دعم موسيفيني لحركات التمرد الأفريقية ليس بجديد بعد أن سوّق نفسه للصهيونية العالمية والدول الغربية التي تسعى لإشعال الحرائق والنيران بمنطقة البحيرات العظمى الغنية بثرواتها وصولاً لمرحلة الفوضى الخلاّقة التي تضمن لها التدخل لنهب ثروات هذه المنطقة. لقد حوّل موسيفيني أوغندا، بمؤامراته مع الدول العظمى، الى قاعدة عسكرية متقدمة لها بالمنطقة خدمةً لأجندتها الخاصة. موسيفني واحد من ثلاثة رؤساء أفارقة تعتمد عليهم الصهيونية العالمية في إدارة القارة الأفريقية. الدعم الغربي والإسرائيلي لأوغندا شجعها لتقوم بدور الدولة المحورية بالمنطقة، حيث أصبحت تلعب أدواراً أكبر من حجمها الطبيعي، حيث أصبحت تلعب دور الشرطي الغربي بالمنطقة وأصبحت مهدداً أمنياً لكل الدول المجاورة لها. النظام الأوغندي نظام قبلي هش وضعيف ولولا الحماية الأجنبية لما استطاع الصمود لحظة واحدة أمام مشاكله الداخلية ناهيك عن صراعاته الخارجية. حال أوغندا اليوم هو حال كل الدول الضعيفة التي تفتعل المشاكل الخارجية لتتجاوز بها مشاكلها الداخلية!! القاعدة العسكرية التي أقامها موسفيني لحركة العدل والمساواة بأوغندا تأتي في إطار الدور المرسوم له وفي إطار المتاجرة والكسب الرخيص من وراء كل حركات التمرد التي تشهدها القارة التي تغذيها التدخلات الخارجية عبر أوغندا. قاعدة حركة العدل والمساواة بأوغندا رتَّب لها مندوب الحركة الشعبية وتمَّ الإعلان عنها خلال زيارة رئيس حكومة الجنوب لكمبالا مؤخراً التي امتدت الى يومين ولهذا فإن هذه القاعدة تأتي في إطار التآمر بين جوبا وكمبالا وطرف ثالث ضد الخرطوم. من وجهة نظر العلم العسكري لا تعتبر هذه القاعدة قاعدة بالمعنى المعروف للقاعدة العسكرية وإنما هي عبارة عن ملاذ آمن لحركة العدل والمساواة بعد أن فقدت كل ملاذاتها الآمنة الداخلية والخارجية في جبل مون وفي أم جريس!! أوغندا لا توجد لديها حدود مشتركة مع شمال السودان بعد أن أصبح جنوب السودان دولة مستقلة منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل في يناير 2005م وهذا يعني أن موسفيني له مآرب أخرى من وراء دعمه لحركة العدل والمساواة التي ربما يكون يسعى لاستغلالها لضرب جيش الرب بعد أن فشلت كل حملاته العسكرية التي شاركت فيها ثلاثة جيوش ولكنها لم تفلح في القضاء عليه. إن قبول حركة العدل والمساواة لإقامة معسكراتها داخل أوغندا، التي تبعد من مسرح عملياتها في دارفور، يعني ذلك أنها قد فقدت إرادة القتال وأصبحت تبحث عن الحفاظ على أرواح مجنديها وربما يقودها هذا الموقف الى الدخول في السلام في أية لحظة إذا ما حررت نفسها من الضغوط الخارجية. تعتبر هجرة قوات حركة العدل والمساواة الى أوغندا، التي لا توجد لها حدود مشتركة مع مسرح عملياتها، مؤشراً قوياً على نجاح الحل العسكري الذي يعتبر مفتاحاً للحل السياسي. هروب حركة العدل والمساواة من مسرح عملياتها يعتبر هروباً من المعركة ويمثل اعترافاً غير معلن بالهزيمة العسكرية الساحقة. علينا أن نتذكر هنا ما قاله فيلسوف الحرب الثورية «ماوتسي تونج» الذي قال في هذا الإطار: «من يهرب يمكنه أن يقاتل يوماً آخر». يبدو أن الحصار السياسي والحصار العسكري قد أديا مفعولهما بنجاح تام وقادا الدكتور خليل إبراهيم، المقاتل الشرس الذي غزا الخرطوم في رابعة النهار، الى قبول هذا الموقف المهين!! علينا إكرام عزيز قوم ذل لأننا ربما تحتاج لخدماته يوماً ما ضد أعدائنا الحقيقيين الذين يتربصون بنا الدوائر وهم كُثر من حولنا!! بما أن الدعم الأوغندي لحركة العدل والمساواة يأتي في إطار مؤامرة كبرى بين جوبا وكمبالا وطرف ثالث ضد الخرطوم يمكن القول بأن اختيار أوغندا لتكون ملاذاً آمناً لقوات العدل والمساواة القصد منه رفع الحرج عن الحركة الشعبية الشريك في الحكم ورفع الحرج عن الطرف الثالث وبعد إعادة تنظيم قوات حركة العدل والمساواة وتدريبها وبعد إعلان انفصال الجنوب رسمياً حينها يمكن نقل قوات العدل والمساواة الى غرب بحر الغزال لتكون قريبة من مسرح عملياتها لتبدأ دورة حرب الاستنزاف الجديدة التي كشفت عنها تصريحات ياسر عرمان لصحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية التي أشار فيها الى انفصال جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور وشرق السودان بعد انفصال الجنوب، حيث أشار في تصريحاته تلك الى أنه: «وراء كل جنوب قديم جنوب جديد» وهذا يعني انفصال كل المناطق المهمشة التي تضمنها «منفستو» الحركة الشعبية الذي يعبّر عن برنامجها السياسي. هكذا يكون ياسر عرمان قد كشف عن مشروع السودان الجديد، ذلك المشروع الصهيوني الكبير الذي يسعى لتمزيق وحدة البلاد!! بعد أن تبيّن لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود وتكشّفت لنا نوايا أعدائنا الحقيقية علينا مقابلة هذا المشروع الصهيوني الكبير بجبهة داخلية متحدة ووفاق وطني حقيقي صادق وأمين يجنِّب بلادنا كل المخاطر الداخلية والخارجية ويضمن لبلادنا تحقيق حماية مضمونة تحت كل الظروف. وبالله التوفيق. الفريق أول ركن ٭ زمالة كلية الدفاع الوطني أكاديمية نميري العسكرية العليا