نجد أن بعض الفقراء النشطين اقتصادياً يتميزون بمستقبل استثماري مشجع، إلا أنهم غالباً ما يفتقدون إلى متطلبات تمويلات المصارف الرسمية كالضمان المناسب في وقت ارتفعت فيه نسبة الفقر إلى ثلث أرباع سكان السودان الأمر الذي أدى إلى قيام المجلس الأعلى للتمويل الأصغر ليحدّ نسبة الفقر وتوسيع فرص العمل ومضاعفة الإنتاج عبر الصناعات الصغيرة، وأرجع المجلس تنامي الفقر إلى تدهور رأس المال الطبيعي المتمثل في الأراضي وموارد المياه والغابات بفعل عوامل الجفاف والتصحر وتعرية التربة والفيضانات، إضافة إلى ضعف البرامج الإنمائية وتراكم الديون الخارجية والحصار الاقتصادي، ما جعل الدولة تعتمد برنامج التمويل الأصغر كأحد الأدوات القومية في التنمية وزيادة الإنتاج والإنتاجية ما يعزِّز العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وقام بنك السودان المركزي بوضع إستراتيجية للتمويل الأصغر بإنشاء وحدة التمويل لتحسين وضع التمويل المصرفي لهذا القطاع ووجَّه بتخصيص نسبة «12%» كحد أدنى من محفظة التمويل بالمصارف في أي وقت لقطاع التمويل الأصغر إضافة إلى تحديد «6%» من المحافظ التمويلية للمصارف تخصَّص للتمويل الأصغر والمتناهي الصغر، وقد عمل البنك على وضع نموذج عملي للتمويل الأصغر المصرفي يتخطى المشكلات والمعوقات وذلك عن طريق معالجة كل الفجوات المتعلقة بنظام التمويل الأصغر الرسمي بمجابهة الفقر وسهولة الدخول في المؤسسات المالية الرسمية بواسطة الفقراء. وهذه التجربة تحاول أن تثبت أن التطبيق المستدام والموسع للتمويل الأصغر المعتمد على الشريعة ليس أمراً صعباً أو غير ممكن وتعمل وحدة التمويل الأصغر مع شركائها في التمويل الأصغر المؤسسات الحكومية لتوسيع قاعدة التمويل للفقراء في كل مناطق السودان، بدأت تلك الفكرة منذ التسعينيات عندما أدخلت السياسة التمويلية لبنك السودان المركزي في قطاعات الحرفيين والمهنيين وصغار المنتجين بما في ذلك الأسر المنتجة ضمن القطاعات ذات الأولوية في التمويل المصرفي وأطلق مؤخراً مصطلح التمويل الأصغر، فيما أشار مصدر بالبنك فضل حجب اسمه الى أن السياسات الحكومية الحالية للتمويل تحتاج إلى تعديل وإعادة النظر بصورة تركز في الأساس على العميل، أو الزبون الأمثل لبرامج القروض الصغرى وهو من تسنح له فرصة اقتصادية ولا ينقصه لاستغلالها سوى مبلغ صغير من المال وعلى هذا الأساس يفضل أن يكون العميل فقيراً ولكنه مشارك في أحد الأنشطة الاقتصادية المستقرة أو المتنامية ولديه مقدرة واضحة على تنفيذ أفكاره بجدية علاوة على عدم التهاون بسداد ما عليه من الديون ولذلك من المهم جداً اتخاذ اللازم لتهيئة المناخ المناسب لعملاء زبائن التمويل الأصغر لإعداد البنية الأساسية أو فتح أسواق جديدة لتصريف منتجاتهم أو تقديم خدمات إضافية لتنمية مشروعاتهم. وغالباً ما يترتب على هذه الخطوات ظروفاً مواتية أمام التمويل الأصغر وليس العكس. لذا من الضروري عدم استخدام التمويل الأصغر لمواجهة التحديات التنموية في المواقف التي تكون فيها أرزاق الناس مهدمة، مشدداً على ضرورة ربط التمويل بالعضوية والمساهمة في البنك أو مؤسسة التمويل حتى يشعر المستفيد بإنسانيته ويستشعر المسؤولية تجاه البنك، وليس كما يحدث الآن وفي ذات الاتجاه أكد الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي أن مشروع التمويل الأصغر له فوائد عظيمة في المساهمة في تخفيف حدة الفقر، داعياً لاتباع إجراءات اقتصادية أخرى تدعمه لرفع مستوى معيشة الشريحة ذات الدخل المنخفض وقال الرمادي في حديثه ل «الإنتباهة» أمس يجب أن تهتم البنوك بهذا المشروع وتفرد له مساحة أكبر في السياسات التمويلية وتيسير الشروط التمويلية بمعنى الشروط ببعض البنوك بأن يدفع العميل ما بين 20 40% من المبلغ المطلوب فإن كان لدى العميل المسكين40% لما لجأ الى البنك فإن 40% تعادل 4 آلاف جنيه و20% تعادل 200 جنيه، وعندما يكون الحد الاقصى 20 مليوناً من أين له بالمبلغ ليبدأ عمله وبالتالي إن الشروط التي يضعها البنك في تقديري تهزم الفكرة من أساسها وعليه طالب البنك المركزي بعد الاشتراط في القسط الأول أو دفع مقدم وقال يجب أن تعمم هذه الفكرة في كل أنحاء السودان وليس في العواصم الكبرى.