عام على الحرب فى السودان.. لا غالب ولا مغلوب    يمضي بخطوات واثقة في البناء..كواسي أبياه يعمل بإجتهاد لبناء منتخبين على مستوى عال    الخطوة التالية    السيارات الكهربائية.. والتنافس القادم!    واشنطن توافق على سحب قواتها من النيجر    اللواء 43مشاة باروما يكرم المتفوقين بشهادة الاساس بالمحلية    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    سوق الابيض يصدر اكثر من عشرين الف طنا من المحاصيل    الأكاديمية خطوة في الطريق الصحيح    شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل خلف الله: القوى المتضررة من قيام البورصات وراء حرق أسواق المحاصيل
نشر في الراكوبة يوم 21 - 02 - 2021

** التدهور المستمر والمتصاعد في الفترة الأخيرة في سعر العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية وانعكاسه المباشر والفوري على أسعار السلع والخدمات لا يمكن عزله من عاملين أساسيين من أجل إيجاد المعالجة له، الأول تبني الطاقم الحكومي لأسوأ ما وصلت له توجهات الرأسمالية المتوحشة، وخلاصته إبعاد الدولة من العملية الاقتصادية والاجتماعية على أن تكون مجرد مراقب، وذلك بترك آلية السوق لوحدها التحكم في العرض والطلب وبالتالي انعكاس ذلك في مستويات الأسعار. الكثير من القضايا تحتاج إلى إعادة ترتيب في المرحلة المقبلة وبعد تشكيل حكومة جديدة ملقى على عاتقها إصلاح ما أفسد خلال سنوات خلت، الأمر الذي يشكل تحدياً كبيراً للقادمين الجدد.
استنطقت (الديمقراطي) عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير، مهندس عادل خلف الله، عن خارطة طريق للحكومة الجديدة وسط (نيران الاحتجاجات).
تحكم آلية السوق هو التحرير بذاته..
نعم، وقد أجرت الحكومة تعديلاتها منذ أبريل الماضي. دخلت الحكومة وقبل انعقاد المؤتمر الاقتصادي في تحرير الأسعار والمحروقات، وأعلنت في أغسطس الماضي تحرير سعر الصرف بما فيه الدولار الجمركي، وبعد التأخير الذي لازم الموازنة وإعدادها أعلن البنك المركزي السياسات النقدية خلاصتها تحرير سعر العملة الوطنية من خلال ما ورد من السياسات بعد أن أعطى توجيهاً للجهاز المصرفي بفتح نافذة في التعامل بالبيع والشراء مع المغتربين بسعر الموردين والمصدرين، وهو – بما قل ودل – (تعويم العملة الوطنية) وتحرير سعر الصرف، بالإضافة إلى إعلان وزارة المالية خارج الموازنة قبل إجازتها بزيادة تعرفة الكهرباء وهي في الحقيقة بداية تحرير الكهرباء.
ثلاثة أسابيع كفيلة بتدهور العملة – ..............؟
خلال (3) أسابيع فقط بعد إجازة الموازنة مباشرة، خلال الأسبوعين الأخيرين من يناير والأسبوع الأول من فبراير، فقدت العملة السودانية حوالي (60%) من القوة الشرائية جراء التدهور الاقتصادي، فقد تخطى حاجز ال(400) جنيه من (256) جنيهاً، وبالمقابل أدى إلى زيادة طردية في أسعار كل السلع والخدمات الضرورية (400%) كحد أدنى.
الآن، حكومة جديدة تدخل إلى سدة الحكم، ما الذي تحتاجه في معالجة الوضع الراهن؟
السياسات التي استمات الطاقم الحكومي ومستشارو رئيس الوزراء في تنفيذها تم تجريبها في عهد الإنقاذ، ومن قبلها في العشر السنوات الأخيرة بنظام مايو ونتيجتها معروفة لا تحتاج إلى اجتهاد سواء في السودان أو تجربة العديد من البلدان الإفريقية واللاتينية، وتعتبر مؤلمة جداً لتورط الحكومات في هذا التوجه، فالأمر الذي يقتضي التأكيد عليه هو فشلها، ليست لأنها في نظام دكتاتوري بل لأنها لا تتلاءم مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي ولا تتلاءم مع الدور المأمول المفترض أن تقوم به الدولة في مجتمع مترامي الأطراف، جزء مما يعاني منه، ضعف البنى التحتية وضعف سلطان الدولة مع ارتفاع حدة الفقر بما يتجاوز (68%) من المجتمع، بالإضافة إلى التخريب عبر سياسات الإنقاذ حيث زادت حدة الفقر والبطالة وقاربت (48%) في الفئة العمرية ل (30) عاماً وما دون، والتي اعتبرها نسبة عالية. جملة هذا الوصف إذا انطلقنا من مراعاة مصالح المجتمع ومعالجة التشوهات لابد أن يكون للدولة دور وأدوات، ومشرفة على قنوات تمكنها من القيام بوظيفتها الاقتصادية والاجتماعية.
