عودة الحياة لاستاد عطبرة    عَوض (طَارَة) قَبل أن يَصبح الاسم واقِعا    السهم الدامر والهلال كريمة حبايب في إفتتاح المرحلة الأخيرة من الدوري العام    د. إبراهيم الصديق علي يكتب: من خلال تسريبات (الجزيرة) : حكومة إدريس وعقدة الاسلاميين    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تظهر بدون "مكياج" وتغمز بعينها في مقطع طريف مع عازفها "كريستوفر" داخل أستوديو بالقاهرة    شاهد بالصورة والفيديو.. تيكتوكر سودانية تثير ضجة غير مسبوقة: (بحب الأولاد الطاعمين "الحلوات" وخوتهم أفضل من خوة النسوان)    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد بالفيديو.. (يووووه ايه ده) فنان سوداني ينفعل غضباً بسبب تصرف إدارة صالة أفراح بقطر ويوقف الحفل    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناوات سودانيات يشعلن حفل "جرتق" بلوغر معروف بعد ظهورهن بأزياء مثيرة للجدل    "الجيش السوداني يصد هجومًا لمتمردي الحركة الشعبية في الدشول ويستولي على أسلحة ودبابات"    يبدو كالوحش.. أرنولد يبهر الجميع في ريال مدريد    غوغل تطلب من ملياري مستخدم تغيير كلمة مرور جيميل الآن    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    ايران تطاطىء الرأس بصورة مهينة وتتلقى الضربات من اسرائيل بلا رد    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    خطأ شائع أثناء الاستحمام قد يهدد حياتك    خدعة بسيطة للنوم السريع… والسر في القدم    وجوه جديدة..تسريبات عن التشكيل الوزاري الجديد في الحكومة السودانية    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عباقرة الكذب..!!.
نشر في الراكوبة يوم 05 - 12 - 2010

برغم الأوضاع المأساوية التي يمر بها السودان في كافة مناحي الحياة وبشهادة المنظمات الدولية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والصحية لا زال قادة النظام الحاكم يصرون إصراراً بالغاً على الكذب وبلا حياء ويبثون أكاذيبهم على الفضائية السودانية في محاولات ساذجة لتصوير الأوضاع في البلاد على انها مزدهرة وناهضة، استخفافاً بعقول الناس الذين يدركون جيداً حقيقة ما يحدث في البلاد، وفي الوقت الذي يعيش فيه رئيس الدولة عمر حسن احمد البشير وضعاً مأساوياً بسبب زيادة الخناق عليه من قبل المجتمع الدولي والجنائية الدولية أصبحت (الدولة) السودانية نفسها في وضع حرج بسبب غيابها عن العديد من المحافل الدولية والإقليمية التي تُقرر في الكثير من القضايا ذات الأهمية التي تهم شعوب منطقتنا العربية والأفريقية.
ان الكذب نقيض الصدق الذى يبحث عن الحقيقة والتى تقود إلى مخاطبة الذات، ولذا الصدق يحمل معنى المسؤولية والمساءلة، وهذا ما يعبر عنه بالصدق الفنى أو الصدق فى التمثيل وفى المشاعر التى تصل إلى داخل النفس البشرية مما يحدث حاله إنفعاليه من الصدق مع الحدث ذاته، أما الكذب السياسى فعلى عكس ذلك تماماً قد يكون مُبرراً أو غير مبرر، وهنا تبرز كتابات فلاسفة المدرسة الواقعية الذين يُوظفون منطقهم ومُقولاتهم حتى لو كانت غير حقيقية لتحقيق مصالح خاصة، وما كتبه ميكيافيلى فى هذا الخصوص فى غاية ألأهمية عندما طلب من أميره فى كتابه (الأمير) من أن يكون أسداً وثعلباً، وان يكون مُخادعا وأن لا يلتزم حتى بالمعايير الأخلاقية فكانت عبارته المأثورة (الغاية تبرر الوسيلة)، ومن هذه الفلسفة تستمد الواقعية السياسية وفكر المحافظين الجُدد أصولهم الفلسفية والفكرية، وهو ما يفسر لنا الكثير من القرارات السياسية والحروب والصراعات فى المنطقة، تحت ذرائع وحُجج بعيدة تماماً عن الصدق والأخلاقية، وهذا يعنى من بين أمور ودلالات سياسية كثيرة أن قراراً بالحرب أو بالعدوان والقتل للمدنيين قد يبرر بالكذب أو الإدعاء بأهداف نبيلة، أى يتم الربط بين الكذب وأهداف وغايات سياسية نبيلة.
