يحكي أحمد مهندس المشاريع بشركة المقاولات العملاقة بالخليج أن المدير اللبناني أشار عليه مشدِّداً بضرورة الحذر من بشير قبل اجتماع وشيك بخصوص حصة من الدفعات المالية المستحقة لصالح مقاول فرعي مختص بالأعمال الميكانيكية يعمل بشير لحسابه: "انتبه للفواتير (...)
إرادة الحياة معروفة، وهي أكثر تداولاً في التعبير عن حال الأفراد (يُظهرون قدراً جديراً بالإعجاب من البسالة في مواجهة مهدِّدات الحياة) منها في التعبير عن حال الشعوب والأمم (تُظهر الشيء نفسه في مواجهة المعضلة ذاتها). ولكن إرادة الحياة متفشية في الشعوب (...)
يتفاوت الناس في حظهم من الحفاظ على إمارات الشباب، ولكن علامات الكِبَر قادمة لا محالة، واستبداد تلك العلامات بالمرء بدرجة أو أخرى قادم لا محالة أيضاً، فعند نقطة من العمر يصبح أشدّ المحافظين على شبابه عجوزاً بحيث لا تجدي حيلة في استعادة علامات الشباب (...)
مع رواية نادرة كموسم الهجرة إلى الشمال أو قاصّ فريد كالمصري النوبي حجاج حسن أدول أبدو مضطرّاً لعقد هدنة مع مشاعري العدائية تجاه الأعمال القصصية والروائية، وهي هدنة تؤكد ألا نوايا سيئة خلف مشاعري تلك تجاه فنون السرد عموماً والرواية تحديداً، وإذا أمكن (...)
لم أكن لأتردد في أن أنسب الفضل في أسبقية الكلمة إلى المصريين لولا وقوعي على الدليل الموثق ومن مجمع اللغة العربية بالقاهرة تحديداً وليس دمشق على سبيل المثال. أما الكلمة فهي "طنِّش"، وأما الدليل فهو أحد محاضر جلسات المجمع اللغوي بالقاهرة حوالي منتصف (...)
رأينا كيف يتباهى الآخرون بالعروبة كما في مثال مسلمي الموريشيوس أوائل السبعينيات الماضية حين علا نجم العرب في سماوات المعمورة مع أزمة النفط الشهيرة آنذاك، وعرضنا في المقام ذاته للطريقة التي يزايد البعض من خلالها على تأكيد انتمائه العرقي باتخاذ علامات (...)
يجلس المعارض السوري شديد الثقة والثبات والانزعاج في برنامج "الاتجاه المعاكس" أمام نظيره اللبناني لا ليسبّ نظام بلاده أو النظام والمعارضة اللبنانيين ابتداءً، وإنما لينحي باللائمة على اللبنانيين بصفة عامة وإنْ بدا حريصاً على تحويط حديثه اللاذع بما من (...)
الشيء الوحيد الذي يقف أمام الإغراء بمهاجمة العرب على استنساخ برامج اكتشاف المواهب الأمريكية هو أن تلك بدعة طالت العالم أجمع حتى الدول الغربية التي لا تقلّ إبداعاً عن أمريكا، وتحوُّطاً أقول: أو تقلّ بقليل. فالإبداع الأمريكي، سواء أكان أصيلاً بالفعل (...)
يقول توماس إريكسن: "يتعلق أحد الأمثلة بإعادة بناء التاريخ الذي كان ناجحاً بصورة جزئية فقط بالمسلمين في الموريشيوس، مكونين 16 إلى 17 في المائة من مجموع السكان في الموريشيوس، فإن كل المسلمين الموريشيين هم سليلو التجار والعمال بعقود استخدام ممن جاؤوا (...)
لا أقول بسبب حساسيته غير الخافية تجاه الرواية وإنما بسبب ولعه بالشعر العربي التقلديدي، إلى حدّ أن يراه الفن الأدبي الأوحد الجدير بالقراءة والكتابة، فإن ذلك الفتى الذي كنته قبل عشرين عاماً وأكثر لم يكن يرى في الطيب صالح أكثر من شخصية سودانية مرموقة (...)
أتجول في معرض الكتاب فأجد روايات أمير تاج السر، وأقلِّب صفحات الإنترنت المتعلقة بعرض الكتب وبالمكتبات الورقية والرقمية فأجد أمير تاج السر، وأتوقف عند مكتبة في السوق الحرّة لمطار عربي فأجده هناك. ذلك مما يدعو مؤكداً إلى البهجة والاحتفاء، أن يتواجد (...)
الطفل الذي كان بالكاد يتقلّب في مهده لا أذكره بطبيعة الحال، ولأنني صاحبة ذاكرة ضعيفة (بالفطرة على ما أرجِّح، رغم أن من المقرَّبين الماكرين من يزعم أنها ذاكرة انتقائية وليست ضعيفة مطلقاً) فإنني لا أذكر حتى ذلك الذي كبر قليلاً فبات يتكلّم بوضوح في سن (...)