الآن بدأ الشارع في التذمر من جديد والوضع الاقتصادي منها، أكثر من ذي قبل؟
لابد من اتباع سياسات، في إطارها العام، هو قيام الدولة بمهمتها الأساسية كبديل اقتصادي وطني لمعالجة جذور المشكلة ويعبر عن التطلعات للقوى الاجتماعية الفقيرة والكادحة والمنتجة التي شكلت القاعدة الواسعة للانتفاضة، رهن إمكانية ذلك بناء احتياطات من النقد الأجنبي والذهب، ويمكن ذلك في خلال ثلاثة أشهر فقط بفرض سيطرتها على قطاع التعدين وإصدار قرار للتعامل مع (الكرتة)، وتأهيل شركات المساهمة العامة في مجال الصادر من الصمغ العربي والحبوب الزيتية والأقطان والثروة الحيوانية، وإعطائها مسؤولية توفير مدخلات الإنتاج المرتبطة بالقطاع، ولابد من عودة الدولة لتوفير السلع الأساسية أو عبر المؤسسات القديمة المتولية هذه السلع، مثلاً كالمؤسسة العامة للبترول والتي كانت مسؤولة من توفير المحروقات، فليس هنالك ما يستدعي ترك السلع الحيوية وعالية الاستهلاك والاستراتيجية لأفراد أو شركات خاصة، ومن المفارقات إلتزام الحكومة بالسداد الفوري بالسعر الحر، علماً بأن هذه السلع في السوق العالمي لا يتم الحصول عليها بالسداد الفوري. والسؤال هنا، لماذا تتنازل الدولة عن فرص توفير هذه السلع وبالآجل لصالح الأفراد وكذلك الحال في القمح والأدوية؟، إذن لابد من حزم وجدية من الحكومة في مكافحة الفساد والتهريب والتجنيب. فجزء من الوسائل الاقتصادية الفعالة والمنصفة للمنتجين هي البورصات. أنا لا أستبعد أن القوة المتضررة من قيام البورصات هي التي تسببت بشكل مباشر أو غير مباشر في حرق أسواق المحاصيل في القضارف والأبيض ونيالا، لأن البورصة تشجع المنتجين وتنصفهم وتشجع الإنتاج مما يجعل عائد النشاط الاقتصادي لمصلحة المنتجين، وتضرر مصالح الحلقة ما بين المنتج والمستهلك، من هذا نهدف الى توجيه المجتمع حول الإنتاج وليس الاستهلاك وحول النشاط الحقيقي وليس النشاط الطفيلي.
كيفية الخروج من التردي والزيادات المضطردة لأسعار النقد الأجنبي والتي يلمح الكثيرون بأن الأرقام المفلكية غالبها محض (مضاربات)؟
إصدار عملة جديدة مع إعادة النظر في الضرائب خاصة الاتصالات لأن بها هدرا كبيرا في حقوق الدولة والمجتمع مقارنة بالضرائب التي تدفعها ذات هذه الشركات في بلدان أخرى.
