دليل الرجل الذكي في نفي تهمة العمالة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (اللغم يتكتك)    شاهد بالفيديو.. ناشط المليشيا الشهير عبد المنعم الربيع يفجرها داوية: (خالد سلك هو من أشعل الحرب بين الجيش والدعم السريع وليهو حق ياسر العطا يسميكم "أم كعوكات")    سلفاكير يؤكد على أهمية استمرار تدفق النفط من حقل هجليج    إنشاء مسالخ ومجازر حديثة لإنتاج وتصنيع اللحوم بين مصر والسودان وزيادة التبادل التجاري بين البلدين    رحيل ضابط بالجيش السوداني في القاهرة    مجلس الوزراء يجيز بالإجماع الموازنة الطارئة للدولة للعام المالي 2026    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة سودانية تشعل حفل غنائي بوصلة رقص فاضحة بمؤخرتها وتصرخ: "بنحب الركوب العالي" والجمهور: (النظام العام ما بنفع مع القونات جيبوا ليهم القوات الخاصة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناوات الوطن العربي من "اليمن وسوريا ولبنان وتونس" يتنافسن على ترديد الأغنية السودانية الترند "بقى ليك بمبي" وساخرون: (شكله متحور جديد زي الليلة بالليل نمشي شارع النيل)    محافظ بنك السودان المركزي : انتقال الجهاز المصرفي من مرحلة الصمود الي التعافي والاستقرار    الإمارات تسحب قواتها من اليمن    شاهد بالصورة.. ظهرت بفستان فاضح.. مودل سودانية تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة للجدل    الخارجية الإماراتية: نرفض الزج باسم الإمارات في التوتر الحاصل بين الأطراف اليمنية    نجم برشلونة يتصدر قائمة الأغلى في العالم 2025    الحكم بالإعدام على مشارك مع قوات التمرد بالأبيض    القوات الجوية السعودية تستهدف شحنة أسلحة إماراتية في ميناء المكلا كانت متجهة للانفصاليين    لماذا تجد صعوبة في ترك السرير عند الاستيقاظ؟    والي ولاية غرب كردفان ومدير شرطة الولاية يشهدان تخريج دورة حرب المدن لمنسوبي الشرطة بالولاية    لجنة الانضباط توجه انذار نهائي بشطب فريق ام دغينات من كشوفات الاتحاد    فلومو... أوع تلومو!    كواسي إبياه: التأهل عبر أفضل الثوالث حررنا من كل الضغوط ولن نرضى بغير النصر أمام البوركيني    إنشاء مطار جديد في الخرطوم    عبده فايد يكتب: تطور تاريخي..السعودية تقصف شحنات أسلحة إماراتية علنًا..    التحالف: نفذنا ضربة جوية استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا    الفنّانُ الحق هو القادر على التعبيرِ عن ذاتِه بما لا يخرج عن حدود خالقه    الخرطوم .. افتتاح مكتب ترخيص الركشات    السودان..مسيرات في الشمالية والسلطات تكشف تفاصيل المداهمة    رئيس الوزراء يهنئ المنتخب الوطني بفوزه على غينيا الاستوائية في بطولة الأمم الإفريقية    رونالدو يرفض الاعتزال قبل الوصول لهذا الرقم    5 أطعمة تخفف أعراض البرد في الشتاء    رياض محرز يقود الجزائر لتخطي بوركينا فاسو والتأهل لثمن نهائي أمم أفريقيا 2025    الحقيقة.. كرة القدم تجرّنا جرّاً    رئيس الاتحاد السوداني ينعي الناظر طه فكي شيخ    الجامعة العربية: اعتراف إسرائيل ب"إقليم أرض الصومال" غير قانوني    الجزيرة .. ضبط 2460 رأس بنقو بقيمة 120 مليون جنيهاً    الوطن بين احداثيات عركي (بخاف) و(اضحكي)    السودان يعرب عن قلقه البالغ إزاء التطورات والإجراءات الاحادية التي قام بها المجلس الإنتقالي الجنوبي في محافظتي المهرة وحضرموت في اليمن    لميس الحديدي في منشورها الأول بعد الطلاق من عمرو أديب    شرطة ولاية القضارف تضع حدًا للنشاط الإجرامي لعصابة نهب بالمشروعات الزراعية    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    قبور مرعبة وخطيرة!    