أمس .. كان يوم الهجمة على صويحبكم .. من الإدارة الفنية بهذه الصحيفة ! بصراحة .. كنت دائما أتفادى المصممين والمخرجين .. فطوال عملي في الصحف، وجدتهم ككثير من الفنانين أصحاب مزاج فني عال وراق، لكنه مزاج متوتر، وأحيانا مقلق، وحساسيتهم تجاه حجم العمود، ونوع الحرف المكتوب، ومواعيد وصول المادة .. حساسية شديدة، ولأنهم مهمون جدا في عملية الإنتاج الصحفي، فإن رؤساء التحرير يدللونهم، ويبذلون لهم المال والمزايا، بل ويستمعون لآرائهم ويحتفون بها، ولذلك .. أحافظ على مواعيدي .. وحجم العمود الذي أكتبه .. تدليلا لهم .. وإيثارا للسلامة ! نعم .. سبق أن كتبت كلاما مشابها .. والقراء أصحاب الذاكرة القوية لن ينسوا ذلك، لكن الجديد في الأمر شيئان، الأول تصريحي لأول مرة بأنني (أتفادى) هؤلاء الفنانين المبدعين، والثاني أنني بت أمس .. محلا لنظرة (حمراء) منهم، بعد إبلاغي بأن قرارا فنيا، تم اعتماده من رئاسة التحرير، يقضي بزيادة (كلمات) العمود قليلا .. من أجل المزيد من الجاذبية للشكل الفني للصفحة. عمود (تحت الغيم) .. كان دائما في حدود ثلاثمائة وخمسة وثمانين كلمة، وبصراحة .. كنت أحس أحيانا بأنني بحاجة لزيادة كلماته، لكنني كنت أشفق على القارئ من (الكلام الكثير)، وكثيرا ما كنت ألجأ لحذف أجزاء عزيزة من المقال، بعد أن يشي الكمبيوتر .. بأنني تجاوزت الحد المعتاد للعمود ! أمس، تم إبلاغي بأن الحجم الجديد سيكون في حدود أربعمائة وخمسين كلمة، وهي زيادة طفيفة لن يلحظها القارئ، لأنها لا تتعدى خمسة أو ستة أسطر، لكنها زيادة مهمة في عين الخبراء الفنيين، الذين أثق باحترافيتهم، وقدرتهم على رؤية ما لا نرى في المسائل التصميمية والإخراجية. طبعا الصحافة لم تعد نصوصا مكتوبة وصورا منشورة فقط، فهناك (هوية) إخراجية لكل صحيفة، وكثيرا ما تقضي قيادات التحرير في الصحف الأوقات المتسعة، للاتفاق مع الإدارات الفنية على هيكل الصفحات المسمى (الماكيت)، حيث تشكل الأعمدة أحد أهم العناصر التي يقوم عليها الماكيت. بصراحة .. خشيت أن تؤدي زيادة الكلمات لتصغير حجم الحروف في العمود، لأن قرائي ليسوا كلهم من الشباب، ولا أريد لهم أن يعانوا مثلي من الزغللة و(شوف الطشاش) ! لكن تطمينات جاءتني من أحد الزملاء أصحاب الدراية، بأن المسألة لن تمس حجم الحروف، بل ستنحصر فقط في المسافات بين الأسطر، من أجل شكل أقدر على إراحة القراء وعيونهم العزيزة علينا. تنفست الصعداء، فزيادة الكلمات ستخفف من عمليات البتر التي أضطر لها التزاما بالمساحة، كما أن قلبي أطمأن على أن القارئ لن يعاني من تصغير الحرف، وفوق هذا وذاك، فإن العين (الحمراء) للمصممين والمخرجين في (الأهرام اليوم) ستخف حرارتها، لأنني سألبي طلبهم فورا، و(يا دار ما دخلك شر) ! أربعمائة وخمسون كلمة .. أو ثلاثمائة وخمس وثمانون كلمة .. لا فرق، المهم رضاء كل الأطراف، وخصوصا أهل التصميم والإخراج من الزملاء الأعزاء .. ولن أزيد، فالكمبيوتر همس الآن بأن الكلمات وصلت الحد المطلوب. أمرك .. أيها الحاسوب العزيز !