«نخشي لو استمرت حالة الحصول على الحقوق حصريا وتشفير المشاهدة ألا تكون كرة القدم في يوم من الأيام لعبة شعبية كما هي حالياً» هذه العبارة قالها المسيو جوزيف سيب بلاتر عام 2002م بعد بطولة كأس العالم في كوريا واليابان بعد أن آلت حقوق بثها لعدد من الشركات الكبري في العالم، وبدأت المغالاة في قيمة بطاقة الشفرة التي تحولت أخيرا الى مغالاة بل وشرط تعجيزي لمن يريد شراء البطاقة الغالية ان يشتري معها جهاز الاستقبال «الرسيفر» الخاص بنفس الشركة مما زاد من معاناة المشاهدة. بلاتر الذي ذكر العبارة عاليه هو نفسه الذي يوقع عقودات بيع الأحداث الكروية للشركات بل هناك شركة تشتري منه مباشرة ثم تقوم بالبيع لبقية الشركات وتردد ونشر على نطاق واسع. ان هذه الشركة يمتلك معظم اسهمها الاتحاد الدولي - فيفا - نفسه وبلاتر شخصيا وطبع كتاب في اوروبا ونشر بعدة لغات ويحمل اسم «من سرق اللعبة؟» وبرضو لا حياة لمن تنادي. من أجل ان نبكي على الأطلال واللبن المسكوب فهي فرصة لنذكر المشاهدين والرياضيين كيف كنا نعمل من أجلهم ومن أجل استمتاعهم بالأحداث العالمية الكبيرة.. وحليل ايام كانت الكلمة عند اتحاد الاذاعات العربية المولود والمؤسس في السودان عام 1969م الذي كان ينوب عن كل الدول العربية ويتفاوض باسمها ويحصل على الحقوق لكل المنطقة العربية ويقسم المبلغ المستحق على كل الدول حسب نسبة كل دولة في الجامعة العربية وظللنا نستمتع بمباريات كأس العالم والنهائيات القارية وكل البطولات الإفريقية حتى العام 1998م.. حين انتصرت المادة على المبادئ ودفعت الشركات التي أسميها الغول عشرات الأضعاف على ما كنا ندفعه في اتحاد الإذاعات وعجزنا عن المنافسة ولم نجد أي دعم من جامعة الدول العربية ومن بعض الدول العربية الكبرى وضاع كل شيء. وصارت المشاهدة كما هي الآن. المشكلة تتفاعل في كل مرة ويصعب الحل ولكنه ليس مستحيلا اذا ارتفع القادة العرب لمستوى مسؤولياتهم نحو شعوبهم ووحدوا كلمتهم واستفادوا من القوة الشرائية العربية الضخمة ولو بالتلويح مرة واحدة بمقاطعة المشاهدة وعندها سيرضخ الغول واجتماع واحد مشترك لوزراء الإعلام والشباب والرياضة العرب كفيل بذلك. نقطة... نقطة.! مشكلة المشاهدة هذه ليست موجودة في اوروبا وامريكا مثلاً كما هي موجودة في الوطن العربي الكسيح.. ذلك ان قوانين ذلك العالم تمنع الاحتكار بينما نحن تفتح سمواتنا للاحتكار وقد أعددنا مسودة قانون من اللجنة الدائمة للرياضة التي أتشرف برئاستها منذ العام 2000م بمشاركة خبراء قانون عرب ووصلت المسودة لجامعة الدول العربية ولكنها أجهضت بسبب النفوذ الكبير للمستفيدين من هذا الحال المائل. أتمني ان يتذكر مشاهدو التلفزيون ذلك الحوار الذي أجريته مع ذلك الثري العربي الكبير الذي أدخل نظام الحقوق الحصرية والتشفير وقبل ان نبدأ الحوار اشترط علي ان أجيبه على أربع اسئلة وإلا رفض الحوار ووافقت وكان سؤاله الأول أيهما اهم للإنسان العربي الكرة ام الدواء، وكنت اجيب الدواء طبعاً، وسؤاله الثاني أيهما أهم الكورة أم الخبز وكانت نفس الاجابة الخبز طبعا، وجاء السؤال الثالث هل توجد حكومة عربية تقدم الدواء والخبز مجانا، وابتسمت حين عرفت قصده وأصر على الإجابة وكان السؤال الاخير اذا الحكومات لا تعطيكم الخبز والدواء مجانا فكيف نعطيكم مشاهدة الكورة.. ثم علق «بزنس اذ بزنس واللي ما معهوش مايليزموش» وانتهي الحوار. تحية تقدير واحترام للرياضيين الحقيقيين في العالم وأعني بهم اللجنة الأولمبية الدولية التي لها ميثاق اولمبي رائع يمنع الاحتكار ودخول الأساليب الرخيصة في الرياضة ولهذا فاننا ضمن وفد اتحاد الاذاعات العربية وقعنا عقداً للحصول على بث كل النهائيات الاولمبية لكل المشاهدين العرب دون حقوق حصرية او تشفير وهنا الفرق بين من يعرف الأهداف السامية للرياضة وبين من لا يعرف إلا الكسب المادي منها. لا تستغربوا فالحال عندنا في السودان لا يختلف عن الآخرين وأقصد بهم غول الحقوق الحصرية «كمان الامر عندنا ازداد سوءا.. لان من يدفع قيمة الحقوق الحصرية للدوري السوداني الدولة ممثلة في وزارة المالية». والمستفيد من التلفزة شركاء محمد حاتم سليمان فقط.. وأقصد ان عائدات التلفزة لا تعود للدولة التي تدفع انما لغيرها بل حتى بعثة القنوات السودانية الخاصة والحكومية محرومة من البث. ألم أقل ان الحال عندنا أسوأ وأكثر إيلاماً. حان موعد سداد القسط الخاص بقيمة الدوري الممتاز ولا أعرف هل سيوافق الوزير الجديد السيد بدر الدين محمود علي الدفع أم يسأل عن مصير الدفعيات السابقة ومصير العائدات الضخمة من التلفزة في الإعلانات والدعايات؟