يظل التخطيط الإستراتيجي أحد الأهداف المشروعة التي تسعى الدولة لإنجازه، وأنها قد بدأت تتبوأ مكانها في خارطة الدول المؤثرة عقب إعلانها التنقيب عن ثرواتها المخبوءة في باطن الأرض ومنها السائل الأسود«البترول» في الوقت الذي أضمرت فيه بعض دول الهيمنة العالمية الغربية هيمنتها على السودان لإعلانه رفضه الخضوع والإذعان لإرادتها، يأتي ذلك والعالم سادته إستراتيجيات غربية مهيمنة تخضع تحتها كل دول الجنوب بهدف حماية الأمن والسلام والديمقراطية. وعبرت الإرادة السودانية عن ذاتها حينما بدأت تكوين أجهزة تفكيرية مماثلة لتلك التي بدول الاستكبار والهيمنة المطلقة. لتدلف البلاد بعد أتون حرب هي الأشرس من نوعها بعد أن تراصت لها دول الغرب واللوبي الصهيوني في حالة عداء نادر ضد دولة تسمى السودان والسبب لأنها رفعت شعار الاعتماد على الذات والوقوف في وجه كل من يحاول تعطيل ذلك. من هنا تأتي أهمية الندوة التي أقامتها صحيفة القوات المسلحة أمس بالتعاون مع مركز السودان للبحوث والدراسات الإستراتيجية. أسس إسلامية وافتتح الندوة التي قدمها اللواء محمد عجيب مدير الإعلام بالإدارة العامة للتوجيه المعنوي، اللواء «م» د. ركن محمد خوجلي الأمين من الأكاديمية العسكرية العليا، بتساؤلات عن الآثار المترتبة على التخطيط الإستراتيجي والاستهداف الخارجي للسودان القصور والمعالجات، وقال ان الإستهداف الخارجي هو السبب في الحصار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد اليوم، مؤكداً أن هناك جهات تسعى لتشويه صورة السودان وقامت نفس الجهات بدعم الحركات المسلحة لتقوم بتنفيذ ذلك المخطط. وأكد أن مشكلة الأمة الإسلامية في الفكر والهوُية وهي بدورها قد أقعدتنا عن تحقيق التنمية المطلوبة، وقال إن المنهج الغربي في بناء التخطيط الإستراتيجي التي تتبعه الكثير من البلدان الإسلامية يدعو للتحرر من المبادئ ويعلي القيم المادية البحتة، مشيراً في ذلك للصراع الدائر بين الرأسمالية والشيوعية، داعياً لضرورة أن ينطلق التخطيط الإستراتيجي السوداني من قاعدة وأسس إسلامية، في الوقت الذي أكد فيه أن المرجعية الدينية لم تتنزل على موائد التخطيط الإستراتيجي، مشيراً بذلك، للقصور الذي شاب الإستراتيجية السودانية وتنزيلها على الأرض، وقال إن بناء الإستراتيجية يستوجب عليهم مراعاة ثلاثة جوانب وتعزيزها وهي الحرية والعدل والمساواة والشورى، مدللاً على ذلك بأن المفكرين الإستراتيجيين توصلوا على أن السلام لن يتحقق إلا بالعدل، وأن العدل لا يقام إلا بالحق، وأكد أن الإسلام غائب تماماً في الصراع الإستراتيجي. مؤكداً أن مرجعيتنا الإسلامية إذا تم وضعها بصورة صحيحة سيطلبها الغرب ولكنه للأسف أن إستراتجيينا ينطلقون من أسس غربية. إقصاء القيم إلى ذلك قال ياسر يوسف وزير الدولة بالإعلام في حديثه عن التصدي للاستهداف الخارجي في مواجهة الإستراتيجية السودانية وأوجه القصور والمعالجات أن الاستهداف الخارجي لإستراتيجيتنا يرجع لطبيعة الصراع بيننا والآخر في الفكر والعقيدة، وأن الصراع يقوم بين مشروعين متوازيين، مضيفاً أن نوعية الصراع قيمي روحي والآخر علماني يرتبط بالدنيا ويسعى لإقصاء المشروع الإسلامي. وأبدى يوسف أسفه من أن العلمانية أضحت الآن موجودة في عالمنا الإسلامي، مشيراً