أزمة الثقة التي حدثت بين السودانيين وناقلهم الوطني سودانير وجعلت الكثيرين منهم يتجهون لخطوط أخرى عندما يهمون بالسفر لأي من بلدان العالم، تجددت خلال الأحداث التي تشهدها الشقيقة مصر، واحساس الجميع بحاجة سودانير في هذا التوقيت لنقل رعاياها بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم في رحلة العودة لأرض الوطن، في ظل اشتداد وتيرة الأحداث بالمدن المصرية، وخصخصة سودانير وبيع جزء من أسهمها لأجنبي لم يقابله أي تطوير في ناقلنا الوطني، والذي كنا نعتز بارتياده في ترحالنا، حيث سافرت به إلى مصر وحدها أكثر من ثماني مرات قبل أن تتم خصخصته، والتي أثارت جدلاً كبيراً ورفضاً واسعاً للعملية التي تمت ولكن دون أن تجد أذناً مصغية من أحد، وبعد الهزة والتذبذب الذي حدث لسودانير وجدت نفسي والكثيرين مثلي مضطرين للاتجاه لخطوط طيران أخرى وهي مصر للطيران لنستقلها في رحلاتنا المختلفة، وكان لسودانير دور وطني كبير قبل الخصخصة وعمليات البيع الخاسرة، حيث كانت دائماً ما تقوم بانقاذ رعاياها في دول المهجر، ونقلهم لديارهم بغض النظر عن انهم يحملون تذاكر أم لا، وكان آخرها عندما فتحت خطاً جوياً لنقل السودانيين من العاصمة السورية دمشق عند انفجار الأوضاع في لبنان، والذي ألقى بظلاله على الكثيرين من أبناء وطننا الحبيب، وكان ذلك انفاذاً لتوجيهات الأستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية، الأمر الذي أثلج صدور السودانيين لما قامت به وقتها في نقل رعاياها، وقد كانت وقتها ناقلاً وطنياً صرفاً، إضافة لأزمة الحجاج والتي ساهمت فيها بنقلهم لأرض الوطن. إذن بيع سودانير كان سبباً لتغيير وجهة من يسافرون للقاهرة دورياً في تغيير الخطوط التي يستقلونها، وذلك للضعف الذي شابها بعد الخصخصة، حيث كان من الممكن أن تلعب دوراً كبيراً في الأزمة الحالية بمصر، ونقل المواطنين الذين ظلوا عالقين بمطار القاهرة لأكثر من يومين بسبب استغلال مصر للطيران للركاب ومطالبتهم بدفع غرامة تصل لحوالي ال 50 دولار دون أن يكون لهم ذنب في حالة الطوارئ التي تشهدها بلادهم، وكان الحال سيتبدل إن كان هؤلاء الركاب يستخدمون سودانير في رحلاتهم للقاهرة. وعملية استغلال مصر للطيران لركابها العائدين للخرطوم تمت لقناعتها بحالة عدم الثقة للركاب في سودانير، وأنهم يلجأون لها مضطرين مما جعلها تقلل عدد رحلاتها اليومية من القاهرة للخرطوم إلى رحلة واحدة فقط بعد ان كانت (4) رحلات في اليوم، إذن سودانير لها ذنب كبير في ما حدث للمواطنين السودانيين بمطار القاهرة خلال أحداث (25) يناير الماضي، والتي شهدتها معظم المدن المصرية إذ إنها إن كانت في كامل قوة اسطولها لما اتجه السودانيون لخطوط أخرى سواها وأنا منهم، ولكن يبدو أن أصحاب المصالح والمستفيدين من بيع وخصخصة سودانير لم يفكروا في أهمية تحليق ناقلنا الوطني في الأجواء معبراً عن قوتنا، وهو ما يفرح كل سوداني، مثلما أخر من وجود جنيهنا السوداني في الصرافات المصرية، وهو دليل عافية لاقتصادنا إن حسبها صاح السياسيون، لأن مثل هذه الأمور تجعل البلاد قبلة للمستثمرين، وبالتالي يشهد اقتصادنا عافية أكثر مما هو عليه الآن. وقد لا يعجب القائمين على أمر سودانير ما نتناوله هنا، ولكن هذا عبارة عن رأي عدد كبير من العالقين بمطار القاهرة خلال الأحداث، وكيف أنهم كانوا يمنون أنفسهم بأن تضاعف سودانير رحلاتها للقاهرة، وأن تجتهد في الالتزام بمواعيدها حتى لا يلجأ السودانيون لخطوط طيران أخرى ويتعرضون لمثل هذه المهازل، والتي بالطبع ستؤثر على سمعة مصر للطيران وتغير وجهة الكثيرين من ركابها لخطوط أخرى في ظل ما تعرضوا له في مكتبها بمطار القاهرة. وفي المقابل يمثل مطعم السودان بوسط القاهرة علامة مهمة حيث يكتسي بعلم السودان ممثلاً للدبلوماسية الشعبية في ظل ارتياد معظم السودانيين للمطعم لتناول الوجبات الشعبية السودانية الجيدة، فضلاً عن كونه إحدى محطات التلاقي لكل القادمين للقاهرة، حيث يلتقي فيه السودانيون بمختلف إنتماءاتهم ويتناولون أحداث البلاد الداخلية، بجانب توفر كل ماهو سوداني بالمطعم، والذي من وجهة نظري يلعب دوراً كبيراً ومهماً في تواصل السودانيين فيما بينهم وتفقدهم لأحوالهم وإعانة من يحتاج من أبناء الوطن للعون سواء كان يود السياحة أو التجارة أو العلاج، حيث يتم توجيهه لأفضل الطرق لأداء مهمته، وأعتقد جازماً بأن المطعم يلعب دوراً كبيراً لا يقل عن أي دور يمكن أن تلعبه ملحقياتنا هناك، فيكفيه فخراً أن ينقل كل مقتنياتنا وإرث البلاد لدول شقيقة كمصر ويقوم بالتعريف عن تراثنا الكبير من خلال التواصل والتلاقح الفكري والثقافي والسياسي، بعيداً عن الجانب التجاري لمالكه والذي برأيي لا يحتاج مني للحديث. لكن مطعم السودان بالقاهرة يمثل علامة مضيئة للبلاد ويسهم في تحقيق الكثير، والتعريف بما يخفى على المصريين وغيرهم من مرتادي المطعم، ويحتاج السودانيون سواء المقيمين بمصر أو من يذهبون للقاهرة للعلاج والسياحة والتجارة لأن يكون لديهم ملتقى سوداني يجمعهم بمختلف ميولهم وأفكارهم للتعريف أكثر بتطورات الأوضاع المختلفة بالبلاد، الشيء الذي يربطهم أكثر بوطنهم الأم وحتى لا يصبحوا معزولين عنه، بجانب أنه يمكنهم من مناقشة أمورهم الاجتماعية وتحقيق التواصل