إبراهيم جابر يتعهّد بالتزام الحكومة السودانية    عثمان ميرغني يكتب: كامل.. ماذا يقول للأمم المتحدة؟    الشمالية تطلق صافرة الإعداده بقيادة منار    الفريع الأهلي يكسب خدمات مدافع السهم الدامر    إتحاد بربر يجري قرعة الدوري المحلي اليوم    كامل إدريس في الأمم المتحدة    رسمياً.. ديمبلي يتوج بالكرة الذهبية لعام 2025    "اليونيسف" تدين مقتل 11 طفلاً في هجوم الدعم السريع على مسجد الفاشر    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاتنين سودانيتين يثرن ضجة إسفيرية غير مسبوقة ويتبادلن "القبلات" الساخنة بطريقة مثيرة على الهواء والغضب يجتاح مواقع التواصل    تكليف مجلس تسيير لاتحاد الالعاب المصغرة الوليد بكسلا    كامل إدريس إلى الولايات المتحدة الأمريكية    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة ترد على التيكتوكر المثيرة للجدل "جوجو": (شالت الكرش وعملت مؤخرة ورا ورا ويشهد الله بتلبس البناطلين المحذقة بالفازلين)    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة ترد على التيكتوكر المثيرة للجدل "جوجو": (شالت الكرش وعملت مؤخرة ورا ورا ويشهد الله بتلبس البناطلين المحذقة بالفازلين)    شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    الهلال والجاموس يتعادلان سلبيا والزمالة يخسر من ديكيداها    اللجنة المالية برئاسة د. جبريل إبراهيم تطمئن على سير تمويل مطلوبات العودة لولاية الخرطوم    شاهد بالفيديو.. ظهر وهو يردد معها إحدى أغنياتها عندما كان طفل.. أحد اكتشافات الفنانة هدى عربي يبهر المتابعين بصوته الجميل بعد أن أصبح شاب والسلطانة تعلق    من سيحصد الكرة الذهبية 2025؟    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    وزارة الطاقة تدعم تأهيل المنشآت الشبابية والرياضية بمحلية الخرطوم    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلايب.. أما آن لهذا الملف أن يغلق؟!
نشر في الصحافة يوم 28 - 05 - 2011

وتطل علينا حلايب مرة اخرى. هذه المرة بعد زيارة الوفد الشعبي المصري الذي زار السودان اخيراً. نحن في السودان شعبا وحكومة نرحب بهذه الزيارة وأي زيارات مصرية لاحقة لتضع نهاية لعدم التفاهمات بين البلدين ولاسيما موضوع حلايب. انتظر السودان ردحا من الزمن لتتراجع مصر عن قرارها الاحادي في وضع اليد على حلايب حتى نبعد شبح تدهور العلاقات بين الاشقاء في شمال وجنوب الوادي. بل واستبشرنا خيرا بمصر الجديدة.. مصر ما بعد مبارك وتطلعنا الى نهج سياسي جديد اكثر توازنا واعتدالا فيما يخص علاقات البلدين. مصر مبارك اقدمت على هذه الخطوة اثر محاولة الاغتيال التي تعرض لها مبارك في اديس ابابا. واتخذت تلك الحادثة ذريعة لاحكام قبضتها على المنطقة، وكل ما حاول السودان اثارتها كانت تلوح له بملف المحكمة الجنائية التي كان يتمتع فيها مبارك بعلاقات حميمة مع امريكا.
انحسار النظام المصري القديم يفتح آفاقا جديدة او هكذا يجب ان تكون عليه الامور، لمراجعة كل السياسات مع السودان بما في ذلك قسمة مياه النيل، مثلث حلايب، تجارة الحدود وغيرها من الامور العالقة وذات الصلة بتمتين اواصر حسن الجوار بين البلدين. ما شجع هذا الاتجاه هو التصريح الصحفي الذي ادلى به السيد البدوي رئيس حزب الوفد (اللبرالي) في زيارته الاخيرة للبلاد والذي جاء فيه «ماذا تمثل هذه الكيلومترات القليلة لنا اي منطقة حلايب لماذا نفسد علاقاتنا مع السودان من اجل عشرة آلاف متر ربما قصد كيلومترات والسودان يفتح ذراعيه بملايين الافدنة لماذا نجعل هذا الموضوع الصغير يقف عقبة امام وحدة وادي النيل التي نسعى اليها؟»
هذا تصريح مشجع وعقلاني إن كان يفضي الى اقرار مصري صريح لسيادة السودان على مثلث حلايب تمهيدا لتجاوز ما يعكر صفو العلاقات الازلية بين البلدين. ونحن في السودان ننتظر ترجمة هذا التصريح وجعله قيد التنفيذ في اقرب وقت ممكن. وجاء التصريح المصري الاخير عقب تفضل السودان للوفد الزائر بآلاف الافدنة لاستصلاحها في زراعة القمح والنباتات العطرية وغيرها من المحاصيل الزراعية في منطقة الشمالية. هذا العطاء يجب ان يوضع في اطاره القانوني السليم بحيث لا ترجح كفة طرف على طرف آخر ولا سيما والسودان هو صاحب الارض وصاحب المنحة. ولكن الاهم من ذلك ان سيادة الارض هنا غير متنازع عليها.
