يا رشا عوض: كفى تشويشاً وتضليلاً!    إيران تلغي "اتفاق القاهرة" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    وزارة الدفاع الكولومبية تعلن دعم مشروع قانون يحظر أنشطة المرتزقة في البلاد    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    محمد صلاح ليس وحده.. 5 أسباب وراء انهيار ليفربول    الإتحاد الأوروبي يُدين الصراع المستمر في السودان ويراه مهدداً للمنطقة    بدء عمليات حصاد السمسم بالقضارف وسط تفاؤل كبير من المزارعين    طائرات مسيّرة تضرب منطقة مطار الخرطوم قبل ساعات من إعادة افتتاحه    ردّ ناريّ من ضابط عسكري سوداني    رسميا..تشغيل مطار الخرطوم الدولي    دولة أجنبية تحاول زعزعة منتخب السعودية    بقيادة"السافنا"..خطوة مثيرة للميليشيا في مدينة سودانية    الأمل يدشن الإعداد تحت إشراف منعم تيه وأبوبكر شريف    القوز يتوج بطلاً للسوبر بعد فوزه على اتحاد الشرطة بثنائية مثيرة بأبوحمد    مليشيا محمد حلفا!!    القنصلية السودانية بأسوان تحتفل بأولى الشهادة السودانية    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    ( "لينتي" كفكفت من عيني دمعات الليالي وجدتُ نفسي غارقا في الحب عاشقاً، محباً ومُريدا).. شاهد ماذا كتب العريس أحمد العربي لزوجته لينا يعقوب في أول يوم لهما بعد نهاية حفل زواجهما الأسطوري    القضارف.. توجيه رئاسي بفك صادر الذرة    المريخ يرحب بإقامة قمة في بنغازي تكريما للجمهور السوداني    شاهد بالفيديو.. الفنانة السعودية زينة عماد: (أحييت حفل في الخرطوم حضره 5 ألف شخص وأحدهم قال لي أنك سودانية وهذا إطراء حلو)    شاهد بالصورة.. حسناء الشاشة السودانية تخطف الأضواء وتسحب البساط من الجميع في حفل زواج "أحمد ولينا"    شاهد بالصورة والفيديو.. أثناء جلسة إعلان ثياب سودانية.. مصور يشبه عارضات أزياء حسناوات بكلاب "الليدو" وإحداهن تنفجر في الضحكات وترد عليه: (قل هو الله أحد)    أسطورة ليفربول مهاجماً صلاح: يجب رميه في الدكة    مدير شرطة اقليم الأزرق يثمن جهود إدارة المباحث الجنائية المركزية بالاقليم في كشف غموض العديد من الجرائم    ترامب: وقف إطلاق النار في غزة ما زال قائما    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    بعضهم يعتقد أن الجيش يقصف بالمنجنيق    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    أسعار الذهب إلى أين؟    مباحث ولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    مباحث ولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    الشمالية تدشن قافلة لإعمار الخرطوم    بعد أدائه القسم في «الشيوخ».. ياسر جلال يستعين ب مشهد كوميدي ل «مرجان أحمد مرجان»    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    حكومة الجزيرة تدعم مركز القلب بمدني بمولد كهربائي 550 KV    وزير الخارجية المصري: ننسق مع السعودية لإنهاء الحرب في السودان بسرعة    الرئيس التركي: الصراع في السودان"يؤلمنا بشدّة"    القبض على الفنانة عشة الجبل    الذهب السوداني.. لوبيات تتحكم وسلطة خانعة    محافظ بنك السودان المركزي تلتقي مديري عموم المصارف وتؤكد على الإصلاح المؤسسي واستقرار النظام المصرفي    تطوّرات مثيرة في جوبا بشأن"رياك مشار"    إيقاف جميع التعاملات النقدية في ولاية سودانية    هل يصل الذهب إلى 100 ألف دولار؟    