الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجال الأعمال في رحلة النائب الأول. .مصالح متجددة
ماذا دار بين طه وقادة المجلس الانتقالي الليبي؟
نشر في الصحافة يوم 01 - 10 - 2011

في الثامن من مارس الماضي وصل الرئيس عمر البشير الى القاهرة في زيارة تعد الأولى من نوعها لرئيس عربي منذ اندلاع الثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير الماضي، والتي انتهت بتنحي الرئيس حسني مبارك والإطاحة بنظامه،وكانت تلك الزيارة - التي كنت أحد شهودها - علامة فارقة في علاقات البلدين، التي اتسمت بالتوتر المكتوم تارة، والخصومة المعلنة تارة أخرى في عهد مبارك. والخميس الماضي أتاحت رئاسة الجمهورية لأربعة من رؤساء التحرير الفرصة لمرافقة النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه إلى طرابلس، التي لا تزال تع?ش نشوة الثورة واختفاء العقيد معمر القذافي عن حياتهم بعد 42 عاما،وقد فتحت الزيارة الباب أمام تأسيس علاقة تستند على وعي وإدراك بمصلحة البلدين اللذين ربطهما التاريخ والجغرافيا ،وترك مرحلة القذافي وراء ظهريهما، لأن ليبيا كما السودان تدفع ثمن حماقاته وشروره.
الثورة في سطور
الثورة الليبية أو ثورة 17 فبراير ، اندلعت إثر احتجاجات شعبية في بعض المدن الليبية ضد نظام القذافي، حيث انطلقت في يوم 15 فبراير إثر اعتقال محامي ضحايا سجن بوسليم فتحي تربل في مدينة بنغازي ، فخرج أهالي الضحايا ومناصروهم لتخليصه وذلك لعدم وجود سبب لاعتقاله،وتلتها يوم 16 فبراير مظاهرات للمطالبة بإسقاط النظام بمدينة البيضاء ، فأطلق رجال الأمن الرصاص الحي وقتلوا بعض المتظاهرين، كما خرجت مدينة الزنتان في اليوم ذاته ، وقام المتظاهرون بحرق مقر اللجان الثورية ، وكذلك مركز الشرطة المحلي ، ومبنى المصرف العقاري ،وازداد? الاحتجاجات اليوم التالي وسقط المزيد من الضحايا ، وجاء يوم الخميس 17 فبراير على شكل انتفاضة شعبية شملت بعض المدن الليبية في المنطقة الشرقية، فكبرت الاحتجاجات بعد سقوط أكثر من 400 ما بين قتيل وجريح برصاص قوات الأمن ومرتزقة تم جلبهم من قبل النظام. وقد تأثرت هذه الاحتجاجات بموجة الاحتجاجات العارمة التي اندلعت في الوطن العربي ، وبخاصة الثورة التونسية، وثورة 25 يناير المصرية اللتين أطاحتا بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي، والرئيس المصري حسني مبارك.
قاد هذه الثورة الشبان الليبيون الذين طالبوا بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية. ، وكانت الثورة في البداية عبارة عن مظاهرات واحتجاجات سلمية، لكن مع تطور الأحداث وقيام الكتائب التابعة لمعمر القذافي باستخدام الأسلحة النارية الثقيلة والقصف الجوي لقمع المتظاهرين العزّل، تحولت إلى ثورة مسلحة تسعى للإطاحة بمعمر القذافي، الذي قرر القتال حتى اللحظة الأخيرة ، وبعد أن أتم المعارضون سيطرتهم على الشرق الليبي أعلنوا فيه قيام الجمهورية الليبية بقيادة المجلس الوطني الانتقالي، وفي يومي 21 و22 أغسطس الماضي دخل الثوار إلى ?لعاصمة طرابلس وسيطروا عليها، وما زال الغموض يلف مصير العقيد معمر القذافي وأبنائه ،غير أن المعلومات المتوفرة في طرابلس تقول إن القذافي يختبئ وسط الطوارق في منطقة غدامش قرب الحدود مع النيجر والجزائر، ويمكن أن يجتاز حدود أي من الدولتين ، حال شعوره بالخطر،أما ابنه سيف الإسلام فيعتقد أنه في سرت، التي سيطر الثوار على غالبية أجزائها ولم تبق إلا جيوب وقناصة،أما معتصم فيعتقد أنه في بني وليد، التي لا تزال كتائب القذافي تقاتل عنها بشراسة.
