دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة السودانية: نحن في الشدة بأس يتجلى!    السودان: بريطانيا شريكةٌ في المسؤولية عن الفظائع التي ترتكبها المليشيا الإرهابية وراعيتها    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    البطولة المختلطة للفئات السنية إعادة الحياة للملاعب الخضراء..الاتحاد أقدم على خطوة جريئة لإعادة النشاط للمواهب الواعدة    شاهد بالفيديو.. "معتوه" سوداني يتسبب في انقلاب ركشة (توك توك) في الشارع العام بطريقة غريبة    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تقدم فواصل من الرقص المثير مع الفنان عثمان بشة خلال حفل بالقاهرة    شاهد بالفيديو.. وسط رقصات الحاضرين وسخرية وغضب المتابعين.. نجم السوشيال ميديا رشدي الجلابي يغني داخل "كافيه" بالقاهرة وفتيات سودانيات يشعلن السجائر أثناء الحفل    شاهد بالصورة.. الفنانة مروة الدولية تعود لخطف الأضواء على السوشيال ميديا بلقطة رومانسية جديدة مع عريسها الضابط الشاب    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    موظفة في "أمازون" تعثر على قطة في أحد الطرود    "غريم حميدتي".. هل يؤثر انحياز زعيم المحاميد للجيش على مسار حرب السودان؟    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    معمل (استاك) يبدأ عمله بولاية الخرطوم بمستشفيات ام درمان    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    انتدابات الهلال لون رمادي    المريخ يواصل تدريباته وتجدد إصابة كردمان    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ردم في ردم..د. محمد عبدالله الريّح
نشر في الانتباهة يوم 09 - 04 - 2012

قلت ولازلت أردد أن الأموال موجودة.. في السودان .. وأن الفئة التي تتعامل بتلك الأموال هي من فئة «الفلاطحة» الكبار ولا دخل لهم بالفطاحلة من بني فطحول الذين نعرفهم .
والفلاطحة الذين يتعاملون بالأموال في السودان مغرمون بحرف الفاء وكل ما يمت لحرف الفاء بصلة، ففي دوائرهم يتجسد حرف الفاء في كل تصرف يقفون خلفه، مثل الفلهمة والفلقصة والفشدقة والفتونة والفركشة والفندكة والفبركة والفشخرة والفرفرة والفنكهة والفرملة والفظاعة.
أما المغتربون الذين يظنون أنهم رقم قتصادي مهم.. ففي أغلب الأحيان هم عبارة عن فقاعة صابون كبيرة تطرشق عند أول سيوبر ماركت، ومعظم المغتربين الذين حاولوا اختراق ذلك الجدار السميك بينهم وبين الوطن بإقامة مشروعات استثمارية من أي نوع، اصطدموا بجحافل الفلاطحة في الداخل، وتبخرت مشروعاتهم وعادوا إلى حظيرة الاغتراب من جديد، والسبب ببساطة يتلخص في عدم قدرتهم على مجاراة الإيقاع السائر على أرض الوطن نسبة لانقطاعهم الطويل.
أحد الإخوة .. وبعد أن وجد أنه يمكن أن يساير الايقاع عاد إلى الوطن بعد أن حلحل أطرافه في عودة نهائية .. أول صدمة قابلته هي عندما أراد أن يبيع «بوكس» كان قد دفع فيه الكثير .. تمخض «البوكس الهاي لوكس» عن عدة أشياء : أربعة ملايين جنيه كاش وغنمايتين وخروفين وتور وحواشة وكشك ليمون .. ولم يصدق أن البوكس الذي كان يعوِّل عليه كثيراً قد تحول إلى زريبة بهايم تسرح وتمرح أمامه وتطالبه كل يوم بعلف يساوي خمسة آلاف من الجنيهات .. ولهذا عاد أخيراً وهو يحاول أن يداري ارتباكاً لازمه منذ عودته وهو يقول:
أصلو جيت أقضي العشر سنوات الأخيرة من رمضان وأرجع!!
فهو لم يستطع أن يجاري الايقاع السائر هناك ولم يستطع أن يتأقلم، لأن الفلاطحة أصحاب جمع الأموال في جميع الأحوال لم يعطوه «فرقة».. وكيف يعطونه «فرقة» وهم قد انقسموا إلى قسمين .. قسم ينصب على البنوك وقسم ينصب على الأفراد، ووسيلة النصب واحدة وإن تعددت وجوهه، وهي الشيكات الطائرة أو المحمولة جواً.. أرقام خرافية تلك التي نسمع أو نقرأ عنها من وقت لآخر . تصور شخص لا يملك جنيهاً واحداً من الجنيهات الجديدة أو القديمة، إلا أنه يتمتع بشجاعة فذة تجعله يحرر شيكاً بمبلغ خمسين مليوناً من الجنيهات .. دون أن ترتجف له عضلة في وجهه .. وبالطبع يطير ذلك الشيك ويودع أخونا غياهب السجون بعد أن يتضخم رصيده من الشيكات إلى مئات الملايين.
أحد الأشبال الذين يتدربون كتب أول شيك في حياته لآخر بمبلغ أربعة ملايين من الجنيهات واستلم بضاعة باعها بخمسة ملايين .. والإجراء الطبيعي أن يودع ذلك المبلغ في حسابه حتى إذا قدم الشخص الأول الشيك تمكن من صرف استحقاقه والبالغ أربعة ملايين.