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.الشفيع خضر سعيد : السودان: التشاور والشفافية
نشر في رماة الحدق يوم 09 - 12 - 2019

صحيح أن عمر الحكومة الإنتقالية في السودان لا يتجاوز الثلاثة أشهر، شُكلت الحكومة في8 أيلول/سبتمبر الماضي، وهو عمر غير كاف لتقييم أداء حكومة جاءت بعد ثلاثين عاما من حكم الفساد والاستبداد. وصحيح أن الحكومة استلمت تركة مثقلة من سوء الإدارة والفساد والخراب في كل وزارة وكل مرفق، وأن الوزير الجديد هو فقط المتغير الوحيد، بينما إرث الإنقاذ من قوانين ومسؤولين وممارسات ظل هو الثابت، ولمدة طويلة، ولربما حتى اللحظة. ولذلك، يصبح من الصعب إصدار أحكام موضوعية حول أداء الحكومة، وليس من العدل النطق بأحكام نهائية ضدها. ومع ذلك، فإن متابعة بدايات وسير تطور أداء الحكومة الانتقالية خلال التسعين يوما هذه، تجعل من الممكن البحث، على الأقل، عن موقع ومكانة التشاور والشفافية في أدائها. ونحن نركز هنا على التشاور والشفافية، بإعتبار أن التجارب المحلية والإقليمية والدولية في الحكم وإدارة الدولة تقول إن التشاور والشفافية يعتبران من أهم أركان حُسن إدارة الدولة وتحقيق النجاح في القضايا السياسية والتنموية، وتجسيد معنى الحكم الراشد. وإن مشوار النجاح لأي قضية أو معضلة في السياسة أو الإقتصاد يبدأ بالتشاور الواسع حولها من أهل الخبرة والمعرفة، وإشراك المواطنين في مرحلة مبكرة في وضع أي استراتيجيات للتنمية.
إن من الأخطاء القاتلة في إدارة الحكم أن تكتفي الحكومة بصياغة رؤاها وإجاباتها للمعضلات التي تواجهها خلف أبواب مغلقة، بدلا من إعلاء قيمة وممارسة التشاور، الذي يجب أن يمتد من أهل الخبرة والمعرفة ليبدأ من القاعدة إلى أعلى، وتشارك فيه كل فئات المجتمع، مع تحليل دقيق للفرص المتاحة ومواطن الضعف، وتحديد الأدوار لكل من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمواطنين العاديين.
وأعتقد، أيضا يمكننا إعتبار الشفافية والمشاورة، من ضمن عوامل أخرى، من معايير قياس مدى ودرجة تخلل وإنسياب روح ثورة كانون الأول/ديسمبر المجيدة في جسد الحكومة الإنتقالية. وفي هذا السياق نرصد عددا من الملاحظات التي نراها هامة:
من المفترض أن يكون حول كل وزير مجلس استشاري من الخبراء والمتخصصين في نطاق عمل الوزارة المعينة، يتشاور معهم الوزير حول قضايا ومهام وزارته، وحول القرارات التي يصدرها. وعلى الرغم من أن قوى الحرية والتغيير انتبهت إلى أهمية هذه المجالس، إلا أن هذا الانتباه ظل على الورق فقط ولم ينفذ، مما زاد من فترة التوهان، الطبيعية، عند الوزراء، وكلهم يتسنمون مواقع الحكم لأول مرة. فلنتخيل معا كيف كان سيكون أداء الوزراء لو أن هذه المجالس تشكلت منذ البداية مع تسمية الوزير؟!
