القوز يعود للتسجيلات ويضم هداف الدلنج ونجم التحرير    شاهد بالفيديو.. مطربة سودانية تقدم وصلة رقص فاضحة وتبرز مؤخرتها للجمهور وتصرخ: "كلو زي دا" وساخرون: (دي الحركات البتجيب لينا المسيرات)    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة ترد على التيكتوكر المثيرة للجدل "جوجو": (شالت الكرش وعملت مؤخرة ورا ورا ويشهد الله بتلبس البناطلين المحذقة بالفازلين)    شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    اللجنة المالية برئاسة د. جبريل إبراهيم تطمئن على سير تمويل مطلوبات العودة لولاية الخرطوم    تمديد فترة التقديم الإلكتروني للقبول الخاص للجامعات الحكومية وقبول أبناء العاملين    الهلال والجاموس يتعادلان سلبيا والزمالة يخسر من ديكيداها    شاهد بالفيديو.. ظهر وهو يردد معها إحدى أغنياتها عندما كان طفل.. أحد اكتشافات الفنانة هدى عربي يبهر المتابعين بصوته الجميل بعد أن أصبح شاب والسلطانة تعلق    من سيحصد الكرة الذهبية 2025؟    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    مدير جهاز الأمن والمخابرات: يدعو لتصنيف مليشيا الدعم السريع "جماعة إرهابية "    (في الهلال تنشد عن الحال هذا هو الحال؟؟؟)    تدشين أجهزة مركز عمليات الطوارئ بالمركز وعدد من الولايات    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    وزارة الطاقة تدعم تأهيل المنشآت الشبابية والرياضية بمحلية الخرطوم    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    الإرصاد في السودان تطلق إنذارًا شديد الخطورة    الزمالة أم روابة في مواجهة ديكيداها الصومالي    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    إدانة إفريقية لحادثة الفاشر    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    الأهلي مدني يبدأ مشواره بالكونفدرالية بانتصار على النجم الساحلي التونسي    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار شامل مع المفكر الاسلامي الشيخ راشد الغنوشي


نقلاً: عن وكيبيديا الاخوان المسلمون
الشيخ راشد الغنوشي أحد أبرز المفكرين الاسلاميين ومن ألمع قيادات العمل الاسلامي، وتعتبر هذه الشخصية بمثابة بوصلة الحركات الاسلامية المعاصرة في فكرها وتوجهها وخطابها ومشروعها، وتقييم الأستاذ راشد الغنوشي لتجارب هذه الحركات والأحزاب الاسلامية في اليمن والأردن والمغرب وتركيا، والسودان، والجزائر...إلخ، وكلها أو بعضها مشاركة في السلطة، ودخلت العملية السياسية، والانعكاسات السلبية والايجابية لانجازاتهم أوالاخفاقات التي رافقت بعضهم على بقية الحركات الاسلامية في العالم العربي والاسلامي.
أيضا رأيه فيما يسمى بالمراجعات التي أعلنها عدد من الجماعات وتحت عنوانها جاءت مبادرات وقف العنف في مصر والهدنة والمصالحة في الجزائر، وما مدى شرعية تشبث بعض المسلحين بممارسة العنف والارهاب في بلاد المسلمين ومنها أعمال المرتبطين بما يسمى القاعدة.
