كفاح صالح: لاعبو القمة مستهلكون    الهلال في مهب الريح    ((لاجديد هيمنة هلال مريخ هي السائدة))    شاهد بالصورة.. الفنانة ريماز ميرغني تخطف الأضواء بإطلالة سودانية خالصة    شاهد بالفيديو.. بعفوية وسذاجة كبيرة.. شاب سوداني يحاول وضع يده على كتف "البرهان" أثناء التقاط "سيلفي" معه ونظرات "الكاهن" وحرسه الشخصي تربك الشاب وتدفعه لمغادرة المكان    شاهد بالفيديو.. مشجعة الهلال الحسناء "سماحة" تهاجم اللاعب أطهر الطاهر: (ظالم وشليق.. عامل فيها نمبر ون وجيت الطيش)    شاهد.. قائد كتائب البراء بن مالك يظهر في استراحة محارب مع نجله ويكتب له: (من أجلك أتحدى العالم..يا قطعة من قلبي، ويا أغلى من نفسي) والجمهور يتفاعل: (هذا الشبل من ذاك الأسد)    شاهد بالفيديو.. مشجعة الهلال الحسناء "سماحة" تهاجم اللاعب أطهر الطاهر: (ظالم وشليق.. عامل فيها نمبر ون وجيت الطيش)    شاهد بالصورة.. الفنانة ريماز ميرغني تخطف الأضواء بإطلالة سودانية خالصة    شاهد بالفيديو.. بعفوية وسذاجة كبيرة.. شاب سوداني يحاول وضع يده على كتف "البرهان" أثناء التقاط "سيلفي" معه ونظرات "الكاهن" وحرسه الشخصي تربك الشاب وتدفعه لمغادرة المكان    شاهد بالفيديو.. في أكبر مفاجأت النخبة.. فهود الشمال يفترسون "الهلال" في الوقت القاتل ويهدون "المريخ" صدارة الدوري    شاهد بالفيديو.. في حفل غنائي بالسعودية.. الفنانة إنصاف مدني تتعرض لهجوم إسفيري كبير بعد إعتدائها على طفل ب(الكف) دون وجه حق    ثلاثية تاريخية .. تشيلسي ينسف حلم باريس ويتوج بطلًا للمونديال    الفيفا" يكشف عن الشارة الذهبية لبطل مونديال الأندية قبل موقعة تشيلسي وباريس    أقوى 5 جيوش بحرية على مر الزمان؟    خياراته تتضاءل.. الضغوط الدولية تفاقم عزلة البرهان    متحدث سابق للمقاومة يعلق على حادثة أم صميمة    كامل إدريس يطالب الشباب بدور فاعل في إنفاذ مشروع الاستشفاء الوطني    470 قتيل للجيش ومليشياته في "أم صميمة" في معركة طاحنة قرب "الأبيض"    الأزرق… وين ضحكتك؟! و كيف روّضتك؟    دوري النخبة: موقعة صعبة تنتظر الهلال الخرطوم في عطبرة    عاجل..اندلاع حريق جديد في مصر    مدن سودانية تنهض من رماد الحرب والخرطوم تتراجع    5 طرق بسيطة لاكتشاف تطبيقات التجسس على جهازك    المباحث الجنائية المركزية ولاية الخرطوم تكشف غموض جريمة مقتل مواطن ونهب هاتفه بالحارة 60 وتوقف المتهم    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    إتحاد الغرف الصناعية يجدد الدعوة الى تكوين مجلس أعلى للتنمية الصناعية    كنانة ليست مجرد شركة أو مصنع لإنتاج السكر والإيثانول    قاضية تأمر إدارة ترامب بوقف الاعتقالات العشوائية للمهاجرين    شاهد بالفيديو.. تجار شارع "الحرية" بالخرطوم يستعدون لفتح محلاتهم التجارية بعد اكتمال الترتيبات وبدء وصول البضائع وأكثر من 80 تاجراً يعلنون جاهزيتهم للإفتتاح بعد أيام قليلة    ((مختار القلع يعطر أماسي الوطن بالدرر الغوالي)) – غنى للعودة وتحرير مدني وغنى لاحفاد مهيرة – الدوحة الوعد الآتي (كتب/ يعقوب حاج أدم)    المباحث الجنائية المركزية ولاية الخرطوم توقف عدد من المتهمين بجرائم النهب بمحلية كرري    د.ابراهيم الصديق علي يكتب: إلى البرهان : من القولد إلى البطانة..    3 طرق لإخفاء تحركاتك وخصوصياتك عن "غوغل"    وسط شح في السيولة.. "الدولار" يلامس حاجز ال 3000 آلاف جنيه    أم درمان.. سيولة أمنية وحوادث عنف بواسطة عصابات    دراسة إسرائيلية تحذر من الحضور الخليجي في مصر والأردن    بسبب أسعار البيض.. إدارة ترمب تقاضي كاليفورنيا    تدشين حملة التطعيم ضد الكوليرا بمحلية سنار    تدشين حملة التطعيم ضد الكوليرا بمحلية سنار    السودان..