهي تتجاوز 451 صناعة.. بل امتدت الفرص لتشمل صوالين الحلاقة.. ومحلات الكوافير وحمامات البخار ومراكز العلاج الطبيعي ومكتبات بيع الصور التذكارية ومستلزمات التصوير بكل أنواعه.. ومحلات بيع الزهور والعطور والأعشاب والباعة المتجولين وماسحي الأحذية وحتى المتسولين المتشردين في شوارع المدن الكبرى.. بآلاتهم الموسيقية المختلفة. إن الارتفاع الجنوني في عدد السياح حول العالم يعني ارتفاعاً كبيراً في الدخل السياحي الذي وصل ترليون دولار وفي حجم الضرائب والرسوم التي تتحصلها الحكومات المختلفة.. وبالتالي تقوم بصرفها على خدمات التعليم والصحة والطاقة والمياه والأمن وإصحاح البيئة وخلافه.. إن وصول عدد السياح حول العالم إلى أكثر من مليار سائح وإيجاد أكثر من مليار فرصة لا يأتي من فراغ أو توقعات خيالية.. بل تتجه لأبحاث ودراسات علمية دقيقة قامت بها منظمة السياحة العالمية.. كما تشير الدراسات والأبحاث أيضاً إلى دخول كل بلدان العالم ساحة النشاط السياحي مما يدعم ويؤكد استمرارية نمو حركة السياحة الدولية بتلك المعدلات الكبيرة.. وأن صناعة السياحة ستحتل في القريب العاجل مركزاً جديداً متقدماً بين الصناعات الكبرى في العالم.. والله الموفق. / خبير سياحي