لأنهم زينة الحياة الدنيا.. ولأنهم إذا صلحوا نفعوا ابن آدم حتى وهو في قبره حين ينقطع عمله.. فيتمنى أن يعود إلى الدنيا.. يسبح تسبيحة واحدة.. أو يركع ركعة واحدة.. فأنى يستجاب له!.. لقد فات أوان التمني.. ولا شيء هناك سوى نتيجة العمل.. والعلم الذي ينتفع به.. والولد الصالح الذي يدعو له..! فالأبناء نعمة.. تجلب النعم والرزق والسعادة والحبور.. تستوجب الشكر.. والشكر بحفظها.. وإحسان التربية.. وتحمل المسؤولية..! مسؤولية أن تبني.. وتزرع.. وتغرس.. بذرة طيبة تتعهدها بالرعاية.. والمتابعة.. لتحصد غراسها.. قيم وفضائل.. وأجيال قادرة على بناء المجتمعات القوية..!! فالآباء هم المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الأبناء.. ألف باء المثل.. فإذا استشعروا انفلات في تلكم القيم.. فإن المثل الأعلى.. ينهار.. وتختلط.. الأمور.. بين ما تم تعليمه وتلقينه.. وما يشاهدونه.. مما يخلق صراعاً عنيفاً يؤثر حتماً على قلوبهم الصغيرة.. ونتاج ذلك سيجنيه الآباء.. ولو بعد حين.. بعد أن يستطيع الأبناء أن يعبروا عن مشاعرهم.. ويدافعوا عن سقطاتهم.. ويبرروا أسباب انحرافهم..! مؤخراً أصدر المجلس القومي لرعاية الطفولة قراراً يمنع الأب أو أياً من أفراد الأسرة إرسال الأطفال لجلب السجائر أو التمباك.. ويعاقب المرسل وصاحب الدكان.. الذي يبيع المكيفات للأطفال بالسجن..! إن آلاف المجالس ومئات القوانين لن تعيد لأباء وأمهات إحساسهم المفقود بعظم الأمانة التي ألقاها الله على عاتقهم حين وهبهم الذرية.. فكم من مفرِّط في هذه النعمة بالإهمال بالقهر والقسوة.. باستسهال الذنوب.. والمجاهرة بالمعصية وبيعهم مقابل النزوات! كان الأجدر بالمجلس منع التدخين وشرب الخمر.. وضرب الأمهات.. أمام الأبناء حتى لا تتضاءل.. القيم.. فالأب السكير مثلاً لا يرى أبناؤه فداحة أو عظم ذنب شرب الخمر..! ومخاطر ومهالك التدخين.. والظالم.. تتضاءل عند أبنائه قيمة العدل.. أما المستهتر بالأخلاق.. المنادي بها فأبسط ما يمكن أن يسببه لأبنائه هو الانفصال.. وقد يستهتر البعض.. لصغر سن الأبناء أو لاعتقاده بأنهم لا يلاحظون أو يفهمون.. وذاك أمر خطأ.. لأن محور حياة الأبناء.. هو الآباء.. وعقولهم الصغيرة تعي وتسجل ولا تنسى.. قد تؤجل أو تهمل.. لكن حتماً ستترجم تلك الترسبات الكامنة في الأعماق سلوكيات معوجة.. تتفجر في حينها عواقب وخيمة لا يمكن تداركها..! لو كنت في مكان الأستاذة قمر خليفة هباني الأمينة العامة للمجلس القومي لرعاية الطفولة.. لتركت سن القوانين وتشديدها للغرباء وليس الآباء..! فليس هناك عقوبة أكبر على الإنسان.. حين يرى أبناءه يفعلون ما يكره.. حتى ولو كان هو من علمهم إيَّاه لقد ذبحهم بنفسه بسكين الجحود.. والإهمال..! زاوية أخيرة: ستمضي السنون.. وبدلاً من أن تجني ثمرة التربية رحمة.. ودعاء صادق.. ستقبض الريح والسراب.. وتمضي الأنانية طاوية في براثنها الحنان والرأفة بعد أن تكون بلغت من الكبر عتياً.. فنحن لا نحصد إلا ما نزرع..!