* مرت اللحظات بطيئة والساعات حزينة والانفاس اللاهثة يكاد يفطرها الوجع بل يكاد يمزق نياط القلوب كمدا على الراحل ايداهو، اللاعب الخلوق الجسور المقاتل الذي فاض قلبه بحب المريخ حتى اعتل ومرض، فخرّ من طوله وهو في أشرف ساحات النزال يدافع بقوة ويقاتل باستماتة ويقدم روحه فداء لالوان المريخ. * كانت مساحات الحزن أكبر من طاقات الاحتمال وهول الفاجعة اوسع من ساحات الوطن ومساحات الحزن أكبر من بُعد المشرقين، حتى أن الارض ضاقت بما رحُبت على استيعاب دموع البكاة واحزان المحبين. * فاضت روح اللاعب المقاتل وهو يؤدي الواجب ليكمل مشواراً من البذل الصادق والعطاء الدافق بالارادة والحب والقتال الشرس لاعلاء شأن فريقه وقد كان رحيله فاجعة امطرت عيون العاشقين بإطلاق لكرة القدم. * ويكفي ايداهو فخرا انه وحّد قلوب الرياضيين وأدمى الاعين و«هرد» الاكباد فتساوت المشاعر وتدفقت الاحاسيس النبيلة بلا رياء لتؤكد ان اهل الرياضة هكذا عند الملمات لا تفريق بين الالوان والانتماءات والشعارات والاهداف، تتساوى المناكب صفاً خلف جدار الحزن ومقاماً عن الالم. * لم يكن الموت أمرا نافذ التكليف فحسب بل كان مناسبة للاتعاظ والاعتبار وقد توحدت قلوب الرياضيين وادمعت اعين الاهلة قبل المريخاب وتحدرت دموع الدم من المقل حزنا على فقيد الرياضة وتبارى الرياضيون من كل حدب وصوب يذرفون بنات العيون ويسرفون في اطلاق العنان للاحزان لتفعل ما تشاء بكل قلب كليم. * كان الكل في حالة من الاحزان والتعاسة والاحساس بالفجيعة .. حتى ان موت الشاب الفدائي الجسور مسّخ على الاهلة الفرحة بالفوز الثمين على سيد الاتيام العنيد. * نعم .. صادرت وفاة ايداهو كل الافراح وحركت المشاعر الجامدة وابكى الحجر والشجر بعد ان جندل البشر فاصبحت الاجساد تمور بلا حياة وتعطلت طاقات الأنفس الشح التي ما انتحبت بقدر إلا على زهرات الشباب ومن هم في ميعة الصبا. * سافرت روح ايداهو الى المولى القدير ولكن هاجرت معها ملايين الذكريات الجميلة واصطحبت خفقات قلوب كم تغنت باسمه إعجابا بفنه واخلاصه ووفائه للشعار فكان واحدا من افضل المحترفين الذين جمّلوا الدوري الممتاز وانعشوا ملاعب السودان بالفن الممزوج بالقوة والجسارة مع ارادة التغيير والصبر على الأذى. * مات ايداهو وبفقده ستنزوي عن الملاعب الى الابد واحدة من أروع المواهب التي تشرف بها الدوري السوداني. * ستفتقده الملاعب ولكن قبل ذلك سيكون فقده كبيراً على اسرته الصغيرة.. طفلته الصغيرة وزوجته المكلومة ووالديه واخوانه، وهو الذي استل حسام العزم ويمم شطر السودان والخليج باحثا عن الوضع الافضل ومقاتلا لأجل تأمين ظروف معيشية افضل. * هجر الاهل والولد واختار الغياب والابتعاد عن الوطن ذلك الحضن الرؤوم اختار الغربة حتى يكون قنديلا يضئ للاخرين وشمعة تحترق لاجل الاسرتين ولتنعم بالنور والحياة. * لكن الموت اختار له الغياب الابدي والهجرة النهائية من دنيا البشر الى الابدية. * غيّب الموت اللاعب الانسان ايداهو الذي تميز بالاخلاق الرفيعة والانضباط والحرص والولاء التام للشعار. * الفقد سيكون كبيرا على المريخ وتحديدا اللاعبين ونرجو ان يتدارك المجلس هول الفاجعة لتذكير اللاعبين بأهمية العمل على تجاوز المرحلة وفاء لروح الفقيد الذي أجزل العطاء وأحسن البلاء لاجل الشعار وقد حملهم امانة ثقيلة ومسئولية جسيمة يجب ان يرتقي الجميع لمصافها والدفاع تحت الراية التي قاتل دونها حتى فارق الحياة. * نعزي أنفسنا أولا والرياضيين ثانيا والأسرة المريخية ثالثا ونرجو أن تتكاتف السواعد للخروج من حالة الاحباط والأثر النفسي السيئ والعمل على علاج اللاعبين روحيا وتكثيف جرعات الوعظ والاستفادة من مشائخ الطرق الصوفية لاخراج اللاعبين من مربع الاحزان. * لانشكر أياً من الرياضيين على مشاعرهم الجياشة وشعورهم الانساني النبيل فالوسط الرياضي جسّد الحديث الشريف بانه كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. * كما لا نشكر كل المشاعر الطيبة التي انسالت عفوية وصادقة ومن القلوب خاصة الذين اعلنوا الرغبة في مرافقة الجثمان لنيجريا وعلى رأسهم عميد لاعبي السودان القائد هيثم مصطفى. * ونعتقد أن التقرير الطبي أنقذ الكرة السودانية من الفتنة وبرّأ ساحة الامل ولاعبيه من تهمة الاستهداف أو التدخل باهمال واللعب العنيف. * ونرجو ان تكون السكتة القلبية هى السبب الحاسم حتى لا ينسج البعض الاقاويل ويصدق العامة الشائعات.