ترتيبات بشأن مخطّط سباق الخيل لتمليك المواطنين شقق سكنية    قد يكون هنالك طوفان ..راصد جوي يُحذر من ظاهرة "شهيق الأرض": تغيرات كوكبية قد تهدد المياه والمناخ    هبة المهندس مذيعة من زمن الندى صبر على الابتلاء وعزة في المحن    المباحث الجنائية بولاية الخرطوم تضبط متهمين إثنين يقودان دراجة نارية وبحوزتهما أسلحة نارية    حريق سنترال رمسيس بالقاهرة.. 4 قتلى واستمرار عمليات التبريد    حريق بالقاهرة يعطّل الاتصالات ويصيب 22 شخصًا    نانسي عجاج: لستُ من ينزوي في الملماتِ.. وللشعب دَينٌ عليّ    مجموعة لصوص!!    بشرط واحد".. فوائد مذهلة للقهوة السوداء    بالفيديو.. شاهد لحظات قطع "الرحط" بين عريس سوداني وعروسته.. تعرف على تفاصيل العادة السودانية القديمة!!!    عَودة شريف    مصر تغلق الطريق الدائري الإقليمي بعد حوادث مميتة    مأساة في أمدرمان.. تفاصيل فاجعة مؤلمة    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    السودان..قرار جديد لكامل إدريس    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياحة قصيرة فى سفر الحباب

فى كتابة الممتع ( الحباب ملوك البحر ) للدكتور ادريس ابراهيم جميل ، استوقفتنى عبارة البحر فى العنوان ، فقلت ما الذى منع الدكتور ، من ان يسبق كلمة البحر بالبر ، ليصير العنوان ، ملوك البر والبحر ؟ . عليه ظللت ابحث عن علاقة الحباب بالبحر ، فلم أجدها بين أسطر سفره علماً بأن علاقة البجة عموماً بالبحر ، شبه معدومة ، فهم قومُُُ رعاة ، لايركبون البحر الا اضطراراً ، ولا يأكلون من خيراته إلا لماماً ، بل لم أجد أثراً يذكر للبحر فى ادبهم . لكن يبقى الدكتور شعلة أضاءات مع غيرها ، بعضاً من مسالك البجة عبر التاريخ ، ذلك التاريخ الذى اهتم به القليل من رحالة البجة ، والكثير من الرحالة الأغراب ، حين افاضوا فى وصفهم شعوب المنطقة ، بحقائق تكتنفها بعد الخيالات السماعية ، مع إشارات لحالات الأستنفار بينهم ، دفاعاً عن العرض والأرض . هذا مادفع المؤلف ، مستغلاً علميته ، مشمراً عن ساعد الجد ، لرصد الكثير مما هو مخالف فى اسفار الأقدمين للواقع البجاوي ، وتصدى له بنجاح ، فكان مقنعاً قاطعاً فى تفنيداته واستنتاجاته ، بعد تقصيات دقيقة ، بيد أن هناك من أبناء البجة ، من يرون ان جرأه الدكتور جميل ، بالكتابة عن الحباب كقبيلة ، وهى فى حقيقتها أرض ، يعد مخالفة للواقع ، وتجهيل للقارئ الملم ، بتاريخ المنطقة ، ومسميات قراها ومدنها وجبالها وأوديتها ، قبل نزول جدهم أسقدى من المرتفعات ، على كل انا هنا لن أشغل نفسى بما أختلف عليه مع المؤلف ، سواء كان ذلك من أفراد من قبيلته ، أو من سكان المنطقة من قبائل بنى عامر وغيرهم ، فلتلك الخلافات من هم أعلم منى بشأنها ، ولكنى انوه باعجاب الى الجهد المقدر ، الذى بُذل من المؤلف ، من أجل اضاءات كما أسلفت فى تاريخ البجة . كان آباؤنا ومن قبلهم أجدادنا ، يطلقون على لغتنا - بنى عامر وحباب – ( هاسايت ) ، الا ان مسمى هاسايت ، انحصر تماما اليوم ، إذ لم يعد استخدامه ، إلا من قبِل قبائل البداوييت ، ومن دار فلكهم لغة . ثم برز فى أوساط شرقنا مسمى ( تجرى ) ، فنال حظاً وافراً من الأستخدام ، حتى رسخ ، ولكنى شخصياً كنت استخدم عبارة لغة بنى عامر فى احاديثى وكتاباتى ، بدلاً عن هاسايت ، وهذا لايعنى أننى انكر هذا او ذاك ، ولكن ربما لأنها لغة مجتمعى ، فهو الأقدم بلاشك فى أرض البجة .