كيف تتعاطون مع قضية الديمقراطية التي يرفضها بعض الإسلاميين والحركات السياسية الإسلامية بشكل مطلق ويعتبرونها مخالفة للإسلام نصاً وروحاً، بينما يراها آخرون ضرورة، والخلاف هو حول ما تعنيه في دلالتها الاجتماعية والسياسية؟
لا تعدو الديمقراطية أن تكون آليات لتنزيل جملة مبادىء نادى بها الفكر السياسي الحديث وناضلت في سبيلها أجيال عديدة من المفكرين والاحرار من مختلف الثقافات والاثنيات. من هذه المبادىء حرية الناس في إختيار حاكمهم وتقسيم السلطة وعدم جعلها حكرا على فرد أو مؤسسة أو طبقة. الحكم الديمقراطي هو وصف للنظام السياسي الذي يقوم على إختيار الحاكم من طرف الشعب بطريقة الانتخاب الحر، السري، والمباشر وتتوزع السلطة فيه على مؤسسة تنفيذية وأخرى تشريعية وثالثة قضائية ورابعة إعلامية رقابية. إذا دققت النظر ترى أن الاسلام سبق ونادى بالمبادىء المشار إليها سالفا. فهو حض على الشورى أي عدم تركيز السلطة عند فرد واحد وحث على إختيار المسلمين لإمامهم ( خير أئمتكم الذين يدعون لكم وتدعون لهم وشر أئمتكم الذين تلعنونهم ويلعنونكم). لقد استحدث العهد الراشدي عددا من الآليات مناسبة لمجتمع محدود العدد والمشاكل، آليات لتنزيل مبدأ الشورى الاسلامي كان بمثابة سبق إسلامي وطليعة للتجربة الديمقراطية الآتية لاحقا، فكان اجتماع السقيفة لإختيار خليفة للرسول صلى الله عليه وسلم بمثابة برلمان مصغر بما تم فيه من حوار وتنافس بين ممثلي التجمعين الاساسيين: المهاجرين والانصار، أدلى فيه كل منهما بما يعزز حجته في أن يكون الخليفة من فريقه، وتواصل التشاور بين الفريقين إلى أن ترجحت حجة ممثلي جماعة المهاجرين فكان الخليفة منهم، فبويع أبوبكر من قبل هيأة الترشيح (أهل الحل والعقد)، قبل أن يعرض على البيعة العامة حيث صرح بأنه لم يولّ نفسه عليهم وإنما تم ترشيحه وأنه لا مصدر لشرعيته غير ذلك الترشيح وأن سلطة القانون (الشريعة) فوق سلطانه وأن طاعتهم له إنما هي في حدود القانون فإذا خرج عنه فلا طاعة له عليهم بل عليهم جميعا أن يكونوا حراسا للقانون. وسار الخلفاء الراشدون من بعده على نفس النهج وإن اختلفت الأشكال باختلاف الظروف. غير أن هذه التجربة الرائدة لم تتواصل ولم تترسخ ووقع الارتداد عليها زمن الامويين والعباسيين ليعود الحكم خليطا بين قيم الاسلام الشورية والميراث العربي القبلي والروح الامبراطورية السائدة في العصر. لكن الروح الشورية التي جاء بها الاسلام وإن لم تتواصل في المستوى السياسي بسبب غلبة روح العصر وثقافته الامبراطورية السلطوية فإنها قد تواصلت في المستوى الحضاري فكانت المجتمعات الاسلامية فضاءات مفتوحة لكل ضروب التعايش بين المختلفين في الدين والمذهب واللون وملجأ لكل المضطهدين والمبدعين، وبرئت حضارتنا مما حصل ويحصل في غيرها من حروب تطهير عرقي وديني. إن الآليات الديمقراطية المعاصرة جهد إنساني وخبرة بشرية ساهمت حضارتنا في صياغتها وتطويرها وليست ملكا لقوم دون قوم ولا لحضارة دون أخرى.
أما أن بعض الاسلاميين يرى في الديمقراطية مخالفة للإسلام، هل تراهم يرون الاسلام داعية للإستبداد، أم تراهم ضد إختيار الأمة لحكامها، أم تراهم لا يرون المسلمين أهلا للحرية التي ينعم بها غيرهم من الأمم الاخرى، مالهم كيف يحكمون، عجبا لضحايا القمع والاستبداد وغياب الديمقراطية كيف ترتعد فرائصهم من الحرية. هل يخشون منها على الاسلام وقد كان ثورة تحررية شاملة أم يخشون على أنفسهم؟ وهل سجل التاريخ أن مسلما هُزم في مناظرة حرة؟ أوليس الاسلام اليوم أكثر الديانات انتشارا حيث تنداح الحرية وينكمش حيث يسود الاستبداد حتى أن دعاته قد ملؤوا الفضاءات الديمقراطية العلمانية هربا من بيئات إسلامية متخلفة دكتاتورية. وهل من يدفع ضريبة غياب الحرية والديمقراطية أكثر من التيار الاسلامي، تملأ به السجون وينكل بأهله ويصادر حقه في الكلمة والتعبير.