مقاطعة: لكن زيادة الضرائب على شركات الاتصالات يزيد من العبء على المواطن (المستهلك) والزيادات الأخيرة في أسعار الخدمات خير دليل؟
جزء من الإصلاح الضريبي إعادة النظر في ضريبة القيمة المضافة التي فرضتها الإنقاذ بموجب (نصيحة) من البنك الدولي لاسترداد جزء من ديونه، وهي مطبقة في حوالي (5) بلدان في العالم (مثقلة بالديون) من صندوق النقد الدولي، وهي ضريبة ضارة بالاستهلاك والإنتاج لأنها تؤدي إلى ارتفاع التكلفة وتحميل المستهلك هذا الارتفاع، والقاعدة المشتركة في الضرائب لابد أن تكون على أرباح الأعمال وتخفيض القيمة المضافة، فالإنقاذ باعتبار أنها سلطة تدافع عن قوى اجتماعية العمود الفقري لها (الرأسمالية الطفيلية) بعد تمكنها في الشركات والعقار والتجارتين الداخلية والخارجية، عمدت على تغيير قانون الضرائب، بالتالي عملت على تخفيض ضرائب الشركات والعقار وأرباح الأعمال خاصة مع الارتفاع المستمر في نسبة التضخم، لذلك لابد من إعادة النظر في الفئات الضريبية بحيث يتم موازنتها بضرائب نوعية لامتصاص التضخم والكتلة الزائدة مما يدفع إلى مزيد من الإنتاج لتحويل المجتمع إلى إنتاجي بدل استهلاكي ومصدِّر بدل مستورد، فالفلسفة ومنهجية الضرائب والرسوم بكل مسمياتها يمكنها أن تدفع بهذا الاتجاه، فالرأسمالية الطفيلية ليس لديها قيم إنسانية تعطي المنفعة والربح الأولوية حتى على حساب الإنسان لذلك حطموا القواعد الإنتاجية بالسودان والتي كانت مليئة بالحركة، فالمناطق الصناعية في المدن السودانية حالها الآن يجعل القلب ينفطر حزناً، كانت تعج محطاتها الرئيسية للسكة الحديد في عطبرة وبابنوسة بالحركة، فترك الناس لموطنها من زراعة ورعي واللجوء إلى المدن والعيش في ظروف قاسية جداً يدل على أن السياسات حطمت القواعد الإنتاجية، وعلينا البحث في حلول وطنية تحقق المساواة والعدالة والحرية وذلك بمغادرة النهج السابق (نهج العهد البائد). فالإنقاذ كمثال في الثلاثين من يونيو بإعلان العقيد البشير عن حكومته في بيانه، كان في البنك المركزي احتياطي نقدي يكفي واردات البلاد لأكثر من (3) أشهر، لوجود توازن في العرض والطلب وتوزان في الواردات والصادرات لوجود سياسات تشجع العملة الوطنية أن تكون مستقرة، في حين أن يوم (11) أبريل 2019 في إعلان بيان المجلس العسكري الأول لم يكن هنالك احتياطي للنقد ببنك السودان يكفي ليوم واحد. وهذه النقطة تشير إلى ما قادت إليه سياسات التحرير الاقتصادي على نطاق واسع للبلاد وإنتاجها واحتياطاتها من النقد الأجنبي والقوة الشرائية للعملة الوطنية ولا يمكن أن نجرب المجرب، فالوضع يفرض اتباع سياسات نقيضة للقديم.
تغيرت الحكومة فلماذا ما تزال السياسات ذاتها؟
مازالت السياسات تعبر عن مصالح (3-5%) على الرغم من أن الثورة قام بها أكثر من (75%) من المجتمع، فبالتالي السلطة لابد أن تعبّر عن صوت الأغلبية الساحقة، ولايمكن أن تعبّر حكومة الثورة عن التطلعات بسريان النهج الاقتصادي القديم، فالنهج في بلدنا ولابد أن يكون وفقاً للدور الذي يجب أن تكون به البلاد وليست تعبيراً عن أحزاب بعينها.
مقاطعة: كحل إسعافي سريع بماذا تنصح في ظل المضاربات وكيفية الحد منها؟
الإجراءات الإدارية مع أهميتها، لكن لا يدار الاقتصاد من (الغرف) إنما يدار بسياسات وإجراءات، الخلاص الإسعافي، سيطرة الدولة على قطاع التعدين، نحتاج إلى إيمان بالدور وإرادة سياسية تعبر عن هذا الإيمان، بكل أسف يقول وزير المالية السابق في تصريحاته: الاعتماد على النفس يحتاج إلى أساس، فإذا لم تكن بداخله ثقة في نفسه بأن يعتمد على موارد البلاد وخيراتها لا أظن بأن هنالك سياسات ستنجح في ظل مسؤول كمثله، لابد أن يكون المسؤول مؤمناً بالمقدرات الهائلة والمتنوعة للاقتصاد السوداني والاعتماد عليها في الأساس، فبلدان العالم الثاني والبلدان التي انتقلت من العالم الثالث إلى العالم المتقدم لم تعتمد على منح وقروض ومعونات، اعتمدت على ذاتها، وهنالك تجارب رائدة (الصين، الهند، ماليزيا، العراق، رواندا).