وفي الحقيقة لا أجد فرقاً بين المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية والإسلامويون في السودان، فكلاهما قد كذب في قرار الحرب..أمريكا كذبت في قرار الحرب على (العراق) والإسلامويون في الخرطوم كذبوا في الانقلاب على الأوضاع في البلاد، ثم كذبوا مرة أخرى في قرار الحرب في(الجنوب)، وفي (دارفور).. بل أصبح الكذب هو سيد الموقف في كل الحالات نيفاً وعشرون عاماً ونحن نعيش الكذب والذي بدوره أدى للفساد المالي والأخلاقي في دولاب الدولة السودانية، وجعلها مضحكة بين الأمم.
قبل أيام قليلة قال وزير الدولة بوزارة الخارجية كمال حسن علي في لقاء تلفزيوني وهو أكثر شخصية في الحكم عُرف بمسؤوليته عن الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبت في معسكرات الخدمة الإلزامية التي راح ضحيتها عشرات الطلاب ولم يخضع للمحاكمة شأنه شأن كل الذين أراقوا الدماء في السودان..قال سعادته:
أن السودان حقق أكبر طفرة في تاريخه.
السودان حقق أكبر معدلات نمو في العالم وبشهادة المنظمات الغربية (لا أدري اي منظمة غربية أصدرت تقريراً عن اكبر معدلات نمو حققها السودان في عهد (الانقاذ)..
السودان يعيش أفضل العهود التي مرت به..!!.
وبذات القدر من الأكاذيب كرر نائب الرئيس علي عثمان محمد طه، وهو أكثر الذين يطلقون الأكاذيب حول طفرات تنموية في البلاد قال:
 السودان مُتوحد وعلى قلب رجل واحد.
 السودان يعيش حالة رفاهية وتطور غير مسبوق في حياته.
 الرئيس عمر البشير هو رمز السيادة.
 والكثير المضحك المؤلم الذي يُفجع لا يمت للحقيقة بصلة.
والمتابع لما تبثه الفضائية السودانيه بإمكانه أن يستمع للمزيد من الأكاذيب والأماني المتوهمة، وبالطبع لا يختلف اثنان على أن أكبر معدلات النمو المالية هذه حدثت لأعضاء المؤتمر (الوطني) الحاكم ومؤيديه وجنوده والمتعاطفين معه، وأن أكبر معدلات نمو حققها السودان بالنسبة للمنتسبين للحزب الحاكم وبالفعل جميعنا يعرف الأرصدة التي هُربت للخارج والفنادق والبنايات الشواهق التي أقيمت في ماليزيا وتركيا.
وعندما يُكذب قادة الحزب الحاكم يجهلون بأن الشعب السوداني يتابع ويرصد ويطالع ما يكتب في الداخل والخارج، وكعادتهم في حُكم البلاد والعباد يستخفون بالشعب السوداني لذا لم يكن غريباً الإساءات التي وجهوها له، ما يدل على أن القوم يعيشون في حالة عدم توازن خاصة بعد منع رئيسهم من مغادرة البلاد للمشاركة في أكثر من مؤتمر دولي.