والحقيقة أنه ليس هناك في التيار الإسلامي من يعتبر الديمقراطية كفرا ومخالفة للاسلام غير فئات محدودة لم يلحظ لها وجود أصلا كلما توفرت فسحة للتنافس النزيه. ولكن صوتها يعلو كلما غاب التنافس وساد الظلام. إنه على الضد من ذلك بل الامر دأب التيار العريض في الحركة الاسلامية على اتخاذ الحرية طلبهم الأعز حتى اعتبرها أكثر من مفكر إسلامي ومنهم العلامة يوسف القرضاوي مطلبا يتقدم مطلب تطبيق الشريعة، ولذلك طالب الاسلاميون بكل الحريات ومنها الانتخابات التعددية النزيهة سبيلا للحضور والتأثير والقيام بالدعوة إلى الله.
ماهو الفرق بين الديمقراطية في الغرب وما جاء به الإسلام من مبادئ وأصول سياسية مثل الشورى والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..الخ، ووجدنا عدة تصيفات فهناك من يتمسك بالشورى، هناك من يتمسك بالديمقراطية، وهناك من يطابق بين الشورى والديمقراطية الحديثة بل سماها الشورقراطية؟.
الشورى مبدأ عام والديمقراطية وسيلة أو آلية لتنزيل هذا المبدأ، لا تناقض بين الاثنين. العبرة ليست في التسمية ولكن في المضمون. كثير من الانظمة الديمقراطية ليس لها من الديمقراطية غير الاسم وأخرى تقول أنها شورية بينها وبين الشورى الاسلامية ما بين المشرق والمغرب.
يرى البعض أن تعاطي الحركات الاسلامية مع قضايا الديمقراطية والتعددية والمشاركة والاختلاف هو فقط تحت ضغط التجارب الديمقراطية، ولم تصل هذه الحركات إلى حد تبنيها كخيار استراتيجي، لذلك بقيت نظرتها إليها كوسيلة للانتشار وحرية العمل، ما رأيك؟
الانتشار وحرية العمل حق لكل مواطن مهما كان إنتماءه وليس منة من أحد. بخصوص مدى صدق الاسلاميين في تبنيهم هذا حكم على النوايا لا دليل عليه ولا بيّنة. ولقد أثبت الاسلاميون في تركيا مثلا وفي أكثر من بلد أنهم عندما توفرت لهم فرص المشاركة احترموا قوانين اللعبة كما يقال، وحتى عندما يقع الحيف عليهم غالبا ما يصبرون، فلا يتنادون إلى القتال، إلا أنهم في بعض الحالات عندما يطفّ الصاع ويتمادى العلمانيون المستظهرون بسطوة البوليس والعسكر والدعم الخارجي في سلبهم حقوقهم والدوس عيانا على صناديق الاقتراع قد ينفلت زمام شباب متحمس فيرد على العنف العلماني بمثله كما حصل في الجزائر، وفي مصر، مما يمثل انفعالا غاضبا وليس علاجا وإنما مزيد تعفين للاجواء. التجربة المتكررة أثبتت في الجزائر وفي تركيا وفي تونس وفي دول آسيا الوسطى الاسلامية وغيرها أن من مثل ولا يزال تهديدا للديمقراطية وانتهاكا يوميا سافرا لحقوق الانسان أحزاب علمانية مدعومة من قبل المراكز الكبرى المبشرة بالديمقراطية في العالم. بما يجعل الحاجة اليوم في بسط الديمقراطية في بلاد الاسلام والعروبة لا تتمثل في إقناع التيار الاسلامي بها فذاك أمره يسير فحتى بمنطق المصلحة الديمقراطية حبل النجاة بالنسبة له. العقبة الكؤود من يقنع عسكر تركيا والجزائر وبوليس تونس ومصر ومن وراءهم من الاساطيل الغربية؟
بما تردون على الشكوك التي تلوح في الافق كل مرة، بأن الاسلاميين في أي مكان يريدون تحويل بلدانهم إلى دول إسلامية، وأن برنامجهم الحقيقي هو تطبيق الشريعة تحت شعار «الاسلام هو الحل»؟
