تأثرت الحركة الإسلامية في الكويت بفرعيها "الإخوان" و"السلف" بالضمة الحكومية لها والتي أدخلت اضلاعها في بعضها ورمتها بعدها خارج اللعبة السياسية تماما فلا هي من التدين ولا من السياسة. ولقد كشف بهذا وغيره ضعف التيار الإسلامي الذي تكالبت عليه مصائب داخلية وخارجية فجعلته يجثو على ركبتيه مطليا بها القار أجرب بعيدا عن المؤيدين وهو أقرب إلى هيكل عظمي أصابته مجاعة "انكشاف أحوال". وكان لتأثير بروز حركة تنظيم القاعدة كما أسلفنا وأعلنا دور كبير ومتناقض من حيث خوف الشباب من الاقتراب من الحركة الإسلامية للريبة من الوقوع في الشبهات التي رسمتها خطوط عالمية للشرقيين والمتدينين منهم وأحاطت بها المشرق العربي بالذات وجميع المسلمين. من جانب آخر وبشكل متناقض شكلا فإن الشباب قد اعتبر الكثير منهم أن ابن لادن أكثر مصداقية وجرأة وتديناً من قيادات الجماعات الإسلامية التي تتنقل قياداتها يوميا من "بوفيه" إلى "بوفيه" وتعب ماطاب ولذ من طعام طيب نفخ كروش أصحابها, وتقضي إجازات مصايفها في أفضل وأجمل مصايف العالم التي لاصفة دينية لها. بل لها صفات المبالغة في التحلل القيمي والذي يرفضه ذوقاً حتى الغرب نفسه على انفتاحه فوا أسفا. من جانب آخر ما أضعف التيارات الإسلامية هو أن الحركة الإسلامية في السودان التي أقامت دولة خلافة إسلامية مزعومة أخرى قد نامت على نفسها فكريا وسياسيا وقياديا بعد تسلمها الحكم في السودان, فتخلف السودان أضعافا مضاعفة وتقسم على أيدي قيادات الحركة التي أغرقته في الحروب الداخلية والتي قطعته اربا ;ونتيجة لها فقد سلم السودان أهم أراضيه للجنوب بكل خيراتها ليبقى التيار الإسلامي يرقص بعصا البشير على أكلة "أم رقيقة" وليطعم الشعب "الكسرى والأبريه" . وكان لهذه التجربة الإسلامية وفشلها الذريع في السودان أثر عظيم في تأكيد غياب أجندات عمل لدى الحركات السياسية الإسلامية في كل مكان أفقدها مؤيديها وأضعف الثقة في أمانيها. من جانب داخلي فلقد تلقت الحركات الإسلامية ضربات موجعة معنويا بسبب الصدام المسلح الذي وقع في الكويت عام 2005 بين الشرطة والجيش أو الحرس الوطني وبين أنصار بعض الجماعات المتطرفة دينيا , ووقوع قتلى في هذه الاشتباكات والقاء القبض على آخرين; فقد أفزع هذا المشهد العناصر الجديدة التي لها رغبة في الالتحاق بركب الجماعات الإسلامية لما في الالتحاق فيها من مزايا آنية ومستقبلة; كالتجمعات والرياضة والأسفار المتنوعة وممارسة نشاطات حياتية ممتعة للشباب تؤهلهم مستقبلا للقيادة الثقافية أو الدينية والاجتماعية. التيارات الإسلامية فقدت العديد من قواعدها الشبابية وللأسباب التي ذكرناها سابقا أيضا وأهمها كما قلنا الانفجار الإعلامي الكبير في تطور الاتصالات وانتشار أجهزة الاتصالات الشاملة وشبكات البث الفضائي والتي تمارس إعلامها ومن غير حدود. وقد انتقص التأثير الديني في الحركات الإسلامية وقلب موازينها تماما عندما تحول التيار الديني من العلمية الدينية التي قادها علماء الدين من الداخل والخارج في تأسيس الحركة النشطة في أوائل السبعينات من القرن الماضي الذي تحول إلى تقاليد وعادات فرضها مجردمشايخ جدد بعد التسعينات دخلوا الكويت ودخلوا معها الحركة الإسلامية وحولوها إلى مجرد لحى كثيفة ونقاب ولا دينية حقيقية ولا روحانية ولاعلمية وراءها كما كان سابقا; وقد احتلوا مكانة قيادية في صفوف الجماعات الإسلامية لما لهم من نفوذ عددي مرتبط بعزواتهم وانتماءات أكثرهم, وانجرف التيار الإسلامي ثقافيا ودينيا مع تيارهم هذا الذي مجته مجتمعاتهم التي جاءوا منها ومقتتهم من أجله, وتغير منطق التيارات الإسلامية وأفكاره بسبب ذلك بهذه المماراة والمجاراة للجهلة بحضارية تعاليم الإسلام وعلميته; ونبع من داخل هذه الجماعات الإسلامية موضوعات ربطوها بالإسلام: ومنها عمليات الرقى والقراءة على المتضررين صحيا ونفسيا وبشكل تجاري مكشوف وفتح دكاكين لهذا العمل, وانتشار إعلام تفسير الأحلام الذي لاقى السخرية من الإعلام الليبرالي ,وقد تمزق فكر الحركة الإسلامية بمثل هذه التوجهات المتخلفة دينيا والمستوردة من القرى النائية بعيدا عن التحضر الديني والحياتي وإنا لله وإنا إليه راجعون. أكتفي بهذا القدر المؤلم الآن وللحديث بقية مع ملاحظة انني كنت أعددت نقاط هذا الموضوع أثناء وجودي في أسبانيا هذا الصيف. تحياتي وإلى اللقاء. كاتب كويتي [email protected] القبس