تجاذبات سياسية
المجلس الوطني الانتقالي الليبي تشكل في 27 فبراير الماضي أثناء اندلاع الثورة 17 فبراير الليبية، وبناءً على التوافق بين المجالس البلدية في مختلف المناطق المحررة ،أي أن تركيبته على أساس جهوي لتمثيل المناطق الليبية المختلفة المقسمة إداريا على أربع جهات وليس قبلي أو سياسي ،وفي 5 مارس تم اختيار وزير العدل المنشق عن نظام القذافي مصطفى عبد الجليل رئيساً للمجلس الوطني الانتقالي المؤقت وعبد الحفيظ عبد القادر غوقة نائباً له وناطقا رسميا باسم المجلس.
وكُلّف الأمين السابق لمجلس التخطيط الوطني محمود جبريل بمنصب المسؤول التنفيذي «رئيس الوزراء» ومسؤول الشؤون الخارجية، وسفير ليبيا المستقيل في الهند علي العيساوي نائباً للمسؤول التنفيذي.
وأكد المجلس عند تشكيله أنه ليس حكومة مؤقتة وإنما واجهة للثورة في الفترة الانتقالية. علماً أنه في ليبيا لم يكن هناك دستور يحكم البلاد خلال فترة حكم معمر القذافي مما أثار مخاوف من حدوث فراغ بعد سقوط نظام القذافي.، وأعلن المجلس أنه سيتولى قيادة البلاد إلى حين انتخاب جمعية تأسيسية بعد ثمانية أشهر، على أن تجري انتخابات عامة بعد ذلك بعام. ولن يبدأ الإعلان عن هذا الجدول الزمني سوى بعد تحرير كامل أراضي البلاد، وهو ما لم يحصل بعد، إذ لا تزال قوات المجلس تواجه مقاومة شرسة من قبل أنصار للقذافي خصوصاً في مدينتي بني ?ليد وجزئيا في سرت.
ويبدو أن ميلاد الحكومة الليبية الجديدة لن يتم إلا عبر ولادة قيصرية بعد أن طال مخاض خروجها من رحم مجلس انتقالي وجد نفسه ضحية تجاذبات داخلية، ولعل التأخير في الإعلان عن ميلاد الحكومة يعد نتيجة منطقية على اعتبار أن علاقة الود التي أقيمت بين كل مكونات المجلس الانتقالي فرضتها تطورات سياسية وعسكرية مفاجئة ولكنها بدأت تتلاشى بالتدريج بعد أن تمكن مسلحو المعارضة بدعم من الأطلسي من حسم الأمور العسكرية مع نظام العقيد معمر القذافي، وبدأوا في التفكير منذ الآن في الكيفية المثلى للتموقع السياسي والأمني في خارطة لم تتحدد ?عالمها الرئيسة.
وتؤكد تجاذبات الأيام الأخيرة والانتقادات التي ما انفك يكيلها مختلف المسؤولين في المجلس الانتقالي لبعضهم البعض أن شعرة معاوية التي حكمتهم طيلة السبعة أشهر التي استدعاها الموقف للإطاحة بنظام القذافي بدأت تتمدد بالتدريج بعد أن بدأت صورة المشهد العسكري تتضح، ويمكن أن تنقطع في أية لحظة لينفرط العقد الذي رأى النور في ظروف استثنائية، وقد تعصف بحباته أيضا ظروف استثنائية سيفرضها بحث كل طرف في المجلس الانتقالي عن مصالحه وبما يعزز مكانته في الخارطة السياسية الليبية.