لا يحتاج الاسلاميون للقيام بانقلابات على الدول القائمة لتحويلها دولا إسلامية فهي دول إسلامية سواء أكان من جهة أن غالبية سكانها مسلمون، أم كان من جهة دساتيرها فكلها تقريبا تنص على أنها دول ليست علمانية معادية للاسلام أو محايدة إزاءه، بل لها دين هو الاسلام وقد تشرح ذلك بأن الشريعة الاسلامية المصدر الوحيد أو الرئيسي للتشريع وهو شرح مترتب على أصل الاعتراف بأن للدولة دينا هو الاسلام، وإذن فما يحتاج الاسلاميون إلا لتفعيل هذه الحقيقة حتى تمتد آثار هذا الجذع في كل فروع هذه الدولة ولا تظل مجرد شعار خاو وضربا من النفاق. وأذكر أن هذا الأصل العظيم المحدد للاسلام هوية للدولة كان محل إجماع من قبل أول مجلس تأسيسي جمع ممثلي شعب تونس وهي تستشرف استقلالها عن الاحتلال، وهو ما يجعل الاسلاميين لائذين بركن عظيم من الشرعية الدستورية. والاسلام باعتباره المصدر الاعلى الذي ينبغي أن تهتدي به كل سياسات الدولة لئن لم تكن له كنيسة تحتكر النطق باسمه بل ترك الامر للامة عبر علمائها ومفكريها وأهل الرأي فيها ممثلي قواها الشعبية حق الاجتهاد في تنزيل أحكامه على الوقائع المتبدلة، فإنه ليس من السيولة والهلامية ما يجعله قابلا لكل صورة ويتلون بلون الوعاء الذي يوضع فيه بضرب من السريالية، كلا بل هو يتوفر على قاعدة صلبة من الثوابت تحدد وتوجه مجالات الاجتهاد، فإن من آي الكتاب المتشابه ومنها المحكم «آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات».
كيف تقيمون تجارب الحركات والأحزاب الاسلامية في اليمن والأردن والمغرب وتركيا، والسودان، والجزائر...إلخ، وكلها أو بعضها مشاركة في السلطة، ودخلت العملية السياسية، وماهي الانعكاسات السلبية والايجابية لانجازاتهم أوالاخفاقات التي رافقت بعضهم على بقية الحركات الاسلامية في العالم العربي والاسلامي؟
الاسلاميون هم القوة الشعبية الأولى في المنطقة العربية، تعطي مشاركتهم مصداقية لأي إنتخابات وغيابهم يجعلها محل شك ويفرغ العملية السياسية من محتواها. أي نجاح إنتخابي يحققه الاسلاميون هو مسؤولية وأمانة وأي فشل أو تراجع هو درس وعظة وفي الحالتين إبتلاء من الله وإختبار.
كيف تجد تطور موقف وخطاب تيار ما يعرف ب «الإسلام السياسي».. التطور في فكر وخطاب التيار الإسلامي والمشروع السياسي، وإلى مراجعة وتطوير رؤية الإسلاميين للعديد من القضايا الملحة؟
مواقف التيار الاسلامي تتطور تباعا لتطور حالة الامة، عدل الاسلاميون من مواقفهم وإرتقوا بخطابهم حتى غدوا معبرين صادقين عن حاجة الشارع العربي الاسلامي وهمومه وتطلعاته، ليس صدفة أن يكونوا الأكثر أنصارا والأكثر حضورا لأنهم الأكثر تعبيرا عن مطلب الهوية ومطلب الحرية السياسية والعدل الاجتماعي وبذل الدماء والأموال الأسخى في الذب عن الحمى وتطهير الغزاة منها. وعلى المستوى السلوكي الاسلاميون هم الأمل في استعادة الاخلاق إلى سياسات تمحضت للكذب والانتهاز وعودة العفة والامانة والصلاح إلى حياة إجتماعية وأسرية انفلت منها الزمام بأثر تفاقم وتائر العلمنة والعولمة، وذلك مقارنة خاصة بفساد دوائر السلطة والقريبين منها.
في ذات السياق ما رأيك فيما يسمى بالمراجعات التي أعلنها عدد من الجماعات وتحت عنوانها جاءت مبادرات وقف العنف في مصر والهدنة والمصالحة في الجزائر، ومن الجهة الأخرى ما مدى شرعية تشبث بعض المسلحين بممارسة العنف والارهاب في بلاد المسلمين ومنها أعمال المرتبطين بما يسمى القاعدة؟ .