اود ان اتقدم بمقترح ارجو ان يكون مقبولا ومعقولا، يدرك الجميع وإلى هذه اللحظة ان السلطات المصرية لم تبد اي تحرك من شأنه التنازل الطوعي عن حلايب رغم علمها المسبق بالموقف السوداني الشعبي والرسمي في هذا الشأن. يجب ان لا ينظر الى هذا المقترح انه ابتزاز، بل يجب ان يفهم منه انه نوع من الممارسة الدبلوماسية الاقتصادية فيما فشلت فيه الدبلوماسية السياسية والشعبية.
المصريون اكثر ادراكا للمنافع التي سيجنونها من استثماراتهم الزراعية في السودان وقد تمهد هذه لشراكة زراعية واقتصادية اوسع. كما يدركون ايضا ان هذا افضل لهم من تعكير علاقاتهم مع السودان من اجل منطقة حلايب التي يدرك الداني والقاصي انها ارض سودانية تاريخيا وجغرافيا وديموغرافيا ومنذ التاريخ القديم والحديث. بل سيساعد ذلك في ازالة كل المتاريس والمطبات التي زرعتها الاهواء وغذتها الشوفينية السياسية.
الموقف السوداني المعلن كان جليا ويطالب برد السيادة السودانية على حلايب. ولكن الجديد وغير المشجع هو ما صرح به علي كرتي وزير الخارجية في زيارته الاخيرة لمصر وتحدث فيها عن تفاهمات مشتركة مع الجانب المصري لجعل المنطقة منطقة تكامل بين البلدين (الصحافة 10 / 5 / 2011) لم يتطرق التصريح عن السيادة السودانية على حلايب كما يتوقع، وهذا موقف مغاير للموقف الشعبي والرسمي وإلى عهد قريب، بل حتى مغاير عما كان يعلنه البشير في لقاءاته الجماهيرية والمنادية دوما باقرار السيادة السودانية على المنطقة. نحن نريد ان نعرف ماذا جد في الموقف الحكومي ولماذا غيرت الحكومة موقفها؟. نحن من حقنا ان نعرف ما الجديد ومن حق الحكومة علينا ان تملكنا الحقائق. اما كان افضل للحكومة ان تشرك الشعب في قراراتها او اهل المنطقة وممثليها على اقل تقدير؟، ام اننا لا زلنا نمارس «فقه السترة» حتى في قراراتنا السياسية والسيادية.
تعلم الحكومة جيدا ان الاشقاء في مصر يمارسون السيادة على المنطقة بمنع تسجيل الناخبين واجراء الانتخابات هناك وكذلك منع كل التنفيذيين السودانيين من زيارتها وحتى افراد القوات النظامية، بل تعدى قرار المنع ليشمل الرموز الدستورية من زيارة المثلث. آخر مشهد من هذا المسلسل هو فشل موسى محمد احمد مساعد رئيس الجمهورية في اقناع السلطات المصرية بالسماح له بدخول المنطقة وحينها اكتفى بمخاطبة المواطنين عبر الهاتف. الرئيس البشير كان ادرى بحساسية الموقف لذلك اقتصرت زياراته للمنطقة لميناء اوسيف، جنوب حلايب، ربما ايضا تفاديا للاحراج.
هذه المشاهد هي انتقاص صريح مع سبق الاصرار والتحدي لسيادة السودان على ارضه وشعبه، وكان الامر يستدعي بحثه على اعلى المستويات وتعزيزه بارسال رسالة عاجلة وفورية وشديدة اللهجة للتعبير عن استيائنا من هذا الموقف المصري. عدم اتخاذنا مواقف حازمة من هذا النوع جعلنا «ملطشة» امام العالم، وجعل المصريين اكثر تماديا وتعنتا في مواقفهم. دعمت السيادة المصرية على حلايب باجراءات اقتصادية وادارية الهدف منها تأليف وترغيب قلوب مواطني المنطقة.
تنفيذا لهذا التوجه اقامت مصر منشآت خدمية متعددة الاغراض. شمل ذلك المدارس والطرق والمصحات العلاجية ودواوين الحكومة. وفوق ذلك جلبت للمنطقة مياه النيل الامر الذي فشلت فيه حكومات السودان المتعاقبة تحقيقه لمواطني بورتسودان عاصمة الولاية. اضافة لذلك ان الحكومة المصرية وفرت للمواطنين هناك المواد التموينية عن طريق الاعانات او باسعار رمزية حتى تستميل عقولهم وقلوبهم اذا اصبح خيار الانضمام للسودان او مصر امرا مطروحا. هذه سياسة بعيدة المدى ولها انعكاساتها السالبة لموقف السودان المتأرجح وغير الحاسم، غير ان المعلوم ان حيثيات القانون الدولي لا تقبل التأويل وتنص صراحة ان التغيرات على الارض لا تمنح سيادة للارض المتنازع عليها مهما بلغ حجم وعمق هذه التغيرات.
علينا في السودان ان نستنفد كل السبل المتاحة لحلحلة هذا الملف. وعلى الاشقاء في مصر ان يدركوا، كما ذكر البروفسير بركات موسى الحواتي وكذلك عبد الله موسى القيادي بمؤتمر البجا ان الشعب السوداني لا يقبل بديلا غير السيادة الكاملة على هذه المنطقة وبعد ذلك تأتي الامور الاخرى اجمالا وتفصيلا (الصحافة 10 / 5 / 2011). اذا تعذرت كل هذه المساعي فلا مناص من رفع الامر للتحكيم الدولي اسوة بما حدث لطابا بين مصر والكيان الصهيوني وكذلك ابيي بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. ولكن ترك الموضوع على هيئته الحالية انما هو تعميق للخلاف ومدعاة للشقاق والفرقة ولا يخدم مصلحة اي من البلدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.