وهو احتمال يبقى قائما جدا على اعتبار أنه يستحيل أن تتفاهم تيارات من أقصى اليمين الليبرالي إلى أقصى اليمين الإسلامي المتطرف مرورا بالمعتدلين من مختلف الحساسيات السياسية في بلد لم تكن لشعبه سابق معرفة بالممارسة السياسية الديمقراطية وبالانفتاح الذي يعطي لكل تيار وحساسية مكانة في مشهد سياسي لم تكتمل صورته لحد الآن.
ويتوقع -في ظل هذه التجاذبات- أن يطغى جدل حاد بين الفرقاء للاستئثار بنتائج ما أصبح يعرف ب(ثورة 17 فيفري) وهي الصورة التي ستدفع إلى نشوب صراع قد يصل إلى حد القطيعة بين السياسيين الذين قادوا المعركة الدبلوماسية وبين العسكريين الذين كانت لهم كلمة الحسم الميداني مع من تبقى من الأوفياء لنظام العقيد معمر القذافي.
ورغم أن الحكومة الجديدة ستكون انتقالية، إلا أن تكليف أعضائها بمهمة الإعداد لمشروع دستور جديد بدلا عن الكتاب الأخضر سيجعل كل الأطراف تتصارع فيما بينها لتمرير برامجها السياسية في وثيقة الدستور الجديد، والتي لن تكون بالضرورة متجانسة بالكيفية التي تجعل السلطات الليبية الجديدة في منأى عن حدوث شرخ بينها وقد يهدد مكاسبها التي حققتها على حساب النظام الليبي المنهار بما قد يستدعي تدخلا من أصدقاء ليبيا وخاصة العرب والأفارقة وجيرانها الأقربين التي يرتبط أمنهم ومصالحهم.،والخلاف السياسي ليس مخيفا ولكن ما يدعو إلى القلق ?شكيل بعض التنظيمات والشخصيات الليبية مليشيات وتشكيلات مسلحة قد تستخدم في فرض مواقف أو الضغط لتحقيق مكاسب سياسية،وحتى الآن المشهد يمضي بسلاسة ولم تطغ أي صراعات على خلفية قبلية أو مذهبية.
و القذافي الذي استمر في الحكم 42 عاما ، صحَّر ليبيا سياسيًّا وسحق القوى الوطنية وحظر أي نشاط سياسي عدا للجان الثورة التي تضم أنصاره، ولم تعد هناك تيارات سياسية مؤثرة على الواقع السياسي الليبي، وربما خلال عامين أو ثلاثة من الممكن أن تبرز تيارات سياسية ليبية بعد أن تمارس المجموعات التي تنفست الصعداء العمل السياسي الفعلي ،وحاليا أكثر المجموعات تنظيما هم الإسلاميون «الإخوان المسلمين» والسلفية الذين كانوا أعضاء في «الجماعة المقاتلة» ،وهناك قطاع كبير من الشعب مع التيار الوطني ذي الطابع الإسلامي المحافظ،بجانب الت?ار الليبرالي الذي يسعى إلى جذب الشباب الليبي المتعطش للحياة الحديثة والانفتاح على العالم.
طه في طرابلس
في هذه الأجواء، وصل النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه إلى طرابلس، يرافقه وزيرا الصناعة الدكتور عوض الجاز، والإرشاد والأوقاف الدكتور أزهري التجاني، ووزير الدولة للخارجية صلاح ونسي،والمدير العام لجهاز الأمن الفريق أول محمد عطا المولى،ووفد من رجال الأعمال واتحاد أصحاب العمل، ضم رئيس الاتحاد سعود البرير، ويوسف أحمد يوسف،وهاشم علي محمد خير، وعلي أبرسي،وعبد الله الفاضل «الجراري».
بالإضافة إلى وفد من رؤساء تحرير «الصحافة»، و»السوداني» ضياء الدين بلال، و»آخر لحظة» مصطفى أبو العزائم، و»الرائد» راشد عبد الرحيم،ووفد إعلامي من «الإذاعة»و»التلفزيون» و»سونا».