العنف في المنطقة يتغذى أولا من الحيف الاجتماعي حيث يتجاور الثراء والبطر والاستهلاك التظاهري لدى شريحة محدودة من الطبقة الجديدة المعششة في مزبلة الحكم بما حوله إلى عصابة مافيا، يتجاور مع أحياء الصفيح وأحزمة البؤس المحيطة بمدننا بل بأحياء فيها معزولة عن باقي المدينة لها أسواقها وملاهيهها وأساليب عيشها وحتى مساجدها، بما يجعلها بمثابة المستوطنات المحاطة بالاسلاك الشائكة وبجيوش القمع. لا عجب أن يكون حي «مؤمن» (المغرب)، ومثله في كل دول المنطقة محاضن الشباب اليائس ووقودا للقاعدة، ويتغذى ثانيا من حالة الانسداد السياسي والتزييف الكامل للحياة السياسية (تونس مثلا) أو شبهه (الجزائر، مصر...) ويتغذى ثالثا من الحرب الدولية التي تشن على الاسلام وأمته ومؤسساته ورموزه ولا تجد من الدول القائمة من يحرك ساكنا أو يرد لامسا بل لا تجد غير المستقيل من شأن الأمة في فلسطين أو العراق.. بل المتواطئ مع الأعداء متمعشا مما يسميه الحرب على الارهاب، ويتغذى رابعا من مكائد أجهزة الاستخبارات الحريصة جدا على استمرار قدر من الارهاب حتى تظل الدولة كلها رهينة لها وسلطات البوليس أو العسكر مطلقة، ويتغذى خامسا مما يروج من تأويلات للاسلام شاذة تخلط بين المعنى الحقيقي لجهاد أداة لدفع الصائلين على دار الاسلام، «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين» وبين تأويلات شاذة تجعل من الجهاد نقيضا للحرية، حرية الاعتقاد والتعبير عنه والدعوة إليه بما يقتضي الاعتراف بالتعدد سنة كونية واجتماعية أكد عليها القرآن وأبدى وأعاد في تأكيدها انطلاقا من مبدأ لا إكراه في الدين، مما يتناقض مع كل محاولة لجعل الناس أمة واحدة بلا اختلاف «ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم»، هود.
التعددية سنة كونية وليس من واحد أحد إلا الذي في السماء سبحانه ولم يسمح لأحد أو مؤسسة النطق بإسمه بعد ختم النبوة وإنما الحجة والرأي والمشورة والبحث عبر ذلك عن المشترك عن الاجماع. وهو ما يجعل تشكيل من قبيل «الجبهة العالمية لمقاتلة اليهود والنصارى» تعبيرا صارخا عن الجهل بالاسلام إذ يقاتل الناس في الاسلام ليس لاعتقادهم أيا كان بل لدفع عدوانهم.