رحيل علي «كايرو».. نهاية حكاية فنان أثار الجدل وكسب القلوب    شريف الفحيل: تهديد جمال فرفور سبب مغادرتي السودان وتقديمي اللجوء في كندا    بنك الخرطوم يعيد تشغيل فرع الكلاكلة: إيذانًا بعودة الحياة الاقتصادية    وفاة صحفي سوداني    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.الشفيع خضر سعيد : مهمة ثلاثية المراحل لإنقاذ السودان
نشر في رماة الحدق يوم 04 - 11 - 2019

لن يختلف اثنان حول حجم الدمار والخراب الذي خلّفه نظام الإنقاذ وطال كل شيء في السودان، على المستوى المادي المحسوس ومستوى القيم، مثلما لن يختلفا حول أن مشروع انتشال الوطن من هذا الدمار والخراب، والنهوض به للحاق بالركب، يتطلب ويشترط تنفيذ عملية ثلاثية المراحل، تتداخل وتتشابك مراحلها هذه، والتي تتمثل في: وقف الانحدار والانزلاق نحو الكارثة، والسعي لإصلاح الحال، ثم تأتي مرحلة الانطلاق لتحقيق المشروع النهضوي للأمة السودانية. ومن الواضح أن هذه العملية، ليست كلها من ضمن مهام الحكومة الانتقالية الراهنة. لكن، الحكومة الانتقالية هي المناط بها تنفيذ ضربة البداية لهذه العملية، وكلما كانت الضربة محكمة ودقيقة أصابت الهدف وجاءت نتائجها لصالح إنقاذ الوطن. وفي هذا الصدد، أعتقد ليس صحيحا ما يتردد من أن حكومتنا الانتقالية لا تملك برنامجا محددا لتنفيذه، أو أن قوى الحرية والتغيير لم تقدم لها هذا البرنامج الانتقالي. فالفصل الثاني في الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية حدد بدقة المهام المطلوب إنجازها خلال الفترة الانتقالية، وكل المطلوب من حكومتنا الانتقالية إضافة التفاصيل الضرورية، ثم تحويل هذه المهام إلى مصفوفة جاهزة للتنفيذ وفق جدول زمني محدد. وهذه المهام تشمل:
1 وقف الحرب الأهلية وتحقيق السلام الشامل والعادل. 2 محاسبة منسوبي النظام البائد عن كل الجرائم التي ارتكبوها بحق الوطن والمواطن منذ اغتصابهم السلطة. 3 تفكيك بنية التمكين لنظام الإنقاذ وبناء دولة القانون والمؤسسات. 4 إلغاء القوانين والنصوص المقيدة للحريات. 5 الإصلاح القانوني وإعادة بناء المنظومة العدلية وضمان استقلال القضاء وسيادة حكم القانون. 6 تسوية أوضاع المفصولين تعسفيا من الخدمة المدنية أو العسكرية. 7 إيقاف التدهور الاقتصادي وتخفيف أعباء المعيشة وإرساء أسس التنمية المستدامة. 8 إصلاح أجهزة الدولة المدنية والعسكرية بما يحقق قوميتها وعدالة توزيع الفرص بدون الإخلال بمبدأ الأهلية والكفاءة. 9 انتهاج سياسة خارجية متوازنة على أساس الاستقلالية والمصالح المشتركة. 10 توفير خدمات الصحة والتعليم والسكن والضمان الاجتماعي وإصحاح البيئة. 11 عقد المؤتمر القومي الدستوري وإنشاء آليات وضع الدستور الدائم للبلاد. 13 إجراء تحقيق شفاف ودقيق في جريمة مجزرة فض الاعتصام في الثالث من يونيو/حزيران 2019. 14 سن التشريعات وتكوين الآليات الضرورية مثل المفوضيات، قوانين العمل النقابي…الخ.