فنون الكذب
ولأكاذيب قادة النظام طرق وأساليب كثيرة برعوا فيها كما يبرع الفنان في رسم لوحته فهم يملكون أكثر من خطاب كاذب في مواجهة التحديات التي تواجه البلاد وخاصة في قضية إنفصال الجنوب السوداني، وكِذب النظام الحاكم لا يأتي في الغالب من الصغار بل من الكبار والجهابذة والمُنظرين مثل عبدالرحيم حمدي صاحب (المثلث) المشهور الذي دخل التأريخ من أوسع أبوابه كونه رسخ لدولة الجهوية والقبلية الاسلاموية، ومن خلال اللقاء التلفزيوني عرف المواطن العادي مؤخراً الكثير من مكامن التناقض في أحاديث مسؤولي النظام الذين يتحدثون بأكثر من خطاب، و أحد هذه الخطابات تكرار الحديث عن فشل الدولة الجديدة في الجنوب السوداني، ومحاولة تصويرها على أنها لا تملك مقومات الدولة، وتسويقها على أنها تملك الكثير من عوامل الضعف التي تجعلها قابلة للإنهيار من أول عام للانفصال، وكما يقول صاحب (المثلث) د. حمدي وبشكل سمج وممجوج لتلفزيون (النيل الأزرق) قبل ايام " أن دولة الجنوب لا تملك جيشاً مُنظماً وما عندها من قوات هي ميلشيات ليس إلا، كما ليس لها خدمة مدنية تقوم بأعباء الدولة من الناحية الإدارية..إلخ".
واللبيب بالإشارة يفهم أن قول عبدالرحيم حمدي حول "الدولة الوليدة في الجنوب مصيرها الفشل لا محالة" يرمي إلى تخويف الاخوة الجنوبيون من مغبة تغليب خيار الانفصال على الوحدة، وهذا الخطاب هو الشائع تداوله بين كافة قادة الحزب الحاكم صغاره وكباره، وفي اعتقادي هذا الفعل يؤكد بالدليل الدامغ أن الحزب الحاكم لا يملك في الحقيقة أي فكرة انسانية ووطنية لحل مشكلة الجنوب كما لا يملك حل لمشكلة دارفور والكثير من مشاكل البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك ما ظهر عملياً من خلال التقارير الأممية الدولية التي أكدت تأخير السودان وفشل دولته في الخروج من براثن التخلف والمرض والانهيار الاقتصادي.
غياب موضوعي..!!.
أما الخطاب الآخر الذي يستخدمه قادة الحزب الحاكم يقول أن "المؤتمر الوطني اتفق مع الحركة الشعبية على أن يكون (الانفصال) صُورياً فقط وأن يكون هناك تبادل مصالح بين الدولتين فيما يخص النفط والشؤون المالية"، وهذا الخطاب يخلق صورة وردية لما يجري بين الجانبين فيما الحقيقة غير ذلك تماماً، لكن الشئ العجيب والغريب أن غالبية قواعد الحزب الحاكم من المستفيدين والمرتزقة وتجار الحرب يدقون طبول الحرب ويتغنون ب (الجهاد) ويحسبون أن المسألة سياحة في ربوع الجنوب الحبيب، دون أن يدركوا بأن الزمان ليس زمان التسعينات وكتائب الجهاد الجاهزة لخوض المعارك، ولم يدركوا ان هذه المرة يغيب عن ساحة القتال في الجنوب أبناء دارفور، والشرق والشمال من مناطق كجبار وأمري الذين قتلت الاجهزة الأمنية أبناءهم بدم بارد لإعتراضهم سلمياً مخطط الحكومة لترحيلهم من مناطقهم عنوة دون موافقتهم، وكذلك أبناء الجنوب الذي كانوا داخل الجيش والدفاع الشعبي، وحتى أبناء الأواسط من السودان لا أحسب أنهم سيشاركوا في حرب إذا قدر الله ذلك، إذاً الحرب إذا قامت بين الطرفين سيكون وقودها مؤيدي الرئيس ونائبه ومؤيدي الحزب الحاكم الذين طالما هتفوا سير سير يا بشير، وهؤلاء غالبيتهم يؤيدون الحزب الحاكم لدوافع قبلية، ومن بين المؤيدين من تربطه المصالح المالية والاقتصادية وهذه الفئة بالذات ستبعد نفسها عن المشاركة في الحرب، ومنها تصبح المسألة واضحة وجلية..!!.
