يظهر أن الحكومة تريد إرجاعنا للمربع الأول يوم 29/6/1989م مثلما استلمتنا من الأحزاب، انعدام في كل شيء وانعدام في الخبز والوقود وكل متطلبات الحياة المعيشية وتسلمنا لهم «أمانتكم رُدَّت إليكم» والأفضل لنا أن نموت بيد الإنقاذ لا بيد الأحزاب لأن الإنقاذ حققت منجزات أيام «نصفها الحلو» أما في النصف االثاني فبدأ السوس ينخر في العظام وبدأ الشقا تدريجيًا سنة سنة إلى أن وصلنا القاع بالضربة القاضية «رفع الدعم». المبادرة الشافية والمبادرة هي أن تنزل كل مرتبات الدستوريين ومخصصاتهم - عربة واحدة بدل اثنتين ثلاث وشطب المنزل ليسكن عند أهله أو محل ما كان ساكن أو يؤجر مثل الآخرين ويوقف حق اللبس السنوي والموبايل (وهل كان ماشي عريان قبل المنصب)- وفي البلدان التي تطورت إلى أعلى المقامات تجد البدل والكرفتات معلقة في وزارة الخارجية وعندما يكون هناك وفد مسافر في مأمورية خارج البلاد تصرف لهم البدل وملحقاتها للضيافة والهندمة وعند عودتهم يسلمونها ليسافر بها غيرهم بعد إدخالها للغسيل الجاف والمكوة بدل قيمة اللبس التي تُصرف سنويًا وإذا كان الكبار وأصحاب القرار والنافذون والنافذات الذين أدخلوا الفساد في البلاد. وإذا نزلت مرتبات ومخصصات هؤلاء وبقي المرتب ومخصصاته (عشرة ملايين) في الشهر كفاية جداً لأنهم ضاقوا حلوها وحل الوقت ليضوقوا مرها معنا سويًا لأنه لا يمكن للشبعان أن يحكم الجوعان ويحس بمعاناته، جربوا وتجرعوا معنا مرارة الحياة وقسوتها لنعيش إخوانًا سواء بسواء وإن فعلتم هذا والله راضين بيكم حكامًا أعزاء علينا لكن مع هذه الفوارق لا تطيب الحياة. وحساب الآخرة عظيم وإنَّ بطش ربك لشديد. أما حكاية تمصوا دمنا وتأكلوا لحمنا وترمونا عظامًا للأحزاب إذن باطن الأرض خير من ظاهرها بجانب تخفيض المرتبات والمخصصات وتقليص الترهل في الوزارات والهيئات ويُسترد كل المنهوب من المال العام ويقدَّم الذين ثبتت جرائمهم بواسطة النائب العام والمراجع العام تسترد هذه عن طريق القضاء والذي رد بإحسان يُعفى ويستلم شهادة طهر ونقاء ويُخلى سبيله ثم إرجاع الأموال التي أُخذت من البنوك للتصدير ولم تعد دولاراتها ويحاسب آخذوها بالحزم اللازم، وأيضًا تُصادر العمارات التي شيدت بالمال الحرام من الخزينة العامة مهما كان آخذها باللفة والأمور الثعلبانية واللف والدوران وتصبح هذه العمارات دواوين للحكومة بدل المنازل الخاصة المستأجرة للدولة وفيها منازل لسيدات الشهر 20 مليونًا و25 مليونًا وكلها ملعوبة وإيجاد طريقة لإرجاع الأموال التي هُرِّبت للخارج ماليزيا أو غيرها وكل هذا لو تم حصاده لأغنانا عن رفع الدعم بجانب عائد البترول والذهب وليزداد الدعم على كل سبل المعيشة عشان الشعب يجر نفس شوية ويرتاح من العذاب المرير الذي كابده كثيراً ويضوق طعم الخير الذي وهبه الله له.. وعلى وزارة التعدين أن تجلب أجهزة التنقيب الحديثة وتملكها للناس بالأقساط عن طريق زعماء الإدارة الأهلية لأن الحق عز وجل قال: بسم الله الرحمن الرحيم «امشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور» صدق الله العظيم ويكون جبل عامر وغيره من الجبال مفتوحًا لكل الشعب لينال رزقه وقد أحسن السيد وزير المعادن صنعاً بأن رفع الرسوم وكل الجبايات عن