((ملتقى الاعلاميين يلتقي سفيرالسودان بسلطنة عمان))        سلام بتاعكم_ناس في كتور    الامتداد حلفا الجديدة يكسب توقيع نجم الدفاع بورتسودان    الأنيق يواصل في تدعيم صفوفه ويكسب النجم مارتن    معتقل يكشف عن نقل ضباط كبار من الجيش السوداني إلى"دقريس"    ضياء الدين بلال يكتب: جمال الوالي    إدفع وإلا فإنك هالك: كيف تستغل مليشيا الدعم السريع حصارها للفاشر للكسب المادي !!    مليشيا الدعم السريع تمارس عمليات "نقل دم" قسرية من الفارين الى طويلة    التدابير الحتمية لاستعادة التعافي الاقتصادي    ضبط (91) كيلو ذهب وعملات أجنبية في عملية نوعية بولاية نهر النيل    تمويل مرتقب من صندوق الإيفاد لصغار المنتجين    الهلال والأهلي مدني يتعادلان في سيكافا    شاهد بالصورة.. بعد هجوم الجمهور عليه.. المذيع حازم حلمي يكتب تدوينة مؤثرة: (ممكن أغلط وأقع في أخطاء، لكن عمري ما كنت بسوء ظن بعض الناس.. كلنا بنحب السودان، لكن ما بنحب بعض)    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    وزير التربية والتعليم: الخرطوم رمز سيادة السودان    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    السوداني يشكل لجنة تحقيق في شبهات تهريب النفط    المدير العام لقوات الشرطة يتفقد غرفة السيطرة والتحكم بشرطة ولاية الخرطوم    شاهد بالفيديو.. "عينك فوقو تركب فوقو".. الفريق كباشي يحمس جنود الجيش في محاور القتال بكردفان بإشارة البرهان    شاهد.. الفنانة ميادة قمر الدين تفتح النار على زميلتها المطربة إيمان الشريف: (كفاية تناخيس وخساسة وضرب على الضهر)    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    شاهد بالفيديو.. فنان سوداني يشعل حفل غنائي في مصر وأسطورة نادي الزمالك وساحر الكرة المصرية يتفاعل في الرقص إعجاباً بأغنياته    تأجيل عودة بيلينغهام للملاعب    انقطاع كابلات البحر الأحمر.. ما أسبابه وكيف أثّر على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. في مشهد مؤثر.. فتاة سودانية تعانق والدها وتبكي معه فرحاً بعقد قرانها    مواعيد خسوف القمر المرتقب بالدول العربية    منطقة الخليج.. والحرب المقبلة    وزارة المعادن تنفي توقيع أي اتفاقية استثمارية مع شركة ديب ميتالز    مبابي بعد معادلته هنري: لا أفكّر بتحطيم الرقم القياسي لأهداف جيرو مع فرنسا    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    الإمارات تتوقف عن استيراد النفط السوداني    شاهد.. كروان الطمبور يبعث برسالة قوية للمطرب "الفارس" الذي وبخ الجمهور وحسم الفوضى وفرض النظام داخل حفل غنائي    بيان للجمعية السودانية لعلوم الفلك    كسلا تستعد لإقامة ملتقى الاستثمار الثالث    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    بالصورة.. حسناء الفن أفراح عصام تتغزل في سيدة الغناء السوداني وتطلق عليها لقب "المرعبة": (انتي في مكان بعيد شديد لا يقبل أي مقارنة)    المطر والسياسة في السودان .. سخاء في الموارد وشح في النفوس    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (هذا العالم)    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تفاصيل جديدة حول جريمة الحتانة.. رصاص الكلاشنكوف ينهي حياة مسافر إلى بورتسودان    قوات الطوف المشترك محلية الخرطوم تداهم بور الجريمة بدوائر الاختصاص وتزيل المساكن العشوائية    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    ساعات حاسمة ..أرتال عسكرية تتحرك نحو طرابلس    من صدمات يوم القيامة    حسين خوجلي يكتب: الأمة الشاهدة بين أشواق شوقي وأشواك نتنياهو    "وجيدة".. حين يتحول الغناء إلى لوحة تشكيلية    فعاليات «مسرح البنات» في كمبالا حنين إلى الوطن ودعوة إلى السلام    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    انتشال جثث 3 شقيقات سودانيات في البحر المتوسط خلال هجرة غير شرعية    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    اتهام طبيب بتسجيل 4500 فيديو سري لزميلاته في الحمامات    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الشيطان" و"النوتيلا".. مخدرات تعصف بالشباب في السودان
"الحق ولدك"
نشر في الراكوبة يوم 09 - 01 - 2023

يسجّل القائمون على مركز "بت مكلي" لعلاج الإدمان وإعادة التأهيل في ضاحية الأزهري جنوبي الخرطوم، ارتفاعا في أعداد مرتاديه من متعاطي المخدرات الراغبين في التعافي، حيث يصله يوميا بين 15 و20 شخصا يطلبون العلاج، في مؤشر على تفشٍّ خطير للمخدرات في السودان.
