المراقب لمشاركة الشعبي في السلطة في سياق تقييم عام لأداء حكومة الوفاق الوطني التي تشكلت في مايو 2017 وفقاً لمخرجات الحوار الوطني، سيتوقف أمام حالة من السخط من حزب يشارك في السلطة وسط قاعدة تنظيمية منقسمة حول القرار، وفي ذات الوقت يبدي أعضاؤه المشاركون في السلطة سخطهم لا سيما أمينه العام السياسي السابق وعضو البرلمان كمال عمر الذي اشتهر بدفاعه المستميت عن الحوار حيث صرح في أكثر من مناسبة منتقدا فعالية مشاركة الشعبي والتي شبهها ب(كومبارس) باعتبار أن وجودهم في البرلمان ليست له قيمة في ظل تمرير الحكومة لإرادتها. غير أن القيادي في الشعبي الهادي عبد الجليل الذي يتولى وزارة الحكم المحلي في ولاية الخرطوم لديه رأي مغاير حيث يقول ل(السوداني)، إن مشاركة الشعبي في السلطة فاعلة بكل المقاييس. الصحفي المحسوب على المؤتمر الشعبي مجاهد عبد الله يذهب في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن مشاركة الشعبي في الحكومة أتت وفقا لرؤية شاملة وضعها الراحل د.حسن الترابي تتسق مع (النظام الخالف) إلا أن وفاة الترابي المفاجئة أضاعت الرؤية ولم يستطع الشعبي أن يحقق ما شارك من أجله. ويضيف عبد الله أن الحزب لم يحقق أية مكاسب من مشاركته بل خسر الكثير خاصة في ظل تزايد السخط في أوساط قواعده التي باتت تتطلع لتقييم موضوعي لهذه المشاركة عبر الهيئة القيادية وهيئة الشورى. في مقابل ذلك يلفت عبد الله إلى أن الحزب الحاكم المؤتمر الوطني حقق العديد من المكاسب من مشاركة الشعبي في السلطة عبر إضعاف المعارضة باعتبار أن الشعبي كان لديه حراك كبير في قوى المعارضة، بجانب النجاح في ترويض الشعبي بعد مشاركته لا سيما في ظل البطء الذي لازم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وعلى رأسها ملف الحريات والإصلاح الاقتصادي. تقييم وتقويم بات في حكم المؤكد أن تعديلات في الجهاز التنفيذي تلوح في الأفق لا تمس حصة الوطني فقط بل تمتد لكل المناصب، وقد أشار مساعد الرئيس ونائبه في الحزب د.فيصل حسن إلى أنهم سيقومون باستبعاد أي وزير ضعيف من منصبه. المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة (مصادر) عبد الماجد عبد الحميد يرى في حديثه ل(السوداني) أمس، أن مشاركة الشعبي في الحكومة تقوم على الاجتهادات الشخصية وليس البرامجية، بجانب غياب السند الحزبي المؤسسي في ظل غياب أمينه العام علي الحاج وعدم وجود إسناد مؤسسي فيما تتزايد موجات الرفض للمشاركة وسط قواعد الحزب التي صعدت من انتقاداتها عبر الصحف وووسائط التواصل الاجتماعي. ويشير عبد الحميد إلى أن مساعد الرئيس إبراهيم السنوسي يقوم بأدوار هامشية أقل من قامته باستثناء زيارته الأخيرة إلى تشاد والتي تعد أهم ما قام به، فيما قدم موسى كرامة مجهود كبير في وزارة الصناعة بينما كانت تصريحات وزير التعاون الدولي إدريس سليمان أكبر من إنجازاته، فيما يلفت عبد الحميد إلى أن أداء الشعبي في السلطة التنفيذية يبدو أقل من المتوقع بسبب فقدان السند الحزبي، لافتا إلى أن وزراء الشعبي يعملون تحت ضغوط أكثر من غيرهم بسبب الانتقادات التي تصلهم من قواعدهم. ويقول عبد الحميد إن التيار الرافض في أوساط الشعبي حجّم من مشاركة الحزب في القضايا الكبيرة باستثناء ظهور إبراهيم عبد الحفيظ ضمن وفد التفاوض الحكومي في أديس أبابا. من جهته يقول القيادي في الشعبي الهادي عبد الجليل إن مشاركة الشعبي في السلطة فاعلة بكل المقاييس مدللا على حديثه بما أنجزه كرامة في وزارة الصناعة سواء في ملف السكر والدقيق، مضيفا: "يكفي أنه وفر نحو ملايين اليورهات التي كانت تذهب لشراء الدقيق من الخارج"، فيما نجح وزير التعاون الدولي في زيادة استقطاب العديد من الموارد من المجتمع الدولي، بينما نشط الشيخ السنوسي في القصر الجمهوري سواء في ملف النيباد أو الأمن القومي خاصة بعد زيارته الأخيرة إلى أنجمينا. ويمضي عبد الجليل في مرافعته ويلفت إلى أن الشعبي كان له دور كبير في إعادة النظر والتداول في قانون الصحافة والمطبوعات. خيارات ومواقف الشعبي الذي تناوشته المواقف بعد أن حسم موقفه وخاض غمار المشاركة في السلطة، خاصة بعد تنامي قوة التيار الرافض والذي صعد من حملته مؤخرا للخروج من الحكومة، وهو أمر بطبيعة الحال رهين بتقييم التجربة من قبل مؤسسات الشعبي التي تعطلت في الآونة الأخيرة. مجاهد عبد الله يرى أن الشعبي في ورطة حقيقية في ظل عدم تحقيق أهدافه من المشاركة وصعوبة نفض يده من حكومة الوفاق الوطني لاعتبارات تتعلق بالتحديات والمخاطر الكبيرة التي تحدق بالبلد والتي يمكن أن تؤدي لتفكيك السودان. غير أن القيادي في الشعبي الهادي عبد الجليل يرى أن هناك حالة من الرضا عن مشاركة الشعبي إلا أن التقييم يكون بيد مؤسسات الحزب التي تقرر ما تراه مناسبا من تغيير التشكيل أو الإبقاء عليه. من جهته يقول عبد الماجد عبد الحميد إن من مصلحة الوطني بقاء الشعبي في السلطة، ويضيف: "أتوقع أن يحافظ الشعبي على حصته في الحكومة إلا أنه قد يحدث تعديل في وزاراته". خلاصة الأمر أن عودة علي الحاج للخرطوم ستبعث شيئاً من الروح في جسد الشعبي وتشعل معركة بين الأغلبية التي قررت المشاركة في السلطة وبين التيار الرافض الذي بدأ يكتسب قوة مضافة بفعل تباطؤ تنفيذ مخرجات الحوار والأزمات التي واجهت حكومة الوفاق الوطني. المؤشرات الأولية تشير إلى خروج الحزب من الحكومة وليس من بين خياراتها التي تنحصر حاليا في محاولة تقويم شراكتهم مع الحزب الحاكم وتقييم أداء وزرائهم، وما دون ذلك ينتهي في أوراق الصحف ومجموعات التواصل الاجتماعي.