في كل مره نشتري فيها «العيش» أجد أن الوزن يختلف وشكله يختلف وحجمه كذلك.. والغريب أن ذلك يتم في مخبز واحد.. وأظن أن ذلك يحدث في بعض المخابز التي لا يخاف أصحابها الله.. بل ويعلمون أن الاقتصاد الحر يحميهم من المساءلة وأن المواطن الذي لا يعرف كيف يحمي نفسه من الجشعين ويظن أنه مضطر لشراء الخبر بأي وزن كان.. يعطيهم الفرصة ليفعلوا فيه ما يريدون.. لأنهم يكتفوا بالنقنقة ويشترون الخبز بالوزن والسعر الذي يختاره صاحب المخبز. وقد لفتت نظري دعوة اتحاد المخابر للمواطنين للتبليغ عن المخابز التي تتلاعب في أوزان الخبز.. وأعتقد أن هذه المطالبة خطوة في الاتجاه الصحيح.. ورغم أنها جاءت متأخرة.. إلا أنها حدثت ولكنني وحسب علمي بالاتحادات فإنها لا تملك الأدوات العقابية الصارمة التي تجعلها تصادر المخبز أو تفتح فيه بلاغاً جنائياً.. نعم سادتي جنائياً.. لأن التلاعب في الوزن هو أكل لأموال الناس بالباطل.. فالمخابز تارة تبيع بالوزن الناقص وتأخذ قيمة الخبز كاملة.. وتارة أخرى تبيع عدد الخبز ناقصاً.. وتأخذ قيمته كاملة.. ومهما قلة تلك القيمة من الفرد الواحد.. فإنها تتضاعف كلما زاد عدد الزبائن.. أما إذا تحدثنا عن موضوع البلاغ نفسه فإن المواطن السوداني يعرف عنه التسامح وقصر النفس في القضايا التي يمكن أن تجعله «يتتلتل» ويدخل في سين وجيم.. كما أنه يعتقد أنه ببلاغه يمكن أن يقطع عيش صاحب المخبز والعاملين معه.. وحتى إذا اشتكى فإن من حوله يجرمونه ويطلقون عليه اسم كبسور.. وهذه الأسباب وغيرها هي التي تجعلنا نقول إن دعوة اتحاد المخابز قد تكون لفض المجالس إلا إذا اعتمد الاتحاد على نفسه وتابع تلك المخابز ويكون تبليغ المواطن زيادة خير.. ولا بد من اتخاذ عقوبة رادعة للمخالفين قد تصل لإلغاء تصديق المخبز حتى يخاف الآخرون إلا عقوبة «تقرصك النميلة».. وللنميلة هذه قصة.. فقد كان هناك ولد صغير يضرب الصغار ويقل أدبه على الكبار.. وكل ما يذهب الناس لوالدته شاكين تقول له إنت بتعمل كدا ليه تقرصك النميلة.. يعني ما نملة كبيرة وتكتفي بذلك.. وأصبح الناس يقولون لأي أحد يعاقب محسوبه بعقوبة «ميتانة» تقرصك النميلة.. لذا نطالب بعقوبة رادعة تحد من التجاوزات التي نعتقد في كثير من الأحيان أن بها حقارة بالمواطن وبالدولة وبالاتحاد. كما أن على المواطن أن يكون حريصاً على حقوقه وأن لا يجعل الجشعين والطماعين يلعبون به وبقوت أولاده.. فالخبز وقمحه ما يزالا مدعومين وأن الدولة ما زالت تحمل عبء القمح على عاتقها من أجل المواطن.. وإذا كان هناك من يسرق هذا الدعم ويستغله فإنه لا بد أن يجد العقاب وليس النقنقة والونسة فقط.