للحكاية بقية: يروي بعضا منها: القسم السياسي تابعنا في الآونة الأخيرة احتجاج عدد من الوزراء على ضعف مال التسيير لوزاراتهم منهم وزراء الإرشاد والأوقاف والعدل بجانب احتجاجات بعض الولاة مما أوحى وكأنما الوزارة المسؤولة عن تدفق الأموال إلى المؤسسات النظيرة تحجب المال في حين أن المالية وقبل انفصال الجنوب وضعت خطة بهدف امتصاص آثار الانفصال وتعويض الفاقد من البترول وتم وضع خارطة طريق اعتبرت حائط صد للمصاعب التي يواجهها الاقتصاد على المستوى المحلي حيث تم تصميم البرنامج الإسعافي الثلاثي «2011 2013م» لتلافي فاقد البترول على الاقتصاد. لكن المتتبع لتضجر المسؤولين وشكواهم التي يطلقونها في الهواء وتصطادها الصحافة وتشكل لها مادة دسمة يدفعك الأمر للتساؤل هل هؤلاء المسؤولون يحضرون جلسات مجلس الوزراء؟ وهل تم تنويرهم بالبرنامج الإسعافي الثلاثي الذي حفظه كثير من المواطنين عن ظهر قلب؟ فيما يبدو أن كثيرًا من المسؤولين ظنوا أن الأمر لن يطبق وأن سياسة التقشف لن تدق أبواب وزاراتهم خاصة وأن كثيرًا من الوزارات لم تضع خططًا تستوعب سياسة التقشف التي تم الإعلان عنها والتي كانت تتطلب مجاراتها فالأموال التي كانت تضخ في خزائن تلك الوزارات تم تخفيضها إلى حد كبير وهو ما يبدو قد شكل صدمة لتلك الوزارات والتي باتت تشكو ليس من ضيق اليد التي حلت بها بل من وزارة المالية التي تم تصويرها وكأنها قابضة على الأموال وتتمنع في توزيعها أو كأنما المال بيد الوزير يتصرف به كيفما شاء وهنا لابد من الإشارة إلى أن الأمر نعني به في المقام الأول الوزارات وليس الولايات لجهة أن مواقفها تختلف فهناك جدل كثيف بينها وبين المالية حول أموال التنمية كان منها ولاية جنوب دارفور في عهد واليها الأسبق وهذا أمر آخر لا علاقة له بما هو مشار إليه في هذه المادة. القيادة السياسية مطالبة بوضع حد للهرجلة البائنة من بعض الوزارات وحديثها عن الأموال وضعف التسيير في وقت تعاني فيه الخزانة العامة نفسها من ضعف بائن في الإيرادات عقب خروج حصة كبيرة من النفط من الموازنة العامة عقب انفصال الجنوب، إن حديث المسؤوولين بمثل هذه الصورة وكثرة شكواهم يبث مخاوف في نفس المواطن العادي وهي حالة قد يتصور العاملون بالدولة أن مرتباتهم في الفترة المقبلة ستكون في «تلتلة» طالما كان فهم جزء من المسؤولين مغلوطًا. وحق هنا تذكير بعض المسؤولين في المقام الأول قبل المواطنين بملامح البرنامج الإسعافي والمتمثلة في تنامي وتعاظم إنفاق الدولة بمعدلات متسارعة لمقابلة الاحتياجات الأمنية والدفاعية والصرف على برامج السلام، ومعالجة الأوضاع الإنسانية وتكاليف إنشاء الهياكل والوزارات الجديدة والصرف على الانتخابات وغيرها. .. الأثر على الجهد المالي والضريبي للدولة بعد دخول البترول وتسيده هيكل الإيرادات ونتيجة لانخفاض الضرائب وإعفاء الضرائب على الزراعة وتوسيع إعفاءات الاستثمار. .. الاعتماد الكبير على القروض الخارجية قصيرة الأجل والضمانات والسندات والصكوك بديلاً للقروض الخارجية الميسرة والتي استمر المانحون في عدم توفرها وعرقلة تدفقها نحو البلاد. ويقول الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي أنور شمبال إن البرنامج بهذا الفهم، لا بد أن يقلل من الإنفاق الحكومي عبر تحجيم الانفلات الأمني في أضيق نطاق، وإيقاف النزوح ولجوء المواطنين إلى دول الجوار على الأقل إن لم يتم إعادة النازحين واللاجئين إلى قراهم، وإيقاف زيادة عدد الوزارات والولايات، والمحليات، وإعادة فرض ضرائب على النشاط الزراعي، وتخفيض حجم الإعفاءات على الاستثمار، والسعي الجاد لاستجلاب قروض خارجية ميسرة، لمعالجة المشكلة. وتتّبع موجهات المالية حزمة سياسات تستهدف خفض الإنفاق العام بخفض الإنفاق الجاري فيما يلي جانب التسيير والبنود الممركزة وتشديد ضوابط سفر الوزراء والمشاركات الخارجية واقتصارها على المشاركات المهمة ذات الجدوى الاقتصادية والسياسية الواضحة، بجانب ضبط المأموريات الداخلية وخفض نفقاتها وطالت الضوابط المشددة التي تم إصدارها بوزارة المالية اليوم ترشيد الإنفاق على المستشاريات خارج البلاد بتقليلها ودمجها في السفارات القائمة. وشملت الضوابط التي أعلن عنها وزير المالية الشهر الماضي إعادة النظر في الإنفاق على الوزارات التي تم دمجها والتشديد على ضرورة تحديد التسيير والبنود الممركزة المطلوب سدادها لكل شهر خلال العام للوحدات الحكومية كافة مع الالتزام بتشديد منع أي إيجارات جديدة للوزارات خلال العام ولكن فيما يبدو أن بعض الوزراء يتعمدون تجاهل سياسة الترشيد.