وفي الجانب المقابل فإن الطرف الآخر تغيرت لديه كل معطيات الحرب وأصبح أكثر قوة من قبل من حيث التسلح والتأييد الشعبي والسند وحرية الحركة بين أقاليم الجنوب المختلفة بل حتى مناطق دارفور وجنوب كردفان، وهذه الخاصية لم تكن متوفرة في التسعينات، ونضيف عليها أن التلاحم مع الحركة الشعبية في جنوب السودان لا يرتبط بالمسألة الجهوية أو القبلية عكس ما يجري في الشمال وهذه من المفارقات فالجنوب الذي غاب عنه التعليم والخدمات لعشرات السنين خرج من قوقعة القبيلة بنسبة مقدرة بحيث يتفق أهله برغم اختلافاتهم القبلية مع توجهات الحركة الحاكمة هناك، وفي ذات الوقت يعود الشمال القهقهري عقوداً من السنين وتبقى القبلية هي الركيزة لخيارات الحكم في السودان الشمالي..!!.
عبقرية صاحب المثلث..!!
د. عبدالرحيم حمدي ظل دائماً يُتحف الناس بعبقريته في اختيار الحلول المناسبة لحل مشاكل السودان ومن بين هذه الحلول (المثلث) الجهوي، لكنه في قناة (النيل الأزرق) قبل أيام قال حمدي كلاماً متناقضاً يجعل المرء يفكر ألف مرة متسائلاً كيف وصل هذا الرجل حتى درجة الدكتوراة في الاقتصاد.. ويقع في هذا التناقض الكبير حينما قال مستغرباً "أن جنوب السودان لم يساهم أبداً في تنمية الشمال"..!!!.
نعم ذلك حقيقة ولا يحتاج لنقاش والسبب ببساطة أن (الشمال) كان يشعل الحرب في (الجنوب) منذ الاستقلال وحتى الآن، وأنه أي (الشمال) لم يترك الفرصة لأهل الجنوب للاستقرار لاختبار قدراتهم في النمو والنهوض، واليوم قادة الجنوب قد تعلموا وأصبحوا خبرات لا يستهان بها في الكثير من المجالات، وعندما يذكر ذلك د. عبد الرحيم حمدي وكأنه يقول أن الشمال سوف لا يترك الفرصة لاستقرار الجنوب، لأنه يدرك وبتأكيد تام أن (الجنوب) إذا اوقفت عنه المؤامرات التي يحيكها الحزب الحاكم في الشمال لا محالة سيحقق طفرة تنموية كبيرة غير مسبوقة حقيقة وليس كما يدعي وزير الدولة بوزارة الخارجية المتهم بقتل عشرات الأطفال في العيلفون والعديد من معسكرات الخدمة الإلزامية.
وفي رسالته يقول الباحث عوض سيداحمد عوض "ان الفساد كل الفساد هو" الحزب الحاكم ولا شئ غيره"، وتساءل قائلاً " هل تستطيع الحكومة مُحاربة حزبها الحاكم والقضاء عليه وبتره من جسد الدولة..؟.
ويقول في ذلك " أقرت الحكومة بوجود حزب الفساد في السلطة شريكاً أصيلاً دخل بلا وسطاء نيفاشا وبلا أجاويد وبلا ضغوطات الأمم المتحدة وأمريكا"، وحدها الحكومة بعد كشفها المخططات جاهرت بوجودها وأعلنت محاربتها، رغم هذه التهديدات، حزب الفساد لا يبالي "ينهب في الأرض نهباً ويتعمق في مفاصل الدولة والمجتمع ساخراً من التهديدات والقوانين".
ويؤكد الباحث بأن حزب الفساد صار حزباً أقوى من القوانين واللوائح المالية ودواوين المراجعة والنظم الحسابية، وصار حزبا أقوى من المحاكم والنيابات، فهو "دولة في الدولة، بل دولة تهدد الدولة"..!!، "حُفاة عُراة كانوا يأكلون في اليوم نصف وجبة.. بفضل حزب الفساد امتلكوا شركات الصادر والوارد، ولم تسألهم الحكومة من أين لكم هذا..؟ وزهاد جياع كانوا يستدينون لتغطية عجز الميزانية الشهرية بفضل حزب الفساد شيدوا قًصوراً من الرخام ولم تسألهم الحكومة من أين لكم هذا..؟.. وفقراء كانوا يسألون الناس ثمن الدواء والكساء بفضل حزب الفساد شيدوا الجامعات الخاصة والمدارس الخاصة ولم تسألهم الحكومة من أين لكم هذا..؟.