أشار مؤتمر اقتصادي دولي في باريس بأن تعتمد بلدان العالم الثالث على (نفسها)؟
المضي في سياسات البنك الدولي والقروض هو الذي يورط الدول في الديون التي ستثقل كاهل الدولة لاحقاً.
الحكومة الحالية غير منتخبة فهي انتقالية، وعليها الالتزام بما يتوافق عليه الجميع فبالتالي رئيس الوزراء والسادة الوزراء عليهم أن ينفذوا سياسات الدولة وليس تنفيذ قناعاتهم الخاصة أو برامج جهات منتمين إليها أو مؤمنين بها بما في ذلك الحركة السياسية، وليس مطلوب من الوزراء القادمين تطبيق برامج أحزابهم، «طبق برامج حزبك بعد أن يتحصل على الكتلة الصوتية في الانتخابات» الآن ننفذ برنامجاً توافقياً.
ففيما يتعلق بالتطبيع مع الكيان الصهيوني فالشعب لديه مبدأ تاريخي فالحكومة الانتقالية ليس لديها الحق أن تتخذ قرارا يتنافى مع الموقف التاريخي والثابت للشعب السوداني، ومستقبلاً بعد أن تتحصل الأحزاب على مقاعد في البرلمان وبعد تقديمها للناخب، وبأنها تريد التخلي عن القضية الفلسطينية والتطبيع مع الكيان الصهيوني يمكنها تطبيق ذلك، لكن الآن ما من اختصاصات الحكومة الانتقالية. ومن قال إن المصلحة العليا للسودان هي التطبيع مع الكيان مع أنه – الكيان – عنصري وتوسعي وعدواني، يعتبر مهدداً لوحدتنا كسودان واستقرارنا وأمن البحر الأحمر والقرن الإفريقي، وكل ذلك يشكل تحدياً، وهذه ليست تحديدات نظرية فالرجوع إلى تصريحات رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت بعد انفصال دولة جنوب السودان تعمل على تقسيم السودان وإضعافه وتدميره. يمكن لمن شاء التطبيع مع إسرائيل أن تكون ضمن برنامجه الانتخابي وإذا فزت عبر الانتخابات يمكن أن تطبع، لكن ما اختصاص أي مسؤول أو سلطة في الفترة الانتقالية بما فيها من سلطة تشريعية لأنها معينة وليست منتخبة، وبالتالي الأفضل نتوافق على برنامج يجمع بين القواسم المشتركة ونلتف حولها لتجنيب البلاد المخاطر والأزمة الاقتصادية الطاحنة لحين تحقيق السلام. وبوضوح شديد نقول لابد أن تكون العلاقات الخارجية تعبّر عن السودان كبلد مستقل ذي سيادة لا مكان لسياسات خارجية تجعل السودان تابعاً أو ثانوياً ولا ملحقاً لجهة وعلاقات خارجية لا تسمح لأن تكون أراضي ومياه السودان مواقع لأي قوات أجنبية أو قواعد عسكرية، وعلاقات خارجية قائمة على كون السودان عضواً فاعلاً في منظمة الأمم المتحدة ملتزماً بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
لابد أن تعلق على ثلاثية غلاء المعيشة، الاحتجاجات واستغلال أيادٍ أخرى لتحريك الشارع؟
نذر الرفض الشعبي للأحوال الاقتصادية المعيشية التي وصل لها الشعب بعد عام ونصف من تفجير ثورته، هذه الأحوال نتيجة منطقية للسياسات التي اتبعت، فالشعب السوداني حاضر في مخيلته ووجدانه أن المعاناة التي وصلتها له سياسات الإنقاذ، هي التي حدت به أن يرفضها أولا ومن ثم قاومها وتمرد عليها وأسقط رأس النظام، وعلى هذا الأساس هو – أي الشعب – ومن خلفه نحن، نتطلع إلى سياسات لا تزيد المعاناة على الشعب، فكيف للحكومة الانتقالية تنفيذ سياسات زادت معاناة الشعب وأخرجت طلائعه، لماذا ارتبطت الاحتجاجات بظهور مظاهر جديدة لم تظهر بحراكه الذي عرف عالمياً بأنه أطول حراك سلمي ديمقراطي شهدته الإنسانية في العقود الأخيرة؟