مرت ثلاثة أشهر على فراق فقيدنا العزيز/ الشاب خالد عبد الله أبو سن رئيس اتحاد الطلاب السودانيين بولاية الخرطوم، ولا يزال الحزن يغمرنا والألم يمزق أكبادنا ولكنَّا نسأل الله أن يلهمنا الصبر الجميل وأن يتقبله مع الصديقين والشهداء. ولقد تفتق الحزن بالأمس وأنا أزور قبره الطاهر فتجري على لساني أبيات للشاعر حافظ إبراهيم: يا قبر هذا الضيف آمال أمة ٭٭ فهلِّل وكبِّر والقَ ضيفك جاثيا أيا قبر لو أنّا فقدناه وحده ٭٭ لكان التأسّي من جوى الحزن شافيا ولكنْ فقدنا كل شيء بفقده ٭٭ وهيهات أن يأتي به الدهر ثانيا فيا سائلي أين المروءة والوفا ٭٭ وأين الحجا والرأي ويحك هاهيا شهيد العلا لا زال صوتك بيننا ٭٭ يرنُّ كما قد كان بالأمس داويا تهيب بنا هذا بناء أقمته ٭٭ فلا تهدموا بالله ما كنت بانيا أجل أيها الداعي إلى الخير إننا ٭٭ على الوعد ما دمنا فنم أنت هانيا بناؤك محفوظ وطيفك ماثل ٭٭ وصوتك مسموع وإن كنت نائيا فقد كان خالد حقاً آمال أمة فتية كانت تدخره ليتقلد في مستقبله القريب قيادة هذا البلد، نسبة لما كان يتحلى به من الطموح ورجاحة العقل وكمال الحكمة ودماثة الخلق وحب الخير للجميع، وهو شاب لم يتجاوز السادسة والعشرين من عمره بعد. وقديماً قال الحكماء: «الموت نقَّاد في كفه جواهر يختار منها الجياد»، وقد كان خالد واسطة العقد بين إخوانه وأخواته «توخى حمام الموت أوسط صبيتي فللّه كيف اختار واسطة العقد؟؟». وقديماً أفاض الآباء في رثاء فلذات أكبادهم، وجاءوا بشعر يفطّر القلب ويبكي العين بكاء يشفي ولكن لا يجدي فتيلاً، فقد خاطب ابن الرومي حين مات ابنه، خاطب عينيه فقال لهما: بكاؤكما يشفي وإن كان لا يجدي ٭٭ فجودا فقد أودى نظيركما عندي أَعينيَّ جودا إلىّ فقد جدتُ للثرى ٭٭ بأنفس مما تسألان من الرغد ألا قاتل الله المنايا ورميها ٭٭ من القوم حبات القلوب على عمد توخى حمام الموت أوسط صبيتي ٭٭ فللّه كيف اختار واسطة العقد على حين شمت الخير من لمحاته ٭٭ وآنست من أفعاله آية الرشد طواه الردى على فاضحي مزارهُ ٭٭ بعيداً على قرب قريباً على بعد لقد أنجزت فيه المنايا وعيدها ٭٭ وأخلفت الآمال ما كان من وعد وأولادنا مثل الجوارح أيها ٭٭ فقدناه كان الفاجع البيِّن الفقد لكل مكان لا يسد اختلاله ٭٭ مكان أخيه من جزوع ولا جلد هل العين بعد السمع تكفي مكانه ٭٭ أم السمع بعد العين يهدي كما تهدي فَنَمْ يا خالد في جوار ربك هانئاً بما قدمتَ لهذا البلد من تضحيات وخدمات جليلة سيذكرها لك التاريخ ما دامت الحياة، ونسأل الله أن نلتقي في جنات الخلد مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. عمك المكلوم