ومن المؤكد، أن المهمة ثلاثية المراحل هذه، لا يمكن أن ينجزها فصيل أو فصيلان، أو حتى تجمع قوى الحرية والتغيير وحده. فهذه مهمة تاريخية يقع إنجازها على عاتق الشعب بأسره، وهي بحجمها وما يواجهها من تحديات وصعوبات حقيقية، كفيلة بإشاعة الإحباط، وربما اليأس، حتى لدى أكثر الناس همة وحماسا. لكن، ما يجب أن يدركه الناس، أن البديل لهذه المهمة التاريخية هو الانزلاق إلى هاوية الهمجية المرعبة، حيث التفتت والدمار الشامل. وتجدر الإشارة إلى أن الأزمة في السودان لم تبدأ باستيلاء الجبهة الإسلامية على السلطة في 1989، وإنما تمتد جذورها إلى فجر الاستقلال وفشل الحكومات المتعاقبة في الإجابة على الأسئلة المصيرية المتعلقة ببناء دولة ما بعد الاستقلال. ولكن الجبهة ونظامها الممتد لثلاثين عاما أوصل هذه الأزمة إلى مداها الأقصى، بدءا بالتماهي ما بين الحزب الحاكم والدولة، وفرض الإسلام غطاء ايديولوجياً للاستعلاء الديني والعرقي لتصعيد الحرب الأهلية إلى حافة تمزيق الوطن، ولتمكين المجموعات الطفيلية من نهب موارد البلاد، وانتهاءً بما شهدته بلادنا بعد ثلاثة عقود من مأزق مأساوي حقيقي. أيضا، من الضروري الإشارة إلى أن المشروع النهضوي في السودان يرتبط بحسن إدارة التنوع والتعدد، وببرنامج التنمية المتوازنة المستدامة، والانفتاح على آخر منجزات الثورة التكنولوجية والثقافة العالمية، وبطرح تصورات لتقديم المعرفة بذات الجودة للجميع بدون استثناء وبدون أعباء مالية على المواطن. فعبر هذه الارتباطات الهامة، ومن خلالها، سيتم إحياء سر البناء المتمثل في تحرير العقل وعدم اعتقاله في سجون التجريم والتحريم، مما يساعد على نمو مجتمع مدني قادر على التصدي لدوره في التوعية والتثقيف ومراكمة جزيئات النهضة الحضارية الجديدة.
والانطلاق لبناء مشروع نهضوي في السودان، لن يتأتى إلا باتفاق جميع أبناء السودان، وبمختلف رؤاهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية، على بناء دولة المواطنة الديمقراطية التي تقف على مسافة واحدة من جميع الأديان والأعراق والثقافات. فمشوار بناء المشروع النهضوي الحقيقي في السودان يبدأ بجلوس أبناء السودان جميعهم، عبر أجسامهم السياسية والاجتماعية والثقافية والقبلية المختلفة، لرفع القواسم المشتركة بينهم وتحديد الفواصل الضرورية بين جهاز الدولة والنظام السياسي الذي يحكم، حتى نمنع إطلاق يد فرد أو فئة لتطيح بالآخرين وتنفذ فيهم ما يعشش في أمخاخها من أوهام، ولنتوافق على معالجة اقتصادية تخرج الفقراء من دائرة العوز ونعيد بناء أمة متوحدة على المبادئ الإنسانية الأساسية، والتي تضع الإنسان والقيم الإنسانية فوق كل اعتبار، وهذا يعني تسييد قيم الحرية، والعدل، والمساواة، والمواطنة وحقوق الإنسان وتسييد العلم والمعرفة والتحديث، وأيضا تسييد قيمة حب العمل وإنجاز التنمية المستدامة.
لقد تحدثنا كثيرا حول أن الفترة الانتقالية الراهنة في السودان، وهي الخامسة في تاريخه، تستوجب علينا جميعا، القوى السياسية، المدنية والمسلحة، وقوى المجتمع المدني، التعامل معها باعتبارها مسألة مصيرية وأساسية تخاطب جوهر ما يمكن أن يحقق أملنا في بناء الدولة السودانية الحداثية والمستقرة، لا أن يتم الاكتفاء بقصر التدابير الانتقالية على مجرد التغيير السطحي والشكلي، وحصره في إعادة توزيع كراسي السلطة بين القوى التي كانت تعارض النظام البائد، وأن النجاح في تنفيذ مهامها يضمن الحفاظ على وحدة بلادنا والسير بها نحو مرافئ التقدم والرقي، بينما الفشل هو أساس الحرب الأهلية وتفتت الوطن، وأي مشروع للتغيير، كالذي تطمح إليه ثورة الشعب السوداني، لا يضع هذه الرؤية نصب عينية، سيظل مجرد وهم يحرث في البحر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.