وتحذر مديرة المركز لبنى علي، في حديثها للجزيرة نت، من انتشار تعاطي مخدر "الآيس"، وتأثيره الكبير على صحة المتعاطين وسلوكهم. وتضيف "مقارنة بالوصمة الاجتماعية المرتبطة بالعلاج، فإن عدد طالبي التعافي يبدو مخيفا لحد كبير".
وتقول المسؤولة إن بعض الأسر تعاني من تعاطي أكثر من ابن للمخدرات، كما تؤكد أن الإدمان لا يقتصر على الذكور، بل إن فتيات في مراحل عمرية مختلفة وقعن ضحية له، مضيفة "تكاد تكون النسب متساوية بين الشباب والفتيات".
وتؤكد لبنى أن العديد من المراكز الخاصة في الخرطوم تواجه ازديادا مضطردا في الراغبين بالعلاج من الإدمان، "حتى إن بعضها امتلأ على آخره"، وبين هؤلاء عدد كبير من متعاطي مخدرات "الآيس والترامدول والشاشمندي" وغيرها.
"الحق ولدك"
وفي الآونة الأخيرة، انتشر وسم #الحق_ولدك بوسائل التواصل الاجتماعي في السودان ضمن حملة مكثفة للتوعية بمخاطر تعاطي المخدرات لا سيما "الآيس" المعروف أيضا ب"الشيطان"، والذي راج تناوله بكثافة وسط الشباب والطلاب، وأدى تعاطيه إلى وقوع جرائم خطيرة كان الجناة فيها تحت تأثيره.
ويروي ناشطون سودانيون عشرات القصص لمتعاطين للمخدرات بدؤوا بتناول المخدّر المعروف باسم "الآيس". وطالب المتفاعلون مع الوسم بضرورة التبليغ عن مروجيه بعد تحوّله إلى ظاهرة خطيرة.
وبحسب خبراء، فإن "الآيس" أو "الشبو" أو "الكريستال ميت" جميعها مرادفات لنوع المخدر نفسه الذي يتم ترويجه على شكل صخور بلورية صغيرة كريستالية اللون أو مسحوق بودرة أبيض. ووفق الخبراء، يترك هذا المخدر تأثيرا إدمانيا قويا، ويتم تعاطيه بالتدخين أو بالحقن الوريدي أو بالاستنشاق بعد طحن حبيباته وتحويلها إلى بودرة، وتكفي جرعة واحدة منه لدخول عالم الإدمان.
ومع تزايد الانتقادات لتراخي الدولة عن محاصرة الانتشار الواسع للمخدرات، تبنّى رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان إطلاق حملة قومية للمكافحة لمدة عام، قبل أن يتهم جهات ومنظمات -لم يسمّها- بالترويح لهذه الآفات "بدعم بعض المجموعات تحت لافتة ترسيخ الديمقراطية"، في إشارة للاحتجاجات المستمرة لأكثر من عام للمطالبة بعودة الحكم المدني واستعادة المسار الديمقراطي.
أطلق عبد الفتاح البرهان حملة قومية لمكافحة المخدرات واتهم منظمات بترويجها تحت شعار دعم الديمقراطية (مواقع التواصل)
تضخيم ومطالبة بأدلة
يقول نائب رئيس هيئة محامي دارفور الصادق علي للجزيرة نت إن الإعلان عن تورط منظمات في الترويج للمخدرات وسط الشباب، وبواسطة من يتولى المنصب الأول في الدولة يتطلب منه الكشف عن هذه المنظمات، وتحويل الأدلة التي تؤيد أقواله للأجهزة القانونية ومباشرة الإجراءات الجنائية في مواجهة المنظمات المتورطة "بدلا من إطلاق اتهامات في الهواء".