يقول لي ناشر عزيز عندما أعرض عليه مشاريع كتبي المقبلة وأنا أتوهّم أنني أغريه بالعرض: "بَدْنا رواية"، وتخاطبني ناشرة مقدَّرة في مزاح لا يخلو من جد عندما أعيد عليها الحديث عن بُعد ما بيني وبين الكتابة الروائية من ألفة وتقدير: "حسناً.. أكتب رواية ضد (...)
لا يزال الحديث عن تمايز الأعراق محاطاً بالريبة وباعثاً على الاتهام إلى حد ترويع من تزيِّن له نفسه النظر في الموضوع سواءٌ من الأنثروبولوجيين الأكاديميين ومن في حكمهم أو أصحاب الآراء الحرّة ممن لا يزالون يؤمنون بأن بعض الأشياء في هذا العالم لا يخضع (...)
"
الشارع الطويل العريض يصبح قصيراً ضيِّقاً دون أن تمسّ شبراً منه أيادي المشرفين على تخطيط المدينة باقتطاع ميدان على طرفه على سبيل التعدِّي أو بناء رصيف على جانبه بداعي التجميل، ودون أن يُقارَن بشارع رئيسي مجاور طويل وعريض يتمدّد بشكل منطقي وطبيعي (...)
من بين سائر ما هو قابل للتهجين بين العرقين الأسود والأبيض (على وجه العموم ودون الاستناد إلى مرجعية أكاديمية بالضرورة في تصنيف السلالات) ظلت الأعين الزرق عصية على الأعراق السوداء المهجّنة أيّاً ما كان مقصد الشاعر العربي القديم (بشار بن برد أو حمّاد (...)
عمرو منير دهب
بدا الموريتاني مستغرباً عندما قصدت جناح بلاده في معرض أبوظبي أسأله كتاباً عن الشخصية الموريتانية، وكأنني أردت بذلك شكلاً من إبراء الذمّة وأنا أكاد أستيقن قبلها من أن ذلك الصنف من المواضيع غير مطروق عموماً سواء مع الشخصية الموريتانية أو (...)
تصبح عجوزاً عندما تدرك أن هذا هو كلّ ما لدى الحياة، بمعنى أنك لن تحصل على المتعة المشتهاة إلى الأبد وأن سرعة تسرُّب الملل إلى نفسك تفوق أضعافاً مضاعفة مدى الرضا الذي تنتظره مع تحقق الأمنيات والأحلام التي كانت يوماً ما منتهى أملك في الوجود.
سألَتْ (...)
ونحن نترحّم على العزيز الذي رحل فاجأني محدِّثي بنقلة هزلية حادّة لا تخلو من الجدّ في المقصد العام لمحور الحديث حين قال ما خلاصته أننا كسودانيين بوجه عام نستحق النجاة من النار.. وإلا فأين سيذهب أغلب العرب؟.
ولأن موقع القصة في الخليج، فإن كلام الرجل (...)
ضُبِط عالم الأنثروبولوجيا الشهير متلبِّساً بالعنصرية، وتلك ليست غريبة في شأن المهتمين بهذا الفرع من العلوم، فمثلما منهم من يرى البشر جميعاً متساوين في إنسانيّتهم منهم كذلك من يُؤصِّل للتمايز العرقي ويسعى في وضع القواعد العلمية له، ولكن ذلك العالم (...)
هذا حديث في خصوصية الجودة السورية وخصوصية سوريا عموماً تمييزاً لها عن مجموع دول الشام، وفيها لبنان وفلسطين والأردن تجاوزاً عمّا يدخل في المصطلح من أقاليم متاخمة من دول مجاورة كالعراق والسعودية وحتى تركيا إذا أخذنا في الاعتبار ما دان للأخيرة انتزاعاً (...)
أعادني إلى مقابلة التوظيف بعد لحظات شرودٍ صوتُ الموظف المرشح وهو يقول ".. 1991"، فاستعدت انتباهي مزمعاً التهيُّؤ لدوري في طرح السؤال التالي لأُفاجأ بتذكُّر أن الذي يجلس أمامنا يافع لم يتجاوز منتصف العقد الثالث من العمر.
وعهدي بالعام 1991 أن يرد في (...)
حتى وقت قريب لم أكن أدرك لماذا يُصرّ شميم، زميلنا في العمل، على أنّ أظهَرَ علامات الكِبَر هي الحاجة إلى نظارة للقراءة. وعلامات الكِبر مما يختلف في ترتيبه الناس رجوعاً إلى تجربة كلٍّ منهم إنْ مع نفسه أو المحيطين به من الأقارب والأصدقاء. وللمسألة (...)
العرب فريقان: واحد سهلٌ عليه أن يعوج لسانه بالإنقليزية واللغات الأجنبية عموماً كأهل الشام – وفي مقدِّمتهم اللبنانيون – والمغاربة وبعض طبقات المصريين على سبيل المثال، وآخر لا يجيد ذلك كالسودانيين واليمنيين والخليجيين على سبيل المثال أيضاً. ينبغي (...)
المسحة السمراء والملامح الإفريقية الغائرة في وجهه لم تكن تمنح نور الدين الكندي من أصول مغربية التقدير الذي يستحقه من اللبنانيين المقيمين هناك، والحق أن الرجل دقيق في شهادته تلك، فاللبنانيون من زملاء العمل - وحتى عابري العلاقات وهو يلتقيهم أثناء (...)