إدارة إقتصاد البلاد تُمثل الركن الأهم ضمن الأركان الرئيسية في سودان الثورة وفي هيكل السلطة الانتقالية، ومؤكد أننا جميعا ندرك أن الفقراء والجوعى لا يمكنهم الانتظار أجيالا للحصول على حلول لأشد مشكلاتهم إلحاحا. لذلك، في تقديري، هذا الركن كان، ولا يزال، يتطلب قدرا أوسع من التشاور والشفافية مع أصحاب الخبرة ومع المواطنين. أليس من الأفضل عقد مؤتمر اقتصادي، يشارك فيه خبراء اقتصاديون وقيادات قطاعات الأعمال والمجتمع المدني والعاملين، لبحث كيفية الخروج من المأزق الاقتصادي الراهن وما هي القرات الملائمة لإنقاذ البلاد من الانهيار الاقتصادي؟. أليس من الأفضل طرح كل الصعوبات والمعوقات التي تواجه إدارة الاقتصاد، بما في ذلك المعوقات المتعلقة ببقاء السودان ضمن لائحة الدول الراعية للإرهاب والمعوقات التي تمنع وزارة المالية من ولايتها على المال العام، والمعوقات المتعلقة بالفشل في اختيار محافظ جديد لبنك السودان…الخ، طرحها على جماهير الشعب السوداني ومناقشتها في التنظيمات القاعدية المختلفة؟.
قبل عدة أسابيع، إبتدرت الحكومة الانتقالية مبادرة ممتازة تعكس روح الشعور بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، إذ عقدت إجتماع مراجعة مغلق خارج الخرطوم، استمر ليومين، راجعت وقيّمت فيه الأداء واتفقت على خريطة طريق للمرحلة التالية. لكن هذا المجهود الممتاز، صاحبته أخطاء قاتلة، حسب وجهة نظري، منها:
1- كان من الممكن أن يتم إعلام الناس بإجتماع المراجعة هذا وتبصيرهم بأهدافه والغرض منه، وذلك قبيل الانخراط في الاجتماع. ولكن الأمر تم وكأنه اجتماع سري مكتوم عليه، وهو قطعا ليس كذلك ولا أعتقد أن حكومة تعني ذلك، مما فتح الباب لتأويلات كاذبة وسالبة، في حين إذا ما تم الإعلان عن الاجتماع، كان سيجد زخما شعبيا ودعما لقراراته المتوقعة.
2- توصل الاجتماع، حسب إعلان مقتضب للناطق الرسمي للحكومة، إلى قرارات هامة حول كل قضايا الإنتقال التي يفترض أن تتصدى لها الحكومة. ولكن، بعد ذلك الإعلان المقتضب، صمتت الحكومة تماما عن الأمر في حين المفترض، أو المتوقع، هو التوسع في شرح ما تم في الاجتماع ومناقشته مع رؤساء تحرير الصحف وفي وسائل الإعلام المختلفة، ومع قيادات الحرية والتغيير ولجان الأحياء وأصحاب العمل والقوات النظامية والمنظمات الاجتماعية المختلفة وسائر قطاعات الشعب. والأمر هنا لا ينحصر في إعلاء قيم التشاور والشفافية فحسب، وإنما يمتد إلى شرح كيفية متابعة تنفيذ بنود خريطة الطريق، العاجل منها والآجل، وما هو دور الشعب، أفرادا ومنظمات وقطاعات، في المشاركة ومتابعة التنفيذ والمشاركة فيه.
يحكى أن بوتسوانا كانت من أفقر 25 بلداً في العالم، وعند استقلالها لم يكن بها سوى 50 خريجا جامعيا. لكنها الآن من أغنى بلدان أفريقيا. فكيف نجحت في تحقيق ذلك؟
يشرح فيستوس موغاي رئيس بوتسوانا السابق: «لقد كان من أسباب نجاح بوتسوانا أنها جعلت التعليم والتدريب على المهارات وتنمية الموارد المائية من أهم أولوياتها. وإن زعماء استقلال بوتسوانا حرصوا على دمج تقاليد البلاد من التشاور والشفافية والمساءلة في نسيج الدولة المستقلة حديثا. ثم ركزت بوتسوانا جهودها على توفير الأمن والعدل وفرص العمل لمواطنيها، وتحقيق دخول من مواردها الطبيعية الوفيرة بما يعود بالنفع على أغلبيتهم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.