الامر كله يتمحور حول السلطة والقوة، اذا كانت السلطة والقوة بيد الجيش والكيزان سوف يقهرون الشعب وينكلون به كما فعلوا طيلة سنين الانقاذ، اذا كانت السلطة والقوة بيد الدعم السريع سوف يقهر الشعب وينكل به كما فعل في دارفور ويفعل الان، لذلك اذا لم يستلم الشعب هذه السلطة والقوة سيظل مقهورا الى الابد. لماذا تقهر إسرائيل الفلسطينين؟ لانها أقوى منهم عسكريا. ولماذا لا يقف العرب عسكريا مع الفلسطينين؟ لان ذلك ان حدث ستتدخل امريكا ودول الغرب لصالح اسرائيل وهم اقوى من العرب، الامر متعلق بحسابات القوة. في عام 1967 في مؤتمر القمة العربية في الخرطوم أعلن العرب موقفهم ( لا تفاوض لا اعتراف لا صلح مع اسرائيل) وسمي بمؤتمر اللاءات الثلاثة. هذا الموقف تغير في عام 2002 حينما قدم العرب لإسرائيل مبادرة السلام العربية وهدفها قيام دولة فلسطينية مستقلة في حدود 1967 وعاصمتها القدس مقابل الاعتراف والتطبيع مع إسرائيل. التحول في موقف العرب سببه وجود القوة مع إسرائيل وحلفاءها الغربيين، لذلك قال العرب لإسرائيل أن وجودها في منتصف دول العرب، يجعلها مهددة باستمرار، والأفضل لها ان تعترف بدولة فلسطينينة لكي يعترف بها العرب ويطبعوا معها، ويعيش الجميع في سلام بدل التصادم، وهذه تسمى المساومة. المساومة هي الطريقة السياسية لإنجاز الأهداف في ظل اختلال ميزان القوة او في ظل تكلفة الصدام العالية. الله سبحانه وتعالى في القرآن قال ذلك: (الا ان تتقوا منهم تقاة ) وهي جواز موالاة المسلمين للكفار لاتقاء شرهم اذا كانوا أقوى من المسلمين. لذلك يمكن للشعب السوداني في ظل وجود القوة والسلطة لدى الجيش والدعم السريع، وفي ظل تكلفة صراعهما المكلفة له ولهما، ان يساومهما عبر قواه السياسية من أجل تحقيق أهدافه في السلام. وقد فعلها السياسيون من قبل مع الجيش والدعم السريع، رغم انهم قتلا الجماهير في المظاهرات وفي فض الاعتصام، الا انهم وقعوا معهما اتفاق الوثيقة الدستورية. وحتى حين انقلبا على الوثيقة الدستورية باستخدام القوة ضد قحت، عاد السياسيون وقدموا لهما الاتفاق الاطاري. هذه هي طريقة السياسي ان يساوم، فالطريق الاخر تكلفته باهظة وهو طريق الحرب، لذلك هو ليس خيار للسياسيين ما كان بالامكان تفاديه. واقع الحرب الحالية يقول ان الدعم السريع يملك قوة، مصادمة هذه القوة بالقوة هي وسيلة مكلفة، الطريق السليم هي مساومته للتخلي عنها، تماما كما حدث في الاطاريء، اذ وقع الدعم على قرار اندماجه في الجيش، كذلك لدى الجيش القوة العسكرية، والطريق السليم مساومته وليس مصادمته لاخراجه من السياسة. اذا لم نفعل ادوات المساومة السياسية التي تحفظ للشعب والجيش والدعم السريع حقهم جميعا في وطن يعيش فيه الجميع متساويين في ظل دولة الحقوق والقانون فان الحرب ستظل مستمرة، وسيدفع ثمنها الجميع شعبا وجيشا ودعما، ولن ينج احد. [email protected]