الدكتور ادريس جميل ، استخدم عبارة اللغة الحبابية ، كثيراً فى مؤلفه ، كما تناول مواقف بعينها بشئ من الحدة ، فهو رجل مصادم ، حتى جر عليه ذاك الاستخدام والتناول ، كثيراً من السخط ، وكان بأمكانه الابتعاد عما يثير الآخرين ، فيما خطه يراعه فى هذا السفر ، فهو اكبر من ان يترك مساحة للنيل من جهده ، لكن بالعودة الى بحثه المنشور بجريدة الخرطوم فى العام 1995 م ، ويقول : ان لفظ البجة ، ليس لها أى معنى فى لغة التبداوى ، ولا فى لغة التجرى ، وهما اللسانان الرئيسيان المستخدمان من قبل عموم البجة . لا حظ انه يقول لغة التجرى ، ولم يستخدم مصطلح لغة الحباب ، وهذا مايدرء عنه سوء القصد . فى تقديرى انه استخدم مصطلح لغة الحباب مجازاً ، مثلما استخدمت أنا عبارة لغة البنى عامر مجازاً ايضاً ، بدلاً عن لغة هاسايت ، المتعارف عليها فى اوساط مجتمعنا يوماً ما ، ولكن يبدو ان هناك اسماء أخرى لتلك اللغة اهملت ، وهى الأحق . تحدث المؤلف فى كتابه عن الحباب عموماً بأفاضة ، ولا عجب ، وخص بيت اسقدى ، وكل زعماء الحباب السابقين ، بما يستحقونه من تقدير واهتمام ، ولم يغفل علاقة الحباب بالبجة الآخرين ، حينما أبان إنها علاقة حاكم بمحكوم ، وان كان آخرون يرون ان المؤلف ، شطح بعيداً بهذه العلاقة ، ولم يكن دقيقاً في وصفة لهذه العلاقة . عموماً كما أوضح المؤلف تلك العلاقة ، ولم يكن دقيقاً فى وصفه لهذه العلاقة ، بأنها كانت علاقات توادد وتراحم وتواصل وتصاهر فى معظمها ، إلا ما استحدث فيها من منزلقات . ثم عرج بنا الدكتور إلى تأثيرات الحباب ، على الثورة المهدية ، ومشاركاتهم الفاعلة ، سياسياً وعسكرياً فى دعمهم لها ، ثم ساقنا الى انعقاد اجتماعهم الاول ، لمؤتمر البجة ، وتطرق الى دور الحباب فى رفده بكفاءات ، ساعدت على وقوفه على رجليه .... الخ .