وتروج واجهات محسوبة على نظام الرئيس المعزول عمر البشير أن الاحتجاجات المنتظمة التي تدعو لها لجان المقاومة ضد الحكم العسكري، يتم فيها تعاطي وتوزيع المخدرات بكثافة، وأن غالب المتظاهرين يكونون تحت تأثيرها.
وحاولت الجزيرة نت التواصل مع شرطة مكافحة المخدرات، ووزارة الداخلية السودانية، للاستفسار عن انتشار المخدرات في الاحتجاجات وتسجيل حالات بعينها، لكنها لم تتلقَ ردا.
غير أن المسؤول في لجان المقاومة بالخرطوم محمد عبد الله، أكد للجزيرة نت أن ما يشاع بهذا الخصوص فيه قدر من التضخيم، دون أن ينفي وجود ما يسميها "ظواهر سلبية" بدأت في الاتساع مؤخرا وسط المتظاهرين، وبينها تعاطي المخدرات، مشددا على إمكانية حصر الفاعلين في دائرة ضيقة دون إسقاط الأمر على كل الخارجين للاحتجاج على الحكم العسكري.
وقال عبد الله إن حديث البرهان عن منظمات تشجع تعاطي المخدرات "مطلق على عواهنه" ولا يمكن إثباته بأي حال، وإنه "محض محاولة من قائد الجيش للتقليل من أثر المظاهرات المنتظمة ضد سلطته".
تقصير الدولة
ويتفق عميد الشرطة المتقاعد جمال شندقاوي مع حديث عبد الله بأن ما أثاره البرهان "لا يعوّل عليه"، ولا يخرج عن "الحملة التي يديرها أنصار النظام المعزول وظلت تستهدف ثورة التغيير منذ اعتصام القيادة العامة الذي جرى فضه بعنف في يونيو/حزيران 2019′′، إذ بدأ وقتها الحديث عن محيط الاعتصام باعتباره وكرا للجريمة وتعاطي المخدرات لتشويه الثورة.
ومع ذلك، يقول شندقاوي الذي عمل لسنوات طويلة في مكافحة المخدرات، إن الدولة مقصرة بشكل واضح في الحد من دخولها خاصة أن حدود البلد مفتوحة بمساحات شاسعة، فضلا عن وصول حاويات ضخمة تحمل شحنات مواد مخدرة دون أن يعرف من وراءها.
ويؤكد المسؤول السابق، للجزيرة نت، تفشي مخدر "الآيس"، مخلفا أضرارا بالغة وسريعة بين آلاف الأسر، "حيث يتسبب في تدمير خلايا المخ، فيرتكب المتعاطي أي جريمة للحصول على المال، لأن الجرعة التي تؤخذ اليوم لا تكفيه غدا ولا بد من مضاعفتها".
"تورط أجانب"
وبعد ساعات من إطلاق البرهان الحملة القومية لمكافحة المخدرات، نفذت قوات مشتركة عمليات دهم واسعة في مناطق العاصمة الخرطوم، في وقت تم فيه ضبط مصنع صغير لإنتاج حبوب "الكبتاغون" المخدرة في إقليم النيل الأزرق جنوبي البلاد، وقيل إنه كان ينتج حوالي 7200 ألف حبة في الساعة الواحدة. وتُباع الحبة الواحدة من هذا المخدر بحوالي 4 آلاف جنيه سوداني (7 دولارات تقريبا).
وقالت مصادر رسمية للجزيرة نت إن الماكينة المنتجة تم إدخالها من دولة مجاورة بتسهيل من عنصر نظامي جرى توقيفه، كما تم القبض على أجانب.
وبحسب المصادر، فإن غالبية مروجي المخدرات من جنسيات أفريقية وعربية، واستفاد بعضهم من تسهيلات الحكومة السابقة بالدخول دون تأشيرة لدواعي الحرب في تلك البلدان. كما تُسهم الحدود الغربية المفتوحة في دخول عشرات المهربين من دول، بينها نيجيريا، عبر الكاميرون وتشاد وصولا إلى دارفور، ومنها برّا للخرطوم التي تدار فيها عمليات التوزيع عن طريق مروجين وتجار كبار.
وتتحدث الصحفية المختصة في الشؤون الاجتماعية هاجر سليمان عن تفشي واستفحال المخدرات بشكل كبير بين كل الشرائح الحيوية بالمجتمع، ولا يستثنى منه حتى تلاميذ المدارس؛ حيث ينتشر بكثافة في الشريحة العمرية بين 15 و35 عاما.
