شاهدت فلم وثائقي فى واحدة من القنوات السودانية ( الثقيلة ) الدم ، وهو يحكي عن احداث الجزيرة ابا ويتحدث عن هجرة الامام الهادي وعن مقتله بطلق ناري علي يد عسكري من جنود الضابط (طلحة ) على مشارف مدينة الكرمك كما تؤكد رؤاية الفلم ، وحقيقة بغض النظر عن مستوي الشحنة العاطفية التى طرحها المخرج باستضافته لاكبر متخصص في تزيف الوقائع الاخواني المحترم مهدي ابراهيم الا ان اكثر الخفايا التى جعلتني احرص على متابعة الفلم من الغلاف الي الغلاف - لو جاز التعبير - هو انني وجدت فيه ما ابحث من معلومة ثقافية تستطيع ان تحدث الاثر البالغ في محتوي الخلفية التاريخية التى اكونها عن جماعة الامة كحزب طائفي له ادواره السياسية العظيمة التى تخدم اجندة اعداء الشعب السوداني ... وحسناً فعلت لقد اكتشفت فعلاً ان الامام الهادي - يرحمه الله - كان رجلاً والرجال قليل وكان وطني مخلص لايشق له غبار وهو واحداً من القلائل الذين يؤرخ التاريخ لحوادثهم المجيدة التى لايضاهيها مثيل ، فالارجنتيني تشي جيفارا والامام الهادي وجهان لعملة بطولية واحدة لقد مات كلاهما شهيداً في سبيل المبادي التى كان يؤمن بها ، لذلك وجدتني طوعاً احني رأسي للامام الهادي اجلالاً وتعظيماً لما قدم من انجاز وطني كبير لاتخطئها الا العين الحسودة ولو عاد بي الزمان الي الوراء الي الحقبة التى عاش فيها لوقفت معه قلباً وقالباً ضد الشمولية التى حاربها بكل مااوتي من قوة الارادة قبل القوة اللوجستية التى لايتزرع بفقدانها الا جبان معلوم الجبن .. فالامام الهادي كان ايقونة التاريخ والشمعة المضيئة التى احترقت لتنير الدرب للسالكين حتي يحققوا ولو القليل من مبادئه التى كان يطرح فيها الديمقراطية كمخرج نهائي لكل العقبات التى تعترض نهوض السودان ... لكن للاسف ( النار تلد الرماد ) فخلف من بعده خلفاً اضاعوا هيبة الحزب وفرطوا في وحدة الجماعة وتداعوا كتداعي الكلاب التى تنهش في لحمة (الرمة ) حتي الت مقاليد القيادة المطلقة ( لخائب الرجاء ) ، ( ابو زمة كاوتش ) علي قول الاخوة المصريين ، فنشر بين الناس الفساد وترك عضوية الحزب تتخبط بين المشرق والمغرب السياسي حتي ساورها الشك في مدي افتراض الصدقية التى كانت تتحلي بها دعوة الامام محمد احمد المهدي المؤسس الاول للفكرة المهدية ،لانه من غير الممكن ان يصبح حفيده ( الصادق المهدي ) مؤمناً مع المعارضة و يمسي كافراً مع النظام الشمولي ، فلو كان السيد الشهيد الامام الهادي حياً لذبحه من الوريد الي الوريد جزاءاً نكالا بما يقترف من خطايا ورزايا اخلاقية يخجل ان يرتكبها حتي ( ابن الحرام ) . في المجمل كانت فكرة الفلم الوثائقي بالفكرة الصائبة فهي - على الاقل - وضعت النقاط على الحروف وجعلتنا ندرك حجم التضحية الغالية التى بزلها الامام الهادي من اجل الديمقراطية ، وجعلتنا ايضاً نستطرد ان الفلسفة الجوفاء التى يحاول ان يكمل بها الصادق المهدي نواقصه النفسية هي سبب اللعنة التى اصابت حزب الامة وجعلته مجرد رقم بدون محتوي وطني مقنع .. فعلي مدار ست وثمانون حولاً هي عمر الرجل بالتمام والكمال - ومن يعيش ثمانين حولاً، لا ابا لك يسأم - لازال حضرته مفتوح الشهية السياسية ولازال يؤمن بالمبادي الفكرية التى تقدس الماديات على حساب المصالح العلياء للوطن ، وكما يقول الكاتب الصحفي الكبير الاستاذ حيدر سلام يا .. وسلام يا جائزة ( غوث ) التى تمنح عادة للحملان الوديعة التى تكرس حياتها للعيش بسلام وليست للاسود الضارية... وياسلام منك انا اه ياسلام .. ( والفيهو بخور بنشم ) .. وسلام يا ياسمين البرير عبدالله [email protected]