قال الفريق ركن منور عثمان نقد نائب رئيس هيئة الأركان إدارة؛ ممثل المجلس الأعلى لأكاديمية نميري العسكرية العليا، إن القوات المسلحة لا تسعى للحكم؛ لا في الفترة الإنتقالية ولا بعدها، داعيا مكونات الشعب السوداني للتشاور والتحاور والاتفاق على الثوابت الوطنية لتأسيس حكم ديمقراطي يخدم التحول . وبحسب وكالة سونا للأنباء، أكد منور لدى مخاطبته أمس الثلاثاء، ندوة المنهجية الأولى، حول تأثير نظم الحكم في السودان على العلاقات العسكرية المدنية، التي نظمتها رئاسة هيئة الأركان بأكاديمية نميري العسكرية، أكد أن القوات المسلحة عينها مفتوحة لأي محاولة إنقلابية، وأنها تدعم خيارات الشعب في الحرية والسلام والعدالة، مشيرا إلى أن هناك فرصتين متاحتين هما التوافق أو الانتخابات للخروج من الأزمة وإيقاف التدهور الذي يعاني منه الشعب السوداني. وأضاف منور "لابد أن يتفهم الجميع بأن الديمقراطية هي الحكم الامثل للسودان". ودعا أجهزة الإعلام إلى توعية الشعب السوداني بمفهوم الديمقراطية، تمهيداً لمستقبل مشرق، مشيراً أن القوات المسلحة أبوابها مشرعة للاعلام موجها إدارة الإعلام بالقوات المسلحة بضرورة الإنفتاح على الرأي العام. من جانبة، قال اللواء ركن معتصم عباس التوم مدير أكاديمية نميري العسكرية العليا، إن الدورات الأكاديمية والمنهجية التي درجت الأكاديمية على إقامتها لمناقشة بعض قضايا الراهن السياسي، لتجسيد الدور الذي تقوم به الأكاديمية في مجال الأمن الوطني وتحقيق الاستقرار، وأشاد بجهود الدارسين من العسكريين في تقديم البحوث والدراسات الاستراتيجية. وفي السياق، ذاته أوصت الندوة بضرورة خروج المؤسسة العسكرية من المعادلة السياسية، والقيام بدعوة كافة الأطراف والمكونات السياسية والأحزاب للتفاوض، والوصول إلى حل سياسي في مدة زمنية محدودة، ودعت الندوة للترتيب والتوجه نحو صناديق الاقتراع والتوافق على انتخابات حرة بإشراف لجنة قومية من المستقلين مع الاستعانة بلجان دولية محايدة للمراقبة وتأجيل قضية الإجماع إلى ما بعد الحكومة المنتخبة. كما طالبت الندوة العلماء والقيادات الفكرية لقيادة حركة المجتمع للإسهام في تطوير البرامج والخطط الحكومية وأمنت على ضرورة قيام مجلس اتحادي مكون من الولايات والأقاليم، ويختار له رئيساً مستقلاً والعمل على صياغة نظام الحكم مع إعتماد تجربة النظام البرلماني. وبحسب محللين سياسيين واستراتيجيين، فإن خطاب نائب رئيس هيئة الأركان، وتوصيات الندوة، حملت عدة رسائل مهمة للداخل والخارج، واعتبرها البعض خطاب مختلف، بينما رأى آخرون بأنها مجرد مناورة جديدة في سياق تعنت المكون العسكري في كسب الزمن دون أي تقدم يذكر لحل الأزمة السياسية في السودان. الخبير الاستراتيجي الدكتور محمد كباشي قال ل (مداميك)، إن الندوة تأتي في إطار النشاط الروتيني للأكاديمية؛ لكن طرحها لموضوع العلاقة بين المدنيين والعسكريين في ظل الأزمة الراهنة خطوة إيجابية، بحسب حديثه. ويضيف كباشي: "على الرغم من أن مخرجات هذه الندوة قد لا تشكل الرأي الرسمي للمؤسسة العسكرية، لكن فتح النقاشات في مثل هذه الملفات داخل أروقة المؤسسة العسكرية مهم في هذه المرحلة، بغض النظر عن مايترتب عليه من مواقف". ويختم حديثه بالقول "إن النظر لمخرجات الندوة نلحظ أنها لم تأت بجديد فهي تسويق لخطابات البرهان، ولكن بطريقة جديدة تاخذ الطابع الأكاديمي المؤسسي فقط" . من جهته، عدّ المحلل السياسي ناصر أبوطه، أن الندوة وخطابها يعد تطورا مهما في تناولها للعلاقات العسكرية المدنية، باعتباره أمرا مسكونا عنه داخل المؤسسة العسكرية، ثم عاد أبو طه بالقول"لكن ما أخشاه أن يكون هذا الأمر محاولة تهدئة للشارع كسبا للوقت". وأكد بالقول "أنا شخصياً لا أثق في الموسسة العسكرية السودانية بشكلها وقيادتها الحالية". واعتبر البعض الآخر أن أهم رسالة هي أن قيادة الجيش ليست على قلب رجل واحد كما يُشاع، وأن أكاديمية نميري باعتبارها مطبخ القرار السياسي للجيش قد وصلت لمثل رؤية كهذه، وحذر محللون سياسيون من مغبة أن تضع المؤسسة العسكرية مستقبل الحكم، وعلى القوى المدنية أن تكون أكثر ذكاء بعمل خطوات أكبر في اتجاه تحجيم دور الجيش في لعب دور الراسم لمستقبل الديمقراطية في البلاد. المحلل العسكري علي ميرغني قال، إن مهام ادارة الاستخبارات العسكرية، مراقبة أي تحرك عسكري غير قانوني، انقلاب أو غيره. وأشار ميرغني إلى أن الندوة قصد بها إرسال رسائل للخارج وللداخل، لإقناع جهات اتخاذ القرار في الغرب عموما وأمريكا تحديدا بعدم رغبة الجيش في الحكم، وأن الخيارات هي الانتخابات أو التوافق الوطني، أما رسالة الداخل – بحسب ميرغني – فهي إقناع الشباب المتظاهرين بأن الجيش لا يرغب في الحكم، وكأن الجيش يريد أن يقول لهم: "سنعود للثكنات لكن بشروط تحفظ للجيش كرامته". وحول توصيات الندوة يقول ميرغني: "كان لابد من وضع بند يمكن التضحية به لإقناع الطرف الآخر بحدوث تنازل". وهنا يعتقد ميرغني أن بند مجلس الولايات والأقاليم، ورد أصلا للتضحية به والتخلي عنه باعتبار حدوث تنازل هنا. واتفق الجميع على أن ثمة صراعاً حقيقياً تدور رحاه داخل المؤسسة العسكرية، وربما تأثر هذا الصراع بمبادرات إقليمية على شاكلة المبادرة الإماراتية، التي تريد أن تضعف من الجيش لمصلحة الدعم السريع، بحسب تسريبات منها تقول إن تسوية الإمارات، تتضمن وديعة بخمسة مليارات مقابل خروج كامل للقوات المسلحة والدعم السريع، والمليشيات من المدن، وبقاء الشرطة على أن يظل الدعم السريع كياناً منفصلاً من القوات المسلحة.