كيف ترى موضوع الاعتراف بحق المرأة في العمل والمشاركة في الحياة العامة وأن تحتل مختلف المناصب؟
الاصل في نظرة الاسلام إلى الجنسين المساواة، والتفاضل ليس بالجنس ولا باللون وإنما بالتقوى والعمل الصالح والكفاءة. ولا يخل بمبدأ المساواة توزيع الأدوار وتكاملها. وإنما الحضارة الحديثة هي التي استحدثت بنظرتها المادية للانسان خللا بين الأدوار فجعلت للانتاج الاقتصادي المكانة والميزان الأرفع وحطت من الأدوار الأخرى مثل الرعاية الاجتماعية رعاية البيت والطفولة في حين اعترف الاسلام بكل الأدوار وكرم القائمين بها ما أتقنوا عملهم وأخلصوا حتى جعل الجنة تحت أقدام الامهات. والأمر هنا لا يعني أكثر من توزيع الأدوار وتكاملها بحسب المؤهلات الطبيعية، بمعنى الاعتراف بترتيب لادى المرأة ولادوار وأولويتها، فليست التربية والأمومة قصرا على المرأة ولا الانتاج الاقتصادي ورعاية الشؤون العامة كالعمل السياسي والجهاد قصرا على الرجل، وإنما هي الاولويات كل ذلك متاح للكل على ألا يحيف على سلم الأولويات. وإنما فشا الخلل في الحضارة المعاصرة بسبب إيلاء دور الانتاج الاقتصادي القيمة العليا والمعيار الأعظم فانهارت الأسرة حتى بدأ الحديث عن اتجاه أمم إلى الانقراض، وأعجب ما في الامر أن مجتمعا اسلاميا حديثا مثل تونس بدأ خبراء السكان فيه والصحافة يتحدثون عن اتجاهه صوب الشيخوخة بسبب دفع قادته المنبهرين بالغرب، دفعه دفعا للانخراط الفج في تجربة تحديثية متشنجة مبتسرة كان من مفرداتها الاساسية حرية المرأة، وهي من قبيل كلمات الحق التي أريد بها الباطل أي التمرد على قيم الاسلام قيم الأسرة والعفة والقناعة لصالح قيم الاستهلاك والأنانية والتمركز حول الفرد ولذاته ومكانته بما جعل الأسرة مسرحا صراع انتهى بالسير قدما صوب الاستغناء عنها والتفصي من أعبائها . المشكل إذن ليس في مشاركة المرأة في كل مجالات الشأن العام سياسة واقتصادا واجتماعا وإنما بأي خلفية وفي أي أفق؟
كأحد أبرز المنظرين وقادة العمل الاسلامي المعاصر ماهي التحديات التي تواجه الحركات الاسلامية حاليا، والاولويات الرئيسية التي يجب التركيز عليها مستقبلا؟
هناك تحديان رئيسان يواجهان الحركة الاسلامية المعاصرة، التحدي الأول هو شيوع فكر التشدد والتنطع حتى تحول بعضهم في حماقة متناهية الحركة إلى عصابات للقتل العشوائي والفتنة الاهلية. هذا التيار التكفيري والسطحي أصبح المبرر الأول لمزيد من التضييق على الاسلاميين ويقدم من طرف أعداء الاسلام على أنه الشاهد الأول على عجز الاسلاميين وتطرفهم وقصورهم. لا تخطىء العين أن هذه الجماعات أصبحت مجالا لإختراق أجهزة المخابرات إن لم تكن صنعت بعضها. مواجهة هذا الفكر وتدارك آثاره المدمرة جبهة أخرى لا مناص للاسلام اليوم من الانتصار فيها وحماية الاسلام ومشروعه السياسي. التحدي الثاني هو حكم الجور الذي يكاد يحول أوطاننا إلى سجون كبيرة وسجوننا إلى مسالخ آدمية مريعة. هؤلاء الحكام أصبحوا طلائع للقوى الأجنبية في محاربة ديننا وتهديد إستقلال بلادنا والحفاظ على تأخرها وتبعيتها. بل إن بعضهم أشد على الأمة والاسلام وأهله من أعدائه الصريحين، وبلغ الأمر إلى أن نزلاء سجون الظلم والتوحش في غوانتانامو ممن لم يعثر مفتشوا الدولة الأعظم المبشرة بالديمقراطية جريمة تدينهم بها بعد خمس سنوات من القمع الرهيب فقررت تسليمهم لبلدانهم رفضوا ذلك لما يعلمون مما ينتظرهم من توحش أعظم، إذ قد بلغتهم أنباء ما حل بزملاء لهم سبق تسليمهم، كما حصل في تونس حيث سلطت فنون من النكال على أؤلئك المساكين حتى حملوا على الأعواد إلى المحاكم لتصدر عليهم أحكاما تمتد لعشرات من السنين وهو ما حمل قاضية أمريكية على إصدار حكم بمنع تسليم أؤلئك السجناء إلى حكومة بلادهم تونس استجابة لطلبهم.
المشروع الاسلامي وبإعتباره المعبر عن طموح الأمة في الحرية والاستقلال والتوحد لا سبيل له غير أن يكون طليعة الأمة في دفع هذين الشرين. هذه معركة متزامنة لا أسبقية لجبهة على أخرى لأن التحديين يخدم أحدهما الآخر ويتناسلان من بعضهما والله غالب على أمره ولكن الناس لا يعلمون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.