إلى أن المرجعية السياسية لا تقوم إلا بالرجوع لله سبحانه وتعالى. وقال إن من عناصر إستهداف السودان هو أن العالم المسيحي يرون أن الاسلام العدو المطلق وأن الإعلام الغربي على تشويه صورة الإسلام. وأكد أن العالم الغربي بدأ استهداف السودان بعد سقوط دولة المهدية وأسس لذلك بزرع بذور الفتنة وغيرها من عوامل التفتيت والتجزئة في الوسط السوداني. وقال إن عناصر استهداف السودان متنوعة ولا تخرج عن السياق التاريخي والموضوعي، مؤكداً أن حكومة عبود أول من واجه الاستهداف الكنسي حينما أغلق الكنائس، وقال للأسف إن «جرثومة العلمانية» تسللت للأمة الإسلامية بعد خروج المستعمر إذ بدأت النخب الحديث عن المفهوم الليبرالي ومن بعد سادت كل الدول العربية والإسلامية. ولمواجهة الاستهداف قال لابد من الاستعداد وأن تفكيرنا التاريخي لابد أن يكون شاملاً لبناء إستراتيجية شاملة. تحرك وانقسامات أما بروفيسور محمد عثمان صالح رئيس هيئة علماء السودان، فقد تطرق لموضوع الاستهداف الخارجي للإستراتيجية السودانية من وجهة نظر دينية منطلقاً في ذلك من موقفنا من العقيدة الإسلامية حتى نمضي على صراط مستقيم، واتفق مع مقدم الورقة محمد خوجلي في أن توفير عناصر السلام والحرية والعدالة ضمان لتحقيق الأمن. وأشار عثمان صالح الى الخلافات التي تعيق التقدم في بناء الإستراتيجية وقال لا بد من أن يكون هناك اتساق وليس تجاذباً لمواجهة الصراع. وأكد أن المرجعية الفكرية هي منطلق كل الإستراتيجيات التي تتصارع الآن وأن الإستراتيجية العلمانية والنصرانية واليهودية تتحرك بأقصاها لبلورة العالم. وقال إن انقسام العالم الإسلامي والسودان تحديداً جعلنا نواجه أخطاراً كبيرة تتمثل في إستراتيجية العالم الغربي وأنه لا بد من السعي لكي نخرج من بوتقة هذه الصراعات. زائداً بأننا مأمورون بإصلاح الدين والدنيا، وفي هذا أصبحنا نسير في حالة هبوط مستمر لذلك تنشط الإستراتيجيات المعادية لنا. وأكد أنه لمواجهة التحديات لا بد من أن ننتبه لوحدة الرأي والفكر والإرادة ووحدة الأمة كما أن علينا أن نفكر للوصول للغاية التي تجعل طبيعة الصراع على هويتنا مرتكزة على علم وواقع لتلافي القصور ووضع المعالجات، وقال إن دعوة الرئيس للحوار كانت خطوة مهمة لبناء الثقة. وأشار رئيس علماء السودان إلى أن المملكة العربية السعودية يُحمى لها الحديد الآن، وأنها ظلت مستهدفة بخطط قديمة يهودية صهيونية وأن ما يجري حول أصل الخليج هل هو عربي أم فارسي أحد معالم ذلك الصراع. حسم الصراعات أما العقيد الصوارمي خالد سعد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة فقد أكد أن الإستراتيجية لا تبنى من الأعلى وأنما يجب أن تنطلق من الأسفل من القاعدة، مشيراً إلى الخلافات الإسلامية وأن الكثيرين لا يؤمنون بما كتبه أسلافنا في الفكر والعقيدة والدعوة، وقال إننا لم نتفق حول الجزيئيات فكيف نتفق في الحكم. وقال الصوارمي إن السلام هو إستراتيجية العصر الحديث، مشيراً بذلك إلى أن الدول الإسلامية هي الأكثر حروبات وانشقاقات فكيف يتسنى لها وضع إستراتيجيات ناجعة، مؤكداً بقوله «لا بد من حسم الصراعات لبناء إستراتيجية موحدة» بيد أنه قال إن تصنيف بناة الإستراتيجية في بلادنا يعطي الفرصة للعلمانيين ويجدون فرصة القبول.