إلا أن أخأنا لم يودع تلك الأموال في حسابه لأنه أراد أن يقلبها .. وعملية القلب مثل قلب التربة تعطيها هواءً فتزيد من خصوبتها، ولكن قلب الأموال ليس مضموناً في جميع الأحوال.. وعليه عندما طالبه صاحب الشيك بالأربعة ملايين لم يجد عنده غير مليون ونصف.. ولأننا نؤمن بمبدأ شرعته الهيئة الدولية للديون يقول: «المال تلتو ولا كتلتو» فقد كان يتوجب على صاحب الشيك أن يقبل بذلك المبلغ إلى أن يفرجها الله.. ولكنه لا يقبل بأقل من تمام ماله ولهذا «عصلج» عصلجة قوية .. لم تفلح جهود الوساطة في حلها، فكان لا بد إذن من دخول ذلك الشبل إلى السجن ضيفاً على مجموعة أصحاب الشيكات الطائرة.
وفي السجن تعرَّف على شخص جهبوذ يبدو عليه أنه كتب شيكاً من فصيلة الكونكورد.. وقد صدق حدسه عندما أخبره ذلك الشخص أن مجموع شيكاته يصل إلى «200» مليون .. وقد هون عليه المسألة قائلاًً:
يا أخي نحنا شايلين على ضهرنا ده «200» مليون وماشايلين أي هم .. يعني شنو يعني إذا جابوك عشان أربعة ملايين ؟ يا أخي الناس ذاتهم ما عندهم نظر .. وبالله ده مبلغ ده عشان يجيبوك بيهو هنا؟
ولكن الشاب كان متأثراً جداً، فهذه أول مره يكتب فيها شيكاً وأول مرة يدخل فيها السجن .. وهو لا يعرف كيف يسدد ذلك المبلغ .. وعندما أحس الرجل الجهبوذ أبو «200» مليون بمشكلة الشاب قال له:
شوف يا ابن العم .. أنا حاطلعك من هنا .. واشطب القضية بس إنت رسل لأهلك في البيت يجيبوا المليون ونص .. وتاني أرقد قفا .. على سرير السجن النضيف دا لحدي ما نشطب القضية.
تحرك أفراد عائلة الشاب واحضروا المليون ونصف ..
وفي المساء كان الرجل الجهبوذ يستغل نفوذه المليوني ويخرج من السجن متوجهاً لصاحب الشيكات التي كتبها الشاب.
وقال معاتباً الرجل :
يا أخي ما بتخجل بالله .. تودي واحد السجن عشان أربعة ملايين..
ويجادل صاحب الأموال:
بس عشان هو عايز يغشني ويوريني أنو أذكى مني .. وبعدين الحاجات دي ما فيها هظار.
هظار بتاع شنو؟ في أربعة ملايين؟ ودي قروش دي؟ على أي حال إنت غلطت غلطة كبيرة لأنو الولد ده شغال معانا ونحنا اللي أتأخرنا معاه في الدفع .. على أي حال نحنا بنديك دلوقتي مليون جنيه وإنت بكرة تمشي تلغي البلاغ وتطلع الولد من السجن، وأنا أمشي معاك البنك أسلمك باقي القروش أها قلت شنو؟
الرجل لم يجد إلا أن يوافق .. لأن العرض الذي قدمه الرجل الجهبوذ عرض مغرٍ وجميل .. ولهذا وافق واستلم مبلغ المليون جنيه .. وفي الصبح كان يقف أمام المتحري ويشطب البلاغ ويقرُّ بأنه قد استلم أمواله كاملة.. بينما خرج الشاب وهو يستنشق الهواء النقي وهو معجب بعبقرية الرجل الجهبوذ، وكيف أنه نفذ ما وعد به فكبر الرجل وعمامته في نظره.
وفي البنك كان الرجل صاحب الشيكات يقدم شيكاً بمبلغ ثلاثة ملايين تتمة أمواله ويقف إلى جانبه الرجل الجهبوذ ..
وغاب موظف البنك فترة ثم عاد ليقول:
يا خوي ده حسابو مدين بمبلغ «200» مليون جنيه .. اخدها سلفية من البنك وفشل يرجعها بيجي يكتب ليك شيك بثلاثة ملايين؟ .. انت من محلك ده تمشي البوليس عديل.
وتبسم الرجل الجهبوذ قائلاً: إنت عملت شنو؟
وديت الشيك البنك وقالوا ما عندك رصيد
لكن يا الناجح... أنا شيكي ما بودوه البنك.. أنا شيكي بوده النيابة طوالي. خليه يضيفها ل «200» مليون وتصبح «203».. ما هو كله ردم في ردم .. وأغمي على الرجل صاحب الشيك.
آخر الكلام:
دل على وعيك البيئي.. لا تقطع شجرة ولا تقبل ولا تشتر ولا تهد هدية مصنوعة من جلد النمر أو التمساح أو الورل أو الأصلة أو سن الفيل، وليكن شعارك الحياة لنا ولسوانا. ولكي تحافظ على تلك الحياة الغالية لا تتكلم في الموبايل وأنت تقود السيَّارة أو تعبر الشارع. واغلقه أو اجعله صامتاً وأنت في المسجد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.