، فالمظاهر التي ظهرت بدأت من العاصمة بإغلاق الشوارع والكباري ف(المتاريس) أنشوده خالدة في الوجدان السوداني منذ أكتوبر، لكن كان يلجأ للمتاريس لحماية نفسه من الآليات والأجهزة القمعية للنظام، فالآن هنالك حرية تعبير ولكل مرحلة وسائلها، إضافة إلى أنه يتم فتح أبواب واسعة لتوظيف الاحتجاجات والمعاناة وعجز إيفاء الحكومة لتطلعات الشعب لأغراضها السياسية فالشعب (عنده) حق الخروج والتعبير عن نفسه وكل ما يريد وكل ما يرفض (سلمياً) عبر وسائل راسخة في تقاليد العمل السلمي السياسي، لكن الاستمرار في وسائل تم استخدامها في ظل الملاحقة القمعية يفتح الفرص أمام قوى الردة في أنها تمتطي ظهورنا ومعاناتنا لتحقيق أهدافها، وظهر ذلك في القضارف والأبيض والجنينة والفاشر وامتد لأم روابة، وأن هنالك جانب مسؤولية لابد الوقوف عنده، وهو في هذه المدن ملاحظ أن التدخل المتأخر للقوات النظامية للقيام بدورها قبل وقوع الأحداث خاصة وأن هنالك المعلومات متوفرة، وننادي مجلس الأمن والدفاع واللجان الأمنية في الولايات التي منوط بها بسط الأمن نطالبها بالقيام بدورها، كما من الولاة توجيه هذه اللجان (وهم رؤساؤها) لأداء دورها، فمن الواضح أن هنالك (شقة) بين الولاة المدنيين واللجان الأمنية في عدد من الولايات مما أتاح ثغرة نفذت من خلالها قوى الردة توظيف المعاناة الشعبية بحرف الانتفاضة السلمية من سلميتها، وقيامها بترويع المواطنين ونهب الممتلكات العامة والخاصة بما فيها الحريق. فبدءاً من رئيس الوزراء والولاة، لابد من مباشرة السلطات، فالوالي بكل ولاية هو رئيس اللجنة الأمنية، لابد من اتساق بين السياسات العامة والسياسات الخاصة بكل ولاية.
مؤسسات الدولة وإعادة الهيكلة التي تعتبر جناحاً للإصلاح الاقتصادي؟
إصلاح الخدمة المدنية وفقاً لمهام الفترة الانتقالية بالوثيقة الدستورية، بحيث تنسجم مع النظم واللوائح ومراجعة ما تم فيها بالرجوع إلى ملفات الموظفين والبحث في كيفية حصوله على الوظيفة وكيفية تدرجه بها وتصحيح كل ما يشذ على القاعدة، إذا كنا رفضنا التمكين كذلك نرفض تسييس الخدمة المدنية، فلابد أن تكون محايدة وفرص الحصول على وظيفة والترقي والنقل لكل السودانيين حسب المؤهل والجدارة، باستثناء الوظائف السياسية كالوزير والوالي لكن ما دون ذلك يكون عبر الخدمة المدنية، لوجود تحديات، ولكن هنالك فرص لا تحصى للتغلب على هذه التحديات، فالشعب العظيم الذي أسقط النظام الديكتاتوري فإرادته لو استندنا عليها سنبني المستحيل، فتخريب الخدمة المدنية تم خلال ال(30) عاماً الماضية، لذلك لابد من العمل على تحريرها من الترهل والبيروقراطية لتكون الدولة نموذجاً للدولة العصرية التي يكون بها جهاز الدولة رشيقاً ولا يمتص الفوائد الاقتصادية ويكون في خدمة المجتمع والتنمية، فالموظف العام من رئيس الوزراء والوالي والوزير هم (خدام للشعب)، والخدمة المدنية بحاجة للرجوع للكشف الموحد في التعيين والترقيات والتنقلات، واعتبر التعيين والنقل والترقي الخاص فساداً إدارياً ولا يقل عن الفساد الاقتصادي، لذلك لابد من تفعيل مفوضية الخدمة المدنية والإصلاح الإداري التي هي واحدة من (8) مفوضيات والإسراع بتشكيل المفوضيات لتحقيق ذلك، وهي العمود الفقري للإصلاح الاقتصادي، وأن تكون السلطة مبادرة للاستجابة للتطلعات الشعبية ولا تنتظر (احتجاجات الشعب) وذلك عبر التخطيط الشامل لتحقيق الأهداف مع إصلاح القطاع العسكري بإعادة تأهيل القوات المسلحة وبنائها على أسس وطنية وعقيدة قتالية وطنية جديدة تعكس صورة السودان بكل خصائصه وتكويناته.
الديمقراطي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.