وصلت إلى أرض الكنانة يوم الأربعاء الماضي ظهراً مستشفياً على متن طائرة الخطوط الجوية المصرية التي سهلت علينا أمر هذه الرحلة ولم نشعر بالوقت الذي قضيناه في قطع المسافة بين الخرطوموالقاهرة نسبة للخدمات الراقية والمميزة التي تقدمها شركة مصر للطيران لعملائها. حينما دخلنا مقر السكن اتجهنا إلى التلفاز لنستمع لما فاتنا من الأخبار والتي اهتم بها أنا اهتماماً شديداً فإذا بنا نفاجأ بقيام اسرائيل بتسليط صواريخها العدوانية لتغتال بطلاً من أبطال مناضلي غزة وفلسطين ذلكم هو المغفور له بإذن الله الشهيد محمد الجعبري والذي كان نائباً لقائد قوات المقاومة الفلسطينية في غزة والذي كان يعتبر قائداً حقيقياً لهذه القوات وله سفر حافل بالمقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي والذي لاقى على يديه صنوفاً شتى من الألم والتعذيب في السجون الاسرائيلية. والمرحوم الشهيد الجعبري ودلالة على حبه لله ورضاء الله عنه أن أدى فريضة الحج هذا العام فصعدت روحه إلى بارئها وهي نظيفة تماماً كما أن من الظواهر المفرحة ان يستشهد هذا البطل في أول أو في غرة السنة الهجرية. أشار اغتيال الزعيم الجعبري موجة من الغضب والاصرار على النضال فقامت المقاومة الفلسطينية برشق صواريخها محلية الصنع على القرى والمدن الاسرائيلية حتى طالت تل أبيب وحتى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذا المقال وهي مساء الأحد مازالت المقاومة الفلسطينية صامدة وما فتئت القوات الاسرائيلية تقوم بسلاحها الجبان من الجو بهدم المنازل في غزة وقتل المواطنين العزل. ثم عقد مؤتمر لوزراء الخارجية العرب تحدث فيه وزير خارجية قطر سمو الأمير حمد بن جاسم حديثاً وطنياً رائعاً وواقعياً إذ تطرق سموه إلى التبرعات التي تبرعت بها الدول العربية في المؤتمر الماضي ولم تدفع حتى الآن لحكومة غزة الأمر الذي تسبب في وهن وضعف شديدين في مسارات اعادة للتعمير واغاثة المواطنين من أهالي غزة والذين تضرروا ضرراً بليغاً من العدوان الأول وهي تعيد الكرة الآن بعد أن لمست هذا التهاون العربي. كما ان الشيخ حمد تطرق إلى العدوان الذي قامت به اسرائيل في السودان ولم يهتموا الاخوة العرب بما تم في بلادنا إلا جمهورية مصر المؤمنة الصادقة والتي وقفت بجانب أشقائها في السودان شاجبة للعدوان الاسرائيلي وكذلك الأشقاء في قطر. ولنعد إلى موضوعنا حول الطغيان الاسرائيلي والصلف والغرور الذي ركبها لنعلن للأمة العربية والأمة الاسلامية ان مصر بقيادتها المؤمنة الصابرة برئاسة رئيس الجمهورية الرئيس محمد مرسي استطاعت أن تظهر للملأ بوجه مصر الحقيقي الذي يحبه الناس ويثقون فيه. قامت هذه القيادة بفتح المعابر بين غزة وسيناء بصفة مستدامة كما قام رئيس وزراء مصر بزيارة إلى غزة ليعلن للعالم مؤازرة ومشاطرة مصر لاخوانهم الفلسطينيين ثم جاء بعد ذلك وزير خارجية مصر ووزير خارجية قطر ووزير خارجية تونس فأعطى القضية دفعة قوية ومظهراً من مظاهر القوة افتقدته غزة في حربها السابقة مع اسرائيل. كما ان الدور المصري الشجاع قد أعطى المقاومة الفلسطينية سنداً حقيقياً وأدخلت الثقة في نفوس الجميع. ونحن نتوجه بنداء حار إلى كل الاخوة في الدول العربية والدول الاسلامية لتقف بصلابة فيما تقوم به اسرائيل من اعتداءات في الآونة الأخيرة وبدأت بمصنع اليرموك وها هي اليوم تقوم باعتدائها الآثم الخسيس على غزة والدول العربية والاسلامية