المنقبين (وماذا يعمل الحاسد مع الرازق) وكمال عبد اللطيف هذا رجل قلبه أبيض ونواياه حسنة والله بحبه إذ رفعه من «التعليم الفني والتقني» الذي فقد البوصلة وطاش وحاد عن الطريق المعبد المرصوف وأصبح طريقاً لتبديد المال بدون طائل والحساب قادم لا محالة. بس شيخ علي عثمان يفضى لينا شوية ويستمع لينا بصفته رئيس المجلس القومي للتعليم الفني والتقني «وليس التقاني» وهناك كلام كتير لنطرحه على سيادته ليلم بالحاصل. «كاريكاتير شفوي عن رفع الدعم وإنزال البلا والغلا» إذا نفذت هذه المبادرة بتخفيض المرتبات والمخصصات إلى عشرة ملايين في الشهر يُقال جرت العادة في الماضي أن يضع السيد وزير المالية المرتب على التربيزة التي أمام الخزنة المنزلية والخادم يشيل العشرة ملايين ليذهب للسوق ويحضر غذاءات الأسبوع كلها وتملأ بها الثلاجة بما لذ وطاب وأخذ العشرة ملايين ظناً منه أنها مصاريف الأسبوع ولا يدري أنها مرتب الشهر ورجع والقفة أقل من ربعها وهنا ثارت «الحجة» وهاجت ده شنو انت ما شلت القروش شلتها ودي حاجات عشرة مليون ودي حالة السوق بعد رفع الدعم.. دعم شنو يا ولد.. كدي ناولني التلفون داك قوام قوام.. طق تطق طق الو تعال شوف يا أبو العيال البقت فينا الولد شال العشرة ملايين وجاب حبيبة حاجات وقال دي حالة السوق بعد رفع الدعم.. طيب أنا جاي بنفسي وحضري لي جلابية وسخانة عشان ما يعرفوني وأديني القفة. وذهب أخونا بنفسه ودخل للسوق الشعبي فوجد كيلو الضأن بستين جنيهاً وعجايز البقر جلافيط وجلود قوية والناس في أول الشهر تشتري ربع كيلو وناس نص ربع الكيلو وبعد فرز العضم والشحم والشخت تفضل اقل من كضم والكديسة حارسة ست البيت تغفل تخطفها وتطير ثم ذهب للطماطم وجد الكيلو خمسين جنيهًا وحبتين بعشرة أما البامية القرن الواحد اثنين جنيه ومجاملة يديك ستة قرون بعشرة جنيهات وما بتكفي الحلة مفروكة ساكت.. ليه غالية كده.. لأن البحر شال الجروف كلها وجا «رفع الدعم» والمواطن وقع في البير ووقع فوقه الفيل وتبقى المرقة كيف يا اللخو والعجورة الصغيرة اثنين جنيه والبطخية خمسين إلى ستين جنيه.. واخينا جاب القفة لربعها.. الحاجة تصيح يا راجل ده شنو .. دو السوق «بعد رفع الدعم» الحاجة ليه مافي وزير مالية في البلد دي.. افو يا الحاجة نسيتيني وللا شنو أنا ما وزير المالية.. سمح إنت من مرقت من هنا ما كنت شديد الجاك شنو؟ والله شديد والحمد لله.. الحاجة لنفسها والله يا اخواني قالوا «الجن بداوى كعبة الإندراوة» طيب مافي حاكومة .. ده كلام الحاكومة ذاتها.. اجي يا اخواني الحاكومة دي جنت ولا شنو؟ واقع علينا الانهيار الاقتصادي العالمي وكمان علينا الحصار الظالم وصادراتنا كلها تبور يا تبيع بالخسارة يا ترجعها وده كله لتركيع السودان ثم حلت علينا الابتلاءات الفيضان دمر وخرب وكشف العوائل وربات الخدور اصبحت في العراء وجاء السيل وهدم كل شيء وأصبح الأطفال والشيوخ العجزة في الصقيعة للمطر والحر والبرد والجوع ولن نركع لغير الله. أخيراً نسأل وين أبو الكل وأبو الجميع جمل الشيل حمال التقيلة؟ في أديس أبابا للمفاوضات .. الله يرده بالسلامة وبصحة وعافيه لعل الله يجعل على يديه فك الكرب ويزيل البلا والغلا. إنه سميع مجيب الدعاء يارب العالمين.