في مجمل أشعار ولغة أهل الشعر السوداني تتكاثر حالة الإمساك بالحياة السودانية ممزوجة بالبلاغة ورصين المعاني. أحد هؤلاء ممن انتموا لعالم الشعر الجميل والرصين معاً وبلاغة وتصويراًَ للحياة السودانية الشاعر عبد الله الشيخ البشير. وبأم درق بشمال السودان وفي تلك الجزيرة التي أنجبت العديد من الأعلام في مجالات مختلفة ولد الشاعر في نحو عام 8291م، فكان أحد دارسي القرآن بخلوة والده الشيخ الحافظ للقرآن، فحفظ القرآن في بواكير حياته، وهو ما جعله رصين المعاني اللغوية ومتحدثاً برزانة حصافة فيما بعد. والتحق الشاعر عبد الله الشيخ البشير بمعهد الخرطوم العلمي ومن ثم اتجه نحو معهد أم درمان العلمي فنال الشهادة الأهلية، ومن ثم هاجر الى مصر ليتلقى العلم مستزيداً من علوم الأزهر الشريف، فدرس اللغة العربية نحواً وصرفاً فصار حين تخرجه معلماً من طينة الأفذاذ وأخيار من قدموا علمهم لطلابه. وبدأت حياة الشاعر العملية في منتصف عام 3591م معلماً للغة العربية، فكانت السنوات العشر الأولى من عمله معلماً بمدرسة الأحفاد الثانوية، ومنها في عام 3691م الى رئاسة وزارة التربية رئيساً لعشبة اللغة العربية، فقضى فيها اربع سنوات صار فيها من أعمدة العمل الأكاديمي والتربوي بالوزارة. وبوادي سيدنا الثانوية ولأربع سنوات كان العلم منثوراً بين يديه والحكمة تجري على لسانه.. فكانت سنوات لن ينساها طلابه وما أكثرهم بمواقع العمل السياسي والتنفيذي الآن. وبالخرطوم الثانوية كانت محطة أخرى من محطات حياته في سلك التعليم، فتم اختياره رئيساً لنقابة معلمي اللغة العربية في السودان. وكتب الشاعر الفحل الشعر منذ بقائه في مصر وقبلها، وهو ما جعله يمسك بتلابيب اللغة وعباراتها، فخرجت قصائده أيقونات من الشعر السوداني. ومن ذلك قصيدته «المسيد» التي لن تتكرر في تاريخ الشعر السوداني: على حد السنا أمهيت سيفي فرفت شفرتاه كما ابتغيت ودعت القرى الأولى وشكا وما ابتغيت إلا ما انتويت فهأنذا يعادي بي مراحاً يثبط الغيب مديح كميت رصائفه مصابيح سهارى لهن خواطر الحذاق زيت فطاف بعبقر ليلاً فهرب كلاب الجن عرفن وشين وطار فصاهل الشعرى فماحت عرائس من بشائرها جنين واهتم الشاعر كذلك بالأدب الشعبي فصار أحد حافظي نصوصه ومناسباته وشخوصه. وفي هذا قام بتحقيق الشاعر الشعبي «إبراهيم ود نفيسة». وبالرغم من عمله معلماً بوزارة التربية والتعليم إلا أنه كان ذا نشاط أدبي متصل،. فعمل رئيساً لاتحاد الأدباء لعدة سنوات زائداً مشاركاته المتعددة في عدد من المؤتمرات الخارجية ممثلاً لأدباء السودان. وفي عهد رئاسته لاتحاد الأدباء قام بالاحتفال بمرور خمسة وعشرين عاماً على وفاة الشاعر الفذ التيجاني يوسف بشير. وعانى الشاعر عبد الله الشيخ البشير من داء السكري حتى اشتدت عليه العلة، فكان أن توفي في عام 4991م مخلفاً إرثاً أدبياً قوامه عدد من المقالات الأدبية في الصحف منذ عام 9591م حتى عام وفاته 4991م وديوانان من الشعر هما «أبطال بلا زاد» و «ملحمة المسيد».