أعجبنى حقيقة ان الحباب يسجلون كل حدث وان كان صغيراً ، بل يحتفظون بوثائق أهملها غيرهم من البجة ، فنال بها الحباب ، شرف نعتهم بالتحضر ، ويكفيهم فخراً ، إن فى كتابهم ، ما أسقط واسكت الأستاذ وتلاميذه من بعده ، أولئك الذين يعتقدون بجهالة ، إن لغتنا الثرية بجماليتها وتصريفاتها ( مسخ شائه ) ، ليأتى المؤلف بالدلالة ، حينما ازال لبساً تخبط فيه المفسرون ، لعدة آيات قرآنية ، وماذاك التخبط إلا لجهلهم بلغة بنى حمير فى جنوب جزيرة العرب ، والحميرية واحدة من الألسن السبعة ، التى نزل بها القرآن ، وان كان معظمه نزل على لسان قريش العدنانية . استعان المؤلف بلغة أهله من بنى عامر وحباب ، وهم فى غالبيتهم من أصول عربية حميرية ، ليفسر قوله تعالى ( ويمكرون ويمكر الله ، والله خير الماكرين ) . يقول يمكرون من المكر ، وردت كثيراً فى القرآن ، واستشكل فهمها على كثير من المفسرين وعامه الناس ، حيث يتبادر إلى أذهان الكثيرين ، إن معناها هو الخداع والمرواغة ، لدرجة ان بعضهم ، يتحرج من إطلاق هذه الصفات على المولى عز وجل ، فتجده يبحث عن المبررات ، لتأويل المعنى ، فقد فسر بعضهم الآية قائلاً : إن المكر المضاف والمسند الى الله جل وعلا ، ليس كمكر المخلوقين ، فهو مكر محمود وليس مذموم ، لأنه إيصال للعقوبة لمن يستحقها ، فهو عدل ورحمة – هذا التفسير اجتهاد مأجور – ولكن المرء يجد صعوبة في التفريق ، بين خداع مذموم وآخر محمود ، بل تنهار الحجة كلها ، عندما نقرأ قوله تعالى في سورة الرعد ( فلله المكر جميعاً ) ، حيث لا ينبغى ان نقول : ان الخداع والتضليل جميعاً لله . بعودة المؤلف الى لغة أهله ، يجد أن المكر يعنى التخطيط والمشورة ، فعليه يكون التفسير الصحيح للآية
( ويخططون ويخطط الله ، والله خير المخططين ) ، ثم ننتقل إلى سورة الدخان ، فى قوله تعالى مخاطبا موسى عليه السلام : ( وأترك البحر رهواً ) . قال مفسرون ان رهواً بمعنى ساكناً ، وقال آخرون بمعنى يابساً ... الخ ، وقالت لغة المؤلف ، رهواً بمعنى مفتوحاً – اى لاتقلقه بعصاك بعد عبورك ياموسى ، وهو مايتفق بالمعنى المراد . وآية ثالثة فى سورة البقرة ، عندما خاطب جل وعلا ، من أماته مائة عام فى قوله : ( .... بل لبست مائة عام ، فأنظر الى طعامك وشرابك ، لم يتسنه ، وانظر الى حمارك ، ولنجعلك آية لناس ) . قال مفسرون : لم يتسنه – اى لم يتغير وهذا التفسير كما يقول الدكتور المؤلف ، لا يتفق وسياق الآية ، فالمائة عام جعلت من عظام الحمار نخرة ، ولابد لها أن تغير من اكل الرجل وشرابه ، وهذا هو المراد وهذا هو المنطق ، ولحسم أمر الآية ، رجع المؤلف الى لغته الحميرية ، ليتبين له إن لفظ لم يتسنه ، اى لم يعد حسناً يطيب أكله أو شربه . هناك آيات كثيرة اجتهد فيها الدكتور فأصاب ، فمن أراد الاستزادة فليرجع إلى كتابه ( الحباب ملوك البحر ) . شكراً للدكتور إدريس جميل على هذا العمل الكبير ، فأن اختلف معه البعض فى تفاصيل ماجاء ذكره بين اسطر كتابه ، أو بعضاً منه ، فهو جهد بشرى ، قابل للنقصان ، فالمؤلف كما عرفته ، ليس ممن تأخذه العزة بالإثم ، فهو يتراجع عن معلومة أوردها سِفره خطأ ، متى ما اثبت الآخرون عدم صحتها وان كان استنتاجاً ، ولسنا فى حاجه الى مزيد من الخلافات ، فى ظرف يئن فيه سوداننا ، من انقسامات واعتداءات فرضت عليه حسداً ، فنحن أمه واحدة ، وان أختلفت مشاربنا ومسمياتنا ، صنعتنا مملكة سنار طوال 316 سنة ، فأحسنت صنعنا ، كرماً ومروءة وائتماناً ، حتى بدأنا نفقد صنيعها ولابد من عودة . نحن كبجة فى حاجة من المستنيرين من أبنائنا ، للعبور بنا إلى مساحات أوسع من فكر القبيلة الضيق ، لنحقق ذواتنا ، اقتصاداً وعلماً وصحة في ظل السودان الموحد ، إذ لا عزة لنا إلا باحترامنا لبعضنا البعض ، ولا فخر لنا إلا حين نحسب من أبطال السودان وعلمائه وأدبائه وفنانيه وعامته .
بقلم / عبدالقادر رمضان عثمان البلوى
السعودية – الرياض
00966502804490


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.