وتقول هاجر للجزيرة نت إن "مافيا عالمية وربما أجهزة مخابرات خارجية" تستهدف السودان لا سيما وأن الوضع الاقتصادي في هذا البلد ليس مشجعا للربح من تجارة هذه المواد، كما أنه لم يعد دولة معبر، بل تحول لدولة مقصد لتدمير شبابه.
وتتحدث عن تفشي كل أنواع المخدرات، بينها الحشيش الأفغاني المعروف محليا ب"النوتيلا" و"الآيس" و"الترامدول"، وبأسعار تقول إنها في متناول اليد، وكل ذلك أدى إلى تردي الوضع الأمني، خاصة وأن 90% من الجرائم المرتكبة سببها المخدرات، كما تقول.
الحدود السودانية الإثيوبية حيث يقول مختصون إن أنواعا عدة من المخدرات يجري تهريبها (الجزيرة)
حدود نشطة
وتستصعب الصحفية المختصة الحصول على أرقام بشأن الكميات المتداولة، لكنها تشير إلى قاعدة معروفة تقول إن المضبوط يعادل 10% من الكمية الأصلية، مما يعني أن نسبة المتسرب من المخدرات كبير جدا خاصة وأن الحدود الشرقية مع دولتي إريتريا وإثيوبيا تعد مدخلا رئيسيا لمخدري "الشاشمندي" و"الآيس"، علاوة على تركيبات "كوكايين" في بعض الأحيان.
كما تصل كميات أخرى عبر البحر الأحمر من أفغانستان ولبنان بواسطة "مافيا" تملك أذرعا متمددة داخل السودان، وتحصل نتاج هذه التجارة على مبالغ ضخمة يتم تحويلها لدولارات تُسلم للمافيا في عرض البحر وتُنقل إلى مخازن في ولاية كسلا شرقي البلاد، والتي تحتضن -كما تقول هاجر- 4 من أخطر تجار المخدرات يعملون على تسريبها للخرطوم وبقية الولايات بشكل متقطع.
وفي 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وضعت قوات شرطية أياديها على كميات ضخمة من المخدرات على الحدود بين السودان وإثيوبيا، واشتبكت مع مهربيها لكنهم لاذوا بالفرار، حسبما نقل موقع "سودان تريبيون"، الذي أفاد بأن المواجهة امتدت لست ساعات على الشريط الحدودي، وتم ضبط ألفي كيلوغرام من مخدر "الشاشمندي" معبّأة داخل 32 هاتفا محمولا في طريقها للخرطوم.
وأفاد مدير شرطة ولاية القضارف مدثر حسب الرسول بأن الشحنة تم تحميلها على 16 رأسا من الإبل، مقدرا قيمتها بحوالي 300 مليون جنيه (الدولار= 575 جنيها).
وتبدي هاجر ثقتها في أن عمليات تهريب المخدرات لا يمكن أن تتم دون تسهيلات من جهات نافذة. وتشير كذلك لضعف الدور الحكومي لعدة أسباب، بينها الاعتماد على قانون لا يعاقب التاجر ما لم تكن بحوزته مخدرات، وبالتالي يعمل التجار على تصريفها بقنوات بعيدة عن الحيازة المباشرة، وهو ما يستدعي تعديل القانون، كما تقول.
تكلفة باهظة
وتعاني عشرات الأسر من الكلفة العالية للعلاج من الإدمان، إذ توجد في الخرطوم 3 مصحات حكومية كبيرة ومجهزة، ولكن الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالدخول إليها دفعت الكثيرين للهروب إلى مراكز خاصة، منها 6 على الأقل في مدن الخرطوم المختلفة، بيد أن تكلفة العلاج فيها مرتفعة.
وبحسب مديرة مركز "بت مكلي"، فإنهم يقدمون العلاج بسعر رمزي لا يتعدى 17 دولارا في اليوم، لكن بعض الأسر خسرت خلال شهر مبالغ طائلة لتغطية العلاج في أحد المراكز، التي تبلغ كلفة اليوم الواحد في بعضها نحو 100 مليون جنيه، مؤكدة أن ارتفاع قيمة العلاج، خاصة النفسي، يستوجب على الدولة إدخال فئة المدمنين تحت مظلة التأمين الصحي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.