صامتة صمت القبور وبعضهم استكثر حتى مجرد الشجب لهذه الأعمال العدوانية المتسلطة. أما أمريكا والدول الغربية جميعهم يبدون ميلاً واضحاً نحو اسرائيل ونسوا ما يقومون به من صراخ وعويل لاختراق حقوق الانسان والديمقراطية إذا ما قامت أية حركة نضالية ضد ظلم وقع على أية بلد من البلدان العربية والاسلامية وجاء الوقت الذي يجب أن يتحلى الغربيون بقليل من الحياء في تعاملهم مع دولنا كما نرجو أن تغير أمريكا أوباما من هذا الأسلوب الذي أقل ما يوصف به ان ما بين أمريكا واسرائيل زواجاً كاثوليكياً على الرغم من أن بعض القوى الكاثوليكية المسيحية في العالم أخذت تتخلى عن بعض التعاليم الكاثوليكية مثل الطلاق والزواج. وبهذه المناسبة يحضرني ما تقوم به اسرائيل من محاولات خبيثة يائسة فتوحي إلى عملائها ووكلائها في أوربا وأمريكا الزج باسم مصر ومحاولة ربطه وما تقوم به من أعمال لتصطاد عصفورين بحجر واحد تعتدي على من تريد أن تعتدي عليه وتضرب مثلاً باعتدائها على اليرموك إذ أوحت إلى صحيفتين واحدة في أمريكا والأخرى في بريطانيا بأن الطائرات التي ضربت مصنع اليرموك كانت قادمة من فوق الأجواء المصرية لضرب مصنع اليرموك وهي بذلك تريد أن تستكمل نتائج عدوانها فتوقع بين مصر والسودان ولكن الشعب السوداني الواعي المكتمل النضوج يعلم حقيقة هذه المقاصد الشريرة وأكد على متانة وقوة الصلات المصرية السودانية. ومصر من جانبها كانت الدولة الوحيدة التي شجبت العدوان الاسرائيلي شجباً قوياً وفي يوم وقوعه ومازال الشعب المصري يتعاطف مع اخوانه وأشقائه السودانيين فيبدي تقذذاً ونفوراً من التصرفات الاسرائيلية. إلى محافظ بنك السودان والجهات المسؤولة عن تحركات العملات الأجنبية في بلادنا نسمع كثيراً عن تحركات بنك السودان عن ضخ كميات مهولة من الدولارات في حالة أي عجز أو ركود يلازم السوق ،وكنت أتمنى أن لا يضخ بنك السودان هذه الكمية من الدولارات قبل أن يتأكد من الاحتياجات الحقيقية لبلادنا والتعامل مع مصدر أو مصادر استيرادية لأنني دخلت في تجربة أعطتني درساً مفيداً في كيفية ما آلت إليه الأمور في بلادنا وكيف أن لا أحد يتحسب لما ستؤول إليه البلاد في حالة إذا ما استمر الحال على هذا المنوال ولي تجربة شخصية لعلها هي التي أدخلتني في عالم المال هذا العجيب الغريب فأنا أعاني من خطأ اجراء عملية في مفصل ركبتي اليسرى وكنت أعاني طوال سنتين معاناة حقيقية لم أذق فيها طعم النوم إلا في سويعات قليلة خلال اليوم ونصحني الأخ الدكتور الكبير والعالم الجليل شرف الدين الجزولي بمستشفى شرق النيل للقيام بعرض حالتي في الخارج لأن العملية المراد عملها تتطلب وجود جهاز خاص لمراجعة هذه العملية فكتب لي إلى القمسيون الطبي الذي أرسل حالتي إلى كل من ألمانيا ومصر وانجلترا والأردن. وأرسلت هذه الدول بوجود هذا الجهاز الخاص لاجراء العملية كما أرسلت تكلفة العملية وكان الرد الألماني عالياً جداً في سعره والتي ذكرت لمن أنهى إلى الخطاب أنا أعلم بحالة بلادي المالية لن أرضى بتكلفة كهذه ولما كان الخيار لي لأختار واحدة من الدول الثلاث اخترت مصر نسبة لأن تقديراتها كنت أظنها في مقدوري وجاءني الرد من القمسيون بالموافقة وتولي الأخ الكريم حجو قسم السيد جزاه الله كل خير هذه قضية وكتب إلى وزارات حكومية طالباً المساعدة أو المساهمة في علاجي لأنه ظن أنني قد قدمت لبلادي خدمات تستحق مثل هذه المساعدة