كانت الزيارة قصيرة، وأمضينا في طرابلس نحو خمس ساعات ولم نستطع التجول في أرجائها، ولكن ما يلفت النظر بعد هبوط الطائرة الرئاسية في مطار معيتيقة، وجود أعلام دول عربية وأوربية ترفرف في سماء المطار، وهي أعلام الدول التي ناصرت الثورة واعترفت بالمجلس الانتقالي،بعد أن كان المطار حكرا للعلم الأخضر،وفي الطريق ينتشر علم ليبيا الجديد وهو قديم كان في عهد الملك محمد إدريس السنوسي أول ملك لليبيا بعد الاستقلال عن ايطاليا والحلفاء في 1951م.
وتبدو الحياة تمضي بوتيرة طبيعية في طرابلس، والشعب تنفس ونال حريته ويتطلع إلى حياة جديدة بعدما ظل مكبوتا ،ويعيش ظروفا صعبة، إذ قال سائق سيارة المراسم ،وهو شاب في الثلاثينات من عمره ، انه يتلقى راتبا قدره 400 دينار شهريا، بينما يستأجر منزلا بنحو 300 دينار،ورفعت الثورة طموح الشعب في حياة أفضل لأنهم يعتقدون أن ثورتهم ضخمة لكنها كانت مهدرة،ويعيش القذافي وأسرته في رغد وترف، ومؤسسات الدولة مغيبة وكل الأموال وعائدات النفط تجد طريقها إلى جيوب القذافي وأبنائه.
فندق ريكسوس
توجه وفد النائب الأول للرئيس من المطار إلى فندق ريكسوس، الذي يقع في منطقة متميزة في وسط طرابلس، الذي يتبع إلى مجموعة ريكسوس التركية للفنادق والمنتجعات،ويتربع الفندق ببنائه العصري وسط غابة غناء من أشجار الايكاليبتوس الليبية المحلية،ويعتمد تصميما متطورا صديقا للبيئة، واشتهر الفندق خلال مرحلة الثورة الليبية حيث كان يقيم فيه الصحافيون الأجانب،واقتحمته إيمان العبيدي،التي اتهمت كتائب القذافي باغتصابها وصرخت في وسط مطعم كان يكتظ بالصحفيين مما فضح النظام الليبي،كما كان يقيم بالفندق الناطق باسم الحكومة موسى إبرا?يم القذافي ويعقد مؤتمراته ،ويعتقد أن موسى اعتقل قبل يومين عندما خرج من سرت متنكرا بزي امرأة.
محادثات واتفاق
واتفق السودان وليبيا على إعادة تأسيس العلاقات بينهما بمنظور استراتيجي،وتوسيع مجالات التعاون وإحياء اللجان المشتركة،ونفى الطرفان تسرب سلاح متطور من ليبيا عبر السودان، واعتبراها إشاعة لضرب علاقتهما،وتعهدا بالتنسيق من اجل ضبط الحدود لمنع أي انقلات أمني وتحرك عناصر متمردة،ووعدت الخرطوم بفتح الحدود التي أغلقتها منذ فبراير الماضي.
وأجرى علي عثمان محمد طه ، محادثات مع رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل، ونائبه محمود جبريل،ركزت على الأوضاع في ليبيا، وانتصار الثورة، ومستقبل الجماهيرية،وتعزيز مجالات التعاون المشترك.
وقال طه ،في مؤتمر صحفي مع عبد الجليل بفندق ريكسوس ، ان السودان أبدى استعداده في مساعدة ليبيا لبناء مؤسسات الدولة وبسط القانون، وسيعقد الجانبان ندوات مشتركة خلال المرحلة المقبلة،موضحا انه اطمأن من المسؤولين على أمن الجالية السودانية في ليبيا وما يمكن أن يكون عليه الوجود السوداني هناك،مشيرا إلى اتفاق لتأمين الحدود المشتركة.
ورأى ان السودان وليبيا بإمكانهما القفز إلى مراحل متقدمة في مجالات التعاون المختلفة، بالنظر إلى الإمكانيات البشرية والموارد الطبيعية التي يذخر بها البلدان.
وأكد دعم السودان لخيارات الشعب الليبي، وأضاف «ندعم ونساند خيارات الشعب الليبي السياسية ونقف إلى جانب ثورته لتكون في خدمة مصالح الشعب الليبي»، وتابع:» رسالتنا السياسية التي يمكن أن نقدمها للشعب الليبي هي أن اصبروا وصابروا ، أنتم مع النصر الكامل ومع أفق جديد يقتضي سماحة في النفس وتسامحا مع الآخرين ووحدة في الصف».
وقلل طه من التقارير التي نشرتها صحف أجنبية حول انتقال أسلحة وصواريخ من الأراضي الليبية إلى السودان، واعتبرها إشاعات مغرضة تستهدف خدمة أجندة تريد أن تؤثر على ترتيبات الأوضاع في ليبيا وأن تنحرف العلاقات بين البلدين عن مسارها، وإعاقة الدور الذي يمكن أن يقوم به السودان مستقبلا في بناء علاقات ايجابية مع طرابلس.
وأضاف «نحن متفقون على أن تأمين الحدود المشتركة قضية مهمة ويجري فيها تنسيق بين الجانبين لضمان استقرار الحدود، وإفشال أي تحركات لمجموعات متمردة أو تفلتات أمنية».
وأوضح طه ، ان الجانين اتفقا أيضا على تأكيد مبدأ التعاون المشترك ، مبينا أن السودان يمتلك تجربة جيدة في مجال الممارسة السياسية يمكن للشعب الليبي أن يستفيد منها عبر تبادل التجارب بين البلدين، خاصة وأن السودان لديه تجربة رائدة في بناء مؤسسات الدولة، وإقامة مؤسسات بسط القانون ، داعيا إلى ضرورة قيام حوار جامع بين أبناء الوطن الليبي دون إقصاء لأي فكر أو تيار، باعتبار أن الحوار والديمقراطية واحترام الرأي الآخر هو الذي يؤدي إلى تأمين مكتسبات الثورة الليبية .
وأضاف ،انه تم الاتفاق على عقد جولات من الحوار المشترك في شكل ندوات وملتقيات أكاديمية وشعبية وفئوية لعكس التجربة السودانية حتى تكون في خدمة اختيارات الثورة الليبية ، وقال إن الشعب الليبي في حاجة إلى تأمين صفوفه وتوحيد كلمته حتى يستطيع إرساء القواعد السلمية للممارسة الديمقراطية في المرحلة المقبلة .
وقال الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية، إن السودان ينظر إلى التطورات على صعيد الساحة الليبية من منظور إيجابي باعتبار أن الأمن الليبي جزء لا يتجزأ من أمن السودان .
وأفاد طه ، انه اطمأن من خلال محادثاته مع المسؤولين الليبيين على أوضاع الجالية السودانية في ليبيا وما يمكن أن يقوم به الوجود السوداني في ليبيا من تعزيز لمستوى التعاون المشترك، مبينا أن اللقاء مع القيادة الليبية تطرق إلى ضرورة تأمين الحدود خاصة مع دول الجوار، وذلك لتهيئة المناخ لاستدامة حالة الاستقرار في الأراضي الليبية .
وأشار إلى أنه تم الاتفاق على إنشاء آلية في المستقبل تعمل على تحقيق التكامل بين البلدين، وقال إن الآلية سيتم بحثها وتشكيلها بعد اكتمال مرحلة التحرير وقيام مؤسسات الدولة .
وتابع النائب الأول لرئيس الجمهورية «نحن متفقون على أن هذه الآلية ستعمل على ترتيب الأولويات لمصالح ذات نظرة أكثر عمقا وأكثر إحاطة للمصالح المشتركة ، وأن تكون قائمة على سبيل الاستدامة - والموضوعية والانتظام وهذا لا يتوفر إلا إذا باتت الآلية تعبر عن إرادة سياسية حقيقية لا تخضع للأهواء والتقلبات السياسية العارضة» .
من جانبه، قال نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي محمود جبريل، إن الرئيس الهارب معمر القذافي يسعى إلى نشر أسلحة في دول الجوار الإفريقي عبر كتائبه لخلق اضطراب في هذه الدول لتأكيد ادعاءاته بأن زوال نظامه سيؤدي إلى نشر العنف والتطرف وتنظيم القاعدة في المنطقة .
وأضاف «هناك تقارير مؤكدة أن هذه المحاولات قد بدأت في عدة دول»، وأكد أن المزاعم التي تشير إلى دخول أسلحة إلى السودان تهدف إلى وقف التطور الذي تشهده علاقات البلدين، مشيرا إلى أن النائب الأول لرئيس الجمهورية قد أكد له عدم صحة هذه الادعاءات وأنها مجرد أكاذيب ليس إلا.
وذكر جبريل ،ان الحكومة الانتقالية الليبية تسعى إلى تأسيس علاقة مع السودان ترتبط بالمصالح حتى لا تكون عرضة للتقلبات السياسية، وتحديد أولويات العلاقة بشكل مختلف وتوجيه الاستثمارات الليبية في الخارج نحو الأمن الغذائي لتحقيق مصالح مشتركة تكون حصانة لاستقرار العلاقات.
وذكر ان زيارة طه إلى ليبيا تكتسب أهمية خاصة ، لا سيما وأنها تأتي بعد انتصار ثورة 17 فبراير ، مبينا أن السودان يعد من أوائل الدول المساندة للثورة الليبية ، وزاد «هذا ليس مجالا كافيا لأن نفي السودان حقه من الشكر والتقدير لدوره التاريخي في دعم الثورة الليبية «.
وأضاف جبريل ، ان السودان عندما يدعم الثورة الليبية يكون قد دعم امتداده التاريخي والجغرافي ، وقال إن أمن السودان من أمن ليبيا والعكس كذلك ، مشيرا إلى الإمكانيات الكبيرة التي يذخر بها السودان في مختلف المجالات والتي يمكن أن يستفيد منها الشعب الليبي في إعادة بناء دولة ليبية جديدة تقوم على علاقات حسن الجوار وترسيخ الوحدة الوطنية.
وأشار نائب رئيس المجلس الانتقالي الليبي إلى التجربة السياسية الثرة التي يتمتع بها السودان في مجال الديمقراطية وحكم القانون، وقال إن الجانبين اتفقا أيضا على إعادة تفعيل اللجنة المشتركة بين البلدين من منظور استراتيجي وليس من منظور سياسي فقط وذلك لتأسيس علاقات تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون البناء لخدمة مصالح شعبي البلدين .
ورأى جبريل ان البعد الاستراتيجي للعلاقات مع السودان أكبر بكثير مما احتوته اللجان المشتركة من عمل وتوجهات ، مبينا أن السياسة التي كانت سائدة خلال فترة القذافي كانت إفرازاً لفكر فردي متحرك يتبدل وفقا لأهوائه ونزواته ، وأضاف «ان الأوان آن لتكون العلاقات بين البلدين ذات أبعاد استراتيجية تخدم المصالح المشتركة لشعبي البلدين».
أزهري هل يعود لطرابلس؟
وجود وزير الإرشاد والأوقاف أزهري التجاني ضمن وفد النائب الأول اثار تساؤلات حيث أن غالبية أعضاء الوفد كان طابعهم اقتصادي واستثماري «عوض الجاز وأصحاب العمل» لكن مصدرا مطلعا رجح أن يعود أزهري إلى طرابلس سفيراً للسودان خلال المرحلة المقبلة،وان زيارته ستتيح له التعرف على ليبيا الجديدة،ويبدو أن وزراء آخرين سيرافقون أزهري إلى وزارة الخارجية سفراء عقد التشكيل الحكومي الجديد.
على كل، فان زيارة طه إلى ليبيا فتحت آفاقا جديدة أمام علاقات البلدين ، وأبدى السودان استعداده للمشاركة في بناء المؤسسات الليبية المتداعية ،ووجد رجال الأعمال فرصة لتبادل الأفكار للتعاون خلال المرحلة المقبلة، خاصة ان من بينهم من له سابق تجربة بالتعامل مع ليبيا مثل هاشم علي محمد خير الذي صدر نحو 400 ألف رأس من الماشية إلى هناك عندما كانت ليبيا محاصرة في إطار برنامج «النفط مقابل الغذاء» وليبيا الآن في حاجة إلى لحوم سودانية وموسم الأضاحي على الأبواب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.