الحزب الحاكم كان ولا يزال يرصد أزمات البلاد ويغتني منها له في الحرب نصيب وفى التمرد نصيب وفى المفاوضات نصيب..وفى المؤتمرات نصيب وافر جداً، حزب الفساد الذى فاحت رائحته حتى أزكمت أنوف الشعب والحكومة لم يعد مخفياً بل صار" مُخيفاً ومرعباً".
الحزب يتجلى كلما شيدت الحكومة سداً أو جسراً بواسطة شركات لا نعرف كيف حازت على العطاء، الحزب يسمو عالياً كلما رصفت الحكومة طريقا بواسطة شركات لم نقرأها في عطاءات الصحف اليومية، الحزب يتمدد طويلاً كلما نشطت الحكومة في استثمارات الأراضي، حزب الفساد يمد لسانه سافراً بين ثنايا ثلاث فواتير من ثلاث شركات رئيس مجلس إدارتها أحد البدريين.
حزب الفساد يتحدى كل قوانين الأرض والسماء عندما يتبوأ القيادي الواحد خمسة مواقع تشريعية وتسعة مواقع تنفيذية ولا نبالغ، الحزب يتحدى الدولة والوطن والشعب عندما يغزو آل بيت الوزير أو المدير سوق الله أكبر، بشركات معفاة تماماً من الجمارك والضرائب ورسوم الإنتاج والزكاة..!!.
انتهاج الكذب سياسة تحكم البلاد
ان ما أحدثه الحزب الحاكم في السودان نتيجة للكذب كسياسة حاكمة عمّقت الإستبداد السياسى، واستخفت بعقول الناس الأمر الي هز وجدان الشخصية السودانية الموجودة في الداخل على أن لا مفر لها من التعاون مع الحزب الحاكم او مواجهة الحرب الاقتصادية والنفسية، فتحول الكثير من السودانيين بذلك إلى تروس في عجلة الحزب الحاكم يرددون ما يردده الحاكمين بوعى أو دون وعى، وبهؤلاء استقوت الطبقة الحاكمة فلجأت إلى تعطيل مؤسسات المسؤلية والمساءلة أو تحولها إلى أدوات فى يدها بشكل خاص الصحافة كمؤسسة معرفية فقامت بتأسيس العدد الكبير من الصحف الموالية لها وأغدقت على كل من يؤيدها بالاعلانات الحكومية والهبات المالية الشهرية، ومن ثم عطلت الحريات والحقوق المدنية.
أيضاً نتيجة لسياسة الكذب إنتشار ظاهرة الفساد وتحولها إلى مؤسسة ضخمة يصعب التغلب عليها مثلاً أسرة الرئيس البشير امتلكت عشرات المباني والشركات بدون وجه حق ومن حر مال الشعب السوداني ولا يستطيع أحداً من الناس مهما بلغ من القوة محاكمة هذه الأسرة، وأسراً كثيرة من بينها النائب علي عثمان محمد طه، ود. عوض الجاز واسماعيل المتعافي، ومستشار الرئيس للأمن صلاح عبدالله (قوش)، لذا كانت سياسة الكذب على حساب قيم الفضيلة والأخلاق وإحترام حقوق الشعب السوداني، مما ضخم من ذات المنتمين للحزب الحاكم، وتمثلت خطورة استخدام الكذب في توظيفه للتجارة بالدين وبالمشاعر الانسانية مما جعل المواطن العادي ضحية وقد دفع ثمن كذب الحكام.
وخلاصة القول أن عبقرية الكذب هذه التي يتبعها الحزب الحاكم في تعامله مع قضايا البلاد المصيرية لم تزيد السودان إلا بُعداً عن طريق الخروج من الأزمات المتواصلة، وأن الأكاذيب والإستخفاف بعقول الناس واستقطاب الرجرجة والدهماء والمرتزقة وضعاف النفوس في مقابل تجاهل العلماء والخبراء الذين يبنون الآن دولاً كبيرة في الساحة ما هو إلا أسلوب مُدمر للبلاد ولإمكانياتها الهائلة التي للأسف لم تُسخر إلا لزيادة الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، ولم تزيد البلاد إلا توجهاً نحو القبلية والجهوية.
خالد ابواحمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.