بحثت عن إجابة لسؤال خطر على ذهني كثيرًا: «لماذا يتم فحص تطابق الأنسجة للمقبلين على زراعة الكلى من كل أنحاء السودان بمدينة ود مدني بدلاً من الخرطوم حيث الرعاية الصحية الأفضل»؟ وينتظر المرضى كثيرًا حتى يتم إرسال العينة ثم ينتظر النتيجة متحاملاً على آلامه! ولكني لم أجد إجابة لسؤالي إلا بعد زيارة عمل لجامعة الجزيرة حيث ألححت على نفسي ومرافقي لزيارة المعمل الذي يتم فيه الفحص المقصود «معمل التوافق النسيجي بالمعهد القومي لأمراض السرطان بجامعة الجزيرة» خاصة وأن شقيقتي مقبلة على زراعة كلية حيث التقيت المحاضر بقسم الأحياء الجزيئية أمير محمد دفع الله وطرحت عليه السؤال أعلاه: حوار: هويدا حمزة * لماذا مدني بدلاً من الخرطوم؟ هذا المعمل من أوائل المعامل النسيجية في السودان وقد أسس سنة 1990 وكان العمل في الخرطوم في هذا المجال لم يبدأ بعد، وقد اكتسب المعمل سمعة طيبة بالداخل والخارج لأن زراعة الكلى في السودان لم تكن قد بدأت فكان المرضى يأتون ويقومون بإجراء فحص تطابق الأنسجة ويختارون المتبرع المناسب ويسافرون للزراعة في الخارج، لذلك عرفت نتائج المعمل في السعودية والأردن والمملكة المتحدة وبعض الدول الأوربية، وكانت ترويسة النتائج تحمل اسم المعمل القومي لأمراض السرطان جامعة الجزيرة، فالمعمل عمره أكثر من 15 سنة.. الخرطوم بدأت 96 بعدنا بست سنوات، وأسس معمل ابن سينا وبعض المراكز الخاصة مثل فضيل والترا لاب المصري والمعامل الأردنية، لكن مازال معملنا ذا السمعة الأفضل، والمرضى مازالوا يأتوننا من الخرطوم وبورتسودان والقضارف بل ونيجيريا وغيرها. * لماذا يستغرق فحص تطابق الأنسجة وقتًا طويلاً ومريض الفشل الكلوي يصارع السموم في جسده؟ الزراعة ليست فحوصات فقط، بل هي عملية معقدة تبدأ قبل الجراحة وبعدها، وهي مكلفة، لذلك لابد من البحث عن دعم لبرامج الزراعة، فإذا لم يتوفر «الببلك فند» المسألة تصبح صعبة للغاية. * من خلال الفحوصات التي أجريتها كيف وجدت نسب التطابق؟ كبيرة جدًا لأن المتبرعين في السودان دائمًا من داخل الأسرة الصغيرة، وهناك منافسة بين الأشقاء للتبرع لشقيقهم أو شقيقتهم التي تعاني من الفشل الكلوي، لذلك ترتفع نسبة التطابق بعكس ما يحدث في الدول الغربية فالمريض هناك «ياكل نارو»، وينتظر لحين توفر متبرع لأنهم يعتمدون على الميتين. * هل من الضروري أن تكون نسبة التطابق 100% لتنجح العملية؟ لا، ليس بالضرورة ف «50%» كافية جدًا ليعيش المرء 30 40 سنة. هل نسبة التطابق تحدد نجاح العملية؟ نعم، كلما ارتفعت نسبة التطابق تزداد نسبة نجاح العملية، وفي بعض الحالات يضطر الأطباء للزراعة بنسبة تطابق «40%» لعدم وجود خيارات أخرى كحل مؤقت «حوالى ستة سنة مثلا». * إذا كان التطابق كاملاً فلماذا تفشل بعض العمليات؟ هنالك عوامل كثيرة بعضها متعلق بالزراع نفسها وبعضها متعلق بالمواد المثبطة للمناعة، فبعد الزراعة يعطونهم علاجًا مثبطًا للمناعة حتى لا يرفض الجسم الكلية، وقد لا تعطى بالصورة المطلوبة، وبالتالي يحدث تسمم من المواد المثبطة للمناعة. * كم فحصًا أجريت؟ لا أذكر، ولكن في عام 2010 أجريت حوالى «700» فحص «300» منهم مرضى و«400» متبرعون. * ألم تفكر في الهجرة إلى الخرطوم لنقل تجربتك إليها؟ قبل سنة اتصل بي مدير مستشفى «...» أكبر مركز لزراعة الكلى في السودان وسألني لماذا لا أنتقل للعمل في الخرطوم حيث أكبر عدد زارعي كلى فقلت له: «أنا درست بجامعة الجزيرة، وأهلي من الجزيرة، واجبي أن أخدم أهلي بالجزيرة، وهذا لا يمنعنا أن نقدم خدمتنا لأي جهة تطلبها في أسرع وقت ممكن.