منذ أن أعلن السيد وزير الدفاع بيان الجيش حول تحرير «هجليج» حتى خرجت جموع عفيرة من المواطنين إلى الشوارع، وعمت الخرطوم موجة احتفالية صاخبة، عبر فيها المشاركون عن سرورهم ولأنّ المناسبة تخص الشأن الوطني، فإن الكل صار يحمل أو يسعى للحصول على شعار الوطن وهو «علم السودان» وبالرغم من أن عدد «الأعلام» الموجودة في السوق للشراء، وهي موزعة في المحالات والشوارع والأرصفة ثلاثة أضعاف عدد المحتفلين، إلا أن سعر «العلم» شهد ارتفاعاً جنونياً يقارب الأربعة أو الخمسة اضعاف سعره الأساسي في حالة غريبة طرحت تساؤلات عدة وشكلت قضية نطرحها للنقاش والمداولة . ٭ ارتفاع مبرر... إن ارتفاع السلعة في ظل تزايد الطلب عليها هو أمر طبيعي وبديهي، شريطة أن تكون القيمة الجديدة موازية لحجم الطلب، لكن الارتفاع الجنوني للسعر يجعل منه نوع من الاستغلال أو الانتهازية للحالة العامة وشعور المواطنين، خاصة وإن كانت المناسبة عامة، وليست خاصة، وهل هو ابتزاز للمواطن؟، أم هي قاعدة ثابتة في المجتمع، كلما ظهر حادث أو مناسبة، تاجر الناس بها، وسعوا للربح السريع، وغير المبرر منها، حتى ولو كان على حساب القيم والأخلاق، وربما دماء الشهداء وبني آدم، كما حدث في المناسبة الأخيرة «تحرير هجليج». ٭ عاطفة السودانيين أحمد عبد الله - بائع أعلام - يتمشى لبيع تجارته على امتداد شارع الجمهورية، سألناه فقال: الإقبال الكبير هو الطلب، أنا «سِرّيح»، أجوب الإشارات المرورية لبيع بضائعي التي آخذها من تجار، ومعي آخرون، وتفاجأت عندما ذهبت إلى حمل بضاعتي، أنهم طلبوا مني أنْ أبيع العلم ابتداءً من السعر الأدنى 52 جنيهاً، وهي ثلاثة أضعاف السعر الحقيقي، ولم أسأل، فهم من يحددون نوع البضاعة وسعرها حسب الموسم والمناسبة، وأنا لي ربحي. سألناه أليس هذا.. استغلال للآخرين وفيه قدر من الحرام..؟. أجاب «دي فهلوة وشطارة تجارة، وأنا بائع أروج لبضائعي، لكني لست المسؤول، فهانك تجار أكبر مني». ٭ الصحية عمار موسى - مواطن - يرى أن هذا ابتزاز للمواطن وشعوره، وهي حالة متفشية في السودان، فإذا تأخرت ليلاً ضاعف لك صاحب سيارة الأجرة، حتى دواء الملاريا سعره «بيزيد» خمسة أضعاف في الخريف ٭ علة نفسية الأستاذ والباحث الاجتماعي ياسر حسين يقول إن طبيعة المجتمع السوداني تميل إلى تقليد الآخر، وهي ما تجعل بعض الانتهازيين يستغلون هذه الظروف لابتزاز المواطن، وسرقة أمواله، وما بين الرأي العلمي والأكاديمي، ورأى المواطن، تشرع ما بين الأسئلة التي تحتاج إلى مجيب، أولها: هل سيسرق المواطن كلما فرح؟ .. وهل سيستغل وقتما احتفل؟.