أفقد كل صباح ثقتي في الجهاز التشريعي المتمثل في البرلمان لأن الأفعال والأقوال تؤكد أن بعض نواب الشعب لا علاقة لهم بالشعب، سوى أنه الواجهة التي يتخذونها ليحملوا الصفة التي تمنحهم الحصانة والبرستيج وشرف الجلوس تحت قبة البرلمان. وخلوني أبدأ من آخر النكبات والابتلاءات التي أصابت إنسان السودان البسيط الذي يكابد من أجل لقمة العيش، وفي هذا السعي قد لا يدخر لنفسه ما يجنبه الحاجة والعوز، إن تعرض لمرض أو أزمة طارئة وآخر الابتلاءات كان وباء الكوليرا الذي حملته الألسن الرسمية وأسمته الإسهالات المائية، وفي هذا لا يهمنا إن كان كوليرا أو غيرها بقدر ما تهمنا التداعيات والوباء الفتاك أفقدنا من الضحايا نفراً ليس بغالين على الله، لكن القلب يحزن والعين تدمع لفقد سوداني واحد تحت أي ظرف من الظروف، ورغم حالة الاستنفار التي شهدتها ولايتا النيل الأزرق وولاية سنار ورغم أن الأمر تعدى مرحلة الظاهرة إلى الوباء، إلا أننا للأسف الشديد لم نسمع صوتاً واحداً من داخل البرلمان يطالب باستدعاء وزير الصحة لمعرفة سبب هذه الكارثة التي مؤكد لها مسبباتها التي جعلت المصيبة تستفحل إلى حد الموت الجماعي، وحتى يقف البرلمان على أسباب القصور والنقص في الاهتمام بالبني آدم الذي يشمل مصادر المياه وهي واحدة من أهم مسببات المرض، وهي أسئلة الإجابات عليها لدى وزير البيئة وحده، لكن للأسف وفي خضم هذه الكارثة البرلمان ونوابه منشغلون بمعركة (زات الأي تن) ومن أحق بامتلاك عربة ومن عليه أن ينتظر فرصة قادمة، والخلاف والاختلاف وصل حد الاحتكام (للحظ) بين النواب المحترمين لتكون القرعة الفيصل حتى لا يزعل أحد أو يعتبر نفسه مظلوماً مرصوداً مقصوداً. طيب السؤال المهم هل ذهب نواب ولايتي النيل الأزرق وسنار إلى منطقة الشدة والوقوف مع مواطنيهم من قلب الحدث، أم أنهم لم يبارحوا الخرطوم في انتظار إجراء القرعة رغماً عن أنف الثكالى واليتامى والحزانة في بيوت الغبش التعابى. أعتقد وهو اعتقاد اكتشفت أن الكثيرين يشاركوني فيه أن الأجهزة التشريعية في بلادنا بدءاً من البرلمان والمجالس التشريعية، هي مجرد أجهزة هلامية وفقاقيع صابون من غير محتوى أو مضمون أو أثر، وهو ما يجعلها عبئاً بدلاً من أن تكون سنداً وركيزة للجهاز التنفيذي، لتبدو بكل هذا الهوان والخوار مشغولة بمصالحها الشخصية ولملمة أطراف الفائدة المطلقة، وكان الله في عون الشعب الذي انتخب هؤلاء ليكتشف بعدها أن القبة فاضية وليس تحتها فكي!! { كلمة عزيزة أفهم وأقدر أن نمتلك بعضاً من الذكاء الاجتماعي أو قدراً يسيراً من المجاملة التي تجعلنا في أحيان كثيرة نضطر أن نعصر على روحنا ليمونة ونمشي دقائق قد تجمعنا بشخوص، نحمل نحوهم رأياً سالباً ونقول أهي ثواني وتعدي، لكن تفرق كثير أن تستمع لشخص يحمل رأياً سالباً في شخص آخر ويصفه بأكثر الصفات سوءاً بل ويدعي أنه على النقيض منه تماماً مبادئ وأخلاقاً ومُثلاً، لكن نتفاجأ بذات الشخص وقد جمعه لقاء تلفزيوني بذاك الشخص وطوال الحلقة يظل يمدح في صاحبنا وفي رقيه وسموه وتفرده. كيف بالله عليكم أثق بعد ذلك في منتوج شخص يفترض أنه مبني على الشفافية والصدق وهو بكل هذا الضباب والكذب حقيقة مشكلة وكارثة. { كلمة أعز الآن لم يعد أمام الشعب السوداني إلا أن ينتظر الفرصة الأخيرة بتكوين حكومة الوفاق ما بعد رفع توصيات الحوار الوطني، وهي حكومة يجب أن تقوم على أكتاف الحريصين على مصلحة البلد من الذين يرغبون حقيقة في خروجنا من النفق المظلم، كفاية مجاملة للرفاق والصحاب والقرايب والحبايب وأدعياء الوطنية والفهم!!