لاسيما وأن الأخ يعلم كزميل قديم في مشروع الجزيرة بحالتي المالية وتلقى ردوداً من ثلاث جهات أرسلت له مبالغ متواضعة وعلى قلتها كتب لي الأخ هجو مذكرة لواحدة من الصرافات وأرسل لهم المبلغ الذي تبرعت به هذه المؤسسات الحكومية مشكورة وكانت دهشتي الكبرى ان تم تحويل هذه المبالغ إلى دولارات وعلمت بأن الدولار قد كلف هذه الصرافة أكثر من ستة جنيهات ونصف وبلغت جملة المبلغ الذي تم الحصول عليه من هذه التبرعات نصف التقديرات التي أرسلها المكتب الطبي في القاهرة للقمسيون. وتساءلت كيف كان سيكون الحال لو اخترت أنا العرض الألماني ولكنني توكلت على الله وطلبت من الصرافة تحويل المبلغ لي إلى مصر وها أنا اليوم سأقابل الاخصائي المسؤول عن علاجي ولم يقصر معي الاخوة في مكتب المستشار الطبي في سفارتنا في القاهرة ووعدوا ببذل المستحيل لمساعدتي في حدود امكانياتهم وصلاحياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية بالمؤسسات الطبية المصرية. سيدي محافظ بنك السودان ذكرت لك هذه القصة المطولة لأنهي إليك رأيي فيما يختص بتسعيرة الدولار وضخه في السوق فأنا رجل خدمت بلادي في مواقع كثيرة وأحمد الله أنني أنجزت فيها ما أنجزت فألمني أن يتم تحويل المساهمات الحكومية لرجل بمواصفاتي كان يطمع أن تتولى الدولة علاجه بالكامل ولا شك أنها تعلم بقدراتي المالية من خلال المصارف المختلفة. اتصلت بكثير من اخواننا الذين يعملون في التجارة ويعرفون دوريات الدولار فعلمت منهم بأني سيئ الحظ إذ أنني احتجت إلى الدولار في وقت امتصه التجار الذين يذهبون إلى بلد صديق انفتحوا عليه للتعامل في كل المغامرات التجارية وهي مغامرات أيضاً معروفة لديكم وكنت أتمنى أن تقوم الجهات الحكومية المختصة عن مراقبة المال والتجارة بضبط كل صنوف التجارة المحظورة والتي لا تحتاج إليها بلادنا كما أنني أتساءل كيف يتمكن هؤلاء التجار من اخراج هذه الدولارات دون رقابة وهل آثرت الدولة أن تترك هذه العملية بلا رقيب.. عجبي. ومن الروايات التي لا تكونوا قد سمعتم بها ان بعض الشبان وقبل ارتفاع أسعار الطيران كانوا يقومون برحلات إلى مصر بعد أن تحصلوا على التحويل الرسمي المصرح لهم ويعودوا في اليوم التالي ومعهم جميع الدولارات التي خصصت لهم فيبيعونها في السوق الأسود بأسعار تمكنهم من سداد قيمة التذكرة ويربحوا ربحاً مهولاً. انني حينما وجهت هذا الخطاب إليك أخي محافظ بنك السودان أعلم تمام العلم بأنكم غير مسؤولين عن سير هذه الدولارات التي تضخونها إلا بالقدر أن تخاطبوا جهات الدولة المسؤولة عن هذا العبث الذي يحرم المستحقين الحقيقيين من الحصول على ما يحتاجونه حتى ولو للعلاج. كلمة لابد منها المؤتمر الإسلامي شهدنا من خلال التلفاز ونحن في القاهرة الجلسة الختامية للمؤتمر الاسلامي العالمي الذي أقيم في الخرطوم والذي حضرته كوكبة نيرة من الاسلاميين من كل أنحاء العالم، وأصدقكم القول بأنني وأنا خارج بلادي قد شعرت بزهو وفخر شديدين لما استمعت إليه وشاهدته في هذه الجلسة الأخيرة والتي طمأنتنا بأن الأخ الرئيس عمر البشير بكامل صحته وهو يتابع جلسات المؤتمر كما علمنا. التهنئة الخالصة للأخ الأستاذ علي عثمان الأمين العام للمؤتمر الاسلامي الذي أعد لهذا المؤتمر إعداداً جيداً واستمعنا إلى كلمته القوية الوفية الرصينة للإسلام والأمة الاسلامية فله التحية ولزملائه الذين ساعدوا في قيام هذا المؤتمر. والله الموفق