بسم الله الرحمن الرحيم في الحلقة الثالثة وضعنا الأسئلة الآتية: 1) هل لدينا امكانيات لإجراء التحليلات المطلوبة؟ 2) هل يمكن أن نستهلك الخضروات المعاملة بالمبيدات؟ 3) كيف نتعامل معها؟ 4) كيف نقلل من التركيزات الموجودة بتلك المعاملة بمبيدات بالملامسة وتلك المعاملة بمبيدات جهازية؟ 5) ما هي توصياتنا للمستهلك وللمنتج ولمتخذي القرار وللساسة؟ السودان من أوائل الدول في افريقيا التي أسست معمل لتحليل متبقيات المبيدات في بداية سبعينات القرن الماضي بالتعاون مع GTZ الألمانية كهدية لإدارة وقاية النباتات وكان موقعه بمدني داخل حدود هيئة البحوث الزراعية والتي آل اليها المعمل في بداية التسعينات. كان أول مدير للمعمل هو الدكتور (البروفيسر حاليا بالمعاش) / خالد حامد العبادي الذي أدار المعمل بدرجة عالية من الكفاءة ، ووفر له كل الامكانيات والكوادر، وقمت بنفسي بتأهيل عدد منهم بدرجة الماجستير في مجالات التحليل المتنوعة. بهذه المناسبة نقول أن بروفيسر/ خالد هو أول من تخصص في مجال المبيدات في السودان وحصل على درجة البكالوريوس في مجال المبيدات من جامعة الاسكندرية والدكتوراه في المتبقيات من انجلترا. دراسة المتبقيات بالسودان بدأت قبل تأسيس هذا المعمل بجهد مقدر محليا واقليميا ودوليا بواسطة البروفيسر المتميز جعفر أحمد الزرقاني وشاركه في العديد من البحوث ب/ العبادي. قاما معا أو كل على حده بدراسة المتبقيات في التربة والماء والخضروات والطيور والسماك والزيوت ولبن الأمهات والألبان ومنتجاتها والعديد من المحاصيل، وسبقوا غيرهم من علماء افريقيا والعالم العبي والعديد من الدول الأوروبية. كانت معاملهما تعج بأحدث الأجهزة مع وفرة من الكيماويات والفنيين وأموال التسيير، ونتيجة التعاون مع الألمان الذين تبنوا كل ما يتعلق بهذا العمل وكانت زياراتهما لألمانيا أكثر من مرة واحدة كل عام أكثر من عادية. بعد أن تقاعد ب/ عبادي والتحق بعد المعاش بقسم المبيدات والسميات جامعة الجزيرة لفترة امتدت لثمان سنوات ، وبعد المقاطعة الألمانية للسودان بعد اليوم اياه من الشهر اياه من ذلك العام بدأ العد التنازلي لأداء وامكانيات المعامل وتوقفت كل الأجهزة الحساسة المسؤولة عن التحاليل الدقيقة، وتوقفت الامدادات بالكيماويات وأصبح مال التسيير شحيحا، وأصبحت الحالة تغني عن السؤال. بهذه المناسبة فان الغرض الرئيسي من انشاء هذا المعمل كان هو تحليل كل مكونات (قفة الملاح) على الأقل اسبوعيا بغرض المتابعة وحماية صحة الانسان وبيئته. فقد كانت تؤخذ عينات عشوائية من الأسواق المركزية والمحلية من الخضروات والفاكهة والألبان ومنتجاتها والدجاج والبيض واللحوم والماء والزيوت والسمن ..الخ وتنشر النتائج وتحفظ بالسجلات بهدف المقارنة عبر السنوات. كل هذا للأسف أصبح تاريخا، وأصبحنا نحلل للمتبقيات بطريقة الطبقة الرقيقة TLC بدلا عن ما كنا نقوم به سابقا بالتحليل بأجهزة GLC & HPLC، ويقوم المجلس القومي للمبيدات بقبول نتائجها رغما عن أنها طريقة نوعية qualitative ولا تعتبر طريقة كمية quantitativeأي أنها من الممكن أن تستخدم للتعرف على المركب ان كان لدينا المركب القياسي، لكنها لا تستطيع أن تحدد لنا التركيزات التي عادة ما تكون في مدي المايكروجرام / كجم أو أقل من المايكروجرام. أرجو أن لا تسألوني لماذا توقفنا عن استخدام الأجهزة المتقدمة رغما عن أننا من أوائل من أسس مثل هذه المعامل!!! ألن نؤسس الاتحاد الافريقي لكرة القدم؟ ألم نكن أول دولة افريقيا استقلت من الاستعمار البريطاني؟ ألم نكن أول من أسس خطوط طيران في افريقيا؟ ألم نكن نملك أكبر اسطول بحري بالمنطقة؟ ألم نكنى نملك أكبر مشروع زراعي مروي في العالم تحت ادارة واحدة؟ ألم نكن لنا خطوط سكك حديدية نضبط عليها ساعاتنا؟ ألم يكن الانسان السوداني في يوم من الأيام هو أغلى ما يملك السودان؟ يعلم مجانا، ويعالج مجانا داخل وخارج البلاد، ويعين في الوظيفة التي تناسب امكانياته دون وساطات، وكرامته من كرامة الحكومة ورأس الدولة نفسه؟ ما علينا (خرمنا شوية!!). خلاصة الأمر تحدثنا عن ضرورة اصلاح الأجهزة القديمة والحصول على الأجهزة الأحدث بغرض المواكبة والمحافظة على صحة الشعب الفضل، وتحدثنا مع كل المسؤولين والوزراء السابقين ومدراء الهيئة السابقين والحالي و رابطة الكيماويات الزراعية السودانية (ساجا) والدير السابق والحالي لإدارة وقاية المحاصيل، وقمنا بتجهيز قائمة المطلوبات وتوجد حاليا بمكتب مدير ادارة وقاية النباتات (مسجل المبيدات) منذ أكثر من 8 سنوات، وبتكلفة لا تعجز وزارة أو دولة أو هيئة أو مؤسسة أو رابطة عن تسديد قيمتها، بل أن بعض أفراد الشعب الفضل من الجماعة يصرفها في اجازته السنوية مع الأسرة بتركيا أو ماليزيا ..الخ. لكن عندما يتعلق الأمر بصحة الشعب الفضل، فان المبلغ يصعب التصديق عليه. بالمناسبة هذا المبلغ لا يتعدى مليون دولار لإعادة صياغة المعامل التي أتحدث عنها وستكون النتيجة ان شاء الله مذهلة في صورة انخفاض معدلات الفشل الكلوي والسرطانات والأدوية و التردد على المستشفيات وضياع ساعات العمل والرهق الذي يعاني منه المريض وأسرته وعائلته من جميع النواحي. كان الله في العون. سنكمل الصورة ان شاء الله في الحلقة القادمة. بروفيسر/ نبيل حامد حسن بشير [email protected] قسم